العدد 4370 - الأحد 24 أغسطس 2014م الموافق 28 شوال 1435هـ

«داعش»... الحاجة إلى تحالف دولي

جو بايدن

نائب رئيس الولايات المتحدة

من الممكن قهر «داعش»؛ حيث أن معظم العراقيين يرفضون آيديولوجيته. إنه يفرض أوامره على أساس الخوف وليس القبول؛ حيث دمّر الأماكن الدينية القديمة، واستعبد النساء، وأعدم العديد من السُنة الذين يزعم أنه يدافع عنهم.

تمكنت الجماعة الإرهابية – المعروفة داخل الحكومة الأميركية باسم الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش) - على مدى الأشهر الأخيرة، من السيطرة على مناطق شاسعة في العراق، مستغلةً الانقسامات الطائفية وأزمة عدم الثقة السياسية التي استنزفت قوات الأمن العراقية. تسعى «داعش» إلى تمزيق العراق إرباً في سبيل سعيها لإنشاء دولة الخلافة، بيد أن الطوائف العراقية بدأت تتوحد من أجل التصدي لهذا التنظيم.

ونظراً لقيام أكثر من 13 مليون عراقي بالإدلاء بأصواتهم في الانتخابات البرلمانية التي انعقدت في أبريل/ نيسان رغم تهديدات تنظيم الدولة الإسلامية بقتل أي شخص يُدلي بصوته، تمكّن العراق من تشكيل برلمان جديد، واختيار رئيس له، جنباً إلى جنب تعيين رئيس الوزراء الجديد حيدر العبادي وتكليفه بتشكيل حكومة جديدة.

هناك مغزى وراء هذه الخطوات المتخذة، لأنها توضح أن العراقيين بدأوا يدركون أنه يتعين عليهم تنحية خلافاتهم جانباً، وبالتالي يتمكنون من توحيد بلادهم، وإلحاق الهزيمة بـ «داعش».

لا تفاوض مع هذا التنظيم. لقد رأينا جرائم القتل المروعة التي ارتكبوها بحق الصحافي الأميركي جيمس فولي، وغيره عدد لا يحصى من الأبرياء، ورأينا مدى وحشيتهم وتعصبهم.

ولكن حتى في حال عدم وجود «داعش»، لايزال بقاء العراق يعتمد على قدرة العراقيين على تنحية خلافاتهم جانباً. لايزال يعتمد أمن العراق على معالجة الشعور بالغربة الذي يؤجج الحركات المتطرفة، وإقناع العراقيين أنه يمكن تلبية مطالبهم من خلال العملية السياسية وليس من خلال اللجوء لأعمال العنف.

وقد تحدث الرئيس أوباما، على مدى الأسابيع القليلة الماضية، مع العبادي، كما قمتُ بالتحدث مع كل من القادة العراقيين القادمين والمغادرين. وأدركنا أنهم يسلمون بضرورة إنهاء سنوات الجمود السياسي والخلافات؛ حيث كتب العبادي منذ بضعة أيام الآتي: «نحن نواجه تحديات هائلة، ولكننا سنتغلب عليها بتوحدنا. قد تواجهنا في الطليعة عواصف شديدة، ولكننا سنواجهها معا كأمة واحدة».

نجاح العراق سيتطلب تسوية حقيقية من جانب كافة الأطراف، وتشكيل حكومة جديدة في بغداد تكون قادرة على تلبية مطالب كافة الطوائف العراقية. وبالطبع يتوق العراقيون إلى تحقيق ذلك. وإذا لم يستطع العراق القيام بذلك، فلن تكون أي تدخلات خارجية مجدية، ولن تستمر هذه التدخلات إلى ما لا نهاية.

ولهذا السبب يعد تشكيل الحكومة أمراً حاسماً للغاية؛ حيث يعمل العبادي، على المضي في تشكيل الحكومة ووضع خارطة طريق تحدد أجندة الحكومة العراقية الجديدة. نحن نشجّع القادة العراقيين على استكمال هذه المسيرة بأسرع وقت ممكن، ونأمل أن تؤدي خارطة الطريق، التي يقرها البرلمان العراقي، إلى رسم رؤية من أجل تسخير موارد الدولة بما يعود بالنفع على كافة الطوائف، والعمل على مواجهة تنظيم «داعش».

كما أننا نحث جيران العراق على الامتناع عن تأجيج الانقسامات الطائفية، التي من شأنها فقط أن تصب في صالح «داعش»، وأن يقوموا بدلاً من ذلك بالتعامل مع هذا التحدي المشترك باعتباره فرصة لبدء صفحة جديدة في علاقاتهم مع العراق، ومع بعضهم البعض.

ويتعين أن تعمل الجهود الأمنية في العراق – شأنها في ذلك شأن سياساتها - على الاستفادة من روح التعاون السائدة لدى كافة الطوائف. وتجلت هذه الروح التعاونية الجديدة هذا الأسبوع في شمال العراق؛ حيث تعاونت القوات العراقية والكردية لاستعادة سد الموصل الذي استولت عليه «داعش». ورغم دعم الولايات المتحدة لهذه الخطوة، فإن هذا الإجراء ما كان ليكتب له النجاح دون تعاون قوات البيشمركة الكردية مع قوات الأمن العراقية. وتعد هذه بمثابة أول عملية مشتركة من نوعها، ونعتقد أنها تعد بمثابة نموذج يمكن البناء عليه.

وثمة نهج آخر يكمن في إقامة «نظام فيدرالي فعال»، بموجب الدستور العراقي، من شأنه أن يسمح بتقاسم عادل للعائدات بين كل الأقاليم بالدولة، وإقامة هياكل أمنية متمركزة محلياً، وذلك من أجل حماية السكان في المدن والأحياء وعدم ترك الساحة خالية أمام «داعش»، بالإضافة إلى حماية ووحدة الأراضي العراقية. وستكون الولايات المتحدة مستعدةً لتقديم التدريب وغيره من أشكال المساعدة بموجب الاتفاق الاستراتيجي الأمني المبرم مع العراق للمساعدة على إنجاح مثل هذا النموذج.

في نهاية المطاف، يرجع الأمر للعراقيين في تحديد مصيرهم في ظل دستور خاص بهم، ولكننا نؤيد هذا النقاش الجاد الذي بدأ في العراق بشأن المستقبل. وبينما يواصل العراقيون إحراز تقدم، فإننا على استعداد لتعزيز دعمنا لمساعدة العراق في حربه ضد «داعش»، وسندعو المجتمع الدولي لأن يحذو حذو كندا وأستراليا وحلفائنا الأوروبيين للقيام بالشيء ذاته.

من الممكن قهر «داعش»؛ حيث أن معظم العراقيين يرفضون آيديولوجيته. إنه يفرض أوامره على أساس الخوف وليس القبول؛ حيث دمّر الأماكن الدينية القديمة، واستعبد النساء، وأعدم العديد من السُنة الذين يزعم أنه يدافع عنهم. وكما رأينا في سد الموصل، عندما تآكلت قوته القتالية، تمكنت القوات المحلية من التغلب عليه دون مساعدة القوات البرية الأميركية.

هذه هي المعركة التي يمكن ويجب على العراق - بمساعدة الولايات المتحدة والعالم أجمع - تحقيق النصر فيها. من مصلحتنا جميعاً تمكين المعتدلين في العراق لمنع إقامة دولة إرهابية تترسخ جذورها في قلب الشرق الأوسط. وبالتأكيد لا يقتصر التهديد الذي يشكّله هذا التنظيم على العراق فحسب، وبالتالي يتطلب التصدي له أيضاً تقديم الدعم المتواصل لشركائنا في الأردن ولبنان والمعارضة السورية وغيرها، من أجل مواجهة «داعش»، والتصدي لتدفق المقاتلين الأجانب من وإلى ساحة المعركة.

وبينما يبدأ العراق التوحد من أجل مواجهة «داعش»، يتعين علينا أن نكون على استعداد لفعل الشيء ذاته. سنواصل التشاور عن كثب مع الكونغرس بشأن استراتيجيتنا حيال العراق والمنطقة فيما يخص «داعش» وسلامة شعبنا. سيشكل هذا الأمر تحدياً طويل المدى. ولا يوجد خيار أمام شركائنا حول العالم سوى مواجهة هذا التحدي، بمساندتنا، وتحقيق النصر... بدءًا من العراق.

إقرأ أيضا لـ "جو بايدن"

العدد 4370 - الأحد 24 أغسطس 2014م الموافق 28 شوال 1435هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 3 | 8:50 ص

      الفوضى الخلاقة كما اردتموها

      سلحتموها وساندتموها في الانقلاب ضد مصالح الشعوب في التعبير عن اراداتها ومن النيل من سوريا،لكنها انقلبت ضدكم بالرغم من ذلك قررت السير بدونكم.....ان مثال داعش التي اشعلتموها سوف تتوزع فتكون جداعش و غراعش واندواعش وامرواعش....لقد انقلب السحر على الساحر....مصالحكم كلها في خطر بسبب عقليتكم المتفسخة.....اما نحن تحت رحمة مسطوليتكم في تسيير الأمور.....سحقا لكم.

    • زائر 2 | 4:20 ص

      على امريكا

      التي حررت العراق من اعتى مجرم .. طائفي.. ان تكمل المعروف و تساعد العراق كي يتخلص من هذه الملة القذرة التي تجردت من كل قيم الانسانية واتصفت بكل صفات وقذارة الاسلام الاموي الفاسد . اعترفت عصابة داعش بانها تقف وراء قتل المصلين في مسجد مصعب بن عمير فهل يعترف او يقر الاعراب بهذا ام انهم سيبقون يتخرصون بكذبهم وتخرصاتهم الوقحة باتهام الشيعة ؟ اعتقد انهم سيظلون ينعقون.... انهم امة الكذب .
      \nعلي جاسب . البصرة

    • زائر 1 | 1:03 ص

      من أنشأ داعش ومن دعمها بالسلاح والعتاد؟

      انتم وحلفاؤكم من أنشأ داعش ومدها بالعتاد والسلاح الثقيل والآن تطلبون من العالم ان يتوحد لحربها ما هذا المنطق؟

اقرأ ايضاً