العدد 4351 - الثلثاء 05 أغسطس 2014م الموافق 09 شوال 1435هـ

ثقافة تبرير الأخطاء

منصور الجمري editor [at] alwasatnews.com

رئيس التحرير

الأحداث التي تجري من حولنا تطرح تحديات دينية وثقافية، ولأن منطقتنا أصبحت من أكثر المناطق التي تعاني من القمع والتمييز بين الناس فقد نشأت ثقافة لتبرير ذلك. مثلاً، عندما يتكلم المرء عن بعض الممارسات الخاطئة في بلاده، فإن هناك من يرد عليه بأن مثل هذه الممارسات التي يتحدث عنها موجودة في بلد آخر، وأن المشتكي «ربما يؤيد» سياسة البلاد الأخرى، ولذا فإن عليه أن يصمت إذا طبقت عليه السياسة ذاتها في بلاده. هذا المنطق غير صحيح من عدة أوجه، لأنه يفترض عدة أمور ربما لا تكون صحيحة، وفي نهاية الأمر فإن الخطأ يبقى خطأ أينما حدث ومتى ما حدث.

بعض البلدان تبتلى بأمور أخرى، مثلاً تجد ظاهرة التحرش والاعتداء على النساء تنتشر في بلدان كانت تعتبر أبعد ما يكون عن ذلك من ناحية تاريخهم المعتدل والمنفتح، ولربما تسمع بعض من يعتبرون أنفسهم رجالاً في تلك البلدان يتهمون النساء اللاتي يتعرضن للتحرش بأنهن السبب، وتسمع حججاً زائفة لتبرير استمرار هذه السلوكيات الشائنة، والتي بسببها تتحول الممارسات غير الأخلاقية - في بلدان عرفت بأنها مهذبة تاريخياً - إلى ممارسات عادية وكأنها جزء لا يتجزأ من الواقع.

إن المجتمعات التي تنتعش فيها ثقافة تبرير الأخطاء تنتشر فيها جميع أنواع الممارسات التعسفية والقمعية وغير الأخلاقية، وترى الممارسين لذلك يتبنون رؤية أحادية وأنانية للحياة، ويرى هؤلاء أن خياراتهم وممارساتهم صحيحة ومبررة، والأخطر من ذلك أن بعضهم يعتبر تلك الممارسات جزءاً من عاداتهم وتقاليدهم وتراثهم ومكتسباتهم الخاصة بهم. إن هذه الثقافة باختصار تنظر إلى البلاد والعباد مجرد غنائم وأهداف مشروعة يجب الاستحواذ عليها أو النيل منها، وهؤلاء يعتقدون أنهم في حال لم يفعلوا ذلك فإن الضحايا الحاليين سيقومون بالأمر ذاته ضدهم وسيحوّلونهم إلى غنائم. إنه منطق أعوج وبائس يُستخدم لتبرير ممارسات لا تمُتُّ إلى الإنسانية بصلة.

إن المجتمعات التي تقبل بهذه الثقافة ترفض مبادئ وأسس حقوق الإنسان، التي تقول بأننا جميعاً بشر متساوون من حيث الكرامة والقيمة وأننا نتقاسم الاحتياجات الأساسية ونستحق نفس الاحترام ونفس النظرة. كما أن المجتمعات التي تقبل بالأعذار المطروحة لتبرير الخطأ تنتهي من الناحية المعنوية، وذلك كما قال أحمد شوقي «وإنما الأمم الأخلاق ما بقيت فإن همُ ذهبت أخلاقهم ذهبوا».

إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"

العدد 4351 - الثلثاء 05 أغسطس 2014م الموافق 09 شوال 1435هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 9 | 1:09 م

      التحرش في النساء و اغتصابهن و المطلوب تغليظ العقوبات... ام محمود

      تاريخيا لم يحدث اعتداءات و تحرشات و اغتصابات للنساء في مصر و سوريا و العراق و ... مثل ما حصل في السنوات الثلاث الماضية و انه لشيء مخجل و يندي له الجبين خاصة اذا حدث امام الاخوان و الأزواج و يتم التخلص من الضحية احيانا هناك تبريرات منها ملابس المرأة العارية و الأفلام الإباحية و لكني من يومين كنت أشاهد احدى القنوات الفضائية المصرية و سألت المذيعة احدى ناشطات حقوق الانسان عن اسباب التحرش قالت ان مصر في المرتبة الاولى في التحرش و ان جميع النساء تعرضن له و السبب هو ظهور الثعابين على السطح بعد الثورة

    • زائر 8 | 12:59 م

      يقولون الاخلاق صارت صفر بعد الثورات ... ام محمود

      تبرير الأخطاء و السلوكيات الشائنة اصبحت من سمات زماننا حتى ان البعض راضي عن ما تفعله داعش في سوريا و العراق مثلا احدهم كتب تعليق في جريدتكم بعد نشر خبر عن نكاح الجهاد في الموصل و الطلب من النساء الراغبات تسجيل أسمائهن و عناونينهن وقال انه للستر على المطلقات و الأرامل و كتب البعض تبريرات للقتل المستمر بانه ضروري لوقف المد الصفوي و التدخل الايراني و البعض دافع عن اسرائيل في حربها الظالمة على غزة في شهر رمضان و قال انه لوقف الارهابيين من حركة حماس و لوقف اطلاق الصواريخ على المدن الاسرائيلية

    • زائر 7 | 11:27 ص

      لا ينصلح

      لا ينصلح حال اي مجتمع إللا إذا احترم كل واحد منا الآخر وسمحنا لمكونات المجتمع ان تمارس عقيدتها كم تعودوا عليها
      ويكون هناك عدل ومساواة وتطبيق القانون على الجميع دون تمييز

    • زائر 6 | 4:34 ص

      الدول

      الدول الاسلاميه لن ينصلح حالها الى بتطبيق شرع الله وتطبيق احاديث الرسول وال بيته عليهم افضل الصلاة والسلام والى داهبه الى الدمار المشتكى لله

    • زائر 5 | 2:59 ص

      أسوأها التبرير باسم الدين

      مقالك يا دكتور يذكرني بما حدث بإحدى الدول العربية عندما نصبت نقاط التفتيش الطائفية حيث المعاملة على الهوية، ضرب إهانات سرقة ممتلكات، قرأت في إحدى المنتديات تبرير لذلك وهو أن المستهدفين ليسوا مسلمين وهذا ما فعله الرسول وصحابته بالمشركين في غزواته حيث استحل مالهم وحرماتهم وهذه مصيبة كبرى في فهم الدين وتشويه كبير لنبي الرحمة وهذا منطق الدواعش في سوريا والعراق ثم أنهم ما إن تناقشهم يردوا عليك (في إيران أخس من جذي) ما لنا ومالهم تقتلني وتقارنني بقتلى إيران، إن كنت تعتبره خطأ فلماذا تطبقه على غيرك!

    • زائر 4 | 2:29 ص

      مرضى المصالح والعقد الشخصية

      احدى الكاتبات المهلوسات المسكونة بالتحريض والقذف لا تسمع منها كلمه ضد التمييز والانتقائية في الديمقراطية وتطبيق القانون والعدالة الاجتماعية والمساوة على أسس القوانين الانسانية وإنما وقاحتها تتمادى للتعرض بالأسماء لأشخاص لا يهتمون أصلا لما تطرحه لانه قائم على التكسب المادي فلذلك يفتقد للمصداقية فيجعلها ذلك مثل المرجل تغلي من الغيض فتتمادى حتى تتفجر شرايينها من الحقران فلا يبقى منها غير التهريج والوقاحة

    • زائر 3 | 2:21 ص

      علي

      ليش ما تسمي الأشياء بمسمياتها يا دكتور

    • زائر 2 | 12:05 ص

      6

      المشكلة الكبرى دكتور .. وللاسف هذا المنطق الاعوج يصدر في كثير من الاحيان ... من رجالات يفترض تعنيهم مصلحة الوطن والعباد .. بالدرجة الاولى .. عندما العقل يقول بان البلد ما عاد يتحمل الحكم من طرف واحد لابد ..من تدخل الارادة الشعبية .. خذ التبريرات الخاطئة ... هويتنا لاتسمح .. ولدينا خصوصية ... او شعب البحرين يحتاج وقت طويل على الديمقراطية .. وعندما تاتي على ذكر سوريا الوضع هناك يختلف .. المسالة مصالح هنا وهناك .. على حساب الوطن والمواطن الجريح .

اقرأ ايضاً