العدد 4427 - الإثنين 20 أكتوبر 2014م الموافق 26 ذي الحجة 1435هـ

عبدالله الزائد دعا إلى قيام اتحاد خليجي قبل 70 عاماً

بنود سبعة تحقق بعضها وبعض راوح مكانه...

عبدالله الزائد
عبدالله الزائد

في أبريل/ نيسان 1944، وفي افتتاحية العدد 462 من صحيفة «البحرين» لمؤسسها ومحررها عبدالله الزائد، كتب تحت عنوان «اتحاد الخليج»، في أبريل من العام 1944، متطرّقاً إلى البحث في موضوع قيام اتحاد بين البلدان العربية في الخليج، وكانت وقتها: مسقط وتوابعها، رأس الخيمة، الشارقة، دبي، أبوظبي، قطر، البحرين، الكويت، عدا «إمارات صغيرة لم نذكرها لصغرها، وهي تعد بالعشرات في الساحل العُماني».

تلك الدعوة، أو البحث جاء قبل 70 عاماً من الآن، و32 عاماً، من تاريخ 16 مايو/ أيار 1976، حين «زار أمير دولة الكويت آنذاك الشيخ جابر الأحمد الصباح دولة الإمارات العربية المتحدة لعقد مباحثات مع رئيس دولة الإمارات الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، تناولت إنشاء مجلس التعاون الخليجي. واقترح فكرة إنشاء هذا المجلس، ونفذ المشروع لإحساسه بوجوب سدّ النقص الذي خلّفته المملكة المتحدة بعد خروجها من الخليج العربي، وكان قد اقترح إنشاء المجلس في قمّة للجامعة العربية في المملكة الأردنية الهاشمية في العاصمة (عمّان) في نوفمبر/ تشرين الثاني 1980، بعد خمس سنوات من الاقتراح؛ أي في 25 مايو 1981 حين تأسّس المجلس بالاجتماع المنعقد في العاصمة السعودية (الرياض)».

افتتاحية الزائد تضمّنت بنوداً سبعة للانطلاق بالاتحاد، وقد تداولها في لقاءاته - بحسب ما أشار في مقالته - بعض شيوخ وأمراء المنطقة، ولم يدّعِ أنها جاءت خالصة من أفكاره؛ بل بفعل ذلك التداول.

البنود السبعة

البنود السبعة تشكّل الهيكل التنظيمي لقيام الاتحاد؛ آخذاً بالاعتبار الإمكانات المتاحة وقتها؛ ولكنها بنود ممعنة في التفاؤل، على رغم أن دول المنطقة كانت وقتها تحت وصاية الانتداب البريطاني باستثناء المملكة العربية السعودية وعُمان، التي كانت وقتها منغلقة على العالم عموماً، ولم تكن بذلك الانفتاح على بقية إمارات الخليج أو إمارات الساحل المتصالح وبقية الإمارات المتناثرة على رقعة الخليج العربي.

بالرجوع إلى الافتتاحية المذكورة نقف على البنود السبعة بحسب ترتيبها «يُبنى الاتحاد المطلوب على سبعة مبادئ استخلصناها من أفواه نبهاء عرب الإمارات ومنهم بعض الأمراء الحاكمين.

أولاً: إزالة الحواجز الجمركية عن منتوج الإمارات.

ثانياً: إلغاء جوازات السفر بين الإمارات بالكلية.

ثالثاً: ينشأ مجلس اتحاد قوامه الأمراء خاصة، يُنتخب بمعدّل عضوين لكل مئة ألف، وعضو لكل ما نقص عن ذلك، والمجلس ينتخب رئيسه، ويجب أن يكون أحد الحكَّام المتربِّعين على سدّة الحكم ببلادهم.

رابعاً: يُوحَّد البرنامج الدراسي في جميع الإمارات، ويكون للمعارف (وزارة التربية والتعليم) مدير واحد فيها جميعاً، ومجلس معارف منتخب من الجميع، وتكون الكتب المدرسية واحدة، والعطلات والفسحات والألعاب متماثلة.

خامساً: تخصص للسفر ولنقل البريد سفن تجارية تسافر كل يوم، ابتداء من الكويت إلى مسقط، وهذه السفن ستزيد ولا ريب صلة الإمارات العربية بعضها ببعض. فإذا أضفنا إلى ذلك ما ينتظر من التقدم للطيران، فإننا نعتقد أن هذه الإمارات التي تبدو متباعدة سوف تصبح وكأنها مدينة واحدة.

سادساً: مصروفات الاتحاد، يعتقد بأن من الأوفق أن تجنى من ضريبة جمركية، فالبلاد التي تفرض على شيء ما مثلاً 5 في المئة، يمكنها أن تجعل ذلك 7 في المئة، منها 2 في المئة للوازم الاتحاد.

سابعاً: تؤسس قوة عسكرية متماثلة في التدريب، في كل إمارة من الإمارات، وتكون لها قيادة موحّدة في البر، كما تكون هناك قيادة للبحر، ولابد من وجود أسطول صغير موحّد بين الإمارات ليحمي السواحل ويخفرها.

وعودة أخرى إلى النظام الأساسي للمجلس ولجانه سنرى شيئاً من ذلك قد ورد في البنود، وإن اختلفت الصيغة بين الأمس واليوم «حدّد النظام الأساسي لمجلس التعاون أهداف المجلس في تحقيق التنسيق والتكامل والترابط بين الدول الأعضاء في جميع الميادين وصولاً إلى وحدتها، وتوثيق الروابط بين شعوبها، ووضع أنظمة متماثلة في مختلف الميادين الاقتصادية والمالية، والتجارية والجمارك والمواصلات، وفي الشئون التعليمية والثقافية والاجتماعية والصحية والإعلامية والسـياحية والتشـريعية، والإدارية، ودفع عجلـة التقـدم العلمـي والتقني في مجالات الصناعة والتعدين والزراعة والثروات المائية والحيوانية، وإنشاء مراكـز بحـوث علميـة وإقامـة مشـاريع مشـتركة، وتشـجيع تعـاون القطاع الخاص».

تبع ذلك تشكيل لجان مجلس التعاون الخليجي، وغيرها من اللجان التي استجدّت فيما بعد: اللجنة الوزارية للبريد والاتصالات وتقنية المعلومات، لجنة التعاون الكهربائي، لجنة المعلومات الإسكانية، التعليم في دول المجلس، لجنة التعاون العلمي والتقني، لجنة تبادل المعلومات الكهربائية والمائية، أجهزة الزكاة بدول المجلس، دواوين المراقبة والمحاسبة، ولجنة المعلومات الإسكانية».

إزالة الحواجز الجمركية

بعد ثلاثين عاماً سنرى البند الأول من افتتاحية الزائد لقيام الاتحاد «إزالة الحواجز الجمركية عن منتوج الإمارات»، لم تتحقق إلا بعد سنوات، وإلى الآن لم يخْلُ من إشكالات.

وعلينا هنا العودة إلى لمحة من تنظيم وإجراءات الجمارك نصاً «يعتبر توحيد الأنظمة والإجراءات الجمركية في دول المجلس من أهم الأسس التي تعمل إدارات الجمارك بالدول الأعضاء على إنجازها. والتي من بينها، إيجاد نظام (قانون) موحَّد للجمارك لدول مجلس التعاون يوحِّد الإجراءات الجمركية في جميع إدارات الجمارك بدول المجلس ويساهم في تعزيز التعاون في مجال الجمارك بين الدول الأعضاء. وقد بدأ العمل لتحقيق هذا الهدف منذ العام 1992م، وعقدت اللجنة الفنية المكلفة بهذه المهمة من قبل مديري عامي الجمارك سبعة عشر اجتماعاً لهذا الغرض انتهت بالاتفاق على النظام «القانون» المشار إليه».

وفي البند الثاني الذي يتناول إلغاء جوازات السفر بين الإمارات، هو الآخر لم يتحقق إلا بعد سنوات من قيام الاتحاد، باعتماد بطاقةالهوية، فيما البند الثالث من الافتتاحية، تحقق بحكم النظام الأساسي لمجلس التعاون بتبادل رئاسة المجلس الأعلى، وتكون للدولة التي يعقد فيها الاجتماع السنوي للحكّام، باستثناء «عضوين للمجلس لكل مئة ألف، على رغم عدم وجود كثافة سكانية وقتها. مع ملاحظة أن المملكة العربية السعودية لم تكن ضمن الأسماء المراد أن يجمعها المجلس، في الوقت الذي كان فيه الثقل السكاني متركّزاً فيها!

وأكثر البنود تفاؤلاً هو البند الرابع المتعلق بتوحيد البرنامج الدراسي في جميع الإمارات؛ أي المناهج؛ علاوة على ترؤس مدير (المعارف) واحد يتم اختياره من بين الإمارات، مع توحيد الكتب بينها، وذلك لم يتحقق بعد 33 عاماً من قيام المجلس؛ بل تكاد مناهج دول المنطقة على تباين في بعض المواد، ومصادر اعتمادها.

في البند السادس المتعلق بأحد الموارد المالية (الضرائب) من خلال الجمارك، يدعو الزائد إلى رفْعها من 5 في المئة إلى 7 في المئة، كمدخل لتوافر الموارد اللازمة للإسراع بمباشرة الاتحاد.

البند السادس يعيدنا إلى الالتفات إلى أول بنود تشكّل الاتحاد في الافتتاحية المذكورة، والذي يطالب بإزالة الحواجز الجمركية بين الإمارات؛ الأمر الذي لن يكون مريحاً ومُتفقاً عليه، وهو ما حدث إلى ما قبل إقرار الاتفاقية الجمركية الموحَّدة بين دول مجلس التعاون الخليجي، ولا بأس هنا بالعودة إلى الأرشيف ومن موقع الأمانة العامة للمجلس «في الأول من يناير/ كانون الثاني 2002م، تم تطبيق قانون موحّد للجمارك في جميع دول المجلس. وفي الأول من يناير 2003م، حققت دول المجلس خطوة مهمة بتطبيقها الاتحاد الجمركي، حيث تم الاتفاق على تعرفة جمركية موحّدة للاتحاد الجمركي لدول المجلس بواقع 5 في المئة على السـلع الأجنبية المسـتوردة من خارج الاتحاد الجمركي، والعمل بها من الأول من شهر يناير 2003م، مع إعفاء عدد من السلع الضرورية من الرسوم الجمركية إضافة للإعفاءات الجمركية الواردة في النظام (القانون) الموحد للجمارك، والتزامات بعض دول المجلـس لمنظمة التجارة العالمية، علماً بأن السلع المعفاة من الرسوم الجمركية تشكِّل نحو 10 في المئة من مجموع السلع المستوردة».

بين العام 1981، و2003، نتحدث عن 22 عاماً من إقرار القانون الموحّد!

أما البند السابع المتعلق بالجيش والقيادة الموحَّدة في البر والبحر، بحكم أن واقع البلاد وقتها لم يتح لها مجرد التفكير في سلاح للطيران، بحكم واقع التعليم من جهة، وهيمنة الانتداب البريطاني على معظم إمارات الخليج من جهة أخرى، فهو الآخر لم يتحقق، إلا في صورة درع الجزيرة، وكان قيامه مرتبطاً بظروف إقليمية عاشتها المنطقة، وخصوصاً بعد قيام الحرب العراقية الإيرانية، والخطر الذي استشفته الدول الأعضاء من الجانبين على أمن دولها، فكان قيام قوات درع الجزيرة المشتركة لدول مجلس التعاون الخليجي، التي تم إنشائها العام 1982؛ أي بعد عامين من اشتعال أوار الحرب بين العراق وإيران والتي اندلعت في الفترة ما بين سبتمبر/ أيلول 1980 حتى أغسطس/ آب 1988، وخلفت نحو مليون قتيل، وخسائر مالية بلغت 400 مليار دولار أميركي، لتأتي قوات درع الجزيرة بهدف حماية أمن الدول الأعضاء وردع أي عدوان العسكري.

لاشك أنها رؤية مبكِّرة بعقود تلك التي أثارها الزائد في افتتاحيته، في وقت لم تكن المنطقة قد تهيأت لكل هذه التحولات التي تعصف بها متجاوزة الإقليم إلى ما بعده، والأثر والمحور الذي مثلته دول مجلس التعاون باعتباره خزان النفط الأول في العالم، ودوران لعبة المصالح، وقيام حروب جديدة اتخذت هذه المرة أشكالاً ومفاعيل أخطر، تتمثل في الحروب الطائفية، ومخططات التقسيم، ومحاولات متكررة إلى إعادة رسم خريطة الشرق الأوسط الكبير، ومرة الجديد.


نص المقال... «اتحاد الخليج»

«في افتتاحيتنا اليوم آثرنا أن نبحث موضوع الاتحاد بين البلدان العربية في الخليج، ونعني بها مسقط وتوابعها، رأس الخيمة، والشارقة، ودبي وأبوظبي وقطر، والبحرين، والكويت، عدا إمارات صغيرة لم نذكرها لصغرها، وهي تعد بالعشرات في الساحل العماني.

مراراً كتبنا في هذا الموضوع الذي يهمنا بوجه خاص، وقد وقف محرر هذه الجريدة شخصياً على آراء الكثير من أمراء الخليج وشيوخه. كما أنه متأكد أن بريطانيا لا تعارض هذا المشروع، فيما لو أبدى شيوخ الإمارات رغبتهم في هذا الاتحاد. بل أنها على الراجح ستبادر إلى المساعدة والمعونة.

نعيد هنا ما كررناه مراراً، وهو أن اتحاد الإمارات العربية في الخليج لا يعني أن يتنازل أي أمير عن عرشه، أو يفقد شيئاً من نفوذه، أو ينقص شيئاً من دخْله، بل بالعكس فإن الحروب بين الإمارات ستزول وتنعدم، ويحل محلها سلم وأمان دائمين. وبهذا السلم والأمان سيصبح مركز كل عائلة مالكة في أي إمارة وطيداً ثابتاً لا يتزعزع.

يُبنى الاتحاد المطلوب على سبعة مبادئ استخلصناها من أفواه نبهاء عرب الإمارات ومنهم بعض الأمراء الحاكمين.

أولاً: إزالة الحواجز الجمركية عن منتوج الإمارات.

ثانياً: إلغاء جوازات السفر بين الإمارات بالكلية.

ثالثاً: ينشأ مجلس اتحاد قوامه الأمراء خاصة، ينتخب بمعدل عضوين لكل مائة ألف،وعضو لكل ما نقص عن ذلك، والمجلس ينتخب رئيسه، ويجب أن يكون أحد الحكَّام المتربِّعين على سدّة الحكم ببلادهم.

رابعاً: يوحّد البرنامج الدراسي في جميع الإمارات، ويكون للمعارف (وزارة التربية والتعليم) مدير واحد فيها جميعاً، ومجلس معارف منتخب من الجميع، وتكون الكتب المدرسية واحدة، والعطلات والفسحات والألعاب متماثلة.

خامساً: تخصص للسفر ولنقل البريد سفن تجارية تسافر كل يوم، ابتداء من الكويت إلى مسقط، وهذه السفن ستزيد ولا ريب صلة الإمارات العربية بعضها ببعض. فإذا أضفنا إلى ذلك ما ينتظر من التقدم للطيران، فإننا نعتقد أن هذه الإمارات التي تبدو متباعدة سوف تصبح وكأنها مدينة واحدة.

سادساً: مصروفات الاتحاد، يعتقد بأن من الأوفق أن تجنى من ضريبة جمركية، فالبلاد التي تفرض على شيء ما مثلاً 5 في المئة، يمكنها أن تجعل ذلك 7 في المئة، منها 2 في المئة للوازم الاتحاد.

سابعاً: تؤسس قوة عسكرية متماثلة في التدريب، في كل إمارة من الإمارات، وتكون لها قيادة موحَّدة في البر، كما تكون هناك قيادة للبحر، ولابد من وجود أسطول صغير موحّد بين الإمارات ليحمي السواحل ويخفرها.

تلك هي القواعد التي يرى من اجتمعنا بهم من أمراء الخليج ونبهائه. أنه يجب أن تبنى عليها الوحدة بين إمارات الخليج، نحن من يؤيد المشروع المؤمل المنتظر، والمكون من السبع مواد التي ذكرت آنفاً.

والأمل الآن معقود على أن يتقدّم الأمراء أجمع فيعقدوا مؤتمراً بينهم يتم فيه بحث الموضوع مجتمعين، كما سبق وبحثوه منفردين».

جريدة البحرين - أبريل 1944

صورة قديمة لباب البحرين-بنا
صورة قديمة لباب البحرين-بنا

العدد 4427 - الإثنين 20 أكتوبر 2014م الموافق 26 ذي الحجة 1435هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً