العدد 4351 - الثلثاء 05 أغسطس 2014م الموافق 09 شوال 1435هـ

التحالف الأميركي الإسرائيلي... هزيمة العرب ليست قدراً

عبدالنبي العكري comments [at] alwasatnews.com

ناشط حقوقي

في كل مرة تشن فيها «إسرائيل» حرباً على الفلسطينيين والعرب، يثار التساؤل المزمن: لماذا تقف أميركا بالمطلق إلى جانب «إسرائيل» المعتدية إلى حد أنها شريك فعلي في العدوان من خلال الدعم العسكري والاستخباراتي والاقتصادي لـ «إسرائيل» في زمن السلم القلق والحروب المتكررة؟

لماذا تسمح أميركا للأميركيين المزدوجي الجنسية، الأميركية الإسرائيلية، بالقتال في صفوف الجيش الإسرائيلي في حروبه المتكررة ضد الفلسطينيين والعرب، في حين يحرم القانون الأميركي تطوع الأميركيين في الجيوش الأجنبية حتى الصديقة منها، وتستثنى «إسرائيل»؟

لماذا تسمح الولايات المتحدة لـ «إسرائيل» أن تغرف من احتياطي الأسلحة الأميركية، حتى من دون أمر رئاسي أو موافقة الكونغرس، وهو ما لا يحدث حتى مع حلفائها في حلف الأطلسي؟ ولماذا تسارع أميركا في كل حروب «إسرائيل»، بأن تفتح لها ترسانتها العسكرية لتعوض منها خسائرها في حروبها العدوانية، بل إنها تسارع لإرسال الأسلحة الأكثر تطوراً في ترسانتها الحربية، كما حدث في حرب أكتوبر المجيدة 1973؟

لماذا «إسرائيل» وحدها دون سائر حلفاء أميركا، تحصل على التمويل والتكنولوجيا لتطوير أسلحتها مثل صاروخ السهم، والقبة الحديدية التي ذاع صيتها في الحرب الحالية ضد غزة فلسطين، بل إنها تعهدت لشراء الأسلحة الإسرائيلية التي تم تطويرها بمساهمة أميركية؟

لماذا؟ ولماذا؟ ولماذا؟ أسئلة محيرة، وفي كل مرة يلجأ البعض إلى التبرير بمختلف الحجج، ومنها القول إننا محامون سيئون لأعدل قضية، وإننا فاشلون في خلق لوبي عربي خلافاً لنجاح اللوبي الإسرائيلي، أو إننا لا نفهم العقلية الأميركية وطريقة الوصول إليها لإقناعها في تغيير نهجها. كل ذلك صحيح وغيره من الأسباب، ولكن باعتقادي أن العلة فينا بالتأكيد. أميركا سبق أن أسفرت العداء لأمم أخرى ودعمت دولاً في مواجهة الدول الأم حسب قاعدة «عدو عدوي صديقي»، فقد دعمت تايوان في مواجهة الصين الشعبية، ودعمت النظام العنصري في جنوب إفريقيا في مواجهة حركة التحرر الإفريقية، بل ودعمت دولاً عربية محافظة في وجه حركة التحرر والنهوض العربية التي قادها الزعيم القومي العربي جمال عبدالناصر، لكن وفي حالتي الصين وجنوب إفريقيا تراجعت أميركا عن مواقفها، عندما تغيّرت المعطيات على الأرض، وها هي تتمتع بعلاقات استراتيجية مع الصين الشعبية، وهمشت علاقاتها مع تايوان إلى الحدود المقبولة لدى الصين التي تريد الاحتفاظ بوجود تايوان لأهداف استراتيجية.

بالطبع فالعلاقات الأميركية الإسرائيلية أعقد بكثير من كل ما ذكرنا، و»إسرائيل» ليست قضية خارجية أميركية، بل هي في صلب السياسة الداخلية. وتختلف الإدارات الأميركية والأحزاب الأميركية والنخب الأميركية، في كثير من القضايا والبرامج والمواقف، لكن الثابت هو التحالف الأبدي مع «إسرائيل»، بغضّ النظر عن النتائج السياسية والاقتصادية والأخلاقية.

لماذا؟ باعتقادي هناك سببان أحدهما في البنية الأميركية والثاني في العربية. الصهيونية مكون أساسي لدى قطاع واسع في فكر الأميركيين، العلمانيين والمسيحيين التبشيريين، وهذا ينعكس في النتاج الفكري والأدبي والفني الأميركي، وبالطبع يؤثر على الرأي العام والمواطنين العاديين، خصوصاً أن الأميركي العادي بطبعه يميل إلى الاستمتاع بحياته بعيداً عن التفكير في هموم الآخرين. وحده البروفيسور نعوم تشومسكي، يقف وحيداً مع نفر قليل، معاكساً للتيار، ومتصدياً للصهيونية والرأسمالية الأميركية في تداخلهما وتحالفهما الذي لا ينفك، والذي هو ممنوع من دخول «إسرائيل» و»فلسطين المحتلة»، وهو الأكاديمي اليهودي اللامع.

والصهاينة ومؤيّدو «إسرائيل» حتى من العلمانيين والإسرائيليين مزدوجي الجنسية وهم بالملايين في أميركا، يتحكمون في مفاصل الحياة السياسية والاقتصادية والأكاديمية والإعلامية والثقافية الأميركية. إنهم عصب النخب الأميركية، ويوجهونها لصالح الصهيونية وصالح «إسرائيل»، وإن المصلحة القومية الأميركية هي بالضرورة مصلحة قومية إسرائيلية متلازمتان. هناك استثناء في حكم الرؤساء الأميركيين، وهو الرئيس آيزنهاور الذي وقف ضد العدوان الثلاثي البريطاني الفرنسي الإسرائيلي في نوفمبر/ تشرين الثاني 1956 وضغط من أجل الانسحاب، ولكن مقابل حق السفن الإسرائيلية بالمرور عبر خليج العقبة.

أي رئيس أميركي حاول تمييز المصلحة الأميركية عن المصلحة الإسرائيلية وحاول أن يكون منصفاً جرى إنهاؤه سياسياً؛ حدث هذا مع نيكسون، وحدث مع كلينتون؛ من هنا فتقديم الولاء للوبي الإسرائيلي ممثلاً بمؤتمر «إيباك» السنوي هو فرض واجب على كل مرشح للرئاسة أو رئيس يريد التجديد أو المحافظة على تفوق حزبه.

الجانب الآخر للمشكلة يتمثل فينا نحن العرب. لم يحدث في تاريخنا أو تاريخ غيرنا من الأمم، لا في السابق ولا الآن، أن انتصرت أمّة متناحرة على عدو مشترك؛ لم ينتصر العرب المسلمون ضد المغول إلا بعد أن توحّدوا تحت راية قطز، ولم ينتصروا على الصليبيين إلا بعد أن توحّدوا تحت راية القائد صلاح الدين الأيوبي. قد لا تكون هذه وحدة كاملة شاملة، لكنها وحدة جمعت أقوى الأطراف العربية حينها: مصر والشام وأحياناً العراق. كيف إذاً نريد أن نواجه «إسرائيل» وننتصر عليها وننتزع حقنا ونسترجع فلسطين والأراضي العربية الأخرى ونحن نعيش أسوأ حالات الاحتراب والانقسام، والتآمر على بعضنا، بل إن دولاً عربية تكيد ضد دول عربية لدى أميركا، وعندما تزعل إحدى الدول العربية مع أميركا، تسارع دولة أخرى لاسترضائها بالقواعد أو صفقات السلاح أو غيرها من الامتيازات حيث تتسارع الدول العربية رغم غلوّها في تقديم الامتيازات لأميركا وعلى حساب الأمن القومي والمصلحة الوطنية.

نحن نملك أقوى سلاح وهو سلاح النفط، لكنه رهينة بيد أميركا. استعملناه مرة واحدة فقط بعد حرب أكتوبر 1973 وثبت فعاليته، لكننا تراجعنا عنه، بمزيجٍ من الوعود والتهديدات، وبطلبٍ من الرئيس المصري السابق أنور السادات لتسهيل الوساطة الأميركية التي قادها الصهيوني هنري كيسنجر.

هل هناك من فكاكٍ من هذا الوضع؟ نعم بانتصارات جزئية تحققها المقاومة في لبنان وفلسطين، رغم الخسائر الباهظة، لتثبت أن هذا العدو الأسطوري يمكن أن يُكسر.

نعم، يمكن ذلك إذا ما تغيّرت أوضاعنا الشاذة، حيث نحن في احترابٍ مع بعضنا البعض، ومشغولون ببعضنا البعض، ويعتبر الواحد منا أن أخاه العربي هو العدو، بينما الإسرائيلي صديق أو مشروع صديق، وتخلصنا من وهم إمكانية تحييد أميركا.

قضيتنا عادلة، والدليل استنفار العالم في دعمها في أوقات الحروب والأزمات، ففلسطين هي ضمير العالم، و»إسرائيل» عدو البشرية جمعاء. وحتى تتغيّر المعادلة، مطلوبٌ من الشعوب العربية ونخبها المخلصة أن لا تيأس. عليها أن تغيّر أوضاعها جذرياً، لأن هذه الشعوب تستحق أنظمة سياسية أفضل، غير المعروض عليها من استبداد أو تكفير. تستحق هذه الشعوب أنظمة تليق بها وتنتظم في منظومة استعادة الحقوق العربية من غاصبيها وفي مقدمتها فلسطين.

إقرأ أيضا لـ "عبدالنبي العكري"

العدد 4351 - الثلثاء 05 أغسطس 2014م الموافق 09 شوال 1435هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 3 | 4:42 م

      زائر

      لا يغير الله بأمه الا انً يغيروا ما بأنفسهم

    • زائر 2 | 9:05 ص

      ماذا عن التحالف الامريكي الإيراني ؟

      ماذا عن التحالف الامريكي الإيراني الذي دمر العراق يا عبدالنبي الم يحرك فيك شيء؟ ام ان اذا الموضوع فيه ايران لا تستطيع الكلام؟

    • زائر 1 | 12:01 ص

      العرب والعروبه

      فلسطين قضية كل انسان مسلم مسيحي يهودي لان يجب النظر اليه من ناحيه الانسانيه قبل ان تكون عربيه لان مهد الاديان السماويه وفلسطين لكل المسلمينولكل البشر

اقرأ ايضاً