العدد 4331 - الأربعاء 16 يوليو 2014م الموافق 18 رمضان 1435هـ

المرحومان جوهر ومكي!

حسن المدحوب hasan.madhoob [at] alwasatnews.com

.

كان المرحومان حجي جوهر وحجي مكي يقطنان حفرتين متجاورتين في إحدى المقابر بالبحرين، حجي جوهر كان يعيش أيام عمره المديد في بيت آيل للسقوط، وكذلك جاره في اللحد حالياً الحاج مكي، وكان لجوارهما ما يميزه، فعلى الرغم من أنهما كانا على قطيعة في بعض أيام حياتهما بسبب «أولاد الحرام»، إلا أن جوارهما في المقبرة جعلهما يدركان أن «الزعل ما يسوى»!

برنامج الرجلين بات متشابهاً، يصحوان من منامهما في قبريهما، فيقرآن الصحف التحتية، ثم يتبادلان أطراف الحديث وبثّ الشكوى عن ضيق اللحد، وكيف أن ذلك امتداد لضيق الحال الذي كانا يعيشان فيه أيام حياتهما، بعد تراكم الديون والقروض عليهما وما شابه، وهو حديثٌ لا يخلو منه، لا بيوت البحرينيين ولا قبورهم أيضاً فيما يبدو!

ولكن، في يوم من الأيام صحا الحاج مكي على صراخ الحاج جوهر، الذي كاد أن يخرج من حفرته فرحاً وسروراً، حيث أبلغه جاره أن أمنية كبيرة للموتى قد تحققت أخيراً، وأن الحكومة قرّرت أن تخفف ضغطة القبر على سكان المقابر بإسقاطها متأخرات الكهرباء عن كل بحريني متوفى لتدخل السرور على قبر كل مواطن.

ولأن الحاج مكي كان يحب أن يلم بالتفاصيل، ولا يتعجل الفرح، حتى لا يصاب بسكتة قلبية مثل التي أودت بحياته قبل 23 عاماً، فقد طلب من الحاج جوهر أن يخبره بفحوى هذه القصة وتفاصيلها، مذكراً إياه أن الحكومة قبل ربع قرن كانت تتحدّث بثقة عن توفير بيت ووظيفة لكل مواطن، والله العالم ما إذا كانت هذه الوعود قد تحققت، لأننا لم نجد حين وفاتنا إلا قبراً لكل مواطن فقط!

الحاج جوهر أبدى تذمره من صاحبه على سوء نيته تجاه الحكومة، وهو طبع لم يتب عنه لا في حياته ولا في مماته، مؤكداً له أن هذه المكرمة الحكومية من شأنها أن تحدث تغييراً حقيقياً في معيشة أغلب الموتى في البلاد!

أسهب الحاج جوهر رحمة الله عليه في الحديث عن اشتراطات هذا الاستحقاق، ولعل أهمها كان أن إعفاء المتوفين من مستحقات الكهرباء والماء والرسوم البلدية المتأخرة يتضمن أن تكون المبالغ المستحقة بحد أقصى سنة واحدة سابقة على الوفاة، والأمر الآخر أنه يشترط أيضاً تحويل حساب المتوفى باسم أحد البالغين من شاغلي العقار أو من غيرهم، قبل استكمال إجراءات إسقاط المتأخرات المستحقة على المتوفى.

توقّف الحاج مكي عند هاتين النقطتين، سائلاً صاحبه في اللحد، أي قرار هذا الذي سيغيّر مماتنا، وهي لن تسقط إلا متأخرات عام واحد؟ أتعلم أن العام الأخير من حياتي لم تزد فاتورة الكهرباء والماء عن 79 ديناراً وثلاث روبيّات؟ ثم ألا تشم رائحة شيء غريب في اشتراط تحويل الحساب إلى أحد شاغلي العقار؟ فهل هذه مكرمة أم مصيدة؟

إقرأ أيضا لـ "حسن المدحوب"

العدد 4331 - الأربعاء 16 يوليو 2014م الموافق 18 رمضان 1435هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 6 | 5:39 ص

      ابداع يا ولد المدحوب

      مبدع يا ولد المدحوب واضحكتنا بهذا العمود الساخر وهذا المقال يذكرني بمسرحية حامي الديار للفنان ابراهيم الصلال الذي ادى دور الرجل الميت وفر من نومة عندما احس ان اللحمة الوطنية في الكويت بدات في الانشقاق وخرج من قبرة ليذكر الناس ان الكويت امانة وهي وطن الجميع بكل طوائفة .... شكرا لابداعك مرة اخرى وبارك الله في اناملك

    • زائر 5 | 5:19 ص

      ما يجوز

      المقال بعيد عن الدين الاسلامي وفيه تصوير لحياة الانسان بعد الممات وهذا لا يجوز شنو قام يقرا الجريدة وما ادري شنو هل يعني ان اللي يموت يعيش حياة ثانية في قبره ، من اجل الاثارة والسخرية ويزعم كاتب نقد تروح تتفلسف وتخربط وتمس العقيدة الاسلامية ويش خليت للملحدين والكفار

    • زائر 4 | 2:32 ص

      free of ge invoice

      مقال ساخر ورائع وإن كنت افضلة ان ياتي بطريقة التمثيل بمعنى ان شخصان وطنيان يقومان بهذا الدور ,,,, ارفع رأسك يابحريني

    • زائر 3 | 2:05 ص

      مصيدة وليست مكرمة

      من الأخير هي مصيدة ، مصيدة للمبالغ المتركمة والغير مدفوعة وما شرط أن يتم تحويل الحساب إلى شخص من الوزرثة أو شاغلي العقار قبل الإعفاء إلا لكي يحول المبلغ على ظهره مباشرة وبعدها روح اضرب على رأسك وراح تعرف أن الحكومة ما تلعب مع الصغار من اللاعبين.

    • زائر 2 | 12:32 ص

      Are we in Bahrain?

      Are we really in Bahrain?
      Your Majesty, The King, please try at least to cut 50% of the electricity and water and see how much love and respect you will gain from all Bahrainis.
      I hope that you will do that and you are capable of doing that.

اقرأ ايضاً