العدد 4329 - الإثنين 14 يوليو 2014م الموافق 16 رمضان 1435هـ

العدوان الصهيوني على غزة... والصمت الدولي!

سلمان سالم comments [at] alwasatnews.com

نائب برلماني سابق عن كتلة الوفاق

إن الهجمة الصهيونية البربرية الهمجية التي شنتها بطائراتها وصواريخها ومدفعيتها البغيضة على رؤوس أطفال وشيوخ ونساء وعجزة ومعاقي قطاع غزة في شهر رمضان المبارك، سقط على إثرها عشرات الشهداء ومئات الجرحى وتهدمت الكثير من المباني والبيوت على رؤوس ساكنيها، والعالم الفاقد للإنسانية والرحمة يتفرج على عربدة وعنجهية الكيان الصهيوني الحاقد للإنسانية، والعالم العربي والإسلامي صامت ولا يحرك ساكناً لوقف هذا العدوان المجنون الذي لا يعير أهمية لحياة الإنسان الفلسطيني.

لا شك أن الكيان الصهيوني المحتل الذي ارتكب أبشع الجرائم ضد إخوتنا الفلسطينيين في قطاع غزة المحاصرة، قد جعل العالم مداناً بكل المقاييس الإنسانية، على سكوته وصمته القاتل وعلى تمويله الاقتصادي والعسكري للكيان الصهيوني الحاقد.

لقد تجاوزت الدول الداعمة له كل النواميس الإنسانية والأخلاقية بصمته؛ فالقضية واضحة وضوح الشمس في رابعة النهار، هناك شعب أعزل يتعرض إلى إبادة جماعية بلا هوادة على يد كيان غاصب لأرضه وممتلكاته ومقدراته الاقتصادية، لا يوجد أحد في العالم يستطيع أن يدعي ويقول إن ما تحدثه العصابة الصهيونية في أبناء وشيوخ ونساء وأطفال غزة المنكوبة، تجيزه الأعراف الدولية والإنسانية؛ ما أحدثه الكيان الغاصب لفلسطين فاق كل التوقعات والتصورات، لم يترك سلاحاً مدمراً وقتالاً إلا واستخدمه لضرب أهلنا وأحبتنا في غزة المضطهدة؛ ما أحدثته العصابة الصهيونية من جرائم بشعة في غزة المظلومة، يعتبر بالمعايير الدولية جرائم حرب، ولا بد من المحكمة الدولية لجرائم الحرب أن تلاحق كل من شارك في ارتكاب هذه الجرائم المنكرة.

الحقد الصهيوني لم يكن يقصد قطاع غزة بمعناها المباشر، وإنما كان يقصد إهانة الأمتين العربية والإسلامية، التي أغرقها في طواحين الحروب الطائفية والمذهبية والعرقية الداخلية؛ فإن سكتتا عن فعلته، ولم تعلنا عن موقفهما العملي بقوة، ولم تفصحا عن رأيهما الصريح الرافض لكل الأعمال الإجرامية التي يرتكبها ضد أحبتنا في غزة الأبية، في كل المحافل الدولية، فإن صمتهما سيُترجَم إلى رضا أو ضعف وخنوع؛ مادام حالنا بهذه الصورة المأساوية، سيتمادى في غيه وعدوانه وبشاعته، أليس الصمت عن جرائمه قد أعطاه رسالة واضحة بأن يستمر في عدوانه؟ لو كانت الأمة العربية قوية في مواقفها المبدئية، ولو كانت تتفهم المعاني السامية للأخوّة العربية، لما تجرأ الكيان الصهيوني الاعتداء على إخوتنا في فلسطين السليبة، ليس هذا فحسب، لقد تجاوز العالم كل الحدود الإنسانية بصمته، هذا الأمر يثير الدهشة كثيراً، أيها العالم الصامت من الذي يقود الإرهاب في عالمنا اليوم؟ أليس الصهاينة ومن لف لفهم؟ أليس هناك تزامن بين القتل والإرهاب والتدمير في عالمنا العربي؟ هل جاء صدفة أم هناك توافق بين جميع أدوات القتل التي تحدث المنكرات في الإنسان العربي التي يندى لها جبين الإنسانية؟

القضية أكبر من ذلك بكثير؛ ما يحدث للإنسانية في العالم العربي محزن جداً، لقد أثبت الكيان الغاصب لفلسطين الحبيبة، أن قتله للأطفال والنساء والرجال والشيوخ والعجزة والمعاقين والمرضى الفلسطينيين في غزة، هدف استراتيجي لا بد له من تحقيقه، لا يعتقد أحد أن الكيان الصهيوني المدعوم من قوى دولية أنه في يوم من الأيام سيحترم المشاعر الإنسانية ما لم يكن هناك موقف دولي جاد ضد عملياته الإرهابية التي يمارسها بعربدة واسعة في الأراضي الفلسطينية، وقد أثبتت التجارب منذ احتلاله للأرض الفلسطينية وحتى هذه اللحظة أنه لا يرتدع ولا تتوقف ممارساته العدوانية وغطرسته الهمجية في الأراضي المحتلة إلا باللغة التي يفهمها؛ لا البيانات التنديدية والاستنكارية يعير لها أي اهتمام، فالدول الداعمة له اقتصادياً وسياسياً وعسكرياً إذا لم تجد من الدول العربية والإسلامية مواقف وإجراءات وقرارات سياسية حقيقية وجريئة، لن تتحرك باتجاه وقف عدوانه المدمر البغيض؛ فتماديه في العدوان ناتج من دعم القوى الدولية الفاعلة في العالم له، وصمت أو تراخي الدول العربية والإسلامية عن مواجهته.

لا شك أنه استفاد من الحال المأساوية التي يعاني منها العالمان العربي والإسلامي في الوقت الحاضر، التي أدت إلى إيجاد شرخ عميق في جسدهما لا يندمل بسهولة، وأحدثت فيهما التفرق والنزاعات المذهبية والطائفية العنيفة المصطنعة بعناوين دينية، التي راح ضحيتها مئات الألوف من القتلى والجرحى والمفقودين والمشردين والنازحين والمهجرين، وفوق هذا وذاك تم تدمير البنية التحتية الاقتصادية والعسكرية والاجتماعية والمعيشية في العديد من الدول العربية الرئيسية بأيدٍ خفية، حتى وصل الحال في وطننا العربي لا يسعد إلا الأعداء المتربصين له، حتى أصبح القلب العربي والإسلامي المخلص لهويته العربية والإسلامية مثقلاً بالهموم والمآسي وكثرة الضحايا، نأمل أن يأتي اليوم الذي نرى فيه أمتنا العربية الإسلامية تتوقف فيهما كل النزاعات الطائفية والمذهبية والقتل على الهوية والتدمير المجنون لكل ما فيه خير للإنسان، ويعم السلام والوئام والمحبة الإنسانية، واحترام حقوق الإنسان بين مختلف أطيافه ومكوناته العرقية والطائفية والمذهبية والسياسية، لتكون لها كلمة الفصل في القضية الفلسطينية التي يحسب لها ألف حساب على كل المستويات السياسية والاقتصادية والعسكرية، ولا يتحقق الأمل إلا بإخلاص النيات والرجوع إلى الإرادة الإلهية الحقيقية التي تريدنا الاعتصام بحبل الله جميعاً وعدم التفرق والتنازع على حطام الدنيا.

إقرأ أيضا لـ "سلمان سالم"

العدد 4329 - الإثنين 14 يوليو 2014م الموافق 16 رمضان 1435هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً