العدد 4416 - الخميس 09 أكتوبر 2014م الموافق 15 ذي الحجة 1435هـ

3 مليارات دولار تعويضات إعادة تأهيل بيئة الكويت من آثار الاحتلال العراقي

حصلت الكويت على تعويضات بيئية من برنامج الأمم المتحدة للتعويضات، لإعادة تأهيل بيئتها المتدهورة نتيجة الاحتلال العراقي في الفترة من أغسطس/ آب 1990 إلى فبراير/ شباط 1991. وذلك بعد تدمير نحو 800 بئر نفطية، وانسكاب النفط وتجمعه في مناطق منخفضة لتتكون بحيرات نفطية واسعة في شمال البلاد وجنوبها بلغت مساحتها 114 كيلومتراً مربعاً.

ودمرت الآليات العسكرية الغطاء النباتي الطبيعي الذي يساعد على تخفيف حركة الرمال والعواصف الرملية، ما تسبب أيضاً في فقدان الحياة البرية. يضاف إلى ذلك نشر الألغام والذخائر في جميع أنحاء البلاد، وإنشاء التحصينات الدفاعية التي تغطي مساحة نحو 6.25 كيلومترات مربعة ما أدى إلى تفكيك التربة وتغيير خصائصها.

وكانت لجنة الأمم المتحدة للتعويضات (UNCC) التابعة لمجلس الأمن وافقت على تسليم الكويت المبلغ المتعلق بالمطالبات البيئية بقيمة إجمالية تبلغ نحو ثلاثة مليارات دولار أميركي. وتشمل المطالبات الرئيسية ما يأتي: معالجة موارد المياه الجوفية واستصلاحها، معالجة البحيرات النفطية، معالجة الخنادق النفطية الساحلية، إعادة تأهيل البيئة البرية، إعادة تأهيل البيئة البحرية، معالجة مواقع تفجير الذخائر. وتتضمن كل مطالبة مشاريع إعادة تأهيل، بناء على ما اعتمده المجلس الحاكم وسكرتارية الأمم المتحدة للتعويضات من قرارات باستخدام إجراءات وتقنيات متاحة وبكلفة معقولة.

وقامت دولة الكويت بتشكيل الجهاز الإداري والفني والرقابي لتنفيذ مشاريع إعادة تأهيل البيئة تحت مظلة وزارة النفط. وتتولى نقطة الارتباط الكويتية لمشاريع البيئة الإشراف على التنفيذ، بمساعدة فنية من معهد الكويت للأبحاث العلمية الذي كان له دور كبير في إعداد المطالبات البيئية وتقديم الدراسات العلمية المتعلقة بالدمار البيئي.

برنامج إداري لإعادة التأهيل...

يتطلب برنامج إعادة التأهيل البيئي في الكويت توافر جهاز إداري مؤسساتي، بقدرات وإمكانات ومؤهلات بشرية قادرة على تنفيذ البرنامج بأقصى درجة من المهنية والشفافية، مع ضمان الجودة والأخذ في الاعتبار العوامل الاقتصادية والمالية، بالإضافة إلى الالتزام بقواعد ولوائح لجنة الأمم المتحدة للتعويضات ومتطلبات النظم المالية والرقابية المتبعة في الدولة. وفيما يأتي أهم ركائز البرنامج الإداري لإعادة التأهيل البيئي.

نقطة الارتباط الكويتية لمشاريع البيئة (KNFP): هي الآلية القانونية لدى الكويت المسئولة عن الإشراف على تنفيذ مشاريع إعادة تأهيل البيئة، وتعتبر أيضاً ضابط اتصال مع لجنة الأمم المتحدة للتعويضات بشأن تنفيذ المشاريع البيئية. وتتولى وضع البرامج الزمنية وآليات التنفيذ والمتابعة لمشاريع إعادة التأهيل، وتضع التصور المناسب بشأن الموارد المالية اللازمة لتنفيذ المطالبات البيئية، والتأكد من إلزام الجهات المنفذة بالخطط الموضوعة والموازنات المعتمدة من لجنة سكرتارية الأمم المتحدة.

معهد الكويت للأبحاث العلمية (KISR): تتوافر لدى المعهد خبرة عريقة في مجالات المطالبات البيئية المتعلقة بالمياه الجوفية والبيئة الصحراوية والبيئة البحرية والتلوث النفطي. وقد قام سابقاً بتنفيذ مشروع متكامل على المستوى الاستشاري للرصد والتقييم البيئي للمطالبات البيئية، تم تنفيذه لصالح الهيئة العامة لتقدير التعويضات. وتم تكليف المعهد بمسئولية الإشراف الفني والتخطيط لتنفيذ برنامج إعادة التأهيل البيئي على المستوى الوطني، ليكون الذراع الفني لنقطة الارتباط الكويتية لمشاريع البيئة.

الجهات المنفذة: تقوم عدة جهات بتنفيذ مشاريع إعادة تأهيل البيئة، وهي: شركة نفط الكويت، الهيئة العامة لشئون الزراعة والثروة السمكية، وزارة الكهرباء والماء، بالتعاون مع الهيئة العامة للبيئة ووزارة الدفاع وجهات أخرى.

... وبرنامج فني

تم إعداد الخطط الفنية والمالية المتعلقة بالمطالبات البيئية، واعتمدها المجلس الحاكم وسكرتارية الأمم المتحدة بعد مراجعتها واعتمادها من قبل المراجعين المستقلين والمراقبين للشئون المالية والقانونية. وتشمل الخطط الإجراءات الفنية والشروط المرجعية لتنفيذ العمل، والتأكد من تحسين البيئة عن طريق الرصد والمراقبة على المدى البعيد. وفيما يأتي ملخص لبعض مشاريع إعادة التأهيل المتعلقة بالمطالبات البيئية.

معالجة موارد المياه الجوفية: تنتج الكويت مياهاً جوفية عذبة من الحقول الشمالية في الروضتين وأم العيش. ونظراً لتدمير الآبار النفطية في هذه المناطق، وافقت لجنة الأمم المتحدة على إعادة التأهيل بتنفيذ مشاريع المعالجة كما يأتي: معالجة المياه الجوفية الملوثة، إزالة او احتواء ووقف مصادر التلوث الحالية والمحتملة مستقبلاً في مناطق شحن المكامن، تطوير وتنفيذ برنامج طويل الأمد لحماية المكمن. وأوصت اللجنة بالبدء حالاً في وضع استراتيجية لاستصلاح مكامن هذين الحقلين، وذلك بسحب المياه الجوفية الأقل تلوثاًً على مراحل، بحيث يتم سحب ومعالجة ما مجموعه 5.5 مليون متر مكعب من المياه الجوفية الملوثة في حقل أم العيش، و9.5 ملايين متر مكعب من حقل الروضتين. وفي بداية العمل يمكن بناء حوض تبخير أو حوضين في كل حقل، وبناء أحواض إضافية عند اكتشاف ملوثات متجمعة بتراكيز عالية. كما أوصت اللجنة باستصلاح 19 رأس بئر واقعة في حفر غمرت بالنفط ضمن مناطق المياه العذبة، والعمل على “تنظيفها تماماً”.

وعلى ضوء هذه المعطيات والأهداف المرسومة للعمل، وثغرات البيانات الحالية وتوصيات المستشارين الخارجيين، يمكن الاستجابة لتنفيذ المتطلبات على مرحلتين: مرحلة أولى لتخطيط التقنيات وتمحيصها، بما في ذلك استصلاح المياه بمستوى نمطي، وهي تمتد على مدى 5 - 8 سنوات مقبلة. أما مستوى المعالجة الكاملة واستصلاح مياه المكامن فيأتيان في مرحلة ثانية يتم تنفيذها بالتوافق مع فترة تنفيذ المرحلة الأولى وتمتد على 12 - 15 سنة.

التلوث النفطي: تتضمن المناطق المتضررة من التلوث النفطي البحيرات النفطية، والخنادق النفطية الساحلية، والتربة الملوثة بالنفط، والحُصر القطرانية. ووفقاً لتوصيات لجنة الأمم المتحدة لتقدير التعويضات، يتم أولاً التخلص من الحمأة النفطية والتربة الشديدة التلوث من البحيرات النفطية، ونقلها إلى مواقع مخصصة لدفنها بطريقة آمنة بواسطة شركات هندسية متخصصة، على أن يتم بعد ذلك معالجة التربة المتبقية الخفيفة التلوث باستخدام طرق المعالجة الحيوية في موقعها من دون نقلها إلى مواقع أخرى لخفض كلفة المعالجة.

ونظراً لأن هناك تقنيات حديثة مطورة قد تكون أنسب مما اقترحت لجنة الأمم المتحدة للتعويضات، تمت الموافقة على إجراء التجارب الميدانية اللازمة لمعرفة مدى وكيفية تطبيق أنسب النظم والتقنيات التي يمكن أن تستخدم لمعالجة التربة الملوثة في البحيرات النفطية والخنادق النفطية وأكوام التربة الملوثة. وسيتم تقييم فعالية هذه التقنيات للوصول إلى طرق معالجة أكفأ وأسرع وضمن الموازنة المرصودة.

إعادة تأهيل البيئة البرية المتضررة بسبب العمليات العسكرية: أقرت لجنة الأمم المتحدة لتقديرالتعويضات المطالبات الآتية في هذا الإطار: إعادة تأهيل البيئة البرية (المحميات)، معالجة مواقع تفجير الذخائر، تخضير المناطق المتضررة.

وقد عولجت بعض المواقع المتضررة من الأنشطة العسكرية ومواقع تفجير الذخائر بطرق بديلة بناء على الخبرات المتاحة وتجارب تأهيل التربة بطرق صديقة للبيئة. وتم تنظيف عدة مواقع لتفجير الذخائر في صحراء الكويت، منها أم القواطي في الشمال الغربي وأم الروس في الجنوب الشرقي. وتم اختبار عدد من تقنيات المعالجة البيولوجية والفيزيائية واختيار أفضلها من الناحية البيئية والاقتصادية بالتنسيق مع وزارة الدفاع، وإعادة تخضير المواقع بنباتات برية من البيئة الكويتية من قبل الهيئة العامة لشئون الزراعة والثروة السمكية.

وفيما يتعلق لبرنامج التخضير والحماية، تم تنفيذ مشاريع بنوك البذور للأنواع النباتية المحلية، وإقامة بيوت زراعية محمية لتوفير احتياجات برامج التخضير، وإعداد خطة متكاملة لإنتاج النباتات الصحراوية على المستوى الوطني، والاستعانة بالقطاعين العام والخاص. ومن النباتات المزروعة بنجاح العرفج والثمام واللبانة. كما حددت عدة مواقع لإنشاء محميات برية طبيعية بهدف إعادة الغطاء النباتي بمساحة 1680 كيلومتراً مربعاً، يتم تخضير نحو 79 كيلومتراً مربعاً منها باستخدام نباتات منتجة محلياً.

المحمية البحرية: تم تحديد واختيار منطقة بحرية في خليج الصليبيخات بمساحة 280 هكتاراً متفق عليها مع الأمم المتحدة، من أجل حمايتها وإدارتها ومراقبة حالتها وخدماتها البيئية. وتم تطوير مشروع استرشادي لتقييم ورصد المكونات البيئية للمحمية، كما سيتم تطوير خطة رئيسية طويلة المدى لاستدامة الوظائف الفعالة للمحمية البحرية.

وتقوم نقطة الارتباط الكويتية لمشاريع البيئة ومعهد الكويت للأبحاث العلمية بتوفير الدعم المالي والتوجيه والإشراف الفني على هذه المشاريع، من أجل التنفيذ الناجح والمستدام لبرنامج إعادة تأهيل البيئة في الكويت بناء على قرار وتوصيات لجنة الأمم المتحدة للتعويضات.

العدد 4416 - الخميس 09 أكتوبر 2014م الموافق 15 ذي الحجة 1435هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً