العدد 4379 - الثلثاء 02 سبتمبر 2014م الموافق 08 ذي القعدة 1435هـ

معايير الودائع في «بازل 3»... تحدٍّ يلوح في أفق البنوك الإسلامية

تواجه البنوك الإسلامية مصدراً لعدم التيقن قد يكون باهظ التكلفة، وينحصر في كيفية تعامل الجهات الرقابية مع ودائع تلك البنوك، وذلك في الوقت الذي تستعد فيه البنوك في أنحاء العالم لتلبية المعايير التنظيمية الصارمة «بازل 3».

وتظهر البنوك الإسلامية، قدرة على التأقلم مع قواعد اتفاقية «بازل 3» التي ستطبق تدريجياً في أنحاء العالم على مدى الأعوام القليلة المقبلة، وفيما يستهجن التمويل الإسلامي المضاربة النقدية فإن موازنات تلك البنوك نظيفة بدرجة كبيرة من المشتقات والأصول المعقدة عالية المخاطر، والتي أغرقت بعض البنوك التقليدية في خضم الأزمة المالية العالمية، وهو أمر ينبئ بعدم مواجهة البنوك الإسلامية مشاكل تذكر في تلبية معايير «بازل 3» بخصوص الحد الأدنى من رأس المال.

وعلى رغم ذلك، فإن الودائع قد تصبح مصدراً للمتاعب، فنظراً لحرمة مدفوعات الفائدة وفقاً لمبادئ الشريعة تستقطب البنوك الإسلامية الودائع في الغالب عن طريق حسابات استثمار بنظام تقاسم الربح ويعتبر هذا النوع بوجه عام أقل استقراراً من الودائع التقليدية.

ومن المتوقع أن تكون البنوك الإسلامية مطالبة بموجب قواعد «بازل 3» بتعويض إثر ذلك التقلب عن طريق زيادة حجم الأصول السائلة عالية الجودة التي في حوزتها، غير أن أسواق الأوراق المالية الإسلامية أصغر بكثير وأقل عمقاً وتطوراً من الأسواق التقليدية ما يؤدي إلى نقص المعروض من الأصول السائلة عالية الجودة المتوافقة مع الشريعة وهو ما يضغط بدوره على البنوك الإسلامية من جهتين.

بدوره، قال محلل الائتمان لدى ستاندرد أند بورز في باريس محمد داماك: «هذان من أهم تحديات «بازل 3» لقطاع التمويل الإسلامي».

وبحسب دراسة لـ «طومسون رويترز»، فقد بلغت قيمة أصول البنوك التجارية الإسلامية نحو 1.2 تريليون دولار مع نهاية 2013، لتشكل نحو ربع الودائع في دول الخليج العربية وأكثر من الخمس في ماليزيا.

وتشترط «بازل 3» على البنوك الاحتفاظ بقدر كافٍ من الأصول السائلة عالية الجودة لتغطية صافي التدفقات الخارجة لفترة 30 يوماً في حالة التعرض لضغوط شديدة. وتحسب التدفقات بإعطاء مصادر التمويل بما فيها حسابات الاستثمار أوزاناً متنوعة، وكلما زادت المخاطر في مصدر التمويل كان حجم الأصول السائلة عالية المخاطر اللازمة كبيراً.

هذا ولم تصدر مؤشرات بعد عن المسئولين للأوزان المتوقعة، وفي ضوء حرصهم على تطوير قطاعات البنوك الإسلامية لديهم فمن المستبعد أن يحددوا أوزاناً عقابية، لكن قد يعجزون عن معاملة حسابات الاستثمار على قدم المساواة مع ودائع البنوك التقليدية.

وبيّن داماك أن معاملة حسابات الاستثمار ستعتمد أيضاً على عوامل تخص قطاع البنوك الإسلامية في كل دولة، وتشمل كيفية أدائها في أزمات سابقة وسجل البنوك الإسلامية في تمرير الخسائر إلى أصحاب الودائع بموجب العقود المبرمة معهم.

ومن المستبعد على ما يبدو أن تتضح الصورة قبل مطلع العام المقبل على الأقل حيث من المتوقع أن يصدر مجلس الخدمات المالية الإسلامية في ماليزيا مذكرة إرشادية في الموضوع.

وأضاف «سيؤول الأمر في النهاية إلى الجهة التنظيمية في كل دولة كي تبتّ في معاملة حسابات الاستثمار وهنا تكمن أهمية المذكرة الإرشادية لمجلس الخدمات المالية في مساعدة المسئولين الرقابيين على تحديد معاملة حسابات الاستثمار».

ووفقاً لتأكيدات مصدر مطلع على مشاورات مجلس الخدمات المالية، فإن المذكرة ستتناول قضايا، من قبيل الحقوق التعاقدية للمودعين، وتحديد قدرتهم على سحب أموالهم خلال أقل من 30 يوماً دون غرامة كبيرة.

وكان البنك المركزي الماليزي، قد أصدر بعض الإرشادات بخصوص حسابات الاستثمار، أوضح فيها عزمه على تصنيفها إلى نوعين، حسابات استثمار عامة تعادل بوجه عام ودائع الأفراد التقليدية وحسابات استثمار خاصة أو مقيدة تعتبر مماثلة لحسابات الاستثمار قيد الإدارة، مقدماً فترة انتقالية للبنوك الإسلامية مقدارها عامان للفصل بين النوعين.

وعلى رغم تحديد البنك المركزي بالفعل النسب والأوزان لقواعد «بازل 3» بخصوص كفاية رأس المال، إلا أنه لم يعلنها بعد بالنسبة لمتطلبات الأصول السائلة عالية الجودة لتغطية حسابات الاستثمار، وسط اعتقاد لدى البنوك التجارية مفاده أنها قد تعلن مطلع العام المقبل بعد صدور إرشادات مجلس الخدمات المالية الإسلامية.

وتقول «بازل 3»، وفقاً لستاندرد أند بورز، إن بوسع الهيئات التنظيمية الوطنية في أنجاء العالم تحديد نسب تبلغ ثلاثة في المئة أو أعلى لودائع البنوك التقليدية وما يصل إلى عشرة في المئة للودائع الأقل استقراراً.

وقد ينتهي المطاف بمعظم البنوك الإسلامية إلى أوزان في ذلك النطاق ونظراً لحجم الودائع ذات الصلة فإن أي اختلاف بعدة نقاط مئوية قد يؤثر تأثيراً كبيراً في حجم الأصول السائلة عالية الجودة التي سيتعين على البنوك أن تحتفظ بها.

ويتوقع أن تزيد مسألة حسابات الاستثمار الضغوط على البنوك المركزية والحكومات في العالم الإسلامي لمعالجة بعض المشاكل القديمة في القطاع، من بينها نقص معروض الأصول السائلة عالية الجودة، فباستثناء ماليزيا والبحرين يقول داماك إن البنوك المركزية لا تصدر ما يكفي من الأدوات المصنفة كأصول سائلة عالية المخاطر.

وتصلح الصكوك الحكومية لهذا الغرض، إلا أن معظم الصكوك السيادية إما غير مدرج في الأسواق المتقدمة أو غير متداول تداولاً نشطاً ما يجعل حصول البنوك الإسلامية عليها أمراً بالغ الصعوبة، ويتناقض ذلك مع الأسواق الضخمة للديون الحكومية عالية الجودة مثل سندات الخزانة الأميركية والألمانية التي بوسع البنوك التقليدية أن تشتريها بسهولة.

وأشار داماك إلى أن بدائل مثل الصكوك قصيرة الأجل التي تصدرها المؤسسة الإسلامية الدولية لإدارة السيولة التي أنشئت للنهوض بسوق عابرة للحدود في الأدوات الإسلامية تظل صغيرة مقارنة مع حجم القطاع.

من جانبها، وفي إطار جهودها لكي تصبح مركزاً للتمويل الإسلامي، تعكف دبي على إدراج الصكوك في بورصاتها وتشجيع شركاتها شبه الحكومية على إصدار صكوك قابلة للتداول لكن الأمر قد يستغرق سنوات قبل أن يستطيع المعروض مواكبة الطلب.

وفي سياق الحديث عن المشاكل، تبرز مشكلة أخرى تتمثل في التأمين على الودائع، فالحكم على الودائع بأنها مستقرة يستلزم أن تشملها الحماية التأمينية إلا أن برامج التأمين الإسلامي نادرة لأسباب منها أن الدعم الحكومي للبنوك الإسلامية يعتبر أمراً مفهوماً بشكل ضمني في كثير من دول الخليج.

وكانت البحرين، قد استحدثت تأميناً إسلامياً على الودائع في 1993، وفي مايو/ أيار 2013 قالت قطر إنها ستطور برنامجاً إسلامياً للتأمين على الودائع، فيما ذكرت بنغلاديش في يونيو/ حزيران أن برنامجاً قائماً يديره البنك المركزي سيشمل الودائع الإسلامية.

العدد 4379 - الثلثاء 02 سبتمبر 2014م الموافق 08 ذي القعدة 1435هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً