القيل والقال في بعض جوانبه نمط من أنماط الغيبة والنميمة ويمثل ثقافة غير سوية، ومعالجة هذه الظاهرة في رمضان يحظى بأهمية خاصة نظراً لتعارض مدلولاتها مع القيم الإسلامية. ويمارس الأفراد والجماعات هذا السلوك بقصد وبغير قصد، وهو سلوك مغلوط في مفاهيم العلاقة المجتمعية ويتعزز حضوره لدى الفرد والجماعة كمنتج للعلاقات المجتمعية غير السوية ونتيجة التربية الأسرية غير السليمة، أو بفعل تأثر الفرد بسلوك جماعة فرضت عليه ظروف وجوده الاجتماعي أو عمله الوظيفي في مسايرتها والتفاعل مع واقع ممارستها في نشر الإشاعات والسعي للنيل من الآخر غير المتوافق مع مزاجها الاجتماعي أو غير المطيع لمقاصدها وممارساتها.
وتشبه هذه الظاهرة في مدخلات تكوينها طبيعة المياه الآسنة التي عادةً تكون حاضناً رئيساً لتعشيش وتفريخ الحشرات الضارة المسببة للأمراض الخطيرة.
العولمة والتطور التقني لوسائل الاتصال الحديثة وأدوات التواصل الاجتماعي ساهمت في تفعيل ثقافة القيل والقال، ويسّرت مهمة بث الأقاويل المغلوطة ونشر الأنباء غير الدقيقة والمسيئة لسمعة الأفراد والأسر والمجتمع، والتسويق للأفكار غير الموزونة التي تشكك في مصداقية ونزاهة الأشخاص ذوي المكانة والسمعة الرفيعة في المجتمع، إلى جانب التعمد في نشر الشائعات المغرضة وتعميم ثقافة الطأفنة وإحاطتها بغلاف ديني لتيسير مهمة انتشارها وسرعة تحقيق أغراضها. ويتسبب هذا النهج في تهتك مقومات القيم المجتمعية وشيوع حالة الفوضى والصراع والانقسام الاجتماعي.
الكذب والنفاق ونشر وافتعال الحقائق الكاذبة وبث الأقاويل غير الدقيقة والمرتكزة على عنصر الإثارة والنيل من سمعة الأفراد، تمثّل الصفة الرئيسة التي تميّز هذه الظاهرة. وهذه الحالة شديدة الحضور والتفاعل المتواتر في أحداثها وسط الفئات الضعيفة تعليماً ومعرفياً.
ومجالس الغيبة والنميمة من الظواهر المقلقة جداً للوسط الاجتماعي وتسببت في هدم كيانات أسرية، وتفتيت وحدة الجماعات وتحطيم الصداقات، وقطع صلة الرحم للعديد من الأسر، والإضرار بمصالح الأشخاص. وقد حدّثني أحد الأصدقاء وهو يشتاط غضباً من ظاهرة تجمع عدد من الأفراد بجوار أحد المؤسسات الدينية واستثمارها في جلساتهم المسائية وتداول الأحاديث والتعليقات المسيئة للمارة ولعدد من الأفراد غير المتوافقة معهم في آرائهم ومناهج تقييمهم وتفكيرهم الاجتماعي ومفاهيم علاقاتهم المجتمعية.
والوشاية منتج سيء لمجالس الغيبة والنميمة، وهي من الأنماط الخطيرة على الوحدة المجتمعية وأداة فاعلة في الإيقاع بالأشخاص النزيهين والمجدين في عملهم الاجتماعي والمؤسسي. وضحايا هذا النمط المستهدفون من الأفراد والمسئولين الذين يكون في بعض الأحيان على مستوى عال من المسئولية حيث يقعون في مصيدة الوشاية المغرضة ويتعجلون -دون تدقيق في الحقائق- في اتخاذ القرارات غير العادلة، ما يتسبب في شمولية الأضرار الفردية والاجتماعية، كما يحدث في قطع أرزاق الأفراد وحرمانهم من حقوقهم الانسانية.
وينبغي عند معالجة هذه المعضلة الاجتماعية والتربوية أن لا نغفل عنصر المصلحة الشخصية للفرد والجماعة، وكذلك العنصر المرتبط بضعف الوعي الفردي والمجتمعي كعامل مهم في انتشار ثقافة القيل والقال، والتي تشكل خطراً فعلياً على واقع المنظومة المجتمعية والتسبب في تهتك مقومات الروابط الاجتماعية والقيمية. ولتبيان واقع مخاطرها وآثارها السلبية من الطبيعي العمل على معالجة مدى تأثيرها على بيئة العمل الوظيفي والعلاقات المجتمعية. وهنا تجدر الإشارة إلى ما حدّثني به أحد الأصدقاء الذي شهد آثاره السلبية على بيئة العمل الوظيفي، حيث بين أن ظاهرة القيل والقال ونشر الشائعات المغرضة وغير الدقيقة ضد الأفراد ثقافة ميزت مجتمع العمل الذي عاش واقعه المر، وتسبب في التراجع الملموس في إنتاجية وجودة العمل الوظيفي والبرامجي.
إن ما يؤسف له، أن هذه العادة السيئة لها حضورها المقلق في المؤسسات التربوية، وتلك ظاهرة سلبية في العمل التربوي وتمثل مصدر قلق للباحثين في العلوم الاجتماعية وللإدارات التربوية، وهي في المحصلة تشكل خطراً فعلياً على منظومة العمل التربوي، وشهدت هذا الواقع عن قرب في أحد المدارس الخاصة في الإمارات بحكم علاقتي المتينة مع مدير المدرسة، ذلك التربوي النزيه المشهود له بأخلاقه وخبراته التربوية، والذي تكبد عناء النزاعات بين الفئات المتصارعة في المدرسة، والذي طال المجتمع الطلابي نتيجة نشر الشائعات، ما اضطره إلى الاستقالة.
النمط ذاته اضطلعت على احداثياته في إحدى المدارس الخاصة في البحرين، حيث دب الخلاف مع أصدقاء الأمس وتسبب في نشر الإشاعات كوسيلة للدفاع والسعي للتخلص من الطرف الآخر، بيد أن ما يؤسف له في هذه الحالة أن الصراع طال الطاقم التربوي والإدارة التربوية في المدرسة.
مخاطرة القليل والقال متعددة الأوجه، بيد أن ما هو أكثر خطراً ويمثل قلقاً فعلياً لواقعنا الأسري والمؤسسي والمجتمعي، أن محترفي هذه العادة يتمتعون بقدرة خارقة على افتعال الأكاذيب ونشر الشائعات وقلب الحقائق. وكثيراً ما يتمكن محترفو هذه الظاهرة المرضية من الإيقاع بضحاياهم في مصائدهم المعدة بإتقان، وما هو مؤسفٌ أن ضحايا القيل والقال في الغالب هم من الأبرياء والبسطاء الذين لم يقترفوا ما ينسب إليهم. والأكثر إيلاماً أن أقطاب المجتمع وكذلك المسئولون في المؤسسة يلقون بالمسئولية جزافاً على الضحية لا على الفاعل الحقيقي.
إقرأ أيضا لـ "شبر إبراهيم الوداعي"العدد 4325 - الخميس 10 يوليو 2014م الموافق 12 رمضان 1435هـ
خير الكلام ما قل ود
أتحفتنا بمقالك هذا يا سيدي الصديق الصدوق مقالك هذا دليل على وطنيتك وانتمائك لهذأ الوطن فشكرا لك
اصبح مجنون
انسان فقير من العمل الي البيت متواضع ليس لة اعداء صاحب اسرة اولادة في منتهي الاخلاق وبعد احداث 11فبراير اصبحت البحرين واحة من الاشاعات في المدن والقري البحرينية وهو شخص عادي لايعرف السياسة بشي من المسجد الي البيت وفي احد الايام واثناء رجوعة من المسجد التقي ببعض من رواد المسجد فطرح علية الانظمام الي احد الجبهات السياسية فرفض لخوفة علي اسرتة من الضياع لودخل السجن وبعد عدة ايام قام هؤلاء بكتابة عباراة ان هدا الشخ جاسوس وعند الصباح تفاجا وسقط علي الارض ونقل الي المستشفي وتطورت حالتة والان هو مجنون