يدرك توماس مولر ان كل المجهود الذي قام به في مونديال البرازيل 2014 قد يذهب ادراج الرياح في غضون 90 دقيقة في حال لم يتمكن ورفاقه في المنتخب الالماني من الفوز على الارجنتين غدا الاحد على ملعب "ماراكانا" الاسطوري في المباراة النهائية للنسخة العشرين من العرس الكروي العالمي.
"ان نهائي كأس العالم يشكل اكبر مباراة يمكن لاي لاعب ان يخوضها"، هذا ما قاله مولر الذي لعب دورا اساسيا في قيادة المانيا الى النهائي للمرة الثامنة في تاريخها بتسجيله 5 اهداف، بينها هدف في المباراة التاريخية امام البرازيل المضيفة (7-1) في نصف النهائي.
وتابع مهاجم بايرن ميونيخ "سنقدم كل شيء في هذه المعركة، كل شيء، كل مقدراتنا الذهنية والفنية. سنقدم كل شيء من اجل تحقيق النجاح في هذه المعركة".
عندما اختار المدرب يواكيم لوف تشكيلة رسمية مؤلفة من 23 لاعبا ولم تتضمن سوى مهاجم صريح واحد هو المخضرم ميروسلاف كلوزه (36 عاما)، ارتفعت اصوات بعض النقاد والنجوم السابقين لتعرب عن قلقها ازاء هذا القرار الغريب خصوصا بان المنتخب الالماني اعتمد على مهاجمين وهدافين كبار في نهائيات سابقة في كأس العالم لعل ابرزهم المدفعجي غيرد مولر، واوفي زيلر وكارل هاينتس رومينغه ويورغن كلينسمان.
قرر لوف عدم استدعاء ماريو غوميز او كيفن فولاند او حتى شتيفان كيسلينغ، لكنه جدد الثقة بكلوزه الذي عانى موسما صعبا مع لاتسيو الايطالي من ناحية الاصابات، واعتمد بشكل اساسي على مولر الذي تألق في مشاركته المونديالية الاولى عام 2010 بتتويجه هدافا لكن بلاده اكتفت حينها بالمركز الثالث.
رأى مولر، في معرض على سؤال حول اي لقب يفضل الهداف او بطل العالم، ان تسجيله للاهداف يساعده في الناحيتين، "لكن احدهما (بطل العالم) اهم بكثير".
وعن مقاربة الالمان لموقعتهم المرتقبة مع ليونيل ميسي ورفاقه في المنتخب الارجنتيني، قال مولر: "يجب ان نبني هجماتنا من الخلف، ان يكون لقلبي الدفاع دورا في اطلاق الهجمات وان يقوم خط وسطنا بتمرير الكرة بسرعة. يجب ان نشغل المساحات بشكل جيد، ان نحاول مفاجأة الارجنتين باقل لمسات ممكنة (للكرة). ان نلعب بسرعة نحو الامام مع الاعتماد على لاعبي الطرفين والمخاطرة بالهجوم".
ضرب مولر بقوة في بدايته مشاركته الثانية في العرس الكروي العالمي بعد ان دك شباك برتغال كريستيانو رونالدو بثلاثية (4-صفر)، ليصبح سادس الماني يسجل ثلاثية في النهائيات بعد ادموند كونن في مرمى بلجيكا (5-2) عام 1934، ماكس مورلوك في مرمى تركيا (7-2) عام 1954، غيرد مولر في مرمى بلغاريا (5-2) والبيرو (3-1) عام 1970، كارل-هاينتس رومينيغه في مرمى تشيلي (4-1) عام 1982، وميروسلاف كلوزه في مرمى السعودية (8-صفر) عام 2002.
احتاج مولر الى 10 دقائق فقط لكي يعلن عن نفسه، عندما مرر كرة باتجاه ماريو غوتسه التي جاء منها ركلة جزاء فقام الاول بترجمتها الى الهدف الاول للمانشافت، ثم ابان مولر عن حس تهديفي كبير عندما اضاف الهدفين الثالث والرابع في الشوط الثاني مستغلا خطأين دفاعيين.
وفي مباراة الجولة الاخيرة من الدور الاول امام الولايات المتحدة، سجل مولر الهدف الوحيد في اللقاء، ضامنا تأهل بلاده الى الدور الثاني في صدارة المجموعة، قبل ان يضعها في نصف النهائي على المسار الصحيح لاكتساح البرازيل بافتتاحه التسجيل، ليصبح ثالث لاعب في التاريخ يسجل خمسة اهداف او اكثر في نسختين على التوالي بعد البيروفي تيوفيلو كوبياس وزميله ميروسلاف كلوزه.
ويالتالي يعلم مولر (24 عاما)، الفائز بالدوري الالماني ثلاث مرات والكأس الالمانية ثلاث مرات ودوري ابطال اوروبا وكأس السوبر الاوروبية وكأس العالم للاندية مرة واحدة، عما يتحدث عندما يقول "لا اعلم كيف ستكون المباراة، لكن لن تكون بنتيجة 5-صفر مع انتهاء الشوط الاول (كما كانت الحال امام البرازيل). حتى ان كانت المباراة متقاربة او ان وجدنا انفسنا في وضع صعب، يجب دائما محاولة المحافظة على رباطة جأشنا وفرض الايقاع الذي نريده. سنرى من يخرج فائزا، لكننا نعرف العمل الذي يجب ان نقوم به".
وعن المقارنة بين شعور خوض نهائي دوري ابطال اوروبا ونهائي كأس العالم، يقول مولر: "ان نهائي كأس العالم يشكل اكبر مباراة يمكن لاي لاعب ان يخوضها. لا تحصل الا كل اربعة اعوام. كأس العالم هي صاحبة القيمة الاكبر على الاطلاق، ومن البديهي ان تكون افضل من نهائي دوري ابطال اوروبا".
مدرب المانيا يواكيم لوف يعرف تماما قيمة هذا اللاعب: "لا يقوم بالتسجيل فقط في صفوف منتخب المانيا بل مع بايرن ميونيخ ايضا. دائما ما يتواجد في المكان الذي يمكنه تشكيل خطورة على الفريق المنافس، ويسدد عندما لا يتوقع احد ذلك كما فعل لدى تسجيله الهدف الرابع للفريق".
ويواصل عن مولر "انه يقظ تماما داخل المنطقة ومن الصعب جدا مراقبته. انه لاعب يتصرف بطريقة مختلفة دائما، وانا كمدرب اجهل تماما التحركات التي يقوم بها، انه يملك فكرة واحدة في رأسه: تسجيل الاهداف".
ويعتبر لوف بان مولر الذي خاض اول مباراة دولية له ضد الارجنتين في اذار/مارس 2010، ورقة رابحة في صفوف المنتخب الالماني وقال "يجد مدافعو المنتخبات المنافسة صعوبة كبرى في قراءة طريقة لعب توماس، فهو يعدو في ظهر الدفاع، ويسرع نحو الهدف، هذا امر يجيده بطريقة رائعة".
من المؤكد، ان اوجه الشبه التي تجمع بين "المدفعجي" غيرد مولر وتوماس مولر كثيرة جدا.
بالطبع كلاهما يحمل اسم العائلة ذاته، وكلاهما ولدا من مقاطعة بافاريا، لعب غيرد في صفوف بايرن في الستينات والسبعينات، في حين بدأ توماس مسيرته في صفوف الفريق البافاري موسم 2008-2009، كلاهما يملك حاسة التهديف، وكلاهما حمل ويحمل الرقم 13.
بيد ان اوجه الشبه تتوقف هنا اقله حتى الان، لان المدفعجي يملك سجلا قلة من النجوم تستطيع ان تتبجح به، فهو توج بجميع الالقاب، حيث رفع كأس العالم عام 1974، وكأس ابطال الاندية الاوروبية ثلاث مرات (1974 و75 و76)، وكأس الامم الاوروبية مرة واحدة (1972)، بالاضافة الى الدوري المحلي والكأس المحلي مرات عدة، وكان يحمل الرقم القياسي في عدد الاهداف المسجلة في صفوف منتخب بلاده (قبل ان يتفوق عليه كلوزه) حيث نجح في هز الشباك 68 مرة في 62 مباراة خاضها بين عامي 1966 و1974، وزارها ايضا 365 مرة في البوندسليغا.
وشاء القدر ان يكون غيرد خلف اكتشاف توماس عام 2008 وقال بالحرف الواحد "هذا اللاعب يستطيع ان يبدأ مسيرته في الحال، يملك ميزات عدة ابرزها قدرته على التسديد بالقدمين وبالرأس ويمكن ان يشغل مركزا على الجبهة اليمنى او اليسرى".
ونال مولر الجديد الاشادة من مولر القديم الذي قال عنه "يذكرني توماس كثيرا بنفسي عندما كنت شابا، يقوم باستدارته كما كنت افعل انا سابقا".
وبالفعل، فان مسيرة مولر في تصاعد صاروخي، فهو لم يتجاوز الرابعة والعشرين من عمره وها هو يسجل 10 اهداف في نهائيات كأس العالم التي حل فيها ثالثا عام 2010 ووصل الى النهائي في 2014 وهو بالتالي امام فرصة اعادة بلاده الى منصة التتويج للمرة الاولى منذ 1990 حين توجت باللقب على حساب الارجنتين بقيادة نجوم كبار مثل القائد لوثار ماتيوس (4 اهداف) ويورغن كلينسمان (3 اهداف) و"الثعلب" رودي فولر (3 اهداف) واندرياس بريميه (3 اهداف بينها هدف الفوز في النهائي من ركلة جزاء).