العدد 4314 - الأحد 29 يونيو 2014م الموافق 01 رمضان 1435هـ

رائد حداثة التشكيل الأميركي هارتلي ... خارج برلين... قلب الرسّام

الوسط (فضاءات) – جعفر الجمري 

تحديث: 12 مايو 2017

تتابع روبرتا سميث في صحيفة "نيويورك تايمز" بتاريخ 12 يونيو/حزيران 2012، المعرض الفني لرائد الحداثة التشكيلية في الولايات المتحدة الأميركية مارسدن هارتلي، حيث يسافر معرضه إلى لوس أنجيليس في شهر أغسطس/آب المقبل. المعرض سيضم مجموعة من اللوحات التي تتعدّد في توليفتها ضمن المدرسة التكعيبية الذي كرّسه هارتلي في كثير من أعماله، وغيرها من المدارس والتيارات الأوروبية الحديثة.

قبل غاسبر جونز أو جاكسون بولوك، كان هنالك مارسدن هارتلي، وهو أول رسام أميركي عظيم في القرن العشرين. حقق هارتلي هذا التميز في باريس ومعظمه في برلين بين مطلع العام 1912 وأواخر العام 1915، هناك حيث أنتج مجموعة من اللوحات التي تتعدّد في توليفتها ما بين المدرسة التكعيبية وغيرها من المدارس والتيارات الأوروبية الحديثة، ممزوجة بالزخارف غير الغربية والرموز الغامضة التي بلغت ذروتها في لوحته الأخيرة المفعمة بالحيوية، والتي كانت عبارة عن رثائية لضابط ألماني.

تلك اللوحات هي بمثابة ذكريات بالنسبة إلى الضابط الألماني الشاب كارل فون فريبيرغ وربما يكون الحب الأعظم في حياة هارلي؛ إذ قتل فريبيرغ في الأسابيع الأولى من الحرب العالمية الأولى (فون فريبيرغ ضابط ألماني من مواليد 15 يوليو/تموز 1889 في فلنسبورغ، وتوفي في 7 أكتوبر/تشرين الأول 1914 في كوميكورت، بادو كاليه، ويعتبر أحد الأصدقاء المقربين لمارسدن هارتلي).

التصنيف العالمي لمستوى هارتلي تم تأكيده من خلال "مارسدن هارتلي: اللوحات الألمانية للأعوام 1913-1915،"، معرض في الرواق الوطني الجديد، هنا ستثير معروضاته التشويق والمفاجأة حتى بالنسبة لأولئك الذين هم أكثر إخلاصاً وقرباً من هارتلي.

يتم تقديم 31 لوحة في المعارض الأربعة الصغيرة التي تتقاطع مع الجدران المنحنية، وبنية غير متجانسة ويستند وجودها على الصليب الحديدي، حيث آثار قدم مطبوعة عليه، يشبه ذلك الذي تلقّاه فون فريبرغ وأبقاه هارتلي في مرسمه ببرلين.

ويعد المعرض أول متحف يتم تنظيمه لهارتلي في أوروبا منذ أكثر من 50 عاماً، من قبل أمينة المعرض الوطني الحديث ديتر شولز، بل هو الأول المكرّس لهذا الغرض بعد فترة غير مستقرة من الإبداع، والتي يمكن لها أن تحدث في هذه المدينة المبهجة أولاً، المأسوية ثانياً.

وكما لم يحدث من قبل، فإن هذا المعرض يضع هارتلي مباشرة بين من اعتزلوا مباشرة التكعيبية في تركيبها وتكوينها المختلط، مثل شاغال، كلي وميرو - والذي اختار التكعيبية في وقت مبكر، وأخذ منها ما هو بحاجة إليه من أغراض أخرى تستطيع التعبير عن شخصيته والجماليات المحلية التي تكتنز بها تلك البيئة. وحقق هارتلي ذلك جزئياً من خلال دمج الأشكال والصيغ الغيْرية والثقافية والجنسية.

يشار إلى أن المدرسة التكعيبية هي اتجاه فني ظهر في فرنسا في بدايات القرن العشرين. ويتخذ الاتجاه من الأشكال الهندسية أساساً لبناء العمل الفني؛ إذ قامت هذه المدرسة على الاعتقاد بنظرية التبلور التعدينية التي تعتبر الهندسة أصولاً للأجسام. انتشرت بين 1907 و 1914، وولدت في فرنسا على يد بابلو بيكاسو، جورج براك وخوان غريس.

هذا المعرض سيسافر فقط إلى متحف مقاطعة لوس أنجليس للفنون في شهر أغسطس/آب 2014، تاركاً نيويورك وغيرها من المدن جسراً فنياً، فيما ترتفع دعوات إلى أن المعرض الأول للوحات مارسدن هارتلي ينبغي أن يسافر إلى كل ولاية في الاتحاد الأميركي.

توفر لوحات الضابط الألماني على وجه الخصوص نوعاً من التوليف الشعبوي ذلك المستمد من التكعيبية التحليلية وتكعيبية الكولاج (الكولاج: من الفرنسية والتي تعني لصْق. فن بصري يعتمد على قص ولصق العديد من المواد معاً، وبالتالي تكوين شكل جديد. إن استخدام هذه التقنية كان له تأثيره الجذري بين أوساط الرسومات الزيتية في القرن العشرين كنوع من الفن التجريدي أي التطويري الجاد)، التي أطلقتها التعبيرية الألمانية، ولكن أيضاً بالاعتماد على تقاليد الحياة الأميركية التي لاتزال مستمرة، بما في ذلك لوحات الوهم البصري في الفن، لوليام هارنيت وجون بيتو.

تبرز الأعمال شغف هارتلي وحبّه للأبهة العسكرية: المجالات التي تتماشى بشكل وثيق مع مرحلة ما قبل الحرب العالمية الأولى في برلين، حيث مشهد مثليِّ الجنس منتشراً (على رغم القوانين المناهضة للشذوذ الجنسي)، وحيث كان الجيش الألماني واضحاً للغاية في هذه المسألة، وليس أقلها المسيرات المستمرة التي يحبها هارتلي، والتداخل بين الدائرتين، وتغذيته عن طريق تركيزه وتطلعه إلى الرجل المثالي.

لقد كان هارتلي طموحاً للغاية، وقد حظي بعرضين في ألفريد ستيغليتز، متطلعاً إلى رواق 291 في نيويورك. في المعرض الذي سماه هارتلي ولا يمكن أن يُنسى: "أكبر غرفة صغيرة في أميركا"؛ إذ واجه أعمال بيكاسو، وماتيس وسيزان وعرف أن أوروبا هي المكان المناسب الذي يجب أن يكون فيه. بالإضافة إلى ذلك، هنالك نوع من الشعور بالوحدة قد تأصّل فيه. بدأ مع وفاة والدته عندما كان في الثامنة من عمره، وتكثف مع وعي وإدراك لميوله الجنسية المثلية، وكذلك الإحراج الاجتماعي الذي يسبّبه ذلك، إضافة إلى عدم الارتياح لنحافة جسمه.

عكست اللوحات التي جاءت بعد ذلك انتهازية الفنان الذي يعمل من دون أن يمنح نفسه فرصة للراحة، وبطريقة من شأنها أن تجعله متأهلاً اليوم ومتعدد الثقافات إلى حد ما. إن تلك المصادر لا يمكن استيعاب أنها في كثير من الأحيان تسهم في تنشيط الأعمال القاسية وما يترتب عليها".

يشار إلى أن مارسدن هارتلي ولد في 4 يناير/كانون الثاني 1877، بمدينة ويستون – ولاية ماين، بالولايات المتحدة الأميركية، وتوفي في 2 سبتمبر/أيلول 1943. يعتبر رائد ورسام الحداثة الأميركية. وبالإضافة إلى اشتهاره بالرسم، هو شاعر وكاتب مقالات,

كان الأصغر من بين تسعة أطفال. توفيت والدته عندما كان في الثامنة، وتزوج والده بعد أربع سنوات بمارثا مارسدن

وبعد بضع سنوات من وفاة والدته عندما كان هارتلي في الرابعة عشرة من عمره، انتقلت العائلة إلى ولاية أوهايو. بدأ هارتلي تدريبه الفن في معهد كليفلاند للفنون بعد انتقال عائلته إليها في العام 1892. حصل على منحة لمدرسة كليفلاند للفنون.

في العام 1898، وفي سن الثانية والعشرين، انتقل هارتلي إلى مدينة نيويورك لدراسة الرسم في كلية نيويورك للفنون على يد وليام ميريت تشيس، ثم درس في الأكاديمية الوطنية للتصميم.





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً