العدد 4463 - الثلثاء 25 نوفمبر 2014م الموافق 02 صفر 1436هـ

قانون العواقب غير المقصودة

منصور الجمري editor [at] alwasatnews.com

رئيس التحرير

واحدة من الظواهر المصاحبة لما نمُرُّ به في منطقتنا هي إثبات نظرية «قانون العواقب غير المقصودة»، وهي نظرية تتحدث عن نتائج غير متوقعة لاستراتيجية أو قرار ما، إذ إن ردود الأفعال قد تتحول إلى سلسلة من العواقب الإيجابية، أو السلبية، التي تختلف جوهرياً عن القصد الأساسي من القرار أو الاستراتيجية.

مثال على ذلك ما يُذكر من قصة من أيام الاستعمار البريطاني في الهند، إذ كانت الحكومة آنذاك تشعر بالقلق بسبب ازدياد عدد الثعابين البرية السامة (من نوع الكوبرا) في مدينة دلهي. وعليه، فقد اتخذت الحكومة قراراً بعرض مكافأة لكل شخص يقتل «كوبرا» ويسلمها ميتة. وفي البداية نجحت الاستراتيجية وتقريباً تم القضاء على الثعابين السامة. غير أن هناك من اكتشف وظيفة مربحة عبر تربية الثعابين، ومن ثم القيام بقتل بعضها وتسليمها إلى الحكومة مقابل الحصول على مكافآت مستمرة. اكتشفت الحكومة الأمر وألغت المكافأة، وهذا أصبح معناه أن الثعابين السامة التي كانت خاضعة للتكثير أصبحت من دون قيمة، فقام أصحابها برميها في الطرقات والبراري، وبالتالي ازداد عدد ثعابين الكوبرا، وأصبحت المشكلة أسوأ بكثير مما كانت عليه من قبل، وعليه برز مصطلح «أثر الكوبرا» cobra effect للتعبير عن أنموذج سيئ للعواقب غير المقصودة لاستراتيجية أو قرار ما.

وحتى ما حدث في أفغانستان في ثمانينات القرن الماضي يشبه ذلك، فقد ساندت قوى عالمية وإقليمية «المجاهدين» في أفغانستان ضد الاتحاد السوفياتي، وبعد خروج السوفيات تحولت تلك الجماعات إلى «القاعدة» و «طالبان»، والآن أصبحت هناك العشرات من التنظيمات الأكثر فتكاً، بسبب تكرار الاستراتيجية ذاتها في أماكن أخرى.

هناك عدة أسباب لاتّباع استراتيجيات تأتي بعواقب غير مقصودة، منها أن واضعي سياسة معيّنة يجهلون أو يستسخفون الآثار المحتملة لقراراتهم، ومنها أن الهدف المرجو تحقيقه قصير الأمد، ولا يأبه متخذو القرار بالآثار بعيدة الأمد. كما أن من الأسباب هو تسيُّد «نبؤات تشبع ذاتها» self-fulfilling prophecy في بعض الأوساط. هذه الحالة تعني أن هناك من يطرح «نبؤة» حول شيء ما، أو حول فئة من الناس، ويصر عليها، ومن ثم يسعى لفعل كل شيء من أجل إثبات صدق تنبؤاته. ومثال على ذلك، فقد يتصور شخص ما أن الناس من لون معيّن ليسوا سوى مجموعة من السراق، وبالتالي فإنه يتصرف دائماً على أساس أن أصحاب ذلك اللون مجرمون أو أنهم سيرتكبون جريمة سرقة في أي وقت... ومع الزمن تتحول هذه العقيدة إلى سلوك حياتي يبرره عبر كل ما يقوم به من تصرفات، والتي في النهاية ينتج عنها «عواقب غير مقصودة».

إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"

العدد 4463 - الثلثاء 25 نوفمبر 2014م الموافق 02 صفر 1436هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 20 | 9:38 ص

      ....

      محد قال ان الشيعة خونة الشيعة اهلنا و ربعنا و ناسنا و نحبهم و يحبونه. لكن الخونة انت تعرفهم. ............................ الشيعة اللي يحبون الوطن بينوا حبهم له و اللي ما في قلبهم غير البحرين اظهروه بالقول و بالفعل. اتمنى ان تكون رسالتي خفيفة و وصلت لك و حق جميع القراء الأعزاء ليميزوا الغث من السمين .

    • زائر 18 | 1:41 ص

      محب الوطن العواقب الغير مقصودة أصبحت واضحه كشمس 0930

      صبا الخير للجميع دكتورنا العزيز الاستمرار في الخطأ بعد مااتضحت الكوارث المسببة لها الأحزاب الدينية المذهبية في الجوار أصبح مقصود فهل نسمي بشجاعة جمعياتنا المذهبية بالاسم ونطالبها بتقبل الآخر المختلف مذهبين ولماذا هي خائف منه هل في أشياء لاتخص الوطن والله كل إنسان بفطرته يريد العدل والمساواة والديمقراطية في كل الديانات والملل أو تريد أن تصبح محل الشك لأن لا يوجد أي مبرر باستمرار على طريق الاصطفاف الطائفي البغيض

    • زائر 16 | 1:26 ص

      تبرير لما يحدت وسوف يحدث من ارهاب

      وليس الا ويمكن تهديد بعد ،،،َالله يهديكم بس

    • زائر 15 | 1:03 ص

      محب الوطن العواقب الغير مقصودة هذا ماسبب القرارات الخاطئة من الجميع 0900

      صباح الخير للجميع نحنوا لانبرىء الحكومة من الأخطاء ولاكن نشأت الجمعيات الطائفية تجلب الفتنة والتجنيس وعدم الثقة واتهامات الخيانة والتمييز وكل شئ سيء فهل فيه شيء أزيد من القتل على الهوية فهل نسأل الجمعيات السنية والشيعة هل بشطر المواطنيين مذهبين نأتي بالعدل والمساواة والديمقراطية واساسكي التمييز بين المواطنيين مذهبين

    • زائر 13 | 12:26 ص

      يعلمون

      هؤلاء يعلمون بأن العواقب ستكون كارثية ،ولكن النقص الموجود بأنفسهم والحقد على الاخرين بسبب ذلك النقص ،يجعلهم يفعلون كل ما هو شر للانسانية.

    • زائر 11 | 12:26 ص

      محب الوطن العواقب غير المقصودة هو ما يحصل عندنا بسبب نشأت الجمعيات المذهبية

      صباح الخير دكتورنا وللجميع هذا ما سببته الأحزاب السنية والشيعة وأن تفاوت كوارثها وشعاراتها البراقة التي أسرت عقول الإسلاميين المتعصبين الكل يبرئ مذهبه وهو الحق كله وغيره صفر وينظر لأخطاء الطرف الثاني ويهين أخطاء مذهبه ويناظر بسلامة موقفها السني ينظر لكوارث لبنان والعراق واليمن والشيعي لكوارث أفغانستان والإخوان المسلمين وداعش والحقيقة كلهم مشروع فتنة وكراهية وتحارب ضد المخالف في المعتقد وضد نفس المكون الغير مسايرهم وجهة نظرهم

    • زائر 10 | 12:12 ص

      الانسان مهما بلغ يبقى ناقصا لذلك يخطيء في التوقعات

      قرارات كثيرة في العالم كان يظنّ صاحبها انه متمكّن وان كل الامور بيده ولا يعلم ان من يسيّر الكون هو الله وحده وهو يتدخل متى ما بلغ الظلم مداه وبذلك ينقلب السحر على الساحر

    • زائر 9 | 11:58 م

      زائر

      في احدي المدارس وضعت الادارة مكافأة للطلاب الذين يجمعون القمامة من ساحة المدرسة فتحول الي صراع بين الطلاب وأخذوا القمامة من أماكنها المخصصة لوضعها في اكياس

    • زائر 6 | 11:33 م

      أمثلة تطبيقية

      من الأمثلة التطبيقية لمقال الدكتور: التجنيس
      اقتحام بيت الشيخ عيسى قاسم
      سياسة الإعلام الطائفي المقيت
      وغيرها من السياسيات التي تتسم بالجهل ولا تقيم للعواقب السلبية والآثار التدميرية المترتبة على مثل هذه القرارات..
      مقال رائع دكتور.. ولكن أسمعت لو ناديت

    • زائر 5 | 10:42 م

      لدينا سيصبح «أثر الكوبرا» cobra effect

      أن واضعي سياسة معيّنة يجهلون أو يستسخفون الآثار المحتملة لقراراتهم، ومنها أن الهدف المرجو تحقيقه قصير الأمد، ولا يأبه متخذو القرار بالآثار بعيدة الأمد.
      هناك يا دكتور مثال آخر قريب منا لما ذكرته أعلاه وهو التجنيس. حيث تقوم العملية بقصد التغيير الديمغرافي لإضاعة حقوق فئة وأيضاً إستعمال الجدد في قمع المطالبين بالحقوق. هذا في القصير الأمد. ولكن الآثار بعيدة الأمد بأن الجدد ستكون لهم مطالب وحقوق. وبالتالي تزداد عدد المطالبين، وتصبح المشكلة أسوأ بكثير مما كانت عليه من قبل، ويبرز مصطلح «أثر الكوبرا».

    • زائر 7 زائر 5 | 11:37 م

      نعم

      هو المقصود تماما

    • زائر 4 | 10:23 م

      ماالمقصود

      لا افهم ما ترمي اليه الا ان التجنيس السياسي تأثيراته واضحة وضوح الشمس وليست تاثيرات لا يمكن التنبؤ بها انه الحقد الذي بعمي القلب والبصيرة

    • زائر 3 | 10:16 م

      قرار استراتيجي

      عندما كنّا جالسين في دوار اللؤلؤة كان النظام قد اتخذ قراره الاستراتيجي بقمع الاعتصام والتحرك كله وسيبني كل تحركاته المستقبيلية على قمع هذه الفئة لكنه لا يستطيع أن يتنبأ بالنهاية
      مثل قصة التمييز في البلد بصورة أوسع.
      قرار استراتيجي يتحول إلى منهج غير معلن في كل أجهزة الدولة.

    • زائر 2 | 10:15 م

      mwaleedm

      الحل الوحيد هو كارما المصطلح العجيب لذي يجمع الناس على الخير.
      و نظيف عليها أركان الكارما ركان أساسي هو (القومية الإنسانية) لا دينية ولا عرقي نبني عليها أن لا حياة بدون انسان سليم يحفظ كرامة الإنسان الآخر. ( الإنسان كا الجسد الواحد إذ اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بسهر و الحمى

    • زائر 1 | 9:16 م

      فحوى المقال في الخاتمة

      صباح الخير دكتور ، انتهى مقالك بما هو سائد في البحرين فبسبب الاعلام المشبوه والمنابر الطائفية اصبح الشيعة في نظر الكثيرين من السنة انهم خونة ولا يحبون الوطن لذلك يسعون الى استبعادهم وتهميشهم متناسين العواقب التي قد تنتج عن ذلك

اقرأ ايضاً