خصص المؤتمر السنوي للمنتدى العربي للبيئة والتنمية المنعقد في العاصمة الأردنية (عمّان) إحدى جلساته أمس الخميس (27 نوفمبر/ تشرين الثاني 2014)، للحديث عن “خيارات الأمن الغذائي في دول مجلس التعاون الخليجي”، وشدد المشاركون في الجلسة على ضرورة أن تضع دول الخليج العربي “استراتيجية خليجية” لتحقيق الأمن الغذائي، وذلك في ظل الظروف التي تمر بها المنطقة.

وكان من بين المتحدثين في الجلسة، منسق برنامج المياه بجامعة الخليج العربي، وليد زباري، الذي قال: “في بعض الأحيان كان هناك خلط بين الأمن الغذائي وبين الاكتفاء الذاتي، ولكن هناك فرق كبير بين الاثنين”.

واستدرك بالقول: “الأمن الغذائي مفهومٌ معقد وصعب القياس، وله نسب وأبعاد عدة، وهو يتداخل مع جميع مجالات الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية”، مُعتبراً أن “الأمن الغذائي أمر استراتيجي”.

وأوضح زباري أن “دول الخليج ليس لديها أنظمة زراعية، ولكن لديها إقطاعيون يمارسون مهنة الزراعة ولا يمكن اعتبار ذلك زراعة مستدامة، وتعاني هذه الدول الخليجية من المصادر المحدودة من المياه الجوفية، كما تشكو من طقس قاسٍ على الإنتاج الزراعي، كما تفتقر دول الخليج إلى القوى البشرية القادرة على العمل في القطاع الزراعي، وفي قبال ذلك تشهد دول الخليج العربي نمواً سكانياً سريعاً، الأمر الذي يتطلب جهوداً كبيرة ووضع استراتيجية واضحة من قبل الدول الخليجية”.

وقدم زباري في حديثه في الجلسة أموراً عدة يمكن أن تُساعد في معالجة الأوضاع في الدول الخليجية، إذ قال: “لابد أن يتحول القطاع الزراعي إلى قطاع صناعي، ولابد من محاولة الزراعة والاستثمار في الصحراء، وهي معالجة ستصطدم بقضية شح الأراضي، وبالتالي لابد من تركيز الجهود على التحول إلى صناعة زراعية وتعظيم الإنتاج الزراعي في منتجات محددة”، مُشدداً على أن “تحويل القطاع الزراعي إلى صناعة هو الحل”.

وتابع زباري، “التوجه الآن نحو التعاون والتكامل بين دول الخليج في موضوع الأمن الغذائي، إذ لا تستطيع دول الخليج العربي الاعتماد على بعضها البعض، وبالتالي لابد من الاتجاه نحو دائرة الدول العربية والإسلامية”.

واعتبر أن “الوضع المثالي يتوجب أن تقوم الدول التي تمتلك الأراضي الزراعية بالتعاون مع الدول الأخرى التي لا تمتلك تلك الميزة، ولابد من إنشاء قطاع زراعي من خلال القطاع الخاص، ويمكن أن تبادر الدول بتوفير البيئة المناسبة لعمل القطاع الخاص في المجال الزراعي، وترك هذا القطاع للعمل دون تدخل من الحكومات، ما سيكون له المردود الإيجابي”.

وخلال الجلسة، تحدث منسق كرسي الملك عبدالله للأمن الغذائي بجامعة الملك سعود بالرياض، وقال: “إن المملكة العربية السعودية تمتلك قدرة شرائية عالية، وتواجه محدودية في الأراضي الصالحة للزراعة، وإلى جانب سكان السعودية، لابد أن نأخذ بعين الاعتبار الملايين الذين يزورون الأراضي المقدسة سواء لتأدية فريضة الحج أو العمرة”.

ورأى أن “هناك فرصة لبناء اقتصاد قوي يقوم على الزراعة، وحالياً فإن كل دولة خليجية تعمل لوحدها في قضية الأمن الغذائي، ونأمل بالخروج بآلية لتحقيق الأمن الغذائي”.

إلى ذلك، قال مدير الدراسات لبحوث الطاقة والبيئة والموارد في تشاتهام هاوس، روب بيلي: “إن دول الخليج العربي بحاجة إلى تنويع الاقتصادات وتوفير وظائف في ظل زيادة أعداد العاطلين، ولابد من الأخذ بعين الاعتبار بأن دول الخليج تنفق بين 80 إلى 90 دولاراً لبرميل النفط، في حين كان سعره يصل إلى 120 دولاراً”.

وبين بيلي أن “سياسات دول الخليج تركز على حماية الفئات الفقيرة من مخاطر ارتفاع الأسعار، ولكن مع مرور الوقت ومع ارتفاع الأسعار على المستوى العالمي، فإن هناك تأثيراً على مستوى الاقتصاد الوطني”.

ودعا لـ “إيجاد طريقة تمنع تأثر السكان بارتفاع أسعار الغذاء، وخصوصاً الفقراء منهم، علاوة على ضرورة توفير الدعم لبعض المواد الغذائية، إلى جانب ذلك لابد من التفكير جدياً في توفير مخزون استراتيجي من الغذاء”، لافتاً إلى أن “غياب المعالجات الصحيحة قد تقود إلى عدم الاستقرار”.

من جهته، ذكر زميل أعلى للبحوث بمركز برشلونة للشئون الدولية، إيكارت وورتز، أن “الأمن الغذائي يختلف عن الاكتفاء الذاتي”، وأضاف “في منطقة الشرق الأوسط وفي دول الخليج خصوصاً لابد من فرض ضرائب على الوجبات السريعة”.

وشدد وورتز، على ضرورة أن “تطور دول الخليج من قدراتها بالاستفادة من الخبرات الدولية، مثل منظمة التجارة الدولية”، منوهاً إلى أن “دول الخليج تستورد غالبية الغذاء من مختلف دول العالم”.