العدد 4445 - الجمعة 07 نوفمبر 2014م الموافق 14 محرم 1436هـ

عُمان تجمع خصوم القرن

محمد عبدالله محمد Mohd.Abdulla [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

يلتقي غداً (الأحد) خصومٌ كبار. المتقابلون هم: الإيرانيون من جهة والأميركيون والأوروبيون من جهة. أما المكان فهو العاصمة العُمانية (مسقط). الخارجية الأميركية قالت بأن وزيرها جون كيري «سوف يجتمع مع نظيره الإيراني محمد جواد ظريف ومنسقة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي كاترين أشتون في سلطنة عُمان يومي التاسع والعاشر من نوفمبر/ تشرين الثاني الحالي، وأن فريقاً أميركياً قد وصل بالفعل إلى العاصمة مسقط لإتمام ترتيبات اللقاء».

سَمَّى البعض تلك اللقاءات بـ «مفاوضات القرن». آخرون قالوا بأن نجاحها يعني «أكبر الإنجازات الدبلوماسية في بداية القرن الحادي والعشرين»، أو «حلاً لأكثر المشاكل الجيوسياسية تعقيداً في القرن الحادي والعشرين». ما يعني أنها مسألة معقدة، وتحتاج إلى حل لا يبدو أن «نووياً» فقط، بقدر ما هو سياسي إذا ما قُدِّر له أن يُوقَّع ويُمهَر.

حَجَّت تلك الأطراف بمفاوضاتها النووية إلى أماكن عِدَّة من العالم. سعد آباد (2003) وباريس واحد (2004) وجنيف (2006 و2008 و2009 و2010) واسطنبول (2012) وموسكو (2012) وبغداد (2013) وألماآتا (2013) واسطنبول (2013) وفيينا (2013) وجنيف (2013). ثم توالت الجولات في العام الحالي (2014) بين فيينا وجنيف ونيويورك، فضلاً عن المباحثات الفنية.

هذه المرة تستضيف عُمان جولة «شبه حاسمة» من تلك المفاوضات. ورغم أن نتائجها لم تظهر بعد، لكن العُمانيين بطبعهم لا يَلِجُون أمراً إلاَّ إذا نضَّجُوه من جميع جوانبه. وجميعنا يتذكر أن عُمان لعبت دوراً مهماً في التقريب بين إيران والولايات المتحدة منذ أيام الرئيس الأميركي الأسبق بيل كلينتون، لكنها لم تُعلن عنه إلاَّ في مارس/ آذار الماضي.

السؤال الآن: لماذا مسقط بالتحديد؟ بمعنى لماذا اختار الطرفان (الإيرانيون من جهة والأميركيون والأوروبيون من جهة أخرى) سلطنة عُمان كي تكون مقراً لمفاوضات بهذا الحجم من الأهمية والحساسية، خصوصاً أنها تُعقَد قبل أسبوعين من حلول الموعد النهائي لإنجاز اتفاق بشأن البرنامج النووي الإيراني في 24 نوفمبر/ تشرين الثاني بين طهران والدول الست (أميركا وروسيا والصين وبريطانيا وفرنسا بالإضافة إلى ألمانيا).

دعونا نتحدث أولاً عن موقف واشنطن مستحضرين الحديث الذي أدلى به وزير الخارجية الأميركي جون كيري في قاعة المعاهدات بمبنى الخارجية الأميركية في 20 يونيو/ حزيران الماضي عندما التقى الوزير المسئول عن الشئون الخارجية العُماني يوسف بن علوي، ونُشِرَ نصُّه على موقع وزارة الخارجية الأميركية - مكتب المتحدث الرسمي.

الوزير كيري قال: «من دواعي سروري أن استقبل الوزير المسئول عن الشئون الخارجية من عمان، يوسف بن علوي، ومن دواعي السعادة أن أرحب به هنا؛ لأن جلالة سلطان عُمان قدَّم للولايات المتحدة مشورة ونصائح مهمة. كما ساعدنا في تمكيننا بالقيام بأمور كانت بخلاف ذلك ستكون صعبة من ناحية التواصل مع شخصيات، وبناء تحالفات وائتلافات، وبصراحة، التعامل مع بعض مسائل الأمن الدولي المهمة والبالغة التعقيد».

وأضاف كيري بمحضر الوزير العُماني: «لدينا شئون كثيرة لبحثها هذا اليوم. وإنني أتطلع قُدُماً لتلقي المشورة من الوزير المتعاون جداً، هو وجلالته، لمساعدتنا في العمل من أجل حَلّ تحديات معقدة ضمن دول الخليج. لقد لعبت عُمان دوراً مهماً في مجلس التعاون لدول الخليج، ونحن نتطلع إلى النصح هنا اليوم حول ما يدور في المنطقة».

إذاً، هناك ثقة وحاجة أميركية قوية لدور عُماني في المنعطفات التاريخية. فالأميركيون يرون في السياسة العُمانية بأنها «دائمة الوصل» مع أطراف عديدة متخاصمة في الإقليم والعالم، ما يؤهلها لنيل ثقة كل الأطراف، وتحميلها دور تفسير المطالب والردود وتقليل الهوة. وهو دور بات من النادر أن تظفر به دولة ما، في ظل منطقة تعصف بها الحروب والأزمات، والأخطر الموجة الطائفية الهوجاء، التي تحرق أخضرها اليوم.

والأميركيون يريدون ذلك الدور من عُمان لأنهم مقتنعون بأهمية الحل مع إيران. وقبل أيام عين الرئيس الأميركي باراك أوباما «المفاوضة الأميركية حول الملف النووي الإيراني» ويندي شيرمان في منصب مساعد وزير الخارجية جون كيري، على أن تتولى مؤقتاً المنصبين الثاني والثالث في وزارة الخارجية. وهو يعكس رغبتهم في تكثيف الجهود الدبلوماسية لإنجاز حل.

الإيرانيون من جانبهم والذين يأنفون أن يُرخوا لأحد أو يثقوا به، تراهم يخفضون جانبهم للعُمانيين، إلى الحد الذي أمَّنوهم لأن يُديروا مصالحهم السياسية والاقتصادية والثقافية في لندن منذ العام 2011 بعد الأزمة الدبلوماسية الحادة بين طهران ولندن عقب قيام متظاهرين إيرانيين بالهجوم على السفارة البريطانية في طهران احتجاجاً على فرض عقوبات بريطانية على إيران، والتي أدت إلى إغلاق كل من البلدين لسفارتيهما في البلد الآخر وبالمثل.

فالإيرانيون ينظرون إلى مسقط بعناية خاصة لدواعٍ كثيرة، بعضها سياسي وآخر اقتصادي، والأهم جغرافي/ تاريخي لما يربط الطرفين من علاقات في العمق. وقد اقتنعت طهران بأن هذه العلاقة ليست مُكمِّلة بل هي أصيلة وقادرة على إعادة تفسير مصالحها مع الخصوم بشكل توافقي. جرَّبت هذا في أزمات عديدة بدءاً من العام 1988 ولغاية الآن.

طهران اعترفت وعلى لسان مساعد وزير خارجيتها للشئون العربية والأفريقية نشرتها صحيفة «الوفاق» الإيرانية قبل أيام، بأن السلطان قابوس بن سعيد سلطان عُمان «لَعِبَ دوراً إيجابياً وبناءً في استئناف وتعزيز مسيرة المفاوضات النووية»، وهو «دليل على الدور الإيجابي لسلطان عمان» ما يعني أن المفاوضات كانت قد تعثرت في مرحلة ما.

في المحصلة، اشترك الطرفان الإيراني والأميركي/ الأوروبي في الحاجة إلى وسيط مقبول ومن المنطقة، وهو ما وجده الطرفان في عُمان. لكن لازال الحديث مبكراً عن نتائج فعلية لتلك المفاوضات.

إقرأ أيضا لـ "محمد عبدالله محمد"

العدد 4445 - الجمعة 07 نوفمبر 2014م الموافق 14 محرم 1436هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 14 | 2:00 م

      الحقيقة لم استطع فهم كلامك كيف نعطيهم برلمان مثل برلماننا

      برلمان مكسح خالي الدسم لا يهش ولا ينش..وهذا الوصف الاقل تواضعا لبرلمان البحرين الحالي. لو قلت نعطيهم برلمان 1973 لوافقتك الرأي لكن الموجود هو في لغة الحسابات دين اكثر منه اصول. اشك كثيرا في مقدرة الحكومة في عمان علي مكافحة الفساد لان الجميع هناك محدود الصلاحية وليس عندهم السلطة لمحاسبة موظف صغير فكيف بوزير.
      الجميع يتمني الخير لعمان ولكن عندما يغيب السلطان قابوس فان هناك اتجاها يشير الي احتمال تنافس حاد داخل الاسرة الحاكمة وستبرز كل الخلافات والتناقضات الي السطح وان غدا لناظره قريب

    • زائر 17 زائر 14 | 2:20 ص

      الفساد !!

      أخي لا حاجة لمكافحة الفساد إذا لم يتواجد أصلاً إلا بقله لا تحسب و هذه القله مكافحة أكثر من ما تتصوره شخصياً ، بالنسبة للسلطان أطال الله عمره و حفظه ذخراً لعمان و من نشأ في سلام و حب و وائم سيموت مثل ما نشأ هذه فطرة العمانيين الداخلية مهما شابها من شذوذ سيرجعون للسلام و الحب بينهم و لو عشت بينهم ستعي معاني السطور الحقيقية

    • زائر 20 زائر 14 | 3:21 م

      يبدوا أنك لا تعلم

      لو ترجع قليلا للصحف العمانيه لعرفت كيف تحارب عمان الفساد
      فقد جرد وزراء وموظفين كبار من وظائفهم ورفعت حصانه عن البعض ليخضع للتحقيق ومن ثم السجن
      وكذلك صدر مرسوم بتحديد ما هي الحصانة حتى لا يتعذر من يحملها بأنه مصان ولا يمس

    • زائر 13 | 6:34 ص

      الدور الإيجابي

      هذا أوله والخير في تاليه: سلطنة عُمان «لَعِبَ دوراً إيجابياً وبناءً في استئناف وتعزيز مسيرة المفاوضات النووية"

    • زائر 10 | 3:12 ص

      قابوس الحكمةً

      قابوس الحكمة والطيبة الذي أحب شعبه فأحبوه حتى من غير عمان الشقيقة ويا أيها الرجل الفاضل المرض إبتلاء للمؤمنين وأنت رجل مؤمن وأن شاء الله تنعم بالصحة والعافية بفضل الله تعالى ترى البحارنة واجد يحبونك ويدعون لك بالشفاء العاجل يا طيب

    • زائر 19 زائر 10 | 10:43 ص

      ربي الحافظ

      الله يحفظ السلطان قابوس ويطول بعمره ويرجعه لشعبه...وربي يحفظ أمن دول الخليج...

    • زائر 9 | 2:37 ص

      الاخ زائر رقم 1 : لا اتفق معك ان عمان غير

      فكل دول الخليج في الهوي سوي ولا حكمة ولا بطيخ. عمان يحكمها ويديرها شخص واحد هو جلالة السلطان قابوس المعظم ولا يعرف احد سواه. ليس بها مجلس نيابي منتخب ومجلس الشوري يملك صلاحيات محدودة جدا. حال كل دول الخليج اافراد عائلة السلطان وكبار الضباط وفئة قليلة يتمتعون بكل الصلاحيات والثروات والنفوذ ولا اححد يعرف او يود ان يعرف ماذا سيحدث في اليوم الثاتي عندما يغيب السلطان. "وتلك الايام ندوالها بين الناس" وكفي الله المؤمنين شر القتال

    • زائر 12 زائر 9 | 4:45 ص

      توضيح من باب لا تبخسوا الناس اشياءهم

      ليأخذوا برلمانكم ويعطونا قدرتهم على مكافحة الفساد كما فعلوا في شركة النفط ومع احد الوزراء! ليأخذوا برلمانكم وليعطونا حكومة ليس فيها الا وزير واحد من الاسرة المالكة وهو وزير التراث واثنين من أباعد الاسرة! ليأخذوا برلمانكم ويعطونا عدم التمييز والسواحل غير المنهوبة والمساواة في الوظائف وعدم وجود ازمات سياسية داخلية وخارجية مع احد

    • زائر 8 | 2:17 ص

      مؤشرات

      المؤشرات كثيرة على ان اتفاقا وشيكا سيتم التحضير له في مسقط ويوقع في فينا مبدئيا

    • زائر 7 | 1:27 ص

      بالتوفيق لسلطنه عُمان

      و الله عُمان قيادتها حكيمه و نتمنى الشفاء العاجل للحاكم قابوس و دور عمان كبير جدا و هي سلطنه جديره بالثقه فشعبها يثق بقيادته جدا و كذا هو حال الدول الاخرى تثق في رجالات عمان

    • زائر 6 | 1:15 ص

      اللهم احفظ السلطان قابوس

      اللهم أنعم على السلطان قابوس بالصحة والعافية وطول العمر

    • زائر 5 | 1:07 ص

      انه تحالف الأقليات

      انه تحالف الأقليات كما تحالفت الأقليات في السابق و لكن في النهاية ما يصح الا الصحيح و تعود الأمة لمجدها و ترجع الأقليات الى مكانها الطبيعي

    • زائر 11 زائر 5 | 3:21 ص

      عمان النموذج والقدوة

      هذه هي الأمراض الطائفية التي حوّلت وستحول مستقبلكم إلى جحيم .. منطق الأكثرية والأمة في مقابل من هم خارجها وكأنهم هنود حمر.

    • زائر 4 | 12:34 ص

      طيعي

      طبيعي لان مشاريع الايرانيين كلها في عمان وفلوس تعويضات الي دفعت لايران جندت في عمان !!!

    • زائر 1 | 11:48 م

      يا اخي عمان غير والباقي غير

      عمان مميزة على جميع الاصعدة وسلطانها وحكمته وادارته مميزين، فهذا الامر غير مستغرب ولو تعطى دفة قيادة الخليج لعمان لما رأينا أي مشاكل

    • زائر 3 زائر 1 | 12:31 ص

      صحيح

      أحسنت

اقرأ ايضاً