العدد 4489 - الأحد 21 ديسمبر 2014م الموافق 29 صفر 1436هـ

السبسي رئيسا لتونس... تحديات هائلة تنتظر السياسي المخضرم

يبدو ان حجم التحديات التي تنتظر السياسي المخضر الباجي قايد السبسي، بعد اعلان الهيئة العليا للانتخابات بتونس رسميا عن فوزه بمنصب الرئاسة، هائلا .

ويعد الباجي قايد السبسي أول رئيس لتونس ينتخب بشكل مباشر من الشعب بعد الثورة كما يعتبر أول رئيس تفرزه انتخابات ديمقراطية نزيهة وتعددية تشهدها تونس لأول مرة في تاريخها الحديث.

ويكتسب فوز السبسي السياسي المخضرم أهمية بالغة كونه جاء بعد حملة انتخابية حامية مع منافسه الرئيس المنتهية ولايته المنصف المرزوقي والذي يقدم نفسه كمرشح الثورة وبفارق من الأصوات يعكس مستقبل واعد للديمقراطية في تونس.

وفاز السبسي بنسبة 55.68 بالمئة من اصوات الناخبين في حين حصل المرزوقي على نسبة 44.32 بالمئة من الأصوات.

ومع أن الدستور الجديد الذي تمت صياغته بعد الثورة داخل المجلس الوطني التأسيسي قد قلص من صلاحيات الرئيس لمصلحة رئيس الحكومة ضمن نظام سياسي يقوم على المزج بين الرئاسي والبرلماني، إلا أن الرئيس لا يزال يتمتع بسلطات مهمة تشمل السياسة الخارجية والأمن والدفاع فضلا عن سلطاته التشريعية.

كما لا يزال يحتفظ الرئيس برمزية قوية لدى الشعب ما يجعل دوره محوريا في المرحلة المقبلة قياسا إلى التحديات الاقتصادية الهائلة التي تنظر الحكومة المقبلة.

وقال الباحث نصر بن سلطانة مدير مركز دراسات الأمن الشامل لوكالة الأنباء الألمانية (د. ب. أ) "يمكن القول ان السبسي هو الأنسب للمرحلة المقبلة بالنظر الى طبيعة التحديات الأمنية والاقتصادية وارتباطها بصورة تونس في الخارج".

وأضاف الباحث "السبسي يملك أكبر قدرة على تطوير العلاقات الخارجية ما سيمكن من دفع الاستثمار الخارجي والتعاون الاقليمي في مكافحة الارهاب فضلا عن قدرته على جمع أكثر ما يمكن من التونسيين بدل تقسيمهم".

وركزت حملة المرشح المنافس المنصف المرزوقي على السن المتقدمة للسبسي ومدى قدرته على إدارة البلاد في مرحلة دقيقة تحتاج الى اصلاحات واسعة وجهد مضني في العمل.

وقال بن سلطانة "الأمور تدار بالكفاءة لا بالسن. والسبسي يملك كفاءة أعلى تمكنه من إدارة البلاد بطريقة أفضل من منافسه".

وعمل السبسي (88 عاما) الذي امتهن المحاماة في بداياته وعلى مدار سجله السياسي الممتد لنحو ستين عاما في نظام الرئيس الراحل الحبيب بورقيبة باني دولة الاستقلال منذ خمسينات القرن الماضي. وتقلد خلال حكمه عدة حقائب حتى انقلاب تشرين ثان/نوفمبر 1987 كما شغل منصب رئيس البرلمان في الحكم الرئيس السابق زين العابدين بن علي عام 1991 لكنه غادر بعدها الحياة السياسية.

ودعي السبسي بعد الثورة في شباط/فبراير 2011 لترأس الحكومة المؤقتة التي قادت البلاد نحو أول انتخابات ديمقراطية في تاريخها افرزت المجلس الوطني التأسيسي المكلف بصياغة دستور جديد للبلاد واغلبية برلمانية بقيادة حركة النهضة الاسلامية التي شكلت الحكمة الائتلافية لاحقا.

وأسس السبسي في 2012 حزب حركة نداء لتحجيم هيمنة النهضة على المشهد السياسي ونجح في جمع الآلاف من حوله قبل ان ينجح في قلب المشهد السياسي بعد الانتخابات البرلمانية في تشرين أول/أكتوبر الماضي بفوز النداء بـ86 مقعد مقابل 69 للنهضة.

ومع الصعود المدوي للسبسي وحزبه النداء أبدت أحزاب خشيتها من أن يشكل فوز النداء بكافة السلطة السيادية، رئاسة البرلمان والحكومة ورئاسة الجمهورية، عودة إلى مربع الاستبداد وحكم الحزب الواحد.

وقال أزاد بادي العضو بحزب حركة وفاء الداعمة لترشح المرزوقي لـ(د. ب. أ) "ترشح السبسي الى منصب الرئاسة هو عودة إلى هيمنة حزب واحد على مفاصل الدولة وتهديد للديمقراطية الوليدة التي تفترض توزيع للسلطات على أكثر من طيف سياسي".

وأضاف بادي "عندما ينفرد حزب واحد بكافة السلطات فإنه سيكون هناك منحى نحو التغول ونحن نخشى على الحقوق والحريات خاصة ان حزب نداء تونس يضم رموزا من النظام السابق".

وعلى امتداد حملته الانتخابية حذر المرزوقي من أن احتكار حزب واحد لكافة السلطات سيعطل الاستقرار السياسي وسيهدد الحريات بينما يعتبر نداء تونس ان الانسجام بين رأسي السلطة التنفيذية ضمانة أساسية لعدم تعطل مؤسسات الدولة.

وقال بن سلطانة "السبسي أكد فوزه للمرة الثالثة في الانتخابات. نجح حزبه نداء تونس في الفوز بالانتخابات البرلمانية وفاز مرتين في السباق الرئاسي (الدور الاول والثاني) وبالتالي اختاره الشعب عن وعي وبغض النظر عن انتمائه الى النظام السابق. يجب احترام إرادة الشعب ونتائج الصندوق".

لكن لمجابهة التحديات الاقتصادية والتنموية المقبلة يرى بن سلطانة أنه من الأنسب تشكيل حكومة تشاركية حتى تكون قادرة على الدفاع عن كل التونسيين ولا تفرق بينهم.

وفي المقابل يوضح آزاد بادي بأن التصدي لمخاطر العودة إلى الوراء يتمثل الآن في توحد الأحزاب الوسطية الديمقراطية خاصة ان الانتخابات البلدية ستكون على الأبواب.

 





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً