العدد 4298 - الجمعة 13 يونيو 2014م الموافق 15 شعبان 1435هـ

القطان: كل مسلم مسئول عن صد وباء الذنوب وعواقبها على الدين والمجتمع

الشيخ عدنان القطان
الشيخ عدنان القطان

أكد إمام وخطيب جامع مركز أحمد الفاتح الإسلامي، الشيخ عدنان القطان، أن المسئولية لصد وباء الذنوب وعواقبها الوخيمة على ديننا ومجتمعاتنا تقع على عاتق كل مسلم، رجالاً ونساءً، حاكماً كان أو محكوماً، راعياً ورعية، كل يقّوم نفسه، ويحفظ أسرته، ويربي أولاده على حب الطاعات والخيرات وترك الفواحش والمنكرات، ويسعى بحسب قدرته واستطاعته لتطهير مجتمعه ومحيطه من أدران الذنوب والمعاصي، والله سائلٌ كل راعٍ عما استرعاه، حفظ أم ضيع.

وقال القطان: «إن الذنوبَ والمعاصي شؤمٌ وعار وشرٌّ ودمار وخزي ونار، إنها تبدِّل صاحبَها بالعزّ ذُلاًّ، وبالنِّعم حِرماناً، وبالأمنِ خَوفاً، وبرَغَد العيش جُوعاً، وباللّباس عُريَاً، وبالبركات محقاً وذهاباً، وبالغِنى فقراً، وبالعفاف فجوراً، وبالحياءِ استهتاراً، وبالعقل والحِلم خِفَّة وطيشاً، وبالاجتماع فُرقة واختلافاً، وبالاستقامةِ زَيغاً وفساداً، وبالتوادِّ والتراحم كراهية ونُفرةً وبغضاً، وبالجنّة في الآخرة ناراً، وبالفَرَح بالطاعة همًّاً وغمًّاً، وبالحياة الطيبة معيشة ضنكاً».

وفي خطبته يوم أمس الجمعة (13 يونيو/ حزيران 2014)، أشار إلى أنه «ما نزل بلاءٌ إلا بذنب، ولا كُشف إلا بتوبة، وإن ذنوبنا كثيرة وعظيمة، وإن تقصيرنا شديد وكبير، وإن شؤم الذنوب والمعاصي لعظيم وخطير».

وتساءل: «ألم نقصِّر في الإيمان والعبادة والإخلاص والتقوى؟! ألم تظهر الفواحش والمنكرات، وتعمّ المحرمات، وتنتشر الموبقات في كثير من المجتمعات؟! أما هذه الصلاة قد طاش ميزانها عند كثير من الناس وهي ثاني أركان الإسلام؟! أما هذه الزكاة المفروضة قد بخل بها كثير من الناس وألهاهم التكاثر والتنافس في الأموال عن إخراج حق الله فيها؟!».

وتابع في تساؤلاته «أما هذه الموبقات والجرائم من القتل والزنى والربا والسرقة والرشوة والاختلاس، وشرب الخمور والمسكرات وتعاطي المخدرات موجود في كثير من المجتمعات؟! أما ظلم العباد وغشهم ومطلهم حقوقهم وبخسهم في المكاييل والموازين والمقاييس، منتشر بين صفوف كثير من المسلمين وفي أسواقهم ومعاملاتهم؟! أما مُلئت بعض قلوب ضعاف النفوس بالحسد والشحناء والحقد والبغضاء والنفاق والشقاق؟! أما مظاهر التبرج والتعري والاختلاط المستهتر وهي من أكبر دواعي الفساد ظاهرةٌ منتشرة في كثير من المجتمعات؟! أما هذا الزخم الهائل من المناظر السيئة والمظاهر المحرمة موجود في بعض المجتمعات، مع ما تقذفه القنوات الفضائية والشبكات المعلوماتية والوسائل الإعلامية، مع التقصير في القيام بواجب الدعوة إلى الله والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الذي هو قوام هذا الدين، وبه نالت هذه الأمة الخيرية على العالمين؟! أما هذا القصور في مجالات التربية والإصلاح ظاهر للعيان؟! فأين الغيرة الإسلامية؟! وأين الحمية الدينية؟! وأين الشهامة العربية؟! وأين الكرامة الإنسانية؟!».

وبيّن أن «للمعاصي والذنوب شؤماً واضحاً في حياة الأمم والشعوب، وأثراً بالغاً على الأبدان والقلوب، قال الإمام العلامة ابن القيم رحمه الله تعالى في ذلك ما خلاصته: ومما ينبغي أن يعلم: أن الذنوب والمعاصي تضر، ولا شك أن ضررها في القلوب كضرر السموم في الأبدان، وهل في الدنيا شر وداء إلا وسببه الذنوب والمعاصي، فما الذي أخرج الوالدين من الجنة؟ وما الذي أخرج إبليس من ملكوت السماء، وطرده ولعنه، ومسخ ظاهره وباطنه، وبدله بالقرب بعداً، وبالرحمة لعنة، وبالجمال قبحاً، وبالجنة ناراً تلظى؟...».

وأضاف «ليس في الدنيا ولا في الآخرة شر ولا داء ولا بلاء إلا وسببه الذنوب والمعاصي، وما عذبت أمة من الأمم إلا بذنوبها، ففي كل آية عبرة، وفي كل مثل من الأمم السابقة بلاغ وذكرى، لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد، كل هذا كان فيمن قبلنا، لكن الذنوب هي التي تهلك الأمم اللاحقة أيضاً. ما ظهرت المعاصي في ديار إلا أهلكتها، ولا تمكنت من قلوب إلا أعمتها، ولا فشت في أمة إلا أذلتها، بها تزول النعم، وتحل النقم، وتتحول العافية، ويستجلب سخط الله عز وجل».

وأردف «ما نزل بالأمم والشعوب من ذل وهوان، وآلام وعقوبات وفتن ومصائب، وزلازل وسيول وفيضانات وأعاصير، تهلك الحرث والنسل في بعض الجهات، وجدب وجفاف وكثرة المجاعات، وانتشار الأوبئة والأمراض الغريبة في كثير من المجتمعات، وما سُلط الأشرار على الأخيار، وسيطر الفجار، وتسلط الأعداء، وغلت الأسعار، ونزعت البركات، وشحت الوظائف، وكثرت الجرائم، كل ذلك بسبب الذنوب والمعاصي وكفر النعم، والمجاهرة بذلك من الداني والقاصي، وترك الأوامر والنواهي».

وذكر أن حرمات الله عز وجل انتهكت، واقترفت كبائر الذنوب الجالبة لسخط الله في كثير من المجتمعات، فقد فشا فيها الربا والزنى والرُشا، والظلم، وشُرِبت الخمور والمسكرات، وأدمنت المخدرات، وانتشرت الفواحش والمنكرات، وكَثُر أكل الحرام، وتنوعت فيه الحيل، شهاداتٌ باطلة، وأيمانٌ فاجرة، وخصومات ظالمة، وفسادٌ إداريٌ وماليٌ وأخلاقي، فشت رذائل الأخلاق ومستقبح العادات، في البنين والبنات، وكثرت المغازلات والمعاكسات، وتساهل البعض في شأن الصلوات والزكوات، وعم الفسق والفجور وانتشر الفساد في البيوت والشوارع والأسواق ووسائل الإعلام، إلا من حفظ الله، كل ذلك من غير نكير ولا تغيير. بل حتى عادت بعض الذنوب اليوم مما يفاخر به بعض الناس، إلى غير ذلك من المنكرات والمخالفات التي لا عد لها ولا حصر، ولا حول ولا قوة إلا بالله! فما أوسع حلم الله على عباده! فإلى متى الغفلة عن سنن الله؟!».

وقال القطان: «لقد مَنَّ الله على هذه الأمة وجعلها أمة هداية وقيادة وسيادة، اختارها الله لأشرف رسالاته واجتباها، فبعث فيها أفضل رسله، وأنزل عليها أعظم كتبه، ووعدها النصر إن هي نصرت دينه، وبالكرامة والعزة إن هي تمسكت بطاعة ربها وسنة نبيها (ص)».

ولفت إلى أنه «وقد كان لشرف هذه الأمة شرف قيادة العالم قروناً طويلة، ثم انتزعت قيادتها، ودالت دولتها، وتداعى عليها أعداؤها، وتتابعت عليها المصائب، وتلاحقت عليها المحن والنوائب، وشغل هذا الواقع المزري والوضع المتردي بال الغيورين من أبناء هذه الأمة المتطلعين لمستقبلها المشرق، وغدها المبهج بإذن الله تعالى، والسؤال الذي يفرض نفسه هنا: ما الذي دهانا معشر المسلمين؟! وما الذي أصاب أمتنا فذلت وهانت؟! ما الدواعي والعوامل التي أوصلتها إلى حضيض الغبراء بعد أن كانت في ذرا العلياء؟!».

العدد 4298 - الجمعة 13 يونيو 2014م الموافق 15 شعبان 1435هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 2 | 6:45 ص

      بصراحه

      يقول الحديث الشريف { اذا رايتم العلماء عند عتبات الحكام فلا خير فيهم } وفي حديث آخر { اذا رايتم العلماء عند الحكام فأتهموهم في دينهم } لذا من الجانب السني فقدنا العلماء كما يقولون صج علماء ويتصفون بالزهد والعلم الغزيز والحوار الودي المنزوع من الطائفيه واصحاب القلوب البيضاء واخذوا العلم من مصدره السني من بوابه العلم ومنارها هو الازهر الشريف وباقي الجامعات ليس لها اصلا ولا تاريخ بالنسبه للسنه كما يقولون كل من هب ودب صار شيخ مدرس دين او عند بكالوريوس اسلاميه صار عالم وفنان صار عالم لوفري نجس صارشيخ

    • زائر 3 زائر 2 | 10:53 ص

      يا بصراحه لم تكن منصفاً ....كأنك متحامل على عموم أهل السنة وشيوخهم. فهل لديك من الأسباب التي تجلعك هكذا؟

      طلب العلم شرقاً وغرباً حتى وإن كانت بالصين ومعنى ذلك أن العلم ليس حكراً بالمناطقية أومؤسسات بعيناها مثل الأزهر توجد حوزات مرجعية بالبحرين عبر التاريخ للشيعة ويوجد ما يناظرها من المراجع العلمية بالنسبة للسنة والأباضية وغيرهما فقضية الأختلاف ليست مشكله لتكون من أمة محمد. وما ذكرته بالنسبة لقولك كل من هب ودب وما كان عليه هذا الشيخ أو ذاك فرب العالمين يغفر لمن يشاء. محرقي من البسيتين

    • زائر 1 | 10:57 م

      sunnybahrain

      السلام عليكم ،،شكرا شيخ للشيخ القطان هذه اللفته المباركه ،،وارجوا ان يتطرق شيخنا الكريم في الحلقات القادمه في مواضيع التفرقه بين الاخ واخيه في الدين والدنيا ،،ومواضيع التجنيس السياسي ،،ومواضيع اقتحام حرمات البيوت التي حرمها الله ،،ومواضيع المساواة والعدل ،،عفوا للاطاله وجزاكم الله خيرا ،،السلام عليكم،

اقرأ ايضاً