العدد 4433 - الأحد 26 أكتوبر 2014م الموافق 03 محرم 1436هـ

امتداد في الخليج وهجرة إلى الشام ومبايعات القطيف والبحرين (2-2)

«دراسة في وثائق عائلة الجشِّي»...

بحر البلاد القديم قبل أن تمتد إليه عمليات الردم
بحر البلاد القديم قبل أن تمتد إليه عمليات الردم

اختتمت الحلقة الأولى من استعراض الفصل الأول من كتاب “تراث الأجداد... دراسة في وثائق عائلة الجشِّي في القطيف والبحرين (1200 - 1350هـ)”، بالتعليم والثقافة في المنطقة، بدءاً بالكتاتيب والحوزة في القطيف، مروراً بالتعليم في البحرين وتاريخ إنشاء أول مدرسة نظامية فيها العام 1919.

يبدأ الفصل الثاني والذي حمل عنوان “وثائق عائلة الجشِّي”، بـ “العوائل في القطيف والبحرين”، بتتبّع نسب العدنانيين، بدءاً بربيعة بن نزار، والقبائل الخمس الممتدة منه (ضبعة بن ربيعة، وقبيلة الأزد، وقبيلة إياد، وبني تميم وبكر بن وائل وقبيلة عبدالقيس التي رسخت جذورها في المنطقة وانتشرت فروعها). ويعدد الجشي المنازل والمواقع التي اتخذوها مستقراً لهم؛ إذ “نزل بنو حفص صفوى وبنو نكرة بن لكيز القطيف وما حولها والشتار والظهران إلى الرمل، وقد بقيت عبدالقيس في هذه المناطق محتفظة بها عند ظهور الإسلام...”.

واستناداً إلى الباحث والمؤرخ البحريني سالم النويدري، في كتابه “الأُسَر العلمية في البحرين”، يرجع نسب أسرة الجشِّي إلى قبيلة عبدالقيس من ربيعة، مروراً بالكتب المخطوطات التي تبحث في جذور العائلة وامتدادها كتاب “الجامع الصحيح” للبخاري، وفهارس المؤلفين في مكتبة آية الله مرعشي، وصاحب كتاب كشكول آل سيف، الذي يشير إلى أن عائلة الجشِّي كانت تلقب بالبلادي، وأن موطنها منذ وطأت اقدام أسلافها العشائر العربية من قبيلة عبدالقيس أرض أوال (البحرين)، وأكد ذلك عبدالرحمن العاني في بحثه “سكّان البحرين عند ظهور الإسلام”.

بين الأبحاث والتحقيقات المتفرقة ما يشير إلى البلدان التي توزعت فيها عائلة الجشِّي، ولم تقتصر على منطقة الخليج العربي وما جاورها، بل إلى أبعد من ذلك في مناطق تمتد إلى بلاد الشام، فبعد هجرة إحدى فروع العائلة من قرية جش من شرق نجد في القرن الثامن عشر على إثر خلاف، وبعض آخر هاجر إلى الكويت، وثالثة إلى البحرين، وديار الشام، وشرق فلسطين حيث نزلوا في سحماتا، وأخرى إلى حوران، ومنهم الشيخ سعيد جشِّي الذي استقر في جويا.

الجِشُّ مكاناً ولغة

يحصي الجشي سبعة مواضع بين مسمى جِش وجش إرم، وجش أعيار، وجشا والجشة، بحسب دليل المواقع الجغرافية الذي أصدرته الجمعية الجغرافية السعودية، الأول، قرية بالمنطقة الشرقية، والثاني، جبل، بمنطقة حائل، والثالث، جبل، بمنطقة حائل، والرابع، قرية، بمنطقة جازان، والخامس، الجشة، قرية بالمنطقة الشرقية، والسادس الجشة،، قرية بمنطقة جازان، والسابع، الجشة، قرية بمنطقة عسير.

أما من حيث اللغة، فبحسب “محيط المحيط”: جش الشيء يجشه جشاً، دقّه وكسره. وفي “لسان العرب”، قيل، جشش، غلظة وبحة، والصوت الأجش. أما في “ترتيب القاموس المحيط”، الجش، الموضع الخشن، الحجارة، والجشة جماعة الناس يقبلون معاً.

ويذكر جميل الجشِّي في كتابه أنه لم تتم الإشارة إلى هجرة بعض أفراد العائلة إلى الشام؛ إذ حصلت قبل تاريخ الوثائق والروايات التي بين يدي العائلة، ولم يتم تسجيلها أو روايتها من قبل أي من أفراد العائلة.

ومن ضمن الملاحظات التي يوردها المؤلف، أن تاريخ الهجرة، إن صحَّ فإنه يتوافق مع ظهور الدولة السعودية الأولى، مُؤيَّدة من حركة الشيخ محمد بن عبدالوهاب، مكتفياً بالتساؤل: “هل كانت الهجرة بسبب خلاف نشب بين العائلات المتجاورة؛ أم بسبب ما قد حصل من حروب بين الدولة الجديدة وحكام المناطق المختلفة؟”.

ومن ضمن محاولات المؤلف لاستكمال بحثه، هو سعيه للحصول على وثائق من “كل من النازحين من فلسطين والمقيمين الآن في لبنان من عائلة الجشي، وأولئك المقيمين أصلاً في لبنان، ولكن الجميع اعتذر لعدم وجود أي وثائق قديمة لديهم”.

يستند المؤلف على ما تم ذكره إلى كتاب “سفر الكابري” “عند حديثه عن أملاك العوائل في فلسطين، الباب الثالث، حوالي 33 موقعاً من الأراضي الزراعية في كل من (وترشيحا) و (الكابري). كما ذكر الأسماء الآتية باعتبار أصحابها من ملّاك هذه الأراضي: الشيخ شاكر الجشي، الشيخ شاكر أحمد خالد الجشي، محمد خالد الجشي، ركاد الجشي، علي شاكر حسين الجشي، ركاد درويش الجشي، وعلي فؤاد الجشي”.

الوثائق كتبت خلال حكم ست دول

ولبناء شجرة العائلة، يقتفي جميل الجشِّي الوثائق، في محاولة لتحليلها، اعتماداً على مصدرين: الشفهي منه وذلك الذي يعتمد على الوثائق.

من بين أقدم المخطوطات في المجموعة الأولى منها، تلك التي تبدأ في العام 1197هـ (1782م)، وتنتهي في العام 1353هـ (1934م)، وتتكون من 126 وثيقة، 40 منها اختصت بالمبايعات بين أفراد العائلة أنفسهم، أو مع آخرين، من بين تلك المبايعات بساتين أو أرض فضاء أو منزل أو كميات من الماء.

ونوع ثانٍ من الوثائق، يتعلق بالوفيات، مكونة من 18 وثيقة، تتحدد موضوعاتها في وقف نخل أو منزل أو أرض، وغيرها من الوثائق.

بالوقوف على تاريخ أقدم وثيقة، يمكن تأكيد أنها تمت في عهد حكم بني خالد الأول، وآخرها تمت في عهد الملك عبدالعزيز، وبالاستنتاج، فإن الوثائق كتبت خلال حكم ست دول تعاقبت على حكم القطيف.

يبحث الجشِّي في دلالات الوثائق للعلاقات الأسرية والتاريخية، بما تحويه تلك الوثائق من اسم الشخص والشهود وبعض أوصاف الشخصيات في الوثائق تلك، إضافة إلى التواريخ.

وفي ضوء تلك الوثائق يرسم الجشِّي شجرة الأسرة، وصولاً إلى استكمالها، معتمداً المنهج أو الأسلوب، وأسلوب الترقيم وترتيب الأسماء وجداول النسب وجداول المعلومات.

استعراض عام للوثائق

عبْر 150 سنة هو عمر الوثائق موضوع البحث والدراسة، لا يعتمد الجشي منهج التحليل في تناول تفاصيلها، معتمداً على الشكل العام لها والمضمون، بحسب موضوعاتها ولغتها وأسلوبها. فمن وثائق الوصايا والبيوع والوقف والوثائق المشتركة بين الاثنين (البيوع والوقف)، والصلح، والبيع المشروط، يشير الجشي إلى العملات التي كانت متداولة في الربع الأخير من القرن الميلادي التاسع عشر (1885 - 1900) وهي: الروبية الهندية: 2.3 - 3.6 قران إيراني، الجنيه الإسترليني: 29 - 58 قران، الجنيه (الليرة) التركية: 13 - 14.5 روبية هندية، والدولار النمساوي (ريال فرنسي/ ريال ماريا تريزا): 140 - 150 روبية.

بعد استعراض لنوعية الوثائق وموضوعاتها وأسلوبها ولغتها، يصل الجشِّي إلى خلاصة أنه على رغم الفترات الزمنية المتباعدة من إعدادها في فترات الحكم في القطيف والبحرين؛ إلا أن الإطار واللغة والأسلوب واحد.

يفرد الجشِّي قائمة بأسماء الأشخاص الذين ارتبطت معهم العائلة بعمليات بيع، تصل إلى واحد وثمانين اسماً كلها من خارج العائلة، ومن مناطق متفرقة داخل القطيف وفي البحرين، وما يلاحظ على الأسماء أنها تشير إلى حال من وجود التعايش والانفتاح في تلك الفترة الزمنية البعيدة، من دون الدخول في مماحكات وفرز وتمييز على المذهب، إضافة إلى أن بعض المبايعات تلك تمت مع بعض أفراد العائلة الحاكمة في البحرين، ومن بين المبايعات تلك بحسب الوثائق “أن البائع، وكالة من البحرين وأصحاب البيع من تاروت، هذا بالإضافة إلى التعامل المباشر مع سكّان البحرين والقطيف من جميع الأطياف، كما هو الحال مع بعض أفراد عائلة آل خليفة والقصيبي والدرويش والجعفري والردّاح وغيرهم”.

يتتبّع الجشي الوثائق تلك التي حوت فيما حوت وكالة رهن، وسند قبض، وعقد إيجار، وتأجير نخيل (تضمين/ تأكير)، مع أسماء النخيل والعقارات في مناطق تمتد من القطيف إلى البحرين، في البلاد القديم والمنامة، أما جدول أسماء النخيل التي تشير إليها الوثائق إما بيعاً وشراء أو وقفاً أو مصالحة أو تأجيراً، بين القطيف والبحرين، فنقف على تواجدها فيما يتعلق بالأخيرة في كل من: توبلي، سلماباد، مَني، ظهر منيار، الزنج، سند، السهلة، صدد، بلاد القديم، سترة، الجزيرة، العجير، بربور، (هكذا ورد الاسم)، كرزكان، ساحة الخريان، ساحة الماحوز، جدحفص، ساحة السهلة، الهملة، وبوري.

التراجم

وضمن التراجم لبعض شخصيات العائلة، يتناول الجشِّي سيرة ودور كل من: الشيخ عبدالعزيز مهدي الجشِّي، الحاج منصور محمد علي الجشِّي، الشيخ محمد علي مسعود سليمان الجشِّي، الشيخ علي حسن الجشِّي، الشيخ باقر منصور الجشِّي، الحاج عبدالله منصور الجشِّي، الحاج أحمد محمد علي مسعود الجشِّي، الشيخ منصور سلمان الجشِّي، عبدالله بن الشيخ علي الجشِّي، الشيخ محمد علي أحمد الجشِّي، الحاج مهدي أحمد الجشِّي، حسن صالح الجشِّي، الملا عبدالمهدي محمد علي الجشِّي، حسن جواد الجشِّي، ماجد جواد الجشِّي، جميل جواد الجشِّي، بهيَّة جواد الجشِّي، محمد سعيد أحمد الجشِّي، وعواطف حسن جواد الجشِّي.

في التراجم تلك نقف على أربعة من أفراد العائلة الذين كان لهم دور في تأسيس وتسنّم مناصب مهمة بعضهم قبل الاستقلال وبعض آخر بعده.

فحسن جواد الجشِّي، أصدر في العام 1950 مع مجموعة من رفاقه مجلة “صوت البحرين” التي استمرت حتى العام 1954، وطالب في الخمسينيات بوجود مجلس تشريعي منتخب، وساهم بدور نشط في هيئة الاتحاد الوطني في الفترة من العام 1954 إلى العام 1956، وكان أحد أعضائها البارزين، من دون أن ننسى أنه تم اختياره كأحد أعضاء مجلس إدارة اتحاد العمل البحراني الذي أعلن تأسيسه في العام 1955، وفي العام 1973، انتخب في أول مجلس وطني، وأصبح أول رئيس له.

أما ماجد جواد الجشِّي، فقد تم اختياره في العام 1975؛ أي بعد الاستقلال بأربع سنوات، وزيراً للأشغال والكهرباء والماء، وبقي في المنصب لعشرين عاماً، ثم عيّن وزيراً للأشغال والزراعة في الفترة ما بين 1995 - 1999، ووزير دولة في الفترة ما بين 1999 - 2002، ثم مستشاراً لسمو رئيس الوزراء من العام 2006 إلى الوقت الحاضر.

وبالنسبة إلى بهية الجشِّي، فهي عضو مجلس الشورى البحريني، وعضو المجلس الأعلى للمرأة، وعضو مجلس أمناء معهد البحرين للتنمية السياسية، ومستشار بديوان سمو رئيس الوزراء في الفترة ما بين 2002 - 2004.

أما عواطف الجشِّي، فقد التحقت بجهاز الشرطة في العام 1970 “وأوكل إليها إنشاء نظام جديد لرعاية الأحداث (...) وفي العام 1973 أقيم مركز للأحداث في منطقة الخميس، أشرفت عليه وكانت برتبة ملازم أول في العام 1975، إلى أن تدرجت في الرتب العسكرية وصولاً إلى رتبة عميد، أدارت خلال الفترة تلك الشرطة النسائية في البحرين، ليصدر أمر ملكي في مايو/ أيار 2006، بتعيينها مستشاراً لشئون الشرطة النسائية بديوان وزارة الداخلية بدرجة مدير عام.

 ماجد الجشي - بهية الجشي
ماجد الجشي - بهية الجشي
الحاج عبدالله الجشِّي مع مجموعة من وجهاء القطيف
الحاج عبدالله الجشِّي مع مجموعة من وجهاء القطيف

العدد 4433 - الأحد 26 أكتوبر 2014م الموافق 03 محرم 1436هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 2 | 5:34 ص

      sunnybahrain

      السلام عليكم ،،البحرين لها تاريخها العريق والاصيل ،،الى ان اتتها العوائل الدخيله ،،وسلبت خيراتها وخيرات شعبها ،،الله يا بحر بلاد القديم ،،لك ذكريات عاشها الجميع ،،السلام عليكم .

    • زائر 1 | 12:02 ص

      الجشة في السواحل الايرانية

      كذلك توجد قرية اسمها الجشة في الساحل الايراني من الخليج وهي اليوم من توابع بندر لنجة، كما لعائلة الجشي تواجد في المحمرة

اقرأ ايضاً