واشنطن - آي بي إس
لاتزال مساحة الأراضي المعتمدة كأراضٍ عضوية لا تزيد على 0.9 في المئة من إجمالي الأراضي الزراعية في العالم، بما يعادل مجرد 37 مليون هكتار، وذلك على رغم الطلب المتزايد في مختلف أنحاء العالم على الأغذية والأقمشة وغيرها من المنتجات العضوية.
ويحدث ذلك على رغم أن الزراعة العضوية توفر العديد من الفوائد، بما في ذلك خفض تعرض الإنسان للمواد الكيميائية السامة، وتحسين أحوال الأراضي، وزيادة هوامش ربح المزارعين.
وكانت البلدان التي تعتبر منتجة معتمدة للمواد العضوية عام 2010 هي الهند (بمجموع 400,551 مزارع)، وأوغندا (188,625 مزارع)، والمكسيك (128,826 مزارع). وكانت أوروبا هي المنطقة التي أضافت أكثر الأراضي الزراعية العضوية بين عامي 2009 و2010.
وبشكل عام، انخفض حجم الأراضي المزروعة عضوياً في جميع أنحاء العالم بنسبة 0.1 في المئة بين عامي 2009 و2010، ويرجع ذلك إلى حد كبير لانخفاض مساحة الأراضي العضوية بالهند والصين. ومع ذلك، نمت الأراضي الزراعية العضوية بأكثر من ثلاثة أضعاف منذ عام 1999.
وكانت الحركة الحديثة التي تبنت الزراعة العضوية قد ظهرت في فترة الخمسينات والستينات كرد فعل على مخاوف المستهلكين من الاستخدام المتزايد للكيماويات الزراعية. ومن المعروف أن فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية وخلال فترة الخمسينات قد اشتهرت بكونها «العصر الذهبي للمبيدات».
لكن عندما بدأ فهم التأثيرات الصحية والبيئية السلبية للمواد الكيميائية الزراعية، بدأت الحكومات بتنظيم استخدامها، وبدأ المستهلكون يطالبون بالأطعمة العضوية المعتمدة. هكذا، نجد أنه منذ عام 2010 بلغت مبيعات الأغذية العضوية 59 مليار دولار أميركي.
وعلى رغم أن متطلبات الاعتماد تختلف بحسب كل منظمة مشرفة على إصدار تراخيص الاعتماد، إلا أن الزراعة العضوية تنطوي على اتباع مبادئ إيكولوجية معينة، مثل إضافة نشارة الخشب إلى الأرض أو تناوب المحاصيل التي تزرع في حقول معينة.
كما تحظر الزراعة العضوية استخدام المواد الكيميائية الاصطناعية، مثل الأسمدة ومبيدات الأعشاب والمبيدات الحشرية ومبيدات الفطريات.
وبالمقارنة مع الوسائل التقليدية في الزراعة، نجد أن الزراعة العضوية هي صحية جداً لنظام المزرعة الإيكولوجي المتكامل: فهي تقوي التنوع البيولوجي على مستوى المزرعة، وتحمي الممرات المائية القريبة من التلوث الكيميائي، وتساعد التربة على الاحتفاظ بالماء والمغذيات، وتحسن القدرة على التكيف مع الجفاف وغيره من أنماط الطقس القاسية.
كما أنها تقلل من تعرض الإنسان لمواد كيماوية أو مخلفات سامة، والتي ترتبط بمجموعة متنوعة من الأمراض.
وقد أجرى معهد رودل، وهو منظمة للبحوث العضوية وحشد التأييد في الولايات المتحدة، دراسة مقارنة للزراعة العضوية مقابل الزراعة التقليدية منذ عام 1981.
وركزت الدراسة على الذرة وفول الصويا، وهي الحبوب التي تعتبر للولايات المتحدة المنتجة الأولي والثانية لها العالم على التوالي.
ووجدت الدراسة أن الزراعة العضوية تتفوق على الزراعة التقليدية في العديد من المستويات. فعلى مدى أكثر من 30 عاماً، تمكن إنتاج المحاصيل العضوية من أن يعادل المحاصيل التقليدية، بما في ذلك الإنتاج الأعلى بنسبة 31 في المئة في أوقات الجفاف المعتدل.
كذلك فتحتفظ التربة العضوية بالمزيد من الكربون، والميكروبات والمياه، وبينت الدراسة أن النظم العضوية أكثر ربحية بثلاث مرات عن النظم التقليدية، فبلغ متوسط العائد الصافي لإنتاجها 558 دولاراً للفدان سنوياً مقارنة بـ 190 دولاراً للنظم التقليدية.
كما أن الحقول العضوية أنتجت ما يقرب من 40 في المئة أقل من غازات الدفيئة المنبعثة لكل رطل من المحاصيل.
إلا أن هناك نقصاً في البيانات الموثوق بها للأراضي التي تزرع وفقاً للأسس العضوية ولكن لم يتم اعتمادها رسمياً.
وتفيد تقارير منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة بأن غالبية المزارعين من أصحاب الحيازات الصغيرة لاتزال تزرع الأرض بأساليب عضوية كأمر معتاد، إما لأنهم لم يدخلوا المواد الكيميائية، أو بسبب نظامهم الزراعي الذي لا يتطلب مدخلات كيميائية.
وفي العقود الأخيرة، أدت المنتجات العضوية المعتمدة إلى خلق سوق متخصصة، ما سمح للمزارعين بكسب أرباح أعلى من المنتجات التقليدية، وخاصة عند بيعها لمحلات «السوبرماركت» أو المطاعم.
وقد وجد المزارعون في البلدان النامية أيضاً أن منتجاتهم ستحصل على سعر أعلى إذا تم تصديرها إلى الأسواق الدولية التي تحقق المزيد من الربح.
ومع ذلك، فإن تكاليف الامتثال للمعايير الدولية للزراعة العضوية كثيراً ما تجبر المزارعين على الحد من التنوع على مستوى المزرعة وزيادة الإنتاج «للمحاصيل النقدية» القليلة مثل البن والقطن والكاكاو.
ولذلك يمكن للزراعة العضوية المعتمدة أن تتسبب في بعض المشاكل الإيكولوجية التي تسببها الزراعة التقليدية.
لذا، قد يختار المزارعون تجنب إصدار الشهادات لأنهم يعتقدون أن التكاليف أو اللوائح المتعلقة بالاعتماد تعيق عملهم، وأن عملاءهم يثقون بما يقومون به من زراعة للمحاصيل الغذائية بشكل صحي وآمن.
ويتزايد كون هذا الخيار ممكناً مع انتشار أسواق المزارعين والزراعة المدعومة من المجتمعات المحلية في جميع أنحاء العالم.
فإنتاج الغذاء على نحو مستدام - بما يتضمن الزراعة من دون مواد كيميائية كلما كان ذلك ممكناً - سيكون مهماً جداً في العقود المقبلة، وذلك مع تزايد أعداد سكان العالم المستمر ومع تزايد تأثيرات التغيير المناخي على نوعية الأراضي في جميع أنحاء العالم.
فالزراعة العضوية لديها القدرة على المساهمة في تحقيق الأمن الغذائي، وتحسين دخل المزارعين بشكل كبير، وتعزيز التنوع البيولوجي والحد من ضعف النظم الإيكولوجية أمام تغيرات المناخ.
لكن من المهم أيضاً أن تشكل الزراعة العضوية جزءاً من النظام الغذائي العالمي الأكثر استدامة - حيث يتمكن المستهلكون ذوو الدخل المنخفض من تحمل كلفة الأطعمة الطازجة والمغذية.
كم يمكن للمزارعين بموجبها حماية النباتات المهددة وأنواع الحيوانات التي قد لا تكون الأكثر إنتاجية لكن يمكنها تحمل درجات الحرارة القصوى أو الجفاف، وأيضاً حيث تقوم محلات «السوبرماركت» والمعلنون بالترويج لاستهلاك الأطعمة الصحية بدلاً من الأطعمة الجاهزة.
*لورا رينولدز باحثة بمعهد وورلد واتش وبرنامج الزراعة.
العدد 4360 - الخميس 14 أغسطس 2014م الموافق 18 شوال 1435هـ