العدد 4490 - الإثنين 22 ديسمبر 2014م الموافق 30 صفر 1436هـ

جعفري: البحرين أضعف دول «الخليج» صموداً عند استمرار «هبوط النفط»... واقتصادنا «بهرجة مكياجية»

العالم يحتاج حماقة واحدة ليتفجر

النعيمي (يمين) وجعفري خلال تحدثهما في الندوة التي أقامتها «المنبر» الأحد الماضي - تصوير : عيسى إبراهيم
النعيمي (يمين) وجعفري خلال تحدثهما في الندوة التي أقامتها «المنبر» الأحد الماضي - تصوير : عيسى إبراهيم

قال المحلل الاقتصادي البحريني أكبر جعفري: «إن دول الخليج يمكنها أن تصمد 4 سنوات متتالية في حال استمرار انخفاض أسعار النفط، بينما البحرين بحسب كلام بعض الخبراء قدرتها على الصمود أقل»، واصفاً اقتصاديات المنامة بـ «البهرجة المكياجية»، مؤكداً أن ثلثي الموازنة العامة يذهبان للإهدار والفساد.

جاء ذلك خلال ندوة نظمتها جمعية المنبر الديمقراطي التقدمي، أمس الأول (الأحد) بشأن «انخفاض أسعار النفط... التداعيات على الوضع الاقتصادي والاجتماعي»، انتدى فيها إلى جانب جعفري، نائب الأمين العام للمنبر الديمقراطي التقدمي عبدالجليل النعيمي.

إزعاج الدورة الاقتصادية

بدأ جعفري حديثه بالقول: «إنه وفي مثل هذا الوقت من العام الماضي، كانت القراءات تشير إلى تراوح أسعار برميل النفط من 95 إلى 115 دولاراً للبرميل الواحد، غير أن الدورة الاقتصادية حصلت على نوع من الإزعاج المتعمد، بحيث أن التدوار في الأسعار هبط بشكل درامي».

وأضاف «من يناير/ كانون الثاني إلى أغسطس/ آب 2014 حافظ البرميل على سعر يفوق الـ 100 دولار، بينما في سبتمبر انخفض السعر إلى 95 دولاراً، واستمر الانخفاض في أكتوبر/ تشرين الثاني ليصل إلى 85 دولاراً، والآن هبط سعر البرميل إلى أقل من 60 دولاراً. ومن الوضوح بمكان أن هذا ليست له علاقة بالدورة الاقتصادية الطبيعية بتاتاً».

وذكر جعفري «كنا نتوقع أن إنتاج النفط الصخري سيصل إلى 18.5 مليون برميل في العام 2018 بحسب الدورة الاقتصادية الطبيعي. وهنا دول الخليج قد لا تواجه مشكلة من ناحية تجارية حتى لو بلغ سعر برميل النفط الصخري 10 دولارات، لأنه حتى مع هذا الهبوط الحاد سيكون أمام هذه الدول التعاون هامش من الربح لكن المشكلة في تأثير ذلك على مجمل الاقتصاد».

وزاد «أؤكد أن دول الخليج لديها نفس أطول من الشركات الغربية فيما لو استمرت أسعار النفط بالانخفاض، ذلك أن كلفة الإنتاج في النفط الصخري والرملي للشركات الغربية تتراوح ما بين 40 و60 دولاراً للبرميل، بينما تبدأ من دولارين ولا تتعدى 6 دولارات بالنسبة لدول الخليج».

سنتعافى بعد 6 أشهر

ورجح جعفري أن تعود الأمور إلى طبيعتها في غضون 4 - 6 أشهر، مستدركاً «لكن الأضرار ستظل موجودة وبالذات في دول الخليج التي هي أمام مفترق غير طبيعي جداً».

ولفت إلى أن «الاقتصاديات القوية، أصبحت منهكة جداً. فمثلاً دول غرب وشمال أوروبا الذين ينتجون ما يساوي 47 في المئة من الاقتصاد العالمي، وكذلك الهند والصين واليابان، بدأت تراجع استهلاكاتها للنفط».

وقال: «الحقيقة أنا أعتبر هذا التراجع، ناقوس خطر لإيقاظنا؛ فاقتصادياتنا تجميلية مكياجية، وبهرجة مبنية على رغبات وعواطف، لذلك لن تستطيع أن نصمد أمام التحديات الجادة».

130 دولاراً للبرميل سعر توازن البحرين

وفيما يتعلق بشأن المحلي، أكد جعفري أن نقطة التوازن في البحرين هي أن يصل سعر البرميل إلى 130 دولاراً، بحيث يعتبر هذا المعدل مريحاً بالنسبة لنا.

وأعرب جعفري عن خشيته من استمرار هبوط أسعار النفط على الوضع المحلي، وقال: «في البحرين إذا وصل الوضع لأن يهبط سعر البرميل إلى 45 دولاراً فلن يكون بمقدور الحكومة دفع رواتب الموظفين».

فيما عاد واستدرك «لكن التجارب التي شهدناها في الأربعين سنة الماضية أثبتت أن الجيد في الحكومة تصميم الموازنة بنحو مرن يجعلها قادرة على امتصاص الصدمات».

وأوضح «في الأزمة المالية الأخيرة، كمواطنين على الأرض لم نشعر بالآثار في حين أن دبي أصبحت مدينة الأشباح لفترة».

البحرين الحلقة الأضعف

وكشف جعفري عن تقرير نشرته مجلة «الإنوكومست» بشأن قدرة دول الخليج على الاستمرار مع انهيار أسعار النفط، وقال: «بحسب التقرير، فإن احتياطات دول الخليج تكفي لمدة 4 أعوام متواصلة، لكن تحدثت مع بعض الخبراء وأكدوا أن قدرة البحرين على الصمود أقل».

وتابع جعفري «وبمنأى عن أسعار النفط لدينا مشكلة في الهيكلة، 85 في المئة من اقتصادنا معتمد على التجارة الخارجية، و76 في المئة من هذه النسبة معتمد على النفط والألمنيوم»، مكملاً أن «الذي حدث أنه سعينا للتنوع، لكن تنوع في البوتقة نفسها، إذ اعتمدنا على البتروكيماويات والألمنيوم وهما من مشتقات النقط. إجمالاً لن نستطيع التحرر من ذلك، ولا أية دولة خليجية استطاعت ذلك».

العالم ينتظر الحماقة لينفجر

وفيما إذا كان السبب وراء هبوط أسعار النفط لعبة سياسية تدور في العالم، أشار جعفري إلى أن «هنالك تحاليل بوجود لعبة سياسية لكن لا يمكن تقديم أدلة دامغة بشأن ذلك. هنالك تكنهات بتحركات ضد روسيا وإيران كضغوط على اقتصادياتهما، لكن ما حدث أنه انقلب السحر على الساحر؛ فأكثر الدول المتألمة الآن هي الولايات المتحدة الأميركية، فكثير من الشركات التي كانت تعمل في إنتاج النفط الصخري والرملي بأميركا في حالة تصفية وإغلاق».

وقال جعفري: «لكن الخوف أن يحدث صدام عسكري، بين كتلة الصين وروسيا وإيران، مع الجبهة الأخرى؛ فخيار الحماقة لايزال مطروحاً على الطاولة».

وأكد جعفري «الخشية أن تحدث حماقة في بحر الصين الجنوبي، والذي تمر منه 45 في المئة من اقتصاديات العالم، وخاصة بعد الإشارات إلى احتمال وجود نفط بين الصين وفيتنام».

وعبر جعفري عن اعتقاده أن «الأميركيين يكررون أخطاءهم، ويريدون نتائج جديدة باستخدام أساليب قديمة. وهم ليس لهم دهاء سياسي بما فيه الكفاية. فروسيا وإيران على رغم الضغوط السياسية والاقتصادية، لكن لديهما تاريخ طويل في امتصاص الصدمات».

اقتصادنا بهرجة... ودلال للأجانب

وعن أبرز الحلول التي يمكن من خلالها دفع خطر انهيار أسعار عن النفط عن الواقع الخليجي والبحريين خصوصاً، بدأ جعفري بما اعتبره تشخيصاً للمشكلة، وقال: «من المؤلم أن كثيراً من بنود الموازنة ليست مبنية على استراتيجيات طويلة الأمد. 30 في المئة من موازنة الحكومة في البحرين تذهب للإهدار، والثلث الثاني للفساد، فيبقى أمامنا العمل بالثلث الثالث، وأنا اعتقادي أن ملياري دينار كموازنة عامة ممكن تسير الأوضاع في البحرين».

وبيَّن «نحن نصل إلى درجات نصرف على بنود لا علاقة لها بالواقع البحريني، كبند الدعم مثلاً، الذين يقدر بـ 1.3 مليار دولار ونصفه يذهب للأجانب».

وذكر «بحسب تحليلي، الحكومة تصرف على كل أجنبي مقيم في البحرين 1000 دولار في السنة، وأرى أن الحكومة فعلاً متورطة في هذا الموضوع ولا تهتدي لسبيل الخروج والتخلص من ضغط هذا المبلغ».

وأفاد بأن «المشكلة أن الإرادة السياسية غائبة، والحكومة بحاجة إلى حلول إبداعية أكثر من أي شيء آخر».

وطالب جعفري برفع الدعم عن السلع وتوجيهه للمحتاجين، وأوضح أن «دولاً مثل الأردن ومصر وإيران، رفعت الدعم عن المحروقات التي أغلبها تذهب في جيب الشركات التي لا تفيد الاقتصاد الوطني بشيء».

وأشار إلى أن الوقت الذي نحن لدينا انفتاح اقتصادي وتجاري، ونمو اقتصادي مقبول، نرى الوضع الاقتصادي للمواطن يتدهور، وهذا الخلل مرده إلى أن هذه التحركات التي توحي بالنمو الاقتصادي هي بهرجة.

وتساءل جعفري: «أين الحكمة في إعطاء الدعم للشركات المملوكة بالكامل للأجانب؟. الشركات الأجنبية مقابل كل 10 دنانير يأخذوناه من البلد لا يرجعون إلى اقتصاده سوى دينار واحد. والغريبة أننا ليس فقط لا نفرض عليهم ضرائب، بل نمنحهم أموالاً بالمجان».

وعبر جعفري عن اعتقاده بوجوب «النظر بشكل جاد، وبشكل فعال، وفيه الكثير من الجسارة لإعادة هندسة الاقتصاد والموازنة».

وقال: «إن الحكومة البحرينية بإمكانها اتخاذ قرارات مؤلمة لكنها على المدى الطويل ستكون في صالح المجتمع».

وأعرب عن تشاؤمه بتطورات الفترة المقبلة، وقال: «لا أعتقد بوجود أي مؤشر بأن الـ 4 سنوات المقبلة، ستكون أفضل من السنوات السابقة. ومن الضروري أن تشعر الحكومة بالضغوط، فالحرية الموجودة لدى الحكومة وصلت إلى خط حرج جداً».

«أوبك» عاجزة

من جانبه، تحدث نائب أمين عام جمعية المنبر التقدمي الديمقراطي عبدالجليل النعيمي عمّا أسماه بـ «غموض الصورة للمستقبل»، في ظل التهاوي الدرامي لأسعار النفط.

وأوضح أن «هناك تقديرات تشير إلى مواصلة تدني أسعار النفط إلى ما دون 30 دولاراً للبرميل».

على صعيد آخر، نوه النعيمي إلى أن منظمة «أوبك» أصبحت غير قادرة في التحكم بسياسات إنتاج النفط، لأنه تم تجريدها من القرار السياسي، وبالتالي أصبحت غير قادرة على خوض حرب الأسعار.

وقال: «إن أكثر المتضررين روسيا، إيران، وفنزويلا، وهي الدول العدوة لأميركا. لأن هذه الدول إذا وصل سعر البرميل لـ 85 دولاراً فإنها لن تستطيع تمويل الحاجات الضرورية التي تبقي التأييد الشعبي لها»، مؤكداً حضور نظرية المؤامرة في هبوط أسعار النفط، مشيراً إلى أن «ما يجري في سورية وأوكرانيا وتقليص النفوذ الأميركي في هذين البلدين، جعلها تنتقم بهذا السبيل لخنق مناوئيها اقتصادياً».

العدد 4490 - الإثنين 22 ديسمبر 2014م الموافق 30 صفر 1436هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 10 | 9:47 ص

      عنتر زمانه

      يقول المثل { شر البلية ما يضحك} السبب الرئيسي الي عدم تأثر البحرين بأنخفاض النفط هو تدني الرواتب اصلا من قبل سواء كان النفط مرتفعا او منخفضا بمعني انه حاطين رواتب قدر اكلك وشربك ماكوا مسافه او زيادة فعليه تتمكن من الانتعاش فذلك المواطن يعيش كما يقول المثل قوت لا يموت فشلون يتأثر الاقتصاد اصلا الاقتصاد بعيد كل البعد من التأثيرات حتي لو وصل سعر النفط 5 دولار ولكن لو رواتبنا مثل دول الخليج جان الححي غير جان الدنيا قامت وقاعده علي هذه السالفه وثم العاطلين عن العمل اكثر من الذين يعملون لهذا السبب.

    • زائر 9 | 7:26 ص

      خبير

      على حسب خبراء الاقتصاد مش البحرين الي اقتصادها هش المتضرر الأكبر في هبوط سعر النفط يا شاطر ايران وبالنسبة وإذا تبي تعرف شوف اجمالي تكلفة البرميل بعد استخراجه يكون بكم ويباع بكم ياخبير

    • زائر 8 | 4:48 ص

      أين الحديث عن التسليح؟

      أين الحديث عن المبالغ التي تصرف على الدفاع والداخلية وخصوصاً ان اكثرية المنتسبين أجانب وكذلك الحفلات .
      الحرية الممنوحة للأجانب في التجارة غير ممنوحة للمواطنين،فلذلك اقتصادنا غير منتج.

    • زائر 7 | 1:24 ص

      الحمد لله رب العالمين

      إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ

    • زائر 5 | 12:57 ص

      ابوعلاوي

      ويش ادخل المرجعيه في النفط اوادم حقوده يالحبيب ايران عدها مناعه ومنذكرك من الي بصيح شوف رواتب الدركي جم وصلت اذا ماعندك علم اسئل وكم العجز العام وذكرت الاسبوع الماضي عن تأثررواتب الموظفين لشركة النفط

    • زائر 3 | 12:17 ص

      ههههههههه

      البحرين قويه اقتصاديا وكلامك هو خوفك علي مرجعيتك الدينيه من الزوال

    • زائر 4 زائر 3 | 12:46 ص

      يمقن ا...

      صدق اللي قال في برلمان مب رييايل اذا (ابتليتم) فاستترو.

    • زائر 6 زائر 3 | 1:11 ص

      متى نرتقي

      عقول متحجرة مفرطة في العنصرية الطائفية.. رجل إقتصاد يتكلم بلغة علم إقتصادي، فيأتي مربوش ليتحدث عن المعممين وعن المرجعية. .. متى نرتقي.

    • زائر 2 | 11:56 م

      اقتصاد مرن

      «لكن التجارب التي شهدناها في الأربعين سنة الماضية أثبتت أن الجيد في الحكومة تصميم الموازنة بنحو مرن يجعلها قادرة على امتصاص الصدمات

اقرأ ايضاً