العدد 4489 - الأحد 21 ديسمبر 2014م الموافق 29 صفر 1436هـ

بَيْع الأسد وشراء سورية؟

محمد عبدالله محمد Mohd.Abdulla [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

للأخضر الإبراهيمي روايةٌ ودرايةٌ بسورية. في أمر الرواية، فإن أحداً في سورية قال له مرة: هل تعرف القبَّة (Dome)؟ هي قائمة على حَجَرَة في وسطها، فإذا ما أزِيلت تنهار القبَّة (بأكملها). في سورية فإن الحَجَرَة هو الرئيس، وهذا هو النظام الذي بناه حافظ الأسد.

في أمر الدِّراية، فإن الأخضر الإبراهيمي، الذي كان مبعوثاً أممياً وعربياً لحل الأزمة السورية قبل استقالته، يرى بأن بشار الأسد هو الحاكم الفعلي والحقيقي لسورية. لا يحصل أي شيء في بلاده دون أن يكون هو فيه. وهو على اتصال دائم ودراية كاملة بما يجري هناك.

الحقيقة، أن رواية الإبراهيمي ودرايته، تصلحان لأن أصدِّرَ بهما مقالي اليوم. فما يدور في كواليس الأزمة السورية كثيرٌ منه غث، وقليلٌ منه سمين. لكن الذي يظهر الآن، أن حلاً ربما تتم بلورته يقوم على تقاسم الدولة بصلاحياتها ما بين بشار الأسد وخصومه.

الأسد يبقى رئيساً للدولة بصلاحيات أقل، مع احتفاظه بوزارة الدفاع وثلاثة أجهزة أمنية، هي: المخابرات الجوية والأمن العسكري وأمن الدولة. بدورها تقوم المعارضة، بتشكيل حكومة بصلاحيات، على أن يُعاد كتابة الدستور، وتُجرَى انتخابات برلمانية.

ما يعنيني في هذا كله، الجهة التي تستطيع أن تفرض هذا الحل (المتوقَّع). وحسب الأخضر الإبراهيمي، فإن وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف قال له، بأن أقصى ما تستطيع فعله موسكو، هو أن تُرغِم الرئيس الأسد على الذهاب إلى مائدة المفاوضات.

إذاً، مَنْ هي تلك الجهة (غير روسيا) التي تستطيع أن تفرض شيئاً على السوريين في مائدة التفاوض تلك؟! الحقيقة، أنه وحسب الإبراهيمي نفسه، فإن «لإيران كلمة مسموعة أكثر من روسيا». يدعم ذلك القول وهذه الفرضية الأحداث الجارية على الأرض السورية.

يجب أن يُعلَم أولاً أن النفوذ الإيراني في سورية ليس وليد اللحظة بل هو يمتد إلى العام 1982. لكن هذا النفوذ مرَّ بمرحلتيْن، الأولى حين بدأ الاعتماد أكثر على المتكأ الإيراني عوضاً عن الروسي بعد مجيء بشار الأسد إلى السلطة، ثم تعزَّز ذلك النفوذ الإيراني بعد اندلاع الأزمة في سورية عام 2011.

العلاقة بين البلدين تعتمد على مصالح صلبة جداً. السوريون يريدون دعماً مادياً (وبالتحديد النفط ومشتقاته) يَقِيهِم الهزات الاقتصادية. والإيرانيون يريدون جغرافيا، يطلّون من خلالها على البحر الأبيض المتوسط من شرقه، ويَلِجُون لبنان باتجاه «إسرائيل».

إذاً العلاقة هنا غير متوازنة. فالدعم الإيراني هو عبارة عن مساعدات «فورية الإنفاق». بمعنى أن الحاجة السورية إليها «ضرورية جداً» وهي قابلة للتجدُّد كونها مرتبطة بالحالة الريعية للدولة السورية، التي من خلالها يمكن استيعاب قدر من الحركة الاجتماعية.

قبل أيام، صرَّح «مسئول تجاري سوري كبير» من داخل دمشق لإحدى وكالات الأنباء العالمية قائلاً: «لو لم يكن الدعم الإيراني المستمر إلى الآن ما كنا نجونا من الأزمة». وحسب تقارير موثوقة فإنه وفي منتصف العام الماضي «منحت إيران سورية تسهيلات ائتمانية قدرها 3.6 مليار لشراء منتجات نفطية»، وخُصِّصَ «مليار دولار أخرى لشراء منتجات غير نفطية».

وحسب التقرير ذاته، فقد أفاد «مسئولان مصرفيان كبيران» بأن «إيران أودعت ما بين 500 مليون و750 مليون دولار في البنك المركزي السوري منذ أكثر من عام» استخدمتها دمشق «في الحفاظ على استقرار الليرة» التي «فقدت 70 في المئة من قيمتها» منذ بدء الأزمة.

وفيما خصَّ النفط فقد أشار تقرير «رويترز» نقلاً عن تجار سوريين بأن «أربع ناقلات إيرانية قامت بتفريغ شحنتها من منتجات البنزين في الشهرين الماضيين في موانئ سورية». فضلاً عن تسلم دمشق لـ «توربينات محطات الكهرباء» التي تضررت بفعل الحرب.

أمام ذلك الدعم السَّيَّال تحصل إيران على أرض وسماء سورية. قواعد وتواجد عسكري مباشر، وبالتالي دور محوري في القرار السياسي لدمشق، فضلاً عن الموانئ والحدود الفاصلة، وحتى الأنشطة الأهلية والثقافية. وهو ما يعني تواجداً «دسماً» بجوار محيط إقليمي ممتد.

ليس ذلك فحسب بل إن الدعم الاقتصادي الإيراني لدمشق يعزز من حضور إيران في دورة الاقتصاد السورية عبر نيلها حصصاً فيه. وحسب تصريح مسئول سوري: «الدعم الإيراني كان الأهم. وفي المقابل نعدهم بالمزيد والمزيد ونفتح لهم الأبواب أكثر فأكثر للاستثمار في سورية»، فضلاً عن حصول شركات إيرانية على أسهم نتاج دورها في عملية البناء ورصف الطرق ومعالجة البُنيَة التحتية.

هذه العلاقة اللامتوازنة جعلت طهران قادرة أكثر من غيرها في سورية. هنا، يأتي السؤال المهم: إذا كان بشار الأسد (وحسب رواية الإبراهيمي) هو بمثابة الحَجَرة التي تقع عليها القبَّة، وبانهياره تنهار تلك القبَّة فَمَنْ غير إيران (صاحبة ذلك النفوذ) قادر على نَظْم ذلك البناء الأعوج من جديد، لصالح دولة لا تلعب فيها الفردانية بل المؤسسات الدستورية؟

فإيران ورغم أن الدَّعم الذي تُقدمه لدمشق يتيح لها نفوذاً فريداً، لكنه أيضاً يجعلها في حالة استنزاف مع استمرار الأزمة السورية، فضلاً عن تضررها أصلاً بالعقوبات المفروضة عليها، وتراجع أسعار النفط، الذي تعتمد عليه إيران في رفد ميزانيتها إلى مستوى الثلث، وبالتالي أصبح بقاء الأسد عالةً على إيران مع وجود فرصة لها لتدوير السلطة.

باعتقادي أن طهران قد تعيد تطبيق السيناريو العراقي في سورية (عندما ساهمت في إزاحة نوري المالكي من رئاسة الوزراء) وإن بشكل آخر. بمعنى أنه ليس بالضرورة إزاحة الأسد ولكن شَطْر صلاحياته لتكون بينه وبين معارضيه، ضمن تسوية إقليمية ودولية، كما هو السيناريو الذي يتم تداوله بصمت، مع تقديم ضمانات لإيران بإبقاء جزء من مصالحها في سورية، وبالتالي فإن الصفقة تقوم على بيع الأسد وشراء سورية.

إقرأ أيضا لـ "محمد عبدالله محمد"

العدد 4489 - الأحد 21 ديسمبر 2014م الموافق 29 صفر 1436هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 19 | 1:42 ص

      تكملة سوريا الاسد فعلا

      فى سوريا الدين للة كنت اصلى بالجامع الاموى وسيدتنا رقية والسيدة زينب والسيدة سكينة لايعرفون سنى ولا شيعة ولا حتى مسيحى
      ترى النقاب , ترى الموضة الفاجرة , ترى اللبس العادى المعتدل المتحشم , كل واحد فى حالة
      اصلى جنب الشيعى هو يسجد على قطعة فخار يسمونها مور ويقولون انها من كربلاء للمغفرة فى قتل الحسن والحسين
      اتذكر طفلة شيعية وانا اصلى وضعت لى قطعة فخار ازحتها وصليت هل اجرمت هذة الطفلة الشيعية لالالا ولكنها ارادت ان تكرمنى
      ببرائة وطفولة الاطفال ووضعت قطعة الفخار بحب وتلقائية ولا تعرف انى سنى كما ح

    • زائر 18 | 1:39 ص

      سوريا ارسد فعلا

      من مصر احيك وقرات مقالك بالمصادفة لقد عشت بسوريا وتعلمت بجامعة بيروت العربية
      والحقيقة ان سوريا مواردها الطبيعية قليلة ليست مثل الخليج او مصر
      ولكن استطاع ال الاسد ان ينهض ببلدة اقتصاديا فرايت الاسعار رخيصة جدا عن مصر والاردن ولبنان من ملابس وواقمشة واطعمة
      لدرجة ان العراقيين والبنانيون والاردنيون بذهبون الى سوريا للشراء والعلاج ويرجعون الى بلدانهم اخر النهار لقرب المسافة
      ايضا الخلجيين يمكثون اياما بسوريا وسيارات الجيب محملة بالبضائع
      , لم يكن لسوريا دين مالى بل كانت تصدر القمح ولم نجد دولة عرب

    • زائر 17 | 7:11 ص

      افتح عينك أكثر يا زائر 14 . . . . ( 3 )

      أما المعادلة الصحيحة فهي أن نقف ضد القذافي وضد الأمريكان ، و نقف مع الشعب الليبي ، وكذلك ضد صدام حسين وضد الأمريكان ونقف مع الشعب العراقي ، و كذلك ضد بشار الأسد وضد الأمريكان ، و مع الشعب السوري . ولا نتحجج بالتدخل الخارجي . . . ولعلمك الكاتب محمد تكلم كثيرا عن التدخل الخارجي الأمريكي التركي ... في سوريا وبمعلومات لم تسمع بها حتى أنت، راجع مقالاته (( جبهة أحفاد السلاطين )) و (( من يرفق بك يا سورية )) وغيرها الكثير فلا تتهم بغير دليل والله يهديك

    • زائر 16 | 7:03 ص

      افتح عيمك أكثر يا زائر 14 . . . . ( 2 )

      عشرات المليارات ثروات آل الأسد ( وهم كانوا فقراء قبل الحكم وجوف سيرتهم، يعني بوق صريح ) فيما الشعب السوري يرزح تحت الفقر ( يعتي فساد اقتصادي ) ، وبعد تبون الشعب السوري ما يثور !! يعني شو يسوي الشعب السوري مع عقول مثل عقولكم ترى الظلم في البحرين و لا ترى الظلم في سوريا !! . . . أما دخول أمريكا واسرائيل على الخط فطبيعي ، هم عندهم مصالحهم ويتدخلون في كل الثورات العربية ، وإلا على كلامك لأن الأمريكان وقفوا مع الثورة الليبية ضد القذافي ، فلازم نوقف مع القذافي على هالمنطق !!!

    • زائر 14 | 6:00 ص

      انت

      انت ايها الكاتب هاده الي كتبتبته مجر استنتاج وانت ليس افهم من قادة ايران وعلى راسهم السيد... الخمنائى يعنى يبلك وقت تفهم فى امووور الاوطان والسياسه فرجاء قبل ان تكتب انظر الى سوريا كيف تم تخطيط لتدميرها طبعا من امريكا واسرائيل وفلوووس الخليج كله عشان هى واقفة مع فلسطين وحزب الله وايران هادى كلها المسئلة ارجوا منك ان تتطلع على احداث سوريا بعدين تعال اكتب والله يهديك

    • زائر 15 زائر 14 | 6:52 ص

      افتح عينك أكثر زائر 14 . . . . ( 1 )

      وانت يا حبيبي حاول تجوف وضع سوريا الداخلي من الاستبداد والقهر والظلم والديكتاتورية علشان تعرف ليش الشعب السوري انتفض ، 47 سنة قانون الطوارئ ( يعني بلد مخنوق ) واحنه اهني ما استحملنا 3 أشهر !! وانريد من الشعب السوري ما يثور !! المادة 8 من الدستور اللي تحصر السلطة بحزب البعث ( يعني ديكتاتورية ) ، وانريد من الشعب السوري ما يثور !! جمهورية ومع ذلك تحكم عائلة واحدة ( الأسد الأب والأبن ) منذ خمسين سنة وإلى زمن الأسد السادس عشر ان شاء الله !!!

    • زائر 13 | 4:34 ص

      انا الزائر 11

      تعليق الزائر 11 و12 هو رد على الزائر 2 أبو نصيحة ، وليس رد على الزائر 4 ....

    • زائر 12 | 3:49 ص

      سوريا هي بشار ( 2 )

      أتمنى لو يحكمكم البعث السوري أسبوع واحد عشان تعرفون معاناة السوريين المساكين، 47 سنة خنقهم بقانون الطوارئ واحنا اهني ما استحملنا 3 أشهر !! شلون الله ينصرنا واحنا مو منصفين ؟؟ . . . . الراضي بعمل قوم محشور معهم ، جهز لك جواب يوم القيامة إذا الله حشرك مع البعثيين اللي تحبهم

    • زائر 9 | 3:27 ص

      حكام العرب هل ملائكه

      هل سوريا برئيسها هو المالك والناهي والعالم والمدبر والقاصي والداني اليس زعماء العرب على هذه الوتيره .. ان حكام العرب ونكون واقعيين عندما نتكلم بانهم بنفس المنهج والوتيره وان اختلفت الوسائل ..اللهم اعنا على اعلام ممهنج على وتر الفتنة والفتن

    • زائر 8 | 3:01 ص

      منطق مقبول

      الدمار الذي لحق بسوريا والمنطقة كبير ، لن تعود عقارب الساعة للوراء ، الاسد قد يبقى لمرحلة انتقالية ولكن من المستحيل ان تحتفظ هذه العائلة بالسلطة في سوريا ! حتي ايران لا يمكن ان تواصل دعم شخص مثله ، الساسة عالم من المصالح، يباع فيه الحلفاء بجرة قلم .. ايران مثل بالع الموس .. وبعد اضطراب أسواق النفط العالمية صارت ايران ونظامها السياسي في وضع لا يحسد عليه .. الايام القريبة حبلى بالكثير من الاثارة .. لنترقبها شكرا لكاتب المقال ، موضوعي

    • زائر 7 | 2:16 ص

      لكن امريكا لا تريد للازمة السورية ان تنتهي

      لان الوضع الحالي ينهك إيران اقتصاديا حيث اصبحت سوريا مصدر نزيف مستمر للاقتصاد الايراني أضف علي ذلك سيناريو انخفاض سعر النفط الي ما دون الستون دولار الذي هو جزء من تركيع ايران اولا اما سوريا فامرها انتهي من ايام الثورة. ستنتهي الازمة السورية عندما تقبل ايران شروط المحادثات 5+1 حسب ما يطلبه الغرب الذي هو لبس مستعجل في امره حيث ستفرض الامور الاقتصادية والحياتية علي ايران قبول الواقع وبذلك تقدر تقول ان امريكا اصطادت عصفورين بحجر واحد

    • زائر 6 | 1:03 ص

      ابو احمد

      لنكن صريحين بشار الأسد ديكتاتور وظالم حاله حال باقي الطواغيت أولاً هو أرسل أشخاص للمساعده في قمع الثوره في البحرين وثانياً حالة طوارئ في سوريا قبل مجيئه للحكم وإلى الآن الشعب السوري يعيش في مأساه سوريا تستحق شخص أفضل من بشار والمعارضه المسلحه وهذا لا يأتي الا بتوافق جميع الأطراف المعتدله وتمنياتنا بالخير لجميع الشعوب.

    • زائر 4 | 12:21 ص

      قد يكون ذلك

      ولماذا لا يكون ذلك الجميع تعب والشعب السوري هو الضحية وتلك الدولة الممولة للإرهاب والثانية المسهلة لهم دخول سوريا وجب تطبيق البند السابع عليهم م ميثاق الامم المتحدة حفظ الله سوريا

    • زائر 11 زائر 4 | 3:46 ص

      سوريا هي بشار !!!! ( 1 )

      اختصار الوطن كله في شخص ( طاغية و ديكتاتور بعثي من الدرجة الأولى )، وبعدين يقولون احنا ديمقراطيين!!!. . . سوريا كانت قبل بشار وستكون بعد بشار المجرم، لا ويقول (( إلى أبد الآبدين )) !! و كأن بشار إله لا يموت !!! . . . نصيحة لكم أنتم يا عبيد بشار اقرؤوا دعاء ( اللهم شاف كل مريض وكل مجنون بشفائك العاجل القريب ) . . .

    • زائر 2 | 10:47 م

      نصيحة

      المقال ذكرني ببداية الأزمة السورية وكان الكل يقرون بسقوط بشار ونظامه بعد أيام معدودة .. والتغلب زاد في تحليلاته بعض (البهارات) و كل فترة يظهر لنا البعض بتخمينات بحسب ما تتمناه معادلاته ...فالأسد ياعزيزي باقي وصلاحياته تزيد وتكبر (يوم عن يوم) وسورية لن تباع ...فنصيحتي شاهد الواقع الذي يتبدل إقليميا بالإيجاب نحو الأسد وسوريا معا لان ما شاهدته خلال زيارتي لسوريا شاهدنا الواقع بأن الناس تقول بشار هو سوريا وسوريا هي بشار وهذا باقي لابد الآبدين

    • زائر 1 | 9:39 م

      عام

      قبل فتره قالت اليك مقالات عن سوريا غلط او اليوم اكرر كل استنتجاتك عن سوريا طول الأزمة غلط في غلط الاسد باقي حت اكمال ولايه الدستورية بي كامل الصلاحيات

    • زائر 5 زائر 1 | 12:21 ص

      كل شئ

      كل شيئ ما يعجبكم غلط /// جبلتم على ذلك !!!! بومحمد

اقرأ ايضاً