العدد 4394 - الأربعاء 17 سبتمبر 2014م الموافق 23 ذي القعدة 1435هـ

فلنُصادق الدُّب كي نعبر الجسر

محمد عبدالله محمد Mohd.Abdulla [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

يضحك المرء عندما يسمع سفاسف السياسة. فقبل أيام قالت الولايات المتحدة الأميركية بأنها لن تقبل بإيران عضواً في التحالف الدولي ضد تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام «داعش». بعدها صرّحت طهران بأن واشنطن طلبت منها وبإلحاح تقديم مساعدتها في التصدي لذلك التنظيم المسلح لكنها رفضت الطلب.

اعترفَ الأميركيون بأنهم فعلاً أجروا لقاءات مع دبلوماسيين إيرانيين في هذا الشأن. بعدها وأثناء خروجه من المستشفى متوجّهاً إلى بيته بعد عملية في البروستاتا قال المرشد الأعلى في إيران آية الله خامنئي بأنه رفض شخصياً طلباً من الأميركان حول تعاون بلاده معهم لمكافحة «داعش»، واصفاً الأميركيين بأن «أيديهم ليست نظيفة».

بطبيعة الحال، فإن مَنْ يعرف ماذا يمكن للأميركان والغرب أن يفعلوه في العراق وسورية من خلال ذلك التحالف سيُدرك منسوب الحقيقة فيما يُطلَق من تصريحات! فإذا كان تنظيم «داعش» يتواجد في العراق وسورية، فمن البُله أن يُقال أن إيران غير معنية بالأمر، وهي التي تدير العراق فعلياً، والذي طلبت قيادته السياسية وباركت ورعت ذلك التحالف، وكذلك الحال فيما خصّ نفوذها في سورية.

وإذا كان العراق شريكاً أساسياً في ذلك التحالف كونه الأرض التي ستجري وجرت عليها المعارك والعمليات اللوجستية، فمن السذاجة أن يُقال بأن الأسد خارج لعبة المواجهة مع «داعش»، وهو صاحب الأرض التي من خلالها تَلِجُ الحركة المتدحرجة للتنظيم باتجاه لبنان والجولان وتركيا والأردن، ثم الحرب المقررة ضده، وفي نهاية المطاف علاقته كحليف مع العراق.

نحن نتحدث عن شبكة من العلاقات السياسية غير العادية، تشمل إيران والعراق وسورية ولبنان. وكل هذه الدول ترتبط ببعضها من خلال منظومة سياسية واقتصادية وأمنية غاية في التشابك، وبالتالي يصبح تفكيكها أو الدخول إليها بشكل منفرد في ملفات استراتيجية أشبه بمن يريد أن ينتف الوبر عن قشرة البيض!

الجميع يعرف أن إيران كانت حاضرة في معارك جبل سنجار وفي فك الحصار على آمرلي وإخراج «داعش» من حوافها. لم يكن حضورها من وراء ستار، بل كان وجودها فعلياً عبر قوات من نُخِب عسكرييها النظاميين. ليس هذا سراً على أحد بل إن رئيس إقليم كردستان مسعود برزاني نفسه قال ذلك صراحة، وقاله مسئولون عراقيون في الحكومة.

أكثر من ذلك، فإن هناك ثمانية آلاف عسكري إيراني يتواجدون على حزام بغداد لحمايتها من السقوط، ولديها جهد استخباراتي يمتد من الطيران العسكري عبر البصرة وحتى كردستان، إلى الإحكام بتلابيب الأمن على الأرض سواءً في المجتمعات المتناثرة وقواها الأهلية، أو في الدولة، وبالتالي فهي متواجدة فعلياً هناك، وفي مواجهة «داعش» سواء من خلال الجيش العراقي أو الميليشيات الشيعية أو المتطوعين الذين ذكرهم المرشد في تصريحه مباشرة، عازياً انتصار العراق على «داعش» من خلالهم. وعليه يأتي التساؤل الآن عن حقيقة هذا الرفض ثم الطلب الأميركي ثم العتب ثم الرفض الإيراني على ذلك!

أمرٌ آخر في غاية الأهمية، وهو كيفية ضبط العمليات العسكرية ضد «داعش» التي سيقوم بها التحالف الدولي. بمعنى أن الأميركيين عندما يقولون أنهم يريدون تحطيم حصون التنظيم ومراكزه وقواته، فإنهم يخلقون فراغاً في المناطق التي سيتقهقر منها مقاتلو التنظيم، وبالتالي هناك طرف يجب أن يحل محله. في العراق حاولوا أن يدفعوا بالأكراد إلى المناطق المحيطة بكركوك، والجيش العراقي إلى المناطق التي تضم الأنبار وديالى وصولاً إلى حزام بغداد. وفي كل هذه المناطق يتواجد الإيرانيون، سواء عبر قوات جلال طالباني الكردية في الشمال أو عبر الوزن العسكري الشيعي من الغرب وحتى الجنوب.

وإذا كان الحديث عن العراق ضمن هذا الافتراض، يأتي السؤال أيضاً حول مَنْ سيملأ الفراغ في سورية إذا ما تم دحر التنظيم من محافظتي دير الزور والرقة والمناطق الأخرى. فالجميع يعرف أن بقية أطراف المعارضة لا أمل فيها في التوحُّد أو حتى في القدرة على مواجهة «داعش» أو الجيش السوري النظامي، وهو ما يجعل الأمر معقّداً، ويتطلب تنسيقاً مع سورية وإيران «وربما حتى حزب الله» لضبط ميزان النفوذ على الأرض.

ولكل مَنْ تابع السياسة السورية خلال الأسبوع الماضي وقف عند اعتراف نائب وزير الخارجية السوري فيصل مقداد عندما قال بأن أجهزة استخبارات غربية على اتصال مع المخابرات السورية للتنسيق بشأن «التنظيمات المتطرفة». إذاً الموضوع هو أكبر من «نريد» أو «لا نريد». إنه واقع قائم فعلاً.

في المقال الأخير لعضو فريق عمل بمعهد هوفر والمحاضر بجامعتي كولومبيا وتكساس فيليب بوبيت في «الفاينانشال تايمز»، تحدّث الرجل بصراحة متناهية عن موضوع التحالف مع إيران وسورية في مواجهة تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام عندما طرح سؤالاً مركزياً ومباشراً يُردده الغربيون اليوم: هل يجب علينا أن نتحدث إلى الطغاة عندما تصبح مصلحتنا في ذلك ضرورية، وعندما يتم المفاضلة فيها بين السيئ والأسوأ؟

ومشوار الأميركيين في مثل تلك التحالفات خلال الحرب الباردة، وصراعهم مع الشيوعية لا حصر لها. هذا الأمر هو ما يجري الحديث عنه بصراحة متناهية في إدارة الرئيس أوباما وفي الكثير من الدول الأوربية كإسبانيا وإيطاليا وبريطانيا وألمانيا والدول الاسكندينافية.

في المحصلة... قد يستعير الغربيون من أنقرة قولاً تركياً مشهوراً مفاده: «يمكنك أن تقول للدُّب يا عمي إلى أن تعبر الجسر بسلام».

إقرأ أيضا لـ "محمد عبدالله محمد"

العدد 4394 - الأربعاء 17 سبتمبر 2014م الموافق 23 ذي القعدة 1435هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 17 | 12:26 م

      كلمة حق

      ماقريت الموضوع بس عجبني العنوان

    • زائر 16 | 9:49 ص

      لم يثبت تدخل ضباط أو جنود في العراق

      المقال جميل ليس عليه غبار ولكن الأجمل هو التأكد من الحقائق الموثوقة فلم يثبت دخول جندي واحد في ايران . لقد ظلمت ايران كثيرا فيا أيها الكاتب لا تظلمها .. أما من قال وقال وصرح في قنوات فهذا ليس بدليل ، الدليل هو اعتراف النظام العراقي أو النظام الايراني بدخول العراق.. فمثلا قالوا هنا في تلفزيون البحرين بأن لايوجد مسجد هدم ، فهل نصدق التلفزيون.. بعد التأكد من لجنة تقصي الحقائق والمنظمات المحايده ثبت بأن بعض المساجد هدمت.. عزيزي الكاتب لا تضرب في لوح هالك.. اترك ايران في حالها وحاول أن يبقى قلمك سليم

    • زائر 15 | 7:21 ص

      كي نعبر الجسر

      يجب قطع رأيس الافعي التركي قبل كل شى

    • زائر 14 | 5:15 ص

      لم افهم طهران

      تقول طهران على لسان المرشد الاعلى انها رفضت طلبا امريكيا وفجأة تخرج اصوات سياسيين ايرانيين تقول ان التحالف لن ينجح دون مشاركة ايرانية سوريه، ثم يخرج الصدر ليعلن من العراق انه ومنظمات شيعية اخرى ستقاتل الامريكيين ان هم حاربوا داعش لافهم هل ايران مع او ضد داعش واذا كانت ضد داعش اليس الاولى ان تطلب المشاركة واذا لم ترد ان تشارك لاسباب معينة ومبدئية فلماذا تعارض ضرب داعش .. امور يستغربها المراقب واذا كان ثمة اجتهاد فاني اظن ان ايران تريد المشاركة وتريد بقوة وعندما رات ان لا سبيل لمشاركتها تريد تخرب

    • زائر 12 | 3:00 ص

      زاءررقم6قاءدنا حمدا غير0

      فلينظر ماذا يحذف في العراق واليمن ولبنان هل نريد للبحرين الشيء نفسه الديمقراطيه ليس بالطائفية فالرجاء من الدوله حل الجمعية كلها من السنه والشيعة فنرجو شعب واحد ونكون جمعية مشتركه

    • زائر 11 | 2:57 ص

      .هاذا تفكير زائر واحد نفس تفكير الجمعيات الطاءفي10

      فلينظر ماذا يحذف في العراق واليمن ولبنان هل نريد للبحرين الشيء نفسه الديمقراطيه ليس بالطائفية فالرجاء من الدوله حل الجمعية كلها من السنه والشيعة فنرجو شعب واحد ونكون جمعية مشتركه

    • زائر 10 | 2:44 ص

      لماذا

      لماذا انته على طول مواضيعك كل عن ايران وماهو السبب في كل المواضيع تصب غضبك على المهوريه هل من احد يحرضك على ان تكتب مواضيعك عن الجمهوريه الاسلاميه لماذا لا تكتب عن الفساد المنتشر في المشتمع الذي انت عايش فيه .

    • زائر 5 | 1:54 ص

      لا تتهم ايران ولا تزج بها في الفتن أيها الكاتب

      ليس هناك دليل ع تدخل عسكري أو لجنود أو صباط في العراق ،،، أرجوا الدقة فكتابتك تشككنا في نواياك.. خفف ع ايران وخفف علينا..

    • زائر 6 زائر 5 | 1:59 ص

      تذكير

      بيان جبر وهو من المجلس الاعلى للثورة الاسلامية في العراق قال في مقابلة له مع قناة الميادين بانه لولا ايران لسقطت بغداد! هذا يعني ان لايران قوات في العراق

    • زائر 7 زائر 5 | 2:06 ص

      تحليل الكاتب من الواقع

      ولماذا الأخ منفعل هل انت إيراني او إيراني الهوى!

    • زائر 9 زائر 5 | 2:43 ص

      الــعــودي

      الكاتب محمد يكتب من منظار واقعي عمى يدور يأخي لماذا عندما يكتب بكل حياديه في صحيفه الوسط تنتقدوه أليس في من يكتبون الكثير ممن ينثروون السموم في الوطن عندما يكتب الأستاذ محمد بثقافته واطلاعه تهاجموه وخاصه عن ايران وبلاد المنشئ لماذا كل هذا التذمر.. يكتب بمايملي عليه ضميره وليس أهوأكم العمياء التي اختفت بعروبتها أن كانت هناك عروبه حقيقه !!

    • زائر 13 زائر 5 | 4:15 ص

      ...

      تحليل الكاتب مبني على متابعة للأحداث
      فلم التشكيك والاتهام والمبالغة في الانفعال

    • زائر 4 | 12:46 ص

      سؤال وجيه

      ماذا لو صادقوا الدب ثم اكتشفوا أن ((ما من صداقته بدّ))

    • زائر 2 | 12:27 ص

      النتيجة السياسة

      ما فهمت لسياسة الا ان الف سلام لقائد المسلمين

اقرأ ايضاً