العدد 4409 - الخميس 02 أكتوبر 2014م الموافق 08 ذي الحجة 1435هـ

منتدى «السلام الأزرق» في اسطنبول: مبادرات إقليمية من أجل منافع المياه بدل تقسيمها

اتفق المنتدون على وجود تعاون بين الدول المعنية إدارة موارد المياه وهي سورية، لبنان، العراق، الأردن وتركيا
اتفق المنتدون على وجود تعاون بين الدول المعنية إدارة موارد المياه وهي سورية، لبنان، العراق، الأردن وتركيا

اسطنبول ـ محمد باقر أوال 

02 أكتوبر 2014

يعتبر التحدي الذي تمثله قضية المياه بالنسبة إلى العرب هو «حرب» سيواجهه الشعوب في الأعوام المقبلة، خاصة الدول التي تفتقر للمياه في المنطقة مثل (تركيا، الأردن، لبنان وسورية والعراق).

فلا يختلف المعنيون بقضايا العرب المعاصرة في أن قضية المياه تعدّ من أهمها وأكثرها خطورة، لاسيما أنها ترتبط ارتباطاً وثيقاً بحياة الإنسان العربي ووجوده من ناحية، وتؤثر تأثيراً مباشراً على مستقبله الحضاري من ناحية أخرى.

فهي رسالة وجهت من قبل المشاركين في «منتدى السلام الأزرق في الشرق الأوسط» في اسطنبول بتركيا في الفترة من (19-20 سبتمبر/ أيلول 2014)، الذي نظمته مجموعة الاستبصار الاستراتيجي وجامعة (MEF) باسطنبول لتنمية والتعاون والإدارة السياسية لوزارة الاتحادية السويسرية للشئون الخارجية، وعدد من الخبراء والمتخصصين ونواب بشأن المياه. وتم عقد جلسات حوارية توصلوا بالنقاش فيها بأن «المياه ليست ملكاً لدولة فهي مَورد إقليمي مشترك»، على أمل أن تستلهم الدول العربية الأربع وهي سورية والعراق والأردن ولبنان بإلاضافة لتركيا من تجارب سويسرا بنهر الراين والسنغال في إدارة مواردها المائية المشتركة، إذ أكد المشاركون على ضرورة التعاون بين دول منطقة الشرق الأوسط في المجالات المائية دون اللجوء إلى النزاعات باعتبارها لا تفضي إلى حلول عملية، وأن تنتقل من الخلاف على حصصها المائية إلى الإتفاق على تقاسم المنافع دون الأكتفاء بالتغير المناخي.

وعلى ضوء ذلك، قالت الخبيرة في مجال المياه، أمين عام وزارة المياه والري السابق في الأردن ميسون الزعبي: إن «الفكرة من منتدى السلام الأزرق للمياه بأن تستخدم المياه في صنع السلام بدل أن تستخدم المياه كسلاح للحرورب وقتل الشعوب». مضيفة «جاءت الفكرة بأن تكون المياه لصنع السلام وأن تكون هناك حلقات من التعاون بين الدول المشاركة وهي العراق والأردن ولبنان وسورية بالإضافة لتركيا، باعتبار إنها تشارك في أحواض مياه مشتركة».

وذكرت الزغبي «لكي نخرج بتوصيات مناسبة قمنا بإجراء دراسة عن كل دولة، وأهم توصية خرجت من الدراسة أن ينشئ مجلس إقليمي للمياه من شأنه جعل الدول العربية مع تركيا أن يتشاركوا في الرأي والدراسات التي تهدف لإدارة متكاملة مع مصادر المياه».

كما شددت «على أن يكون الإعلام جزءاً أساسياً ومطلعاً على مانقوم به، فهو لغة التواصل بين الشعوب وقررنا أن يشاركنا في المنتدى أشخاص قريبون من صناع القرار لكي يوصلوا توصياتنا ودراساتنا لهم بشأن حثهم على إيجاد حلول لأزمة المياه».

وللاطلاع على تجارب الآخرين، تقول الزغبي «قمنا بزيارة لنهر الراين في سويسرا للإطلاع على تجاربهم في مجال المياه، كما ستكون لدينا زيارة لفيتنام لنتعرف على نهر نيكتون، وقد اطلعنا في هذا المؤتمر على تجربة السنغال الناجحة في إدارة المياه».

وأشارت إلى أن «هدفنا إنشاء مجلس إقليمي للإدارة المتكاملة لمصادر المياه، وهذا شيء مهم جداً، والخطوة الأولى تبدأ بين تركيا والعراق»، مشددة على «أهمية التنويع في مجال الطاقة كما يجب أن يكون هناك مصدر محلي داخلي للإنتاج».

نائب مستشار المجلس الأمني العراقي، صفا رسول، قال في مداخلة له «أثمرت الجهود بين تركيا والعراق على توقيع اتفاقية لتبادل المعلومات حول المياه بين الدول المجاورة».

وشدد على أن «تكون هناك خطوات فاعلة بين الأطراف يتم من خلالها عرض المقترحات على حكومتي تركيا والعراق للوصول إلى توقيع اتفاقية تلبي متطلبات الشعبين التركي والعراقي في تأمين احتياجاتهم من المياه».

واستعرضت الجلسة تجربة التعاون في حوض نهر السنغال، ورأسها وزير الخارجية التركي الأسبق باشار ياكيش، وعرض بامادين تجربة منظمة حوض نهر السنغال (OMVS) في إدارة المياه ومدى الاستفادة منها مع الدول المجاورة مثل، موريتانيا، مالي، غينيا والسينغال من منافع النهر من خلال الإدارة المشتركة لمياه النهر، ما ساهمَ في تطويره وتحقيق الاكتفاء من المياه.

فعلى سبيل المثال، توزّع المياه لأغراض الزراعة حسب حاجات المزارعين في حوض السنغال، ويتمّ تَقاسم النفقات والمنافع، وتُتخذ القرارات بالتوافق وليس بالتصويت. وعلى رغم كلّ التوتر الذي كان سائداً بين موريتانيا والسنغال في الفترة الممتدة ما بين عامَي 1989 و1992، كان المسئولون في المنظمة يلتقون ويتحاورن بشكل ملفت.

اتفاقية تركيا والعراق

اتفقت الحكومتان التركية والعراقية على وجود اتفاقية حول حوض دجلة بشكل يساهم في إدارة المياه بشكل منهجي مشترك وتبادل المعلومات فيما بينهما، واقترحا إنشاء محطتين واحدة في تركيا وأخرى في العراق لقياس كمية تدفّق المياه ونوعيتها.

وزير الخارجية التركي الأسبق ياسر ياكيش تحدث حول توقيع الاتفاقية بين الحكومتين وقال «لا يرقى إلى مستوى وثيقة تفاهم». موضحاً «لا يمكن تحقيق أي تقدم بهذه السرعة». مضيفاً أن «لابد أن يتطور هذا التفاهم بين الحكومتين لكي يتم الوصول لحلول بشأن أزمة المياه».

من جهته، أكد وزير حقوق الإنسان السابق العراقي بختيار أمين أنّه «لابد من وجود رغبة وإرادة لدى الحكومتين العراقية والتركية من أجل وجود حل حول مصب المياه».

ودعا رئيس تحرير جريدة زمان اليومية كريم بليسي إلى «ضرورة تحويل أزمة إدارة المياه من «نزاعات» إلى تقاسم وأفكار جديدة معتبراً دول المنطقة فقيرة في مجال المياه.

واتفق معه الخبير في معهد المياه التركي أحمد ساتشي إلى إن «إدارة المياه تعد مسئولية مهمة الجميع، ما يوجب استعمال المياه بشكل عادل في ظل عدم وجود اتفاقيات في مجال المياه العابرة للحدود».

عضو مجلس النواب الأردني جميل نمري قال إنه « في السابق خضنا حروب من أجل النفط أما حروب المستقبل فستكون حروب المياه»، لافتاً إلى أن «مصادر المياه في ظل الوضع البيئي والمناخ العالمي تتدهور وبالتالي يجب التعاون في إدارة هذه المصادر بصورة غير مسبوقة وخلق أرضية للتفاهم على مستوى إقليمي لتقاسم مصادر المياه والرقابة على المياه والتعاون العلمي والتقني والشفافية والوضوح».

وأكد «أننا ننظر في الأردن إلى مثل هذه اللقاءات باهتمام كبير، وكان بيننا وبين العراق مفاوضات من أجل سحب خط مياه من نهر دجلة، لكن العراق يعاني أيضاً مع الجانب التركي في هذا الموضوع، إذاً نحن نحتاج إلى أن توافق تركيا على زيادة كمية المياه أي التخلي عن جزء من المياه لمصلحة المشروع الذي يجري إنجازه مع الأردن، وهذا يحتاج إلى تعاون متعدد الأطراف».

وتحدثت الخبيرة الإقتصادية في مكتب مجلس الوزراء اللبناني المهندسة زينة مجدلاني عن تشكيل وحدة تمثّل عدداً من الوزارات للتعامل مع التحديات التي يثيرها وجود اللاجئين السوريين الذي قارب عددهم 1,4 مليون، والضغط على البنى التحتية والمياه على وجه التحديد، فضلاً عن تأليف الحكومة اللبنانية للجنة وزارية لمعالجة قضايا الجفاف وندرة المياه.

وفي نهاية المنتدى، قالت مديرة «منتدى السلام الأزرق في الشرق الأوسط»، أمبيكا فيشواناث «اتفق المنتدون على وجود تعاون بين الدول المعنية لإدارة موارد المياه وهي سورية، لبنان، العراق، الأردن وتركيا. على أنّ تكون هي مسئولية عامة ومشتركة، وأنّ إجراءات بناء الثقة تتعزز بتبادل المعلومات والتكنولوجيا، وتعزيز مقاربة تقاسم المنافع من خلال التعاون لتحقيق الأمن المستدام للمياه وحماية الفئات المستضعفة وأمنها المائي والغذائي والطاقة، وإدارة مخاطر التغيّر المناخي، وعلى كل دولة إدارة مواردها المائية بكفاءة.

واقترح المشاركون أن تكون المبادرات ملموسة بين الدول فضلاً عن الصعيدين الإقليمي لتعزيز التعاون والإدارة المستدامة للموارد المائية في المنطقة. والاستفادة من تجربة حوض نهر السنغال في إدارة المياه والتقدم في العمل من حوض نهر العاصي لإدارة المياه في مرحلة ما بعد الصراع في سورية والدول المجاورة لها.

العدد 4409 - الخميس 02 أكتوبر 2014م الموافق 08 ذي الحجة 1435هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً