العدد 4332 - الخميس 17 يوليو 2014م الموافق 19 رمضان 1435هـ

كشكول مشاركات ورسائل القراء

صائمٌ بين القضبان

ويحك أيها الوقت كيف تجرؤ على الزوال، وحدك تدري عن الدقائق، والثواني التي تسلب كياني، وحدك تعاني معي وحدتي، كيف تجرؤ هذه الأيام على الاحتيال بجسدي النحيل، وفكري الذي ما عاد يقوى على الذكريات السابحة في فضاء الأيام الطويلة هنا، ما عاد المكان يتسع لمدى خيالي الجامح، ينتابني أرق الرحيل كل ثانيةٍ من عمري، كفاك أيها الوقت عبثًاً وتمرداً كفاك.

لماذا يا صديقي الوقت؟ لماذا عليّ أن انتظر الشمس حتى تغمضُ عينيها، من سيكون بانتظاري عند سدول الليل، على مائدة الإفطار، من سيقدم لي التمرة، والماء، من سيزور مجلسي، وأنا أرتل القرآن؟

قل لي: كيف تنام الشمس، وترحل؟

تجعلني أناجي الربّ، ثم أنتظر السراب. أيها الزوال تمهّل. قف وارحم ألمي.

هنا في هذه الزنزانة المقبرة، تنقلب المعادلة في هذا الشهر الكريم، يصبح النهار هو الملجأ الذي أستدفئ به برد الفراق، وأناجي فيه الله كي يرحم غربتي، هنا لا يكترث السجين بالليل لأن عينيه لن تنام، لن تحلم بالأمل كما كانت، في الليل تتكوثر الذكريات وتصبح أكثر ألمًا مما مضى، ذكريات العائلة الرمضانية، المسجد وصلاة الإمام، ليالي القدر، والإحياء، كلها ذكريات لا تنطوي بسهولةٍ بين هذه القضبان العصيّة.

كيف التخلّص من أنياب الوقت يا إلهي؟ ارحم تضرعَ يدي المغلولة بين يديك الكريمة، إلهي فكما ناداك يوسف في غيابة السجن، ودعاك يونس في بطن الحوت، فأنا أناجيك، أن تفكّ أسر عبوديتي في هذا الشهر الكريم، فإن لم تفكّ قيد يدي، ففك قيد قلبي، وروحي، واجعلني من عتقائك من النار في هذا الشهر العظيم.

سأغدر بك أيها الوقت، سأرتب زنزانتي الصغيرة، وسأبدأ بالتسبيح والتهليل، إنه الشهر الذي هو خيرٌ من ألف شهرٍ، سأكتب على الجدار المواقيت، والمستحبات، سأملؤها حياةً بعد موتٍ.

نعم وسأخبر أصحابي هنا عن نيتي بالإحياء الليلي كما لو كنت في قريتي الصغيرة، مازلتُ أتنفس الأمل، لأني وجدته في هذا الشهر الكريم، ألم يكرّم الله تعالى هذا الشهر بجعله خيراً من ألف شهرٍ.

أيّ عظمةٍ يامولاي في تجلياتك العظيمة، فكل سجين هنا يدرك أن السجن محطةٌ من محطات الكشف للذات، كما هو شهرك العظيم الذي فيه تنكشف النفوس، وتصغر إلى ربّها، ما أعظم النفس حين تدنو لربّها كما قال الحسين (ع): «ماذا وجد من فقدك، وما الذي فقد من وجدك، لقد خاب من رضي دونك بدلا، ولقد خسر من بغى عنك متحولا».

نعم حريّ بنا يا إلهي أن نعبدك في كل مكان، هنا بين القضبان ما أحلى الاعتكاف لك ربي لتكن فرصةً جميلةً لي لم أجربها في حياتي، وليكن الصوم بين القضبان فرصةً لي في التفكير والتخطيط لمستقبلٍ جديدٍ.

ليكن الصوم في السجن لي محطةً أقف لأتعرّف على النبي (ص) وأهل بيته عليهم السلام، أكثر، فإن كان السجن ضيقًاً جدًا، حتمًا سيتسع مداه وينير ظلمته ذكر أهل البيت.

ليكن الصوم بين القضبان فرصةً لي بالإحساس بشعور الصائم الفقير، الذي لا يجد من الطعام ما يسدّ به جوع الصوم.

وليكن الصوم بين القضبان، تذكيراً لي بالموت، في القبر المظلم، دون أنيسٍ، أو خليلٍ، أو زادٍ، وشرابٍ، بثوبٍ بسيطٍ ، كما الزنزانة المظلمة الضيقة، والكفن الزهيد.

نعم هنا بين هذه القضبان العنيدة، سأكون وحدي مع خالقي، فرصةٌ قد لا تتكرر في عمري، سأكون من العابدين الساجدين الراكعين.

تجليات الصوم، والسجن كثيرةٌ، ولكنني لا أنسى أحبتي، فأنتم يا أحبتي ستكونون في الأرض المترامية الأطراف، لا تنسوني، تذكروني في كل اللحظات، في دعائكم بعد الصلاة، وتلاوة الآيات في المجالس، وإحياء ليلة النصف من رمضان، بكائكم على أمير المؤمنين، وتهجدكم في المساجد ليالي القدر، وحين تفرحون بالعيد، وتهللون، وتصلون، تذكّروني حين كنت معكم، أسلّم عليكم، وأهنئكم، آه ما أجمل الزمن معكم، و ما أجملها من وجوهٍ نيّرة، فإني لن أرى مثلها أبدًا ما حييت.

ليلى محمد علي


لكِ صغيرتي

أسعد الله صباحكِ صغيرتي

أسعد الله مساءكِ صغيرتي

ها قد أتيت بعد انتظار طويل

أتمنى... أن يغمركِ الأمل وتتحقق لديكِ الأحلام وتسعينَ لتحقيق الأمنيات،،

فلا شيء في هذه الحياة يضاهي التفاؤل والسعادة،،

ابتسامتكِ من شفاهكِ الوردية ودموعكِ التي تتساقط من عينكِ البنية وصوت بكائكِ الذي يملأ الأرجاء..

حالياً عنوانكِ هو أحضان والدتكِ ونائمة في طريق الدفء والأمان وفي مجمع الأهل والأحبة،،

تأملي الجميع وانقشي أسماءنا في قلبك الصافي الحنون، تناولي طعامك دون عناد، ولا تبكي لأصغر الأسباب، واصغي لحديث والدكِ حسن الإصغاء، ولا تتعبي والدتك بعد تخطي كل الصعاب، ضعي يدكِ بيدها لتكون هذه الساعة من أجمل الأوقات.. وعندما يحل الليل تذكري حديثي ولا تخلفي الوعود، وحينما ينام القمر أغمضي عينيكِ بكل راحة وهدوء ...

بقيت هنالك حروف... تصبحين على خير...

يارا خلف


و لولا أنت يا علي (ع)

إنّه علي (ع) أول المسلمين إسلاماً، والأقدم إيماناً وأكثرهم تضحيةً وإقداما.

استشهد في الحادي والعشرين من شهر رمضان 40 هـ، بعد أن تلقى ضربة ذاك الملعون في فجر التاسع عشر من شهر رمضان، بعد ما أمضى عمره في عبادة ربه و الجهاد في سبيله و خدمة رسوله (ص)، و شارك في معارك الإسلام جُلها دفاعاً عن ما آمن به من مبادئ ضد من كفر بها .

بداية من معركة بدر في السنة الأولى للهجرة في السابع عشر من شهر رمضان عندما كان في العشرين من عمره، وقد أبلى بلاءً عظيماً وقتل وحده أكثر من 20 مقاتلاً وانتصر المسلمون بقيادة النبي (ص) في هذه المعركة، وبعدها بسنة أتت معركة أحد وكان فيها خسارة المسلمين لسيد الشهداء حمزة (ع)، وكان علي (ع) في هذه المعركة كثير الالتصاق برسول الله (ص) وقريباً منه حتى يحميه من كل أذى ويدفع عنه كل سوء، وقاتل حتى قتل من المشركين 12 مقاتلاً .

ولا ننسى يوم الخندق بعدما أشار الصحابي الجليل سلمان المحمدي (رض) بحفر خندق يفصلهم عن المشركين ليكون مانعاً حربياً يعرقل وصولهم إلى جيش المسلمين، ولكن استطاع عمرو بن عبدود العامري عبور الخندق، ووقف ينادي من يبارزه، ولكن لم يخرج إليه أحد من الصحابة إلا الإمام علي (ع)، ومع صغر عمره إلا أنه صرع العامري، وقال رسول الله (ص) وقت بروز الإمام علي (ع) لقتال ذلك المشرك :»برز الإيمان كلّه إلى الشرك كلّه».

و يوم خيبر عندما قال رسول الله (ص) في حقّه :(لأعطين الراية غداً رجلاً يفتح الله على يديه ، يحب الله ورسوله، ويحبه الله ورسوله) فأعطاها لعلي (ع) وبها فتح فتحاً مبيناً، وفي معركة حنين أبلى بلاءً حسناً وكان علي (ع) أشد المقاتلين التصاقاً بالنبي (ص) مدافعاً عنه أشد الدفاع، ودافعاً عنه أيّ ضرر قد يقع عليه حتى كتب الله النصر للمسلمين .

و في تبوك لم يشارك في المعركة، بأمر من النبي (ص)لاستخلافه على المدينة التي صارت مركزاً مهماً لتجمّع المسلمين والانطلاق منها لنشر راية الإسلام، ووقتها قال رسول الله (ص)كلمته المأثورة لعلي (ع) :»أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى ؟ غير أنه لا نبي بعدي»، وكانت المدينة بمثابة العاصمة الإسلامية ومركز المسلمين السياسي فاستخلاف علي (ع) عليها هو تكليف له من قِبل الرسول (ص) القائد، ولا يقل أهمية عن التكليف الجهادي والمشاركة في أيّ معركة من معارك المسلمين .

إذاً نستطيع القول «ولولا أنت يا علي» لما قامت للإسلام أيّ قائمة فكان سيفك ذوالفقار رأس حربة في صدور المشركين الكافرين الذين حاربوا الإسلام ورسول الله (ص)، إنك ربيب الوحي والرسالة بطل الميدان والجهاد، فسلامٌ عليك يوم ولدت و يوم أستشهدت ويوم تبعث حياً .

حسين علي عاشور

العدد 4332 - الخميس 17 يوليو 2014م الموافق 19 رمضان 1435هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 3 | 11:32 ص

      .

      الله يفرج عن كل سجين يالله .. و الله الديره وحشه بلا شبابنه كلهم في سجون الظلم لكم الله احبتي

    • زائر 2 | 7:32 ص

      صائم خلف القضبان

      صائم خلف القضبان كلمات معبرة..تتحدث عن واقعنا الحزين..شكرا عزيزتي استاذة ليلى

    • زائر 1 | 6:11 ص

      صائم بين القضبان

      اللهم فك كل اسير لقد عبرتي عن مشاعر السجين بدقة وخاصة في هذه الأيام العظيمة جزاك الله خير الجزاء

اقرأ ايضاً