العدد 4452 - الجمعة 14 نوفمبر 2014م الموافق 21 محرم 1436هـ

عشرة أيام على وليمة «السَّاهُون» الإيراني

محمد عبدالله محمد Mohd.Abdulla [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

انتهت محادثات مسقط «النووية» بين إيران والدول الست. النهاية ليست نهائيةً لكنها أيضاً لن تكون بدون أجَل. حيث أن ما أعلِنَ هو أن اجتماعين قادميْن سيكونان حاسمين، أحدهما في الثامن عشر والثاني في الرابع والعشرين من شهر نوفمبر/ تشرين الثاني الجاري. بل إن تمديدها هو الآخر واردٌ أيضاً.

نتائج محادثات مسقط أحِيْطَت بقدرٍ ليس بالقليل من الكتمان. مجرد تصريحات عامة وهَسْهَسَات رافقت تلك المحادثات، إلى أن خرج الوزير المسئول عن الشئون الخارجية العُماني يوسف بن علوي ليتحدّث إلى الصحافيين من ذات المكان الذي احتضن الجولة.

ما قاله الوزير العُماني ليس فيه «نهايات» محدّدة لما جرى، لكنه يعطي مؤشرات على المراقبين أن يفكّكوها. هو قال بأن السلطان قابوس بن سعيد «كان حريصاً على إنجاح مشاورات الملف النووي الإيراني» التي تمت «باتصالات مباشرة» بين السلطان «وبين قادة كل من الولايات المتحدة الأميركية والجمهورية الإسلامية الإيرانية».

كما ذكر بأن مسقط استثمرت «جهوداً ووسائل كبيرة خلال الخمس سنوات الماضية وفي كل هذه المراحل»، حرصاً منها على أن «يشهد العالم انفراجاً في العلاقات القائمة في المجتمع الدولي على خلفية هذا البرنامج» النووي الإيراني.

وأشار بن علوي إلى أن عُمان «حريصة على الوصول إلى اتفاق خلال هذه المراحل»، والذي أسماه بـ «النهاية السعيدة»، لكي «تكون منطقة الخليج والشرق الأوسط بأكملها خاليةً من الصراعات» التي «خلقت مآسي في الأرواح والأموال والبنى الأساسية، وصَعَّبت من الوصول إلى حلول لكل هذه القضايا لتشعبها في المنظور الاستراتيجي الدولي».

ثم أشار بن علوي إلى أنه وبتحقق هذا الهدف «سيتحقق الانفراج، وسيتبعه حالة من الاستقرار والتعاون الإقليمي والدولي، وستتحول الخصومات إلى صداقات، ويتحول الخلاف بين الولايات المتحدة وبين بلد مثل إيران، إلى حالة من الصداقة والتعاون».

ثم ركّز على ما دار في «أجواء» مفاوضات مسقط قائلاً: «كانت هناك مسائل واختلافات متعددة تمت معالجتها، بالفعل وتم الاتفاق عليها، وأنا أشعر بالتفاؤل، ولكن هذا لا يعني أنه لايزال هناك تفاوت في الآراء»، لذا فإن «ما تم الاتفاق عليه هو أكثر من الاختلافات التي مازالت موجودة بعض الشيء»، والتي «يمكن أن نجد لها الحلول والتوافق».

ثم أضاف: «إن جولة مسقط ليست مؤتمراً ولكنه اجتماع بين ممثلي دول كبيرة يتحدثون عن موضوع كبير ومهم»، وهو ما تطلب «أن ما يصل لوسائل الإعلام محدود؛ لأن هذه ليست مفاوضات اتخاذ قرارات»، وأن «هناك جولة أخرى من المفاوضات لخبراء مجموعة 5+1 وإيران، يوم 18 الجاري في فيينا، يعقبه اجتماع وزاري في جنيف يوم 24». و»في حال التوصل إلى ذلك فإننا نعتقد أن الكثير من المسائل المتبقية سوف تحل تدريجياً». وعرّج على العلاقات الإقليمية قائلاً بأن «التباينات في العلاقات بين دول مجلس التعاون وإيران، ليست بتلك الصعوبات الكبيرة التي لا يمكن حلها».

الحقيقة، أن التدقيق في كلام الوزير العُماني يعطي انطباعاً «أولياً» بأن جولة مسقط هي بالأساس أكبر من المسألة النووية الإيرانية، لتشمل تسوية ما للعلاقات الإيرانية الأميركية. فوزير الخارجية الوحيد الذي حضر المفاوضات وكان قطباً فيها من بين الدول الست كان جون كيري، حيث لم يأتي وزراء خارجية الدول الخمس الأخرى، وكأن الولايات المتحدة الأميركية هي الطرف المعني أكثر من غيره، وهذا صحيح.

كما أن كلام الوزير بن علوي يوضِّح بأن المتحاورين لم يأتوا إلى مسقط لكي يختلفوا من جديد، بل كانت هناك مساعٍ عُمانية سابقة امتدت لخمسة أعوام للتعامل مع الملف، كانت فيها السلطنة كطرف مقبول من الجميع، تتواصل مع أعلى الهرم في قيادتَيْ إيران والولايات المتحدة الأميركية.

بل إن الأنباء تشير إلى أن عُمان احتضنت، وطيلة الستة شهور الماضية، جولات لم تُعلَن بين الأطراف المعنية بالملف النووي الإيراني كي تُنضَّج الأفكار المتبادلة، كانت حصيلتها خمس جولات تفاوضية إيرانية أميركية. بل إن الأنباء الواردة تقول بأن جولة على الأقل جرت في الأيام الأخيرة لحقبة الرئيس الإيراني السابق محمود أحمدي نجاد، بينما أغلب الجولات جرت خلال رئاسة روحاني. لذا نجد الوزير بن علوي يقول بأن «مسائل واختلافات متعددة تمت معالجتها بالفعل، وتم الاتفاق عليها وأنا أشعر بالتفاؤل»، وهذا اعترافٌ صريحٌ بوجود «زَحْزَحَة» ما دون ذكر أية تفاصيل أخرى.

الحقيقة أن الجو الغالب من الأطراف المختلفة هي أنها تريد اتفاقاً، ولا أحد يريد العودة إلى المربع الأول. حتى فيليب غوردون أحد كبار المسئولين الأميركيين المقربين من الرئيس أوباما قال خلال الاجتماع السنوي ليهود أميركا الشمالية حول الرد المحتمل لإيران إذا ما طُلِبَ منها وقف عمل كامل أجهزة الطرد المركزي لديها: «دون شك سيغادر الإيرانيون بالكامل طاولة المفاوضات وسيستأنفون تخصيب اليورانيوم بنسبة العشرين في المئة، وسيسعون إلى رفع نسبة تخصيب اليورانيوم، ويمكن أن يتجهوا نحو إنتاج السلاح النووي»، وبالتالي فإن واشنطن لا تريد بالمفاوضات أن تعود إلى الوراء.

نعم، قد يكون التفاوت هو في شكل ذلك الاتفاق. فهناك مَنْ يرى بأن عدم التوصل لاتفاق لا يعني أنه لا توجد قدرة على إتمام اتفاق على ما تمَّ التوافق عليه، مع ترك الباب مفتوحاً للتفاوض على ما اختُلِفَ عليه. هذا الأمر بدأ يتحدث به أوروبيون وأميركيون كالنائب السابق لوزير الخارجية الأميركي مارك فيتز باتريك، والأيام القادمة ستكشف ما هو مكتوم الآن.

إقرأ أيضا لـ "محمد عبدالله محمد"

العدد 4452 - الجمعة 14 نوفمبر 2014م الموافق 21 محرم 1436هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 10 | 6:25 ص

      من انزل اسعار النفط يريد ان يدمر اقتصاد روسيا وايران بطلب من امريكا

      أكيد امريكا مستفيدة من نزول اسعار النفظ بترول الخليج قريبا هي والمنطقة لن تكون في اهتمام الغرب وأمريكا الكبير سيتم التركيز على شرق اسيا وبتقل اهمية هذه الطول استخدمت امريكا هبوط الأسعار في تسعينيات وب تنفيد خليجي فتم تدمير اقتصاد روسيا استوعبوا الدرس والغبي من انزل الأسعار وجعل بعض الدول تئن من هبوط سعره والله في خلقه شؤون والدائرة تضيق عليهم وهاهي داعش ترتد عليهم لنتتظر ونرى

    • زائر 9 | 2:50 ص

      مباحثات اقتسام نفوذ في الخليج العربي بين امريكا والغرب من ناحية

      والامبراطورية الاسلامية الايرانية من ناحية اخري ..يبدو هذا واضحا من النزول السريع لاسعار النفط الذي تهدف العودية من ورائه التاثير علي انتاج النفط في امريكا من الحفر الاكتواري الباهظ الثمن من تكلفة الانتاج بحيث لا تفقد مركزها كاكبر منتج للطاقة الرخيصة. في السبعينات عندما ارتفعت اسعار النفط استفاد منها الشركات الامريكية والاروبية في تطوير حقول بحر الشمال وخليج المكسيك حيث تكلفة الانتاج باهظة ..ويبدو ان البعض استوعب الدرس

    • زائر 8 | 2:37 ص

      الأمة العربية

      انه تحالف الأقليات ضد الأمة العربية و الاسلامية و لكن باذن الله ستنتصر الأمة العربية و الاسلام الحقيقي

    • زائر 6 | 12:33 ص

      هؤولا إيرانيون صبروين على الألم تعليقا على متابع

      ما يقال هو العكس في الغرف يناقش ما لم يصرح به الإيرانيون لديهم صبر وأناة في التفاوض فهم لا يحبون الاستعراض الكلامي الله يوفق ايران وينصفها وينصرها

    • زائر 5 | 10:55 م

      متابع . . . نتمنى ذلك ، ولكن ماذا نفعل بهذه التصريحات ؟

      عباس عراقجي مساعد وزير الخارجية قال: انه سيتم التباحث حول الموضوع النووي ولن يتم التطرق الى شأن آخر و"قد تم التأكيد على هذا الامر مراراً"... المسؤولون الغربيون أيضا أكدوا مرارا أن مفاوضاتهم مع ايران تتعلق بالنووي فقط . ألا يشير هذا أن الاتفاق فقط في المسألة النووية لا على تسوية في المنطقة وفي العالم ؟

    • زائر 4 | 10:52 م

      متابع . . . نتمنى ذلك ، ولكن ماذا نفعل بهذه التصريحات ؟ ( 2 )

      عباس عراقجي مساعد وزير الخارجية قال: انه سيتم التباحث حول الموضوع النووي ولن يتم التطرق الى شأن آخر و"قد تم التأكيد على هذا الامر مراراً"... المسؤولون الغربيون أيضا أكدوا مرارا أن مفاوضاتهم مع ايران تتعلق بالنووي فقط . ألا يشير هذا أن الاتفاق فقط في المسألة النووية لا على تسوية في المنطقة وفي العالم ؟

    • زائر 7 زائر 4 | 1:34 ص

      لكي لا ننسى

      الطرفان يكذبان . المباحثات ليست نووية، تذكروا المحادثات التي جرت بين إيران والغرب بعد الحرب مع العراق والتي قال عنها الطرفان بأنها لا تشمل سوى تسوية ظروف الحرب ثم تبين بأنها كانت حول الرهائن في لبنان واتفاق الطائف ووووو

    • زائر 2 | 10:47 م

      متابع . . . . نتمنى ذلك ، ولكن ماذا نفعل بهذه التصريحات ؟ ( 1 )

      اقتباس : ( يعطي انطباعاً «أولياً» بأن جولة مسقط هي بالأساس أكبر من المسألة النووية الإيرانية، لتشمل تسوية ما للعلاقات الإيرانية الأميركية ) .... شدد السيد الخامنئي في بيان نشره على موقعه في الانترنت على أن المفاوضات ((يجب أن تقتصر على المسألة النووية)) ، ورفع العقوبات الاقتصادية المفروضة على إيران، مشيرا إلى أن المفاوضات الجارية تسببت في أضرار لبلاده ... خلال اجتماعهم الأخير في ميونيخ، قال وزير الخارجية محمد جواد ظريف للوزير كيري إنه غير مُخول بالحديث بشأن سوريا ...

    • زائر 1 | 10:15 م

      الله يجمع الأمريكان والإيرانيون على المحبة والصداقة

      لو تم التوافق بين الأمريكان والإيرانيون سينعكس ذلك على مجمل الخليج خيرا وذلك بوجود سلطنة عمان وأشبه ما يريده البعض من الموتورين بان تنشب حربا بين ايران وأمريكا ونقول وجود السلطنة هي الضامنة لنجاح المفاوضات وعليه للنتتظر قليلا لنحتفل بهذه المناسبة السعيدة

اقرأ ايضاً