العدد 4369 - السبت 23 أغسطس 2014م الموافق 27 شوال 1435هـ

الواقع المخادع والأغلبية العددية

جميل المحاري jameel.almahari [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

لو أن السلطة في البحرين قد تعاملت مع ملف المطالب المحقة للمواطنين منذ بدء المشروع الإصلاحي بالشكل الذي يضمن تحقيق أعلى قدر ممكن من هذه المطالب، وبصورة عادلة، لما وصلنا إلى هذا المأزق الذي لم يكن إلا نتيجة حتمية لمحاولة فرض واقع خادع، مغلف من الخارج بأجمل أوراق السوليفان وخيوط الحرير، لكنه مشوه من الداخل بصورة كبيرة لا يمكن القبول بها.

الكثيرون يتغنون بدولة المؤسسات والقانون، مع أن ذلك مبنيٌّ على استراتيجية واضحة ظلت ومازالت السلطة تتخذ منها طريقاً لحل جميع الخلافات، من خلال تشكيل مؤسسات تطغي عليها الأكثرية الموالية على حساب باقي مكوّنات الشعب.

ذلك ما بدأت به السلطة منذ تشكيل اللجنة الوطنية العليا

لإعداد مشروع ميثاق العمل الوطني في نوفمبر/ تشرين الثاني من العام 2000، والتي كانت مهمتها الأساسية مناقشة المسودة التي طرحتها الحكومة لميثاق العمل الوطني. تشكيلة هذه اللجنة اعتمدت على الأغلبية الموالية حيث ضمّت 44 عضواً أغلبهم من الوزراء والموظفين الحكوميين وأعضاء من مجلس الشورى، مع عدد قليل من أعضاء بعض الجمعيات المهنية والأهلية وبعض أساتذة الجامعات.

مثل هذه التشكيلة لابد أن تصطدم مع الطرح الموضوعي والمخالف للرأي الحكومي في عدد من المسائل المحورية، ولذلك انسحب أربعة أعضاء من المستقلين من هذه اللجنة بعد أن وجدوا أن آراءهم وأطروحاتهم لا يمكن تمريرها أو حتى مناقشتها، حيث يذكر المحامي حسن رضي في تعليقه على موضوع الانسحاب: «منذ أول محضر اجتماع، رفضنا المسودة الموجودة والمعدّة سلفاً، لم نر ردود فعل، لكن بعض العناصر تمرّدت. رأيت مع مجموعة من الزملاء أن المسودة غير سليمة قانونياً، وأن التوجه غير صحيح، قرّرنا أن نستقيل. كنا ستة. اثنان سحبا استقالتهما بعد الضغط، وبقينا أربعة: أنا وعلي الأيوبي وعبد الله الشملاوي وعبد العزيز أبل. رأينا وقائع أمامنا تثبت أن هناك أموراً تُنجز خارج اللجنة وتأتينا جاهزة. رفضنا ذلك، طالبنا أن نصيغ المسودة مجتمعين. رُفض طلبنا، أصرّوا على مناقشة المسودة الموجودة فكانت استقالتنا».

مثل هذا الأمر سيتكرّر كثيراً، أو فلنقل أن هذا الأمر هو ما تم التمسك به في جميع مناحي الحياة السياسية في البحرين، حيث تم بعد التصويت على الميثاق، سحب وعود السلطة بأن يكون مجلس الشورى مجرد لإبداء الرأي والمشورة، وتم تقسيم الدوائر الانتخابية بحيث تضمن السلطة أغلبية موالية، كما انسحب هذا الأمر بعد أحداث فبراير 2011 على جميع المؤسسات الأهلية والنقابية، وتزوير إرادتها عن طريق تعيين أو إيصال مجالس إدارات موالية.

ولهذا السبب بالذات فشلت جميع المحاولات التي بذلت في سبيل إيجاد حوار توافق وطني يخرج البحرين من هذا المأزق، بسبب اعتماد الإستراتيجية العددية للتحكم بمخرجات الحوار حتى قبل البدء فيه، ومثل هذه الاستراتيجية لا يمكن أن تمر على الشعب البحريني بعد أن جرّبها كثيراً.

إقرأ أيضا لـ "جميل المحاري"

العدد 4369 - السبت 23 أغسطس 2014م الموافق 27 شوال 1435هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 3 | 5:53 ص

      الى

      ... الضربه القاسيه على الشعب فى تغيير كم ماده مهمة فى الدستور والى يضحك اكثر انهم امدام يعطون الشعب حقه قامو وجنسو الاف من الاجانب ومدهم بلفلوس مو الشعب اولا هادى تسمى سياسة هاده ظلم لهادا خرج الشعب الى الشوارع لطلب حقه ...

    • زائر 2 | 3:26 ص

      لو وألف لو، لا تنفع والسلطة لم تكن في يوم تفكر في اعتبارنا شعبا له حقوق

      قال عمر المختار رحمه الله للاستعمار الايطالي لم تكونوا تريدون السلم وانما تريدون الوقت وهذا واقع ما خططت وتخطط له السلطة اذ لم تكن في وارد ان تتصالح مع شعبها وتعطيه شيء من حقوقه

    • زائر 1 | 3:06 ص

      سلطة ولي الأمر

      لا أريكم الا ما أرى ولا اهديكم الا سبيل الرشاد. اصبح ولي الامر فوق الشعب والآن فوق الله وهذا فكر الفاتح والسلفية عندنا.

اقرأ ايضاً