العدد 4473 - الجمعة 05 ديسمبر 2014م الموافق 12 صفر 1436هـ

هزيمة الإرهابيين تتوجب إعادة بناء عراق آمن ومستقر

حيدر العبادي

رئيس الوزراء العراقي

حيدر العبادي

(كلمة في المؤتمر الدولي لمكافحة الإرهاب المنعقد في بلجيكا بتاريخ 3 ديسمبر 2014) 

السلام عليكم.. السيدات والسادة الحضور

اشكركم جميعاً لحضور هذا الاجتماع ولكل ما قدمته دولكم لدعم العراق وشعبه كما أشكر حلف شمال الأطلسي (الناتو) لاستضافته هذا المؤتمر في مقره الرئيس.

وأشكر معالي وزير الخارجية الأميركي جون كيري ، لعقد هذا الاجتماع حول كيفية استجابة المجتمع الدولي للخطر الناجم عما يسمى بـ «الدولة الاسلامية» في العراق والشام، ولأن هذا الكيان لايعد إسلامياً ولادولة ولايستحق أن يطلق عليه اسم رسمي، لذا أطلق عليه كلمة «داعش» كمختصر في اللغة العربية.

إن الحضور في هذا الاجتماع - مايقارب 60 وزير خارجية من دول العالم - يؤكد أن العالم قد أفاق لحقيقة أن داعش لايهدد دول وشعوب الشرق الأوسط فحسب، وإنما يهدد جميع من يرفض أن يتقبل الأفكار المتطرفة والممارسات الهمجية في أي مكان.

وبالنيابة عن الشعب العراقي الذي عانى ماعاناه لفترة طويلة ، يمكنني أن أؤكد لكم أن داعش لايميز بين أحد في ارتكابه للأعمال الوحشية، وأن قطع الرؤوس والقتل الجماعي واستعباد النساء والأطفال قد استهدف أناساً من كافة الإثنيات والأديان بغض النظر عن الانتماءات والحدود الجغرافية .

ولايخفى على الحاضرين ممن يمثلون دول أميركا الشمالية وغرب أوربا أن داعش يقوم بتجنيد وتدريب مقاتلين من الغرب إلى جانب أولئك الذين يتم تجنيدهم من مناطق أخرى، وما هي إلا مسألة وقت حتى يعود هؤلاء الإرهابيون المدربون تدريباً عالياً إلى المجتمعات التي أتوا منها ليرتكبوا جرائم القتل والتدمير.

أيّتها السيدات، أيّها السادة الكرام؛

إن حضورنا اليوم يبين أن لنا هدفاً مشتركاً بهزيمة داعش وذلك يتطلب جهوداً جماعية إقليمية ودولية، وأنا هنا أؤكد أن حكومة العراق وشعبه ملتزمان بتأدية ماعلينا في هذا السياق.

نحن ممتنون للدعم الذي تقدمه الولايات المتحدة وأي عضو آخر في الائتلاف، بيد أننا نعلم أن القتال على الأرض هو مسئوليتنا الأولى والأخيرة، ونتفهم أن العراق بحاجة إلى إصلاحات حكومية ومصالحة وطنية وإعادة بناء اقتصادي واجتماعي إلى جانب العمل العسكري لهزيمة «داعش».

إن حكومتنا الجديدة تأخذ على عاتقها القيام بجميع هذه المهام في الوقت عينه، وقد بدأت نتائج جهودنا تتجلى للعيان، فبعد الانتخابات الوطنية الحرة النزيهة في نيسان الماضي، وبدعم كافة المكونات الدينية والعرقية، تمكنّا من تشكيل حكومة جديدة تضم ممثلين عن كافة الكتل السياسية والاجتماعية.

إن حكومتنا تنجح بتنفيذ البرنامج الذي أعدته خلال الثلاثة أشهر الأولى، ونحن نحرز تقدماً في البرامج التي اقترحناها خلال الستة أشهر الأولى لنحقق كافة التزاماتنا تجاه الشعب العراقي.

لقد راجع مجلس الوزراء الموازنة العامة التي ينبغي أن ترسل إلى مجلس النواب لغرض المصادقة عليها قريباً في مدة زمنية تعد أسرع من السنوات السابقة.

نحن نعمل على المصالحة الوطنية في جبهات متعددة، إذ نقوم بصياغة علاقات تعاون مع العشائر في صلاح الدين والأنبار ونينوى وهي مناطق تقع معظمها تحت سيطرة «داعش» حيث يتم تجهيز هذه العشائر بالسلاح وهي تقاتل حالياً جنباً إلى جنب القوات الأمنية العراقية.

نعمل كذلك على تعديل قانون المساءلة والعدالة الذي يشير إلى اجتثاث البعث، لتسهيل إعادة دمج أعداد كبيرة من الموظفين الحكوميين السابقين الذين لم يرتكبوا جرائم ضد الشعب العراقي، إذ نهدف إلى معالجة مشاكل كافة مكونات الشعب العراقي.

لقد وقّعت هذا الأسبوع أمراً يلزم القوات الأمنية ووزارة العدل بحماية حقوق الإنسان التي نص عليها الدستور للمعتقلين في السجون العراقية، ويشمل هذا تأسيس سجل مركزي لكل المعتقلين يتم فيه بيان سبب اعتقالهم ويتضمن جدولاً زمنياً لعرضهم على المحاكم .

توصلنا كذلك إلى إتفاق مؤقت مع حكومة إقليم كردستان سيمهد الطريق إلى اتفاق طويل الأمد حول موارد العراق الطبيعية، وتعد هذه خطوة مهمة في الاتجاه الصحيح إذ نلتزم مع إخوتنا الكرد العراقيين على أن نضع كافة خلافات الماضي جانباً.

أيّها الأصدقاء؛

لقد بدأنا بناء قواتنا الأمنية على نحو مهني، حيث أقلنا أكثر من أربعة وعشرين قائداً عسكرياً كجزء من جهودنا لاجتثاث الفساد وإعادة تنشيط القيادة العسكرية، ولغرض ضم عدد أكبر من العراقيين في الدفاع المشترك، فقد أحرزنا تقدماً في تأسيس قوات الحرس الوطني، كما نعمل مع الأمم المتحدة للاستفادة من خبرات الدول الأخرى التي تبنت مثل هذا النظام لنضمن إيجاد الحل الصحيح للعراق.

ولنضمن احترام تطبيق القانون، نعمل على أن تكون الجماعات المسلحة كافة تحت سيطرة الدولة، إذ سيتم دمج بعض العناصر في هذه الجماعات، حيثما كان ذلك ممكناً، ضمن القوات الأمنية العراقية والحرس الوطني، ونؤكد على التزامنا الدستوري بعدم السماح لأي جماعة مسلحة أو ميليشيا بالعمل خارج أو بموازاة القوات الأمنية العراقية. ولن يسمح باستخدام أي أسلحة خارج سيطرة الحكومة العراقية.

وبما أن «داعش» يشكل تهديداً لنا جميعاً، فإننا نعتبر حكومة إقليم كردستان شريكاً أساسياً في معركتنا هذه، ونرحب بشدة بالجهود التي تهدف إلى تدريب القوات الكردية وتسليحها لضمان أدائنا السلس إلى جانب القوات الأمنية العراقية، وسوف نواصل عملنا لضمان عدم حدوث أي تأخير أو تعطيل في هذه المسألة، ومن جانبنا لم يحدث يوماً أي تأخير متعمد أو تعطيل إجرائي بهذا الخصوص.

علاوة على ذلك، إننا نعمل مع الولايات المتحدة وشركائنا الدوليين لتدريب وتجهيز مقاتلي العشائر في الوقت الذي نقوم به بضم وحدات الحشد الشعبي إلى القوات الأمنية العراقية.

دعوني أكن واضحاً معكم، إن قواتنا الأمنية تفتقر إلى التدريب والتسليح الشامل، وسوف نحتاج إلى دعم واسع من أشقائنا وشركائنا في هذا الجانب، ويمكنني طمأنتكم بأن مساعدتكم بهذا المجال لن تذهب سدى، لأننا عندما نحارب «داعشاً»، فإننا لانحارب من أجل شعب العراق فحسب، بل نحارب من أجل جميع شعوب العالم.

إن قوات الأمن العراقية وشركائها تحقق خطوات إلى الأمام بفضل الدعم الذي تتلقاه من الائتلاف الدولي ومن خلال التنسيق الوثيق مع قوات البيشمركة الكردية ومن مساعدات جميع شرائح المجتمع العراقي سوية، واستطعنا أن نستعيد طرقاً ستراتيجية ومواقع أخرى وحررنا مدناً بأكملها.

لقد وعدنا مكونات شعبنا بهذا الوعد الصادق، نحن ماضون قدماً في حربنا من أجل تحرير كل شبر من أراضينا وكل شريحة من شرائح مجتمعنا، سوف نطرد عصابات «داعش» من أرضنا الكريمة، ونعيد الحياة إلى المدن المحررة.

السيدات والسادة؛

وعلى الصعيد الدبلوماسي، فإننا نقوم بتعزيز علاقاتنا مع جميع دول الجوار، لكي نتمكن سوية من محاربة عدونا المشترك (داعش) بفعالية أكبر.

وخلال الأسابيع الماضية، أجرينا اتصالات وثيقة جداً وفعالة على مستويات عليا مع جميع دول الجوار، منهم مع أمير ورئيس وزراء دولة الكويت، والرئيس الإيراني السيد روحاني، وجلالة الملك عبدالله الثاني ورئيس وزراء الأردن في عمان، وخادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز بالرياض، ورئيس وزراء تركيا السيد أحمد داوود أوغلو، ومع وزير خارجية دولة الإمارات العربية المتحدة الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان في بغداد.

ولقد توصلنا إلى اتفاقات بشأن تعزيز تعاوننا الأمني والاستخباراتي من أجل هزيمة «داعش» ونسعى إلى توسيع التعاون في مجالات الاقتصاد والنفط والاستثمار والتجارة وحماية الحدود.

ومن خلال عملنا مع هذه البلدان ودول أخرى في الجوار، إننا بصدد تشكيل واجهة دفاعية مشتركة تقف بوجه «داعش» وبصدد بلورة استراتيجية جديدة لمعالجة المشاكل الإقليمية التي تؤدي إلى تفشي الإرهاب الدولي.

في العراق اليوم، تبذل شتى الجهود لحماية المكتسبات الديمقراطية، سواء من خلال إعادة تشكيل حكومتنا ومصالحة مجتمعنا، أو من خلال مقاومة «داعش» وإعادة علاقاتنا مع الدول المجاورة لنا.

ولكن التحديات التي نواجهها لايمكن أن تجابهها دولة بمفردها، إننا نحارب أكبر المنظمات الإرهابية الدولية الممولة والمنظمة والمجهزة بأفضل ما يكون على مستوى العالم، لذا فإن رسالتي لكم جميعاً هي:

إننا نؤدي ما علينا، ونحن بحاجة إلى مساعدتكم.

أما على الصعيد العسكري، فنحن بحاجة إلى الإسناد الجوي والتدريب والتسليح وبناء قدرات القوات الأمنية العراقية، كما إننا بحاجة إلى دعم دول الجوار وحلفائنا في صراعنا لوضع حد لتسلل المقاتلين الأجانب إلى داخل العراق، ولأجلنا ولأجلكم، ينبغي ألاّ يكون العراق ساحة لتدريب الإرهابيين القادمين من والعائدين إلى كل بقعة توجد فيها مشاكل على وجه الأرض.

إن «داعش» لايستقطب مقاتليه من جميع أنحاء العالم فحسب، إنما يتلقى تمويله من معظم دول العالم أيضاً، لذا نحتاج من المجتمع الدولي، بما فيه مؤسساته المالية، أن يجمد تمويل «داعش» ويوجه دعوة لإيقاف حركة الأموال والذخائر غير المقيدة إلى هؤلاء الإرهابيين الدوليين.

إن العنف المتطرف مستوحى من الأيديولوجيات الفاسدة، ونحن بحاجة إلى أن تقوم الدول المجاورة في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بمكافحة مفاهيم أيديولوجيات «داعش».

كما إننا بحاجة إلى دعم المجتمع الدولي في معالجة الأزمة الإنسانية التي سببها داعش، لكي لا يتم تجنيد اللاجئين الذين هجّروا بسبب الإرهاب في موجات أخرى من أعمال العنف المتطرف.

لقد تسببت الأعمال الإرهابية لـ «داعش» والحرب الأهلية في سورية في نزوح مايقارب من مليوني شخص وهم الآن متواجدون ضمن حدودنا، نحن بحاجة إلى مساعدات إنسانية لتلبية احتياجاتهم لاسيما مع قدوم فصل الشتاء.

ومن ناحية أخرى، إن المناطق التي حررناها والتي نحن بصدد تحريرها من سيطرة «داعش» بحاجة إلى حملة إعادة إعمار عاجلة، لذا من أجل تشجيع سكان المناطق المحررة على العودة إلى منازلهم ولخلق الوظائف والتصدي لبعض الأسباب المباشرة لنشوء «داعش»، فإننا بحاجة إلى صندوق إعادة إعمار.

وللأسف، يعاني العراق من نقص في التمويل بسبب تراجع صادرات النفط وبسبب تدني أسعاره وتوقف صادرات الشمال منذ استيلاء «داعش» على الموصل، ولقد خصصنا أموالاً هائلة من موازنتنا لهؤلاء اللاجئين، كما تحملت الأمم المتحدة جزءاً من عبء المساعدات الإنسانية ولكننا نحتاج إلى مساعدة المجتمع الدولي بأكمله لإيواء وتضميد جراح ضحايا العنف.

أيتها الأخوات والإخوة؛

لن نتمكن من هزيمة الإرهابيين الدوليين الحاقدين الذين يعتاشون على الفشل إلا بعد إعادة بناء عراق آمن ومستقر في شرق أوسط آمن ومستقر، وبما أن «داعش» يمثل عدواً مشتركاً لنا ينبغي أن تكون هزيمته هي مسعانا المشترك أيضاً.

وفي ظل صراعنا الحالي، يقوم العراق حكومة وشعباً بكل ما في وسعه، ومن خلال وجودكم ومشاركتكم هنا اليوم، فإني متفائل بأنكم ستبذلون ما في وسعكم أيضاً.

إننا اليوم، نتبادل الأفكار، أما غداً، وكلما اقتضت الضرورة، علينا أن نترجم أقوالنا إلى أفعال.

إقرأ أيضا لـ "حيدر العبادي"

العدد 4473 - الجمعة 05 ديسمبر 2014م الموافق 12 صفر 1436هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 6 | 4:24 ص

      يتبع . تحية الى الدكتور العبادي

      بابشع الصفات واتهموه باتهاماتهم الجاهزة يساندهم في هذا اعلام ... الكاذب وقنواتهم الفاسدة بل اتهم بعض اعلامهم السيد المالكي بالدكتاتورية !! وتهميش السنة رغم ان نصف حكومة المالكي كانت منهم الا انهم يصرون على الكذب ! واحب ان اقول . ان لم تواجههم بحزم و شدة فسيكون مصيرك كمصير عبد الكريم قاسم ومن قبله علي بن ابي طالب والحسين وزيد بن علي . ...منذ ان من الله عليهم بالاسلام .
      علي جاسب . البصرة

    • زائر 5 | 4:19 ص

      تحية الى الدكتور العبادي

      واقول لك . ومن لم يتعظ لغد بامس وان كان الذكي هو البليد . نعم يا دولة رئيس الوزراء ان القوم لن يقبلوا بك ولا بغيرك والتهمة لك جاهزة وهي انك صفوي فارسي مجوسي رافضي ........ الخ فلا تكن كعبد الكريم قاسم يوم وثق بالقوم فغدروا به دون اي ذنب سوى انه ؟؟؟؟ بل انهم يصرحون علنا . هو امامكم علي ع ماخليناه يحكم اربع سنين . ان شعر القوم هو اما ان نحكم العراق حتى اون كنا 20% من الشعب او ان ندمره وقد راينا كيف واجهوا علاوي من قبل رغم انه يعتبر منهم تقريبا و كذلك من بعده السيد المالكي حيث وصفوه
      يتبع .

    • زائر 4 | 3:36 ص

      بنا ءعراق آمن و مستقر

      كبف تريد بناء عراق مستقر و آمن و العراق محتل من الصفويين ولا فى عراقى شريف يقبل بلده ان يكون نحن احتلال الاجنبى تخلص من الصفوين لان هم اساس البلى فى بلدك ما دام هم موجودين فالعراق عمرها ما بتشوف استقرار و لا امان لان الصفويين معروفين ذا دخلو فى اى بلد دمروها مثل العراق\\ سوريا \\ لبنان و اليمن و عينهم على دول اخرى سنية

    • زائر 3 | 3:28 ص

      الفساد قبل الإرهاب

      الله يعينك شلون تبني و 50 ألف جندي وهمي؟

    • زائر 2 | 1:32 ص

      اي هزيمة

      اي هزيمة تتكلم عنه يا اخي والعراق ما فيه يوم يمر بدون حمام دم انتو صاحي ولا تحلم الى متى الاعراب اشد كفر ونففففففففاق يا اخي تكلم بواقعية عراقين في زمن صدم على اجرامه كانو احسن حالا بس للاسف لا يعترفون بسبب الكل عارفة الا هو المذهب فقط لا غير حتى لو على حسابهم

    • زائر 1 | 11:43 م

      السؤال

      ليش داعش ما كان موجودين فى عهد صدام جسين شنو اللى خلى داعش يطلعون فى ايام حكم المالكى ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟

اقرأ ايضاً