العدد 4404 - السبت 27 سبتمبر 2014م الموافق 03 ذي الحجة 1435هـ

دعوات جادة لإنشاء مركز حاضن للقدرات الكتابية دون عوائق

الإبداع الكتابي يتأرجح بين الدعم والتهميش

فاطمة مجيد - زهرة الروساني
فاطمة مجيد - زهرة الروساني

تحظى البحرين بمواهب إبداعية كتابية من شأنها بناء واقع أدبي متميز يجعل من الأدب البحريني أدباً راقياً يوضع على رفوف الأدب العالمي، لكن يبقى الرهان قائماً على صقل تلك المواهب لتطفو إلى السطح ولضمان عدم تلاشيها، وفي هذا السياق، طالبت عدد من الناشطات أدبياً بإنشاء مركز حاضن للقدرات الكتابية والمواهب الأدبية الناشئة، يسمح بدعم هذه الفئة من المبدعين من دون عوائق.

في هذا الصدد، قالت الشاعرة البحرينية زهراء المتغوي: “المجتمع البحريني ولودٌ بالإبداع، ومتوهّج بالدهشة الفنية والأدبية، وسنابل الموهبة الكتابية، التي تثمر رغم الجدب، سمة لا يمكننا تغافلها، فالمواهب الكتابية الفتيّة تشق طريقها رغم ندرة الرعاية، وتصحر التشجيع”.

وأضافت المتغوي: “الأسرة لا تخلو من فرد أو أكثر نبغ منذ نعومة أظفاره، واحتاج ليدٍ تصقله، فنرى البعض يشقّ طريقه بقوة ويفرض نفسه، أما البعض الآخر فتندثر موهبته وتتلاشى شيئاً فشيئاً، وبين هذا وذاك موج متلاطم من الإبداعات التي تطفو حيناً، وتندثر حيناً آخر”.

وانتقدت المتغوي الدعم والتقدير غير الكافي الذي يولي للقدرات الكتابية، بالقول: “يفوز الفرد في مسابقات عالمية، ويشارك بمنتديات إلكترونية، ويتواصل بمجتمعات متنوعة، ولا يكتشفه أحد داخل وطنه، وإن اكتشفه فليس للتقدير أو التحفيز المطلوب الذي يغذي فيه روح الطموح والإبداع”.

وبشأن الدور الذي تؤديه الجمعيات الراعية للأدب في تدعيم القدرات الكتابية، قالت المتغوي إن الجمعيات تضطلع بدور مهم في دعم تلك المواهب، لكنها وإن كثرت كمّاً، فمازال عطاؤها كيفاً، بمحدودية وتشتت وبفترات زمنية ومكانية متباعدة، لا تسمن ولا تغني من جوع، دورة هنا وورشة هناك ومسابقة سنوية أو لقاءات دورية في عصر يفور بالتكنولوجيا والأحداث والإبداع، على حد قولها.

ورأت المتغوي أن البحرين بحاجة لسياسة ضاربة في عمق الإبداع، يقوم عليها موهوبون، وجيل يؤمن أن وطنه يحتضنه، ومجتمعه يفخر به، وأهله تقف داعماً حتى يصل للقمم، مشددة على أن المواهب الكتابية الناشئة يجب أن تنمى وتحتضن وذلك عبر إنشاء عدة مراكز معنية بتطويرها.

وقالت: “لا نحتاج لمركز واحد يرعى الناشئة والشباب، بل لشبكة مراكز متعاونة، حتى لا يفوت قطار تبنِّي الإبداع أحداً، وحينها فقط سندرك أن الغد بأيدٍ متفردة وأمينة”.

وتحدثت الطالبة في جامعة البحرين، فاطمة علي عمّا واجهته من عوائق حالت بينها وبين تنمية موهبتها في الكتابة، وقالت: “فوجئت عند معرفتي أن مركز الموهوبين لا يقدم خدماته لخريجات الثانوية، إنما تقتصر خدماته على أبناء المدارس من الصف السادس وصولاً إلى مرحلة الثالث ثانوي”.

وتابعت: “شعرتُ بالإحباط الشديد لأني لم أستطع الاستفادة من خدمات المركز التي طوّرت من قدرات الكثير من ذوي الموهبة الكتابية”.

وأشارت علي إلى أنها كانت بصدد التواصل مع إدارة المركز عند تخرجها من الثانوية بهدف الاستفادة من خدماته، إلا أنها عانت من عدم توافر المواصلات التي تقلّها من منطقة سكنها البعيدة في سترة إلى مقر المركز بالمحرق.

وعبّرت عن أملها في تضافر الجهود لدعم القدرات الكتابية، داعية لإنشاء مركز معني بتنمية تلك المواهب دون أن تقتصر خدماته على فئات عمرية معينة، تلبية لحق ذوي الموهبة الأدبية في التميز والارتقاء.

وشاطرتها الشاعرة الناشئة، فاطمة مجيد أحمد، الدعوة إلى إنشاء المركز، مشيرة إلى أن العوائق هي سبيل للإبداع، لأن الإنسان بطبيعة الحال يحب التحدي ومواجهة العراقيل التي تقف في طريق إبداعه، موضحة أنها بحكم تفضيلها لكتابة الشعر واجهت صعوبة في تعلم العروض والأوزان، ولكن استشارة الشعراء الكبار والنقد والمشاركة في الندوات والأمسيات الشعرية جعلتها تتخطى ذلك.

واعتبرت أن الدعم الذي توليه الجمعيات الثقافية والجهات الرسمية للحراك الكتابي الأدبي غير كافٍ، مشيرة إلى أن: “الجمعيات لا تأخذ جميع البذور بل تنتظر الحصاد فقط ولا أعني ككل، فبعض الجمعيات تكون أديباً من الصِفر”.

وأضافت مجيد أن الدعم الرسمي غير كافٍ لتشجيع الموهبة الكتابية، وفي ذلك انعكاس سلبي على الموهوبين ذاتهم”، إذ يعزف البعض عن تفجير طاقاته الداخلية المبدعة والسبب في اعتقاده أن لا أحد يسمعه ويسانده”.

وذكرت أستاذة اللغة العربية في مدرسة سترة الثانوية للبنات رباب طاهر أن المجتمع بحاجة إلى مؤسسات كافلة للمواهب الكتابية، وقالت: “نحن بحاجة لمؤسسات داخلية من أعضاء أكاديميين بشرط أن تكفلها الدولة، ويزداد نشاطها في الإجازات والعطل لتحتضن هذه الطاقات، وترفع اسم هذا الوطن شامخاً بتلك الإبداعات”.

وعن الدور الذي يضطلع به المعلم في عملية التطوير الكتابي، أفادت: “لطالما تقع أيدينا نحن المعلمين على طاقات إبداعية لدى طلبتنا من كتابة شعرية وأخرى نثرية فنبذل ما نبذل من جهد في سبيل إروائها، ونشذرها ونهديها ونضع أقدامها على أولى خطوات الإبداع الصحيح”.

وتابعت: “من أهم ما يعيق تطوير المواهب الكتابية، ما يراه الناشئ اليوم من إهمال لموهبته على المستوى المجتمعي وتراجع الرغبة القرائية في هذا النوع من الفن، إلا ما قصر منها نتيجة لتزاحم الرسائل الإلكترونية عبر وسائل التواصل المختلفة”.

وواصلت: “الطاقات الكتابية سرعان ما تخفت جذوتها عندما تخرج من جدار المدرسة لتصطدم بواقع خارجي خالٍ من حواضن تستوعبها وترتقي بها لمستوى لا محدود فتضيع بذلك القدرات وتصبح أحلاماً”، مضيفة أن أصحاب مثل هذه الطاقات التي لا تنال الدعم ستضيع جهودهم كأنها لم تكن يوماً ما كرماد تذروه الرياح في يوم عاصف وكأنه لم يكن يوماً ما”.

ودعت طاهر إلى إنشاء مركز مختص يلقى دعماً من وزارة الثقافة، مؤكدة: “إن عزوف المؤسسات المجتمعية عن تبني مثل هذه الطاقات جعلها هدراً وغاب بالتالي دافع الكتابة لدى هؤلاء المبدعين ولا سبيل في ذلك إلا بإنشاء مركز مختص تدعمه وزارة الثقافة في المملكة ليدفع بعجلة الإبداع قدماً نحو التجديد.

من جانبها، أشارت عضو رابطة بيت السرد البحرينية (قيد التأسيس) زهراء الروساني، إلى أن هناك مسئولية حقيقة تقع على عاتق كل قارئ وكاتب في دعم الموهبة الكتابية، وقالت: “يجب أن نضع في الحسبان أن كل كاتب وقارئ هو جهة راعية بل ومسئولة عن الموهبة الكتابية، وخصوصاً تلك الموهبة الصاعدة التي تشق طريقها وسط عدد من العثرات، فالكاتب ما كان له أن يكون لولا وجود كاتب قبله، لذا من الأنانية ومن الإفراط في احتكار الكتابة، هذه الموهبة، أن ينسي بأن كاتباً سيأتي بعده”.

وأضافت الروساني: “من البديهي أن يقوم القارئ بعملية التغذية الراجعة العكسية، فهو المتلقي للمادة الكتابية، يقع علي عاتقه سواء كان قارئاً ناقداً أو قارئاً عاماً أن يصحح مسار النتاج الأدبي الجديد، كي لا تصعد القمة نصوص وأسماء لم تصل إليها بعد، مازالت بحاجة إلي توعية وإلي إدراك أكبر بالأدب، وإلي صقل موهبتها كي تبرز كما ينبغي، فلا يكون حضورها الأدبي بهرجة إعلامية لا أكثر”.

وترى الروساني أن من أكبر العوائق التي قد تصادف أي موهوب في مختلف المجالات، هي عدم وجود رعاية لموهبته، مؤكدة أن الموهبة تولد مع انسان، لكن من الصعب جداً أن تنمو دون من يسقيها، بل وقد تموت، على حد قولها.

واعتبرت أن المجاملة و “التطبيل الكاذب”، أو التجريح غير القائم على أساس نقدي أو معرفي أمران من شأنهما نسف الموهبة الأدبية، مضيفة أن وجود العائق المادي، وتوافر السيولة لدي البعض يمكنهم وفي غياب اهتمام بعض دور النشر بجودة الإنتاج الأدبي، من إصدار كتب لا تنتمي للأدب، بينما عدم توافرها لدي فئة أخري وفي غياب من يتبناها يمنع انتشار الأدب في صورته الأجمل.

وعن الجهود التي تبذلها الجمعيات الثقافية الأدبية والجهات الرسمية في سبيل التطوير الجاد للقدرات الكتابية، أفادت: “الدعم غير كافٍ وإن لم يكن في صورته المثلي التي ينبغي لها أن تكون، فإن علينا ألا نغفل وجود حراك لتمثيل المشهد الأدبي وبين المستويات المختلفة، فنحن رابطة بيت السرد البحرينية في طور التسجيل الرسمي عبر وزارة الثقافة، وحظينا بتعاون مبدئي مقبول، نتمني أن يكون مستمراً متواصلاً”.

ومن هذا المنطلق، أشادت الروساني بالدور الذي يقوم به المتكأ الثقافي في تبني المواهب الأدبية الشابة، معبرة عن سعي الرابطة لأن تكون مركزاً مطوراً للمواهب الكتابية عبر إقامة الدورات والفعاليات والأمسيات الحاضنة للموهبة من أجل استظهار الأديب المبدع، بالقول: “من الضرورات الحتمية وجود بيئة تحتضن الموهبة الأدبية. وهذا هدف أساسي وضعته بيت السرد البحرينية نصب أعينها وفقاً لرؤيتها التي تنص علي: استظهار الأديب المبدع في كل إنسان”.

العدد 4404 - السبت 27 سبتمبر 2014م الموافق 03 ذي الحجة 1435هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً