العدد 4333 - الجمعة 18 يوليو 2014م الموافق 20 رمضان 1435هـ

هيومن رايتس: "داعش" تختطف وتقتل أفراد الأقليات وتستهدف الراهبات المسيحيات والتركمان

قالت هيومن رايتس ووتش إن الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش) تقوم بقتل أعضاء الأقليات العرقية والدينية، واختطافهم وتهديدهم، في مدينة الموصل بشمال العراق وما حولها. قامت الجماعة المسلحة السنية المتطرفة منذ استيلائها على الموصل في 10 يونيو/حزيران 2014، بخطف ما لا يقل عن 200 من التركمان والشبك والأيزيدية، وقتلت 11 منهم على الأقل، كما اختطفت راهبتين و3 أيتام مسيحيين وأمرت كافة المسيحيين بدخول الإسلام أو دفع الجزية أو الرحيل عن الموصل.

في 29 يونيو/حزيران، اختطفت داعش راهبتين وثلاثة أيتام مسيحيين، احتجزتهم لـ15 يوما. وفي هذا التوقيت تقريبا، أصدرت داعش أوامر تمنع الموظفين الأيزيدية والمسيحيين، علاوة على الأكراد، من العودة إلى وظائفهم الحكومية في الموصل، حسب ما قال اثنان من مسؤولي الحكومة الإقليميين وأحد القساوسة لـ هيومن رايتس ووتش.

وكان كافة التركمان والشبك تقريباً ـ البالغ عددهم بضعة آلاف من العائلات إجمالاً ـ قد فروا من تجمعاتهم السكانية قرب الموصل نتيجة لمداهمات داعش التي يقوم المقاتلون فيها بأسر رجال المنطقة ونهب المنازل ودور العبادة، كما قال سكان تلك القرى. قال قساوسة محليون إن العائلات المسيحية القليلة المتبقية في الموصل قد فرت كلها تقريبا.

قالت سارة ليا ويتسن، المديرة التنفيذية لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش: "على داعش أن توقف فورا حملتها الشرسة ضد الأقليات في الموصل وحولها. إن مجرد كونك من التركمان أو الشبك أو الأيزيدية أو المسيحيين في أراضي داعش قد يكلفك رزقك أو حريتك أو حتى حياتك".

قال ممثلون محليون للشبك والتركمان الشيعة لـ هيومن رايتس ووتش إنهم تلقوا تقارير من معارف سنيين تفيد بأن داعش قتلت العديد من الرجال الذين تم اعتقالهم. كما لجأت داعش في مرات عديدة إلى إعدام الأسرى الشيعة ميدانياً في العراق، فقامت على سبيل المثال بعملية قتل جماعي لجنود في تكريت، على بعد 180 كيلومتراً إلى الشمال من بغداد، بعد استيلائها على تلك المدينة في 11 يونيو/حزيران. وفي 16 يونيو/حزيران، قتلت الجماعة، بحسب تقارير، ما لا يقل عن 40 من الشيعة التركمان من بينهم أطفال في 4 تجمعات قرب مدينة كركوك، على بعد 100 كيلومتر جنوب شرق الموصل. 

قامت داعش أيضاً بتعذيب بعض محتجزيها، بحسب هيومن رايتس ووتش، ففي يونيو/حزيران أسرت داعش 28 من حرس الحدود الأيزيدية واحتجزتهم كرهائن مقابل فدية لمدد تصل إلى 25 يوماً. قال اثنان من هؤلاء الحرس لـ هيومن رايتس ووتش بعد الإفراج عنهم إن أفراد داعش ضربوا الأيزيدية مراراً بالبنادق والعصي، ووصفوهم بـ"الكفار".

بدأت داعش في منتصف يوليو/تموز بوضع علامات على ممتلكات الأقليات لتصنيفهم كمسيحيين، وشيعة شبك أو تركمان، وبدأت بفرض "الجزية" على التجار المسيحيين القليلين المتبقين، بحسب ما قال سكان مسيحيون وسلطات دينية لـ هيومن رايتس ووتش.

استولت الجماعة على مباني مطرانية الكلدان الكاثوليك وأسقفية الآشوريين الأرثوذكس في الموصل في 29 يونيو/حزيران، بحسب أقوال العديد من السكان والمسؤولين الحكوميين والزعماء الدينيين لـ هيومن رايتس ووتش. وقالوا أيضاً إن داعش خلعت أو هدمت ستة صروح دينية وثقافية في المدينة، ومنها تمثال لمريم العذراء وموقع مقبرة إسلامية. ودمرت داعش أو أتلفت ما لا يقل عن 13 حسينيات ومزارات شيعية في مناطق خارج الموصل بين 24 يونيو/حزيران و2 يوليو/تموز، بحسب قولهم.

تعمل بعض التفاسير المتشددة للإسلام على حظر تصوير الأشخاص أو الحيوانات من خلال التماثيل والفنون، أو التعبد في قبور الأولياء ـ وهي ممارسة شائعة في الإسلام الصوفي والشيعي ـ استناداً إلى ضرورة ألا يعبد المسلم سوى الله.

وقد تمكنت داعش، التي تشكلت في أبريل/نيسان 2013 والتي غيرت اسمها في 30 يونيو/حزيران إلى "الدولة الإسلامية"، من الاستيلاء على مساحات واسعة من سوريا والعراق مدعية أنها تقيم دولة للخلافة في المنطقة. وتعد داعش الأخيرة في سلسلة من الجماعات السنية المتطرفة التي هددت وقتلت على نحو ممنهج مسيحيي العراق الكلدان-الآشوريين، والشيعة الشبك والتركمان، والأيزيدية، مع وصفهم بالصليبيين والروافض وعبدة الشيطان على الترتيب.

ومسيحيو العراق هم  من الآشوريين، المعروفين بكنيسة الشرق، أو الكلدان، ، وهم الطقس الشرقي للكنيسة الكاثوليكية التي انفصلت عن الآشوريين. ويعتنق الأيزيدية الذين تربطهم صلة عرقية بالأكراد، ديانة عمرها 4000 عام تتمحور حول الطاووس ملك. ويتمتع الشبك بروابط عرقية مع الأكراد والأتراك والفرس، ويمثل الشيعة غالبيتهم والباقون من السنة. أما التركمان، المرتبطون عرقياً بالأتراك، فأغلبيتهم من السنة والباقون من الشيعة.

وقد تعرضت تلك الأقليات الدينية، المتركزة في سهول نينوى المحيطة بالموصل، للتهميش على مر التاريخ، وصار الكثير من تجمعاتهم السكانية الآن نقاطاً ملتهبة في معركة داعش ضد قوات الحكومة العراقية. قامت داعش وأسلافها من السنة المتطرفين باستهداف الشيعة من الشبك والتركمان.

وتحظر قوانين الحرب على كافة أطراف أي نزاع استهداف الممتلكات الدينية والثقافية والتاريخية أو تدميرها العمدي أو الاستيلاء عليها، بشرط عدم استخدامها لأغراض عسكرية. أما حرية الاعتقاد والديانة نفسها فهي حق إنساني أساسي، وبموجب القانون الدولي لا يجوز الانتقاص من ذلك الحق أو تعليقه جزئياً أو إبطاله في أوقات النزاع أو حالات الطوارئ. وبموجب قوانين الحرب يتعين احترام المعتقدات والممارسات الدينية للمدنيين وجميع المحتجزين. ويحظر التمييز على أساس الديانة حظراً تاماً.

ويمثل قتل المدنيين واتخاذ الرهائن وتعذيب المحتجزين وقتلهم، بمن فيهم المحاربون الأسرى، إضافة إلى أعمال النهب والسلب، تمثل كلها جرائم حرب.

قامت داعش أيضاً باستهداف أفراد قوات الشرطة والأمن العراقية، الذين ينتمي الكثيرون منهم إلى الطائفة الشيعية، "فاستتابتهم"، في مساجد محددة في الموصل ومدينة تلعفر القريبة، من ذنب اتباع قانون الدولة عوضاً عن الشريعة، وإلا واجهوا الموت. وتحت ذلك التهديد "تاب" المئات من مسؤولي وجنود الأمن، كما قال سكان محليون لـ هيومن رايتس ووتش. لكن أحد أقارب شرطي من الموصل قال لـ هيومن رايتس ووتش إنه فر بدلاً من هذا، بعد علمه بالعثور على جثتي اثنين من زملائه من ضباط الشرطة، وكلاهما من الشيعة، في أواخر يونيو/حزيران في الموصل، على الرغم من "توبتهما" قبل بضعة أيام.

في أواخر يونيو/حزيران وأوائل يوليو/تموز أسرت داعش 15-20 ضابطاً عسكرياً سنياً أو عضواً قيادياً في حزب البعث المحظور التابع للرئيس العراقي السابق صدام حسين، بحسب أقوال اثنين من مسؤولي الحكومة الإقليميين وثلاثة من النشطاء المحليين لـ هيومن رايتس ووتش. أفرجت داعش عن بعضهم إلا أنها احتجزت عشرات الآخرين من مسؤولي البعث والمسوؤلين العسكريين السابقين طوال ساعات بغرض الاستجواب، كما قال المسؤولان الإقليميان.

وضمت صفوف السنة المحتجزين اللواء وعد حنوش، الذي كان من كبار القادة في عهد صدام حسين، وسيف الدين المشهداني، القيادي البعثي الذي أدرجته الولايات المتحدة في قائمة العراقيين "المطلوبين" عقب قيامها في 2003 بغزو العراق، بحسب تقارير للمسؤولين ووكالة "رويترز" للأنباء.

ساند قادة البعث، العلمانيون إلى حد بعيد، وكذلك مسؤولون عسكريون سابقون في عهد صدام حسين، استيلاء داعش على الموصل في البداية، وساعد كثيرون منهم في الحد من انتهاكات الجماعة في المنطقة، بحسب أقوال العديد من مسؤولي حكومة المعارضة الإقليميين لـ هيومن رايتس ووتش. بل إن داعش أبلغت الأيزيدية والمسيحيين في البداية بأنهم "موضع ترحاب" في الموصل وليس لديهم "ما يخشونه" من داعش، كما قال أفراد من الطائفتين لـ هيومن رايتس ووتش. لكن انتهاكات الجماعة ـ رغم ارتكابها على نطاق أضيق مما ارتكبته  من انتهاكات في سوريا المجاورة ـ واعتقالها لقادة البعث منذ ذلك الحين توحي بشروخ في التحالف المحلي بين البعثيين وداعش.

قالت هيومن رايتس ووتش إن على داعش التوقف فوراً عن حملة الاختطاف والقتل والمصادرة أو التدمير لممتلكات الأقليات الدينية، وعلى السلطات السنية المحلية وكذلك أفراد الجماعات السنية المسلحة الأخرى المتحالفة مع داعش أن يضغطوا على الجماعة لوقف استهدافها للأقليات الدينية وتدنيس مقدساتهم.

قالت سارة ليا ويتسن: "تبدو داعش عازمة على محو أي أثر للأقليات في المناطق التي تسيطر عليها حالياً في العراق. لكن مهما حاول قادتها ومقاتلوها تبرير تلك الأفعال الشنيعة بصبغها بالوازع الديني إلا أنها لا تختلف في شيء عن حكم الإرهاب".

 





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 8 | 7:17 ص

      .

      لعنة الله على داعش...

    • زائر 6 | 6:54 ص

      ما حال الأمة...

      حالنا مبكي.. متى الفرج!!

    • زائر 5 | 6:12 ص

      نشرو الفساد والدمار

      جاحش نشرو الفساد و الدمار في بلاد المسلمين اي ديناً هذا ، ياويلكم يالخواج من المقاومة سوف تسحقكم سحقاً.....

    • زائر 4 | 6:12 ص

      هههه عاد السعودية خط احمر حدك لا اتجيبها ع اللسانك

      واش قال الجيش العراقي .. قصدك الفئران .. الحمدلله الله بارك فيكم واطهرو الارض من الشرك والمشركين .. الحمدلله الدعوه استجابت سوريا لبنان العراق .. والجاي الفرس ان شاء الله ... الله اكبر

    • زائر 3 | 5:42 ص

      الجميع

      الجميع من ينتمون لهذا المذهب نلاقيهم اما من تنظيم القاعده او داعش ولايختلف احد على انهم سفاحين وقتله ولادين ولامذهب

    • زائر 2 | 4:37 ص

      هذه هي دولة الاسلام

      فاين الاقليات الدينية التي كانت تعيش في السعودية مثل اليهود و المسيح؟!؟! اما قتلوهم او هجروهم بدايه نشوء الخلافه في الحجاز

    • زائر 7 زائر 2 | 6:57 ص

      وين الاكثرية

      وين الاكثرية ؟ انت في عصر الانترنت والتكنلوجيا ما تقدر اتدرس الف اشلون انتشر الاسلام لعدة دول في اقل من اربعين سنة

    • زائر 1 | 4:09 ص

      الصرخي

      ياويلكم من الي جاى سوف يدمركم الجيش العراقي
      انتم ومن مولكم من جيران العراق

اقرأ ايضاً