افتتح تجمع الوحدة الوطنية مساء الأربعاء (5 نوفمبر/ تشرين الثاني 2014) بمدينة حمد، خيمته الانتخابية لمترشحيه للانتخابات النيابية والبلدية المقبلة في دوائر المحافظة الشمالية، بعرض فيلم يتحدث عن ما جرى في الأحداث التي عصفت بالبحرين في العام 2011، واصفاً المحتجين بـ «الانقلابيين».

وتطرق الفيلم لتسلسل الأحداث الأمنية من إغلاق الشوارع والاعتصام الحاشد في «دوار اللؤلؤة»، وبعدها استعرض الفيلم وقفة جمهور الفاتح للتصدي لما وصفه بـ «الانقلاب» على البحرين، وحشد جماهير الفاتح في اعتصامات ترفض مطالب المحتجين والتي تمثلت في المطالبة بحكومة منتخبة.

وبدأ رئيس تجمع الوحدة الوطنية الشيخ عبداللطيف المحمود بمخاطبة الحضور في الخيمة الانتخابية بالقول: «يا أهل الفاتح، أنتم من صنع التاريخ في وقفتكم التاريخية في 21 فبراير/ شباط 2011، فحفظ الله بكم الوطن والمواطنين من كيد الكائدين، وأنتم وآباؤكم وأجدادهم من شارك في كتابة تاريخ هذا الوطن في محطاته الوطنية كافة على مر التاريخ».

وأضاف «اليوم ننطلق معكم إلى مرحلة جديدة من مراحل بناء هذا الوطن لنكمل المسيرة التي بدأناها معكم في ذلك التاريخ في طريق نرسمه معاً، لقد تحملنا المسئولية في الاستمرار بتجمع الوحدة الوطنية فكان رهاننا على حفظ أمن الوطن واستقراره عبر عمل متواصل في الداخل والخارج حتى تحقق هذا الهدف، واليوم نسعى لنكمل الطريق الذي بدأناه معكم من خلال التمثيل البرلماني والبلدي، وأنتم كذلك من سيكتب تاريخ هذه المرحلة».

ووجه المحمود رسائل عدة، وقال: «للشعب البحريني المخلص لوطنه ومواطنيه، مرحلة الحفاظ على استقلال الوطن واستقراره وأمنه، لقد كان همنا الأول وجهادنا عند نشأة التجمع العمل على الحفاظ على استقلال الوطن واستقراره وأمنه في مواجهة الأخطار الداخلية والخارجية التي أحاطت به، وانصبَّت جهودنا حول هذه القضايا سواء في تواصلنا مع القيادة السياسية في البحرين أو مع السفارات والوفود الأجنبية سواء من الدول أو المؤسسات أو المنظمات الدولية والحقوقية الذين كانوا يتواردون على البحرين للتعبير عن موقفكم الوطني. ولحساسية تلك المرحلة لم ننشغل بالدخول في الانتخابات التكميلية، ونحمد الله الذي وفقنا للمساهمة في تحقيق أمن هذا الوطن واستقراره وإنقاذه من الاحتراب الطائفي الذي كان يخطط له».

وبين أن الوطن ملك لكل شعب البحرين. نحن نؤمن بأن هذا الوطن ملك لكل شعب البحرين بجميع مكوناته الدينية والمذهبية (من سنة وشيعة وبهرة ومسيحيين ويهود) ومكوناته العرقية والفكرية والسياسية، الذين يجب عليهم جميعاً القبول بالآخر واحترامهم والمحافظة على حقوقهم وعلى دمائهم وأموالهم وأعراضهم.

ودعا المحمود إلى العمل على تحقيق توحيد الصفوف، وذلك تحقيقاً لتطلعات أهل الفاتح في توحيد الصفوف، مشيراً إلى أن التجمع عمل بكل جِدِّية من أجل تكوين ائتلاف جمعيات الفاتح السياسية الوطنية. فكان الاجتماع الأول في مقر التجمع وعمل على تعزيز الشراكة بين جمعيات الائتلاف والذي تجلى هذا في استكمال حوار التوافق الوطني للمحور السياسي في نسخته الثانية عندما دخل الائتلاف كتلة واحدة، واستطاع أن يعبر عن مطالبكم والدفاع عن حقوقكم، ولم يقف الأمر عند ذلك بل استمر الجهد لتحقيق التنسيق في الانتخابات النيابية والبلدية حتى تمخضت تلك الجهود عن التوافق على اثنتي عشرة (12) دائرة من أصل أربعة عشر (14) دائرة تنوي جمعيات الائتلاف الترشح فيها. وبذلك تحقق مكسب طالما كُنْتُمْ تطالبون به دائماً ويتمناه المخلصون من أبناء هذا الوطن والحريصين على وحدته.

وأوضح «من أجل تحقيق تلك الأمنيات كَبُرنا على جراحاتنا وعلى ما نالنا من أذى خلال انشغالنا بالدفاع عن الوطن وعن استقراره وبالتواصل في الداخل والخارج من أجل الوطن ومن أجلكم انطلاقاً من مسئولياتنا تجاه الوطن وتجاهكم».

وذكر أن الدخول للمجلس النيابي هو السبيل لتحقيق مطالب الشعب التي عبّر عنها التجمع. يثق تجمع الوحدة الوطنية بأنه لا يستطيع أن يحقق للمواطنين ما يطمحون إليه وما قدمه عنهم من مطالب إذا لم يحصل مترشحو التجمع على ثقتهم ويفوزوا في الانتخابات النيابية ليعملوا جاهدين لتفعيل صلاحيات المجلس النيابي واستخدام الأدوات التشريعية والرقابية كافة التي كفلها الدستور من أجل تطوير أداء الحكومة ومراقبة عملها والحد من الفساد وتحسين المستوى الاقتصادي والاجتماعي والمعيشي للمواطنين وفق برنامج التجمع الانتخابي النابع من برنامجه السياسي الذي شارك في وضعه عدد كبير من المواطنين المعنيين بعد دراسات وبحث ومناقشات طويلة استمرت لما يقرب من ستة أشهر».

ودعا الحضور إلى المشاركة في التصويت، وأفاد «يدعو تجمع الوحدة الوطنية جميع منتسبيه وجميع المواطنين للتصويت يوم الانتخاب لممارسة حقهم الدستوري، فلا تضيعوا على أنفسكم هذا الحق الذي ضمنه لكم الدستور، ولا تتركوا غيركم يفرض عليكم نوابكم ، فالفائز في الانتخابات يمثل جميع المواطنين وليس من انتخبه فقط، ولا تُلغى الانتخابات بسبب قلة عدد الذين مارسوا حقهم في الانتخاب ولا بكثرة عدد من لم يمارس حقه في الانتخاب، ويجب أن لا تدفعنا حالة الإحباط من أداء المجالس السابقة إلى عدم التصويت، فهذه مسئولية وطنية وشرعية ونحن مثل من سبقنا ممن سار على درب الديمقراطية نبني نظامنا الديمقراطي عن طريق تراكم الخبرات، والانتخابات القادمة لبنة من لبنات البناء التي نريدها لبحرين المستقبل».

واستعرض المحمود الخدمات التي قدمها التجمع في المرحلة الماضية، بالقول: «قدم التجمع ما استطاع من خدمات لأفراد الشعب الذين رفعوا إليه مشاكلهم خلال السنوات الأربع الماضية والتي بلغت منذ حصول التجمع على الترخيص في 28 يوليو/ تموز 2011، وحتى الآن أكثر من 1700 رسالة للديوان الملكي ولديوان رئيس الوزراء ولديوان ولي العهد ولوزارات الإسكان والتربية والتعليم والداخلية والدفاع ومؤسسات الدولة مثل «بنوكو» وغيرها. وهذا ما كان بمقدورنا أن نفعله ونحن بعيدون عن المشاركة في السلطة التشريعية».

ودعا المترشحين للانتخابات النيابية بالالتزام بأخلاقيات أهل البحرين، وأشار «ندعو جميع المترشحين للمجلس النيابي والمجالس البلدية والعاملين معهم بمن فيهم مرشحي تجمع الوحدة الوطنية ومرشحي الائتلاف أن يتقوا الله تعالى وأن يلتزموا بأخلاق أهل البحرين التي عُرفوا بها عند كل من عاشرهم وتعرَّف عليهم، ويلتزموا بقواعد التنافس الشريف، ولا يبيعوا دنياهم بآخرتهم فيخسرونهما جميعاً، وأذكرهم بأن الله لا يعفو عن حقوق الناس ويعفو عن حقه».

ولم تخلُ كلمة المحمود من توجيه النقد للحكومة، قائلاً: «رسالة للدولة، التكامل بين السلطات الثلاث هو الضمان لتحقيق العدالة والاستقرار والتنمية. أكدت الأحداث المؤلمة التي مرت بها البحرين من العام 2011 حتى الآن أن التكامل في العمل بين السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية والتشارك الإيجابي بين السلطات الثلاث هو الضمان لتحقيق العدالة والاستقرار والتنمية، وهذا ما سنعمل من أجله من خلال تواجد ممثلينا في المجلس النيابي والمجالس البلدية».

وطالب بمعالجة القصور في أداء السلطة التنفيذية، منوهاً « نحن نعتقد أن هناك قصوراً في أداء السلطة التنفيذية في التعاطي مع مطالب الشعب، وما حالة الإحباط وعدم الرضا لدى الشارع إلا بسبب هذا القصور. ونحن نؤكد ومن على هذا المنبر أننا لن نتهاون في حقوق شعب البحرين كما لم نتهاون في حق البحرين عندما خرجنا في 21 فبراير 2011، لذلك ندعو الحكومة للتجاوب مع مطالب الشعب ونطالب بتوظيف إيرادات الدولة ومواردها لتحقيق تلك المطالب».

وواصل المحمود «الناس تتساءل: أين أنفق الدعم الخليجي فيما سمي بـ «مارشال الخليج؟»، ولذلك فإننا نؤكد أننا سنقف مع مطالب الشعب لتحقيقها وتحقيق المستوى المعيشي اللائق للمواطن البحريني سواء في الإسكان أو التعليم أو الصحة أو العمل وغيرها من الخدمات لتحقيق حياة مستقرة وهانئة للمواطن».

وتحدث المحمود عن ضرورة معالجة الانقسام والتمزق الطائفي، وقال: «إن من أهم التحديات التي تواجهها البحرين اليوم هي قضية الانقسام والتمزق الطائفي، ونعتقد أن على الدولة مسئولية كبيرة بالتشارك مع الشعب لمعالجة هذا الانقسام والتمزق الذي أصاب مجتمعنا وظهر بشكله الحقيقي من أحداث فبراير 2011، ولا يجوز أن ندع الأجيال القادمة تذوق المرارة التي ذقناها أو يمروا بمثل هذه الأحداث التي مررنا بها. وسيكون تجمع الوحدة الوطنية ساعياً ومعيناً ومساعداً لأي جهد يبذل لتحقيق هذا الهدف».

وعلى الصعيد العربي، أفاد المحمود «إننا في تجمع الوحدة الوطنية لن نسمح بأن يحدث للبحرين ما حدث للعراق وسورية واليمن ولبنان وليبيا ومصر، وسنبذل جهدنا لمعالجة المشكلات التي ظهرت ولسد أبواب الفتن بمعالجة أسبابها في أقرب وقت بالتعاون مع جميع الجهات المعنية العامة منها والخاصة».

ووجه المحمود رسالة لدول مجلس التعاون الخليجي، قائلاً: «شكراً لكم على مواقفكم من البحرين منذ بدء الأزمة حتى الآن، وعلى الدعم الذي حصلت عليه البحرين على الأصعدة الاقتصادية والأمنية كافة لدعم الاستقرار ووأد الفتنة، ولن نرضى لكم إلا بما نرتضيه لأنفسنا من عدالة واستقرار وأمن وتطور وتنمية ونسأل الله تعالى أن لا يبتليكم بمثل ما ابتلينا به».

وأضاف «دول مجلس التعاون ليست بمعزل عن مخططات الشر والتمزق كما نذكّر بأنَّ الأحداث التي مرت وتمر بالدول العربية القريبة منا قد بيَّنت وأوضحت أن دولنا ليست بمعزل عن هذه الأحداث، وأن الشر يخطط لها كما خطط لغيرها، وأن ما مرَّ من فتنة وأحداث بالبحرين إنما كان يراد به أن يكون مدخلاً لبقية دول مجلس التعاون الخليجي كلها لتمزيقها وتمكين أعدائها من شعوبها واستقرارها وأمنها، ولا ملجأ لنا بعد الله تعالى إلا بتقوية الترابط بين دولنا وشعوبنا والمضي في طريق الاتحاد بعد مرحلة التعاون، فـ (يد الله مع الجماعة) و(إنما تأكل الذئب من الغنم القاصية) كما قال رسولنا الأكرم (ص)».

وانتقد التدخل الخارجي في الشأن الداخلي للبحرين، مشيراً إلى أن «الدول التي تدخلت ومازالت تتدخل في الشأن البحريني والتي تعمل على التمزق الطائفي وإثارة الفتنة، نقول لهم ارفعوا أيديكم عن التدخل في الشأن الداخلي للبحرين وأهلها، فلقد كشفت لنا الأحداث التي مررنا بها في البحرين مواقفكم السياسية واستراتيجياتكم، ورأينا مواقف الأصدقاء والأعداء والمتلونين منكم، ولا ينتظر أعداؤنا والمتلونون أن نثق بهم وبمعسول كلامهم، فمواقفكم العملية والسياسية هي التي تحدد موقفنا من حكوماتكم، أما شعوبكم فإننا لا نؤاخذها بمواقف حكوماتكم ما لم يؤيدوا مواقفها العدائية ضد وطننا ومواطنينا، وهذا حق وطننا ومواطنينا كما هو حق أوطانكم وحق شعوبكم».