بينما كنت أتسوق مع أبي في سوق المنامة يوم الجمعة الماضي وتحديداً بالقرب من محلات بيع الحلوى والمكسرات والبهارات في وسط السوق، فإذا بي أسمع صوتاً مزعجاً وكأنه صوت دحرجة علب معدنية كثيرة... تتبعت الصوت فهو ليس ببعيد عنا، وإذا بأحد العمال الآسيويين يدحرج أربع علب معدنية برجله بينما يداه مشغولتان بحمل كيسين ثقيلين محملين بالعلب المعدنية أيضاً... مهلاً إلى أين يتجه بهم... توقف لا لا لا؟!، ذلك ما كانت تقوله عيني عندما رأيت إلى أين كان يتجه بهذه العلب.

حزنت كثيراً لهذا المنظر... ففي هذه المنطقة من السوق تحديداً يوجد موقع أثري محاط بسياج خشبي وقد وضع عليه قسم إدارة الآثار في مملكتنا البحرين تحذيراً بأنه يمنع دخول هذا الموقع الأثري، بينما ذلك العامل الآسيوي قد تجاهل هذه اللافتة وقفز من على الحاجز الخشبي وأخذ يرمي العلب المعدنية بداخل إحدى الحفر التي كانت موجودة بالموقع معتبراً إياها مخزناً لجمع المخلفات المعدنية حتى يعود إليها مرة أخرى ليقوم ببيعها!!.

أحزنني جداً هذا الموقف، فنظرت إلى أبي الذي كان هو الآخر ينظر لذلك العامل الأجنبي وهو يرمي ويتجاوز تلك القاعدة ويرمي بالمخلفات في ذلك الموقع الأثري... تحرك أبي نحوه معاتباً وسأله ألا تعلم بأنه ممنوع الدخول، فقال أنا لم أسرق وإنما استخدمته لجمع العلب المعدنية وسأقوم ببيعها بعد قليل، وهذا لن يضر المكان في شيء، ثم ذهب غير مكترث بما فعله.

غالبية الموجودين في ذلك الوقت كانوا أجانب، وكان البحرينيون هم الذين أحزنهم الموقف كثيراً، فقد حركتهم جميعاً وطنيتهم وخوفهم على تضرر ذلك الموقع الأثري، لكن ما كان بيدنا أن نفعل أي شيء في ذلك الوقت من الليل.

عدنا للبيت ومازالت صورة ذلك العامل وهو يضحك غير مبالٍ بكلام والدي، فإن كنت أنا أحترم تراث وآثار الدول التي زرتها، فلماذا لم يحترم ذلك الضيف تراث وآثار بلادي، وتجاهل ما كتب في تلك اللوحة من تحذير؟

مناهل