العدد 4524 - الأحد 25 يناير 2015م الموافق 04 ربيع الثاني 1436هـ

شيماء الصباغ... ضحية إرهاب «الشوزن» عربيّاً

ريم خليفة Reem.khalifa [at] alwasatnews.com

قبل ساعات من بداية الذكرى الرابعة لثورة 25 يناير، توفيت عضو حزب التحالف الشعبي الاشتراكي شيماء الصباغ، بعد اشتباكات بين قوات الأمن، ومسيرة للحزب في ميدان طلعت حرب بمنطقة وسط البلد في القاهرة.

الصباغ كانت ضحية لممارسات لا تعترف بحرية التعبير، ولا تعترف بالتظاهر السلمي، بعد أن منعت شباب 25 يناير طوال هذه الفترة عبر وسائل عديدة، وصلت إلى حدِّ استخدام «الخرطوش» أو «الشوزن» كما هو معروف خليجيّاً. ولعل ما حدث لابنة مصر «الجدعة» أعاد الحديث عن استخدام «الشوزن» لتفريق المتظاهرين، وهو سلاح غير إنساني، بل إنه إهانة للمستهدف، وهو عشوائي في الهدف، ويشوِّه الإنسان أو يقتله، وهو انشطاري، وكل هذه الصفات تقترب من تعريف الأسلحة المحرمة دوليّاً.

مشاهد الفيديو، التي تناقلتها أمس الأول (السبت) شبكات التواصل الاجتماعي، وموقع صحيفة «اليوم السابع» المصرية التي نقلت عنها وكالات الأنباء العالمية وصحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية، أظهرت لقطات مؤثرة، وكأنها لقطات نهاية فيلم مصري، أراد أن يوثق حقيقة الجريمة التي ارتكبت بيد رجل لا يُطبَّق عليه القانون تحت مظلة «الإفلات من العقاب»، ومثل هذا القاتل كثيرون في المشهد العربي وخاصة أنهم في تزايد منذ العام 2011 حتى اليوم.

لقد استحضرت ذاكرتي فيلماً مصريّاً أُنتج في ثمانينات القرن الماضي باسم «الغول»، للمخرج المعروف سمير سيف ومؤلفه وحيد حامد، ففي آخر مشهد في الفيلم يقوم الممثل (عادل إمام)، وهو في دور صحافي يعمل بإحدى الصحف الكبرى، بحمل الساطور وضرب رأس رجل الأعمال المتنفذ (فريد شوقي) الذي يفلت من العقاب هو وابنه. ولأن أمثاله مثل «الغول»، وهم فوق القانون، فهم يشترون الذِّمم ويفلتون من العقاب.

و«الغول» لسمير سيف لا يختلف عن «الغول» الذي يستطيع قتل شيماء الصباغ من دون رادع أو عقاب. و«الغول» هو من يروج لنغمة مشروخة دائماً تصف الشعوب العربية بأنها شعوب ليست مستعدة للديمقراطية... كلام يردَّد على الدوام، حتى تنامى معه الإرهاب وحلَّ محله الانقسام، والدَّم، والحقد، والوحشية، تحت أسماء كثيرة.

إن المشهد العربي اليوم للأسف تحوَّل إلى مستنقع يكبر كل يوم بالدَّم، في مقابل استمرار تصريحات وخطابات تتحدث عن مكافحة الإرهاب، في وقت تختنق الحرية وتصمت الأفواه، ويفسح المجال للتطرف، وانفلات الأوضاع، أو إمساكها بطريقة دكتاتورية تمسح السَّعادة من حياة الإنسان.

تذكرت في هذا السياق، كلام صديقة من كرواتيا قالت لي: «الوحوش في منطقتكم في تزايد... لكن الحرية تأتي عندما يتعلم الناس كيف يتعايشون مع بعضهم بعضاً من دون إدخال السياسة في الدين، فتقبل الآخر باختلافاته أمر مهم، مثلما هو كل شيء في حياة الإنسان، وهو السبب الذي أدى إلى حروب البلقان».

لقد صرخ الشباب العربي في الميادين من أجل الحرية والكرامة، لكن ماذا حل بهذا الصراخ، وماذا حل بمصير شباب هذه الأمة العربية من مشرقها ومن مغربها؟... أسئلة كثيرة تدور في رأس رجل الشارع العربي، لكن الشباب يعلمون أن ثمن الحرية باهظ، وهم كانوا ولايزالون ضحايا القمع والإرهاب.

إن المواطن العربي لم يذُق يوماً طعم الحرية والتعددية كالتي يعيشها الآخرون، وبسبب ذلك، فإن الإرهاب ينتشر في دولنا العربية، بل أصبحنا مصدِّرين للإِرهاب في كل مكان، بسبب عقلية القمع وعدم الاعتراف بالتطلعات المشروعة للشباب العربي.

إن ما تصرفه الحكومات العربية على القمع يفوق ما يحتاج إليه الشباب العربي من صرف على التعليم والصحة والسكن والعمل، وتوفير لقمة العيش الكريم، ولأن الأولويات بالنسبة إلى منطقتنا مقلوبة رأساً على عقب، فإِن سقوط الشباب بطلقات «الشوزن» يعبِّر عن قيمة الشباب في الذهنية الرسمية... رحم الله شيماء الصباغ، وكل ضحية سقطت بسلاح الشوزن وغير الشوزن.

إقرأ أيضا لـ "ريم خليفة"

العدد 4524 - الأحد 25 يناير 2015م الموافق 04 ربيع الثاني 1436هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 20 | 8:34 ص

      هم و نحن

      هم مثلنا تمما في قلوبهم رحمة على كل مخلوق بشرط ان لا تزاحمه العيش فهو على استعداد ان يفتك بمن امامه اذا زاحمه العيش. كما نحن تمما من يزاحمنا الحياة نسقطه من انسانيته و لو تملكنا القدر لقتل بعضنا بعضا. لذالك قال العلماء ان الانسان حيوان فقط بفرق النطق و العقل، و مع تعطيل العقل السليم لا فرق جوهري بين الاثنين.

    • زائر 19 | 3:32 ص

      قيمة الانسان

      مقال رائع يروي ماساة الانسان العربي ف الدول العربية التي لا تقيم أدنى وزن لمواطنيها فهي تقوم بقتلهم بعدة أسلحة منها سلاح الذي يستخدم لقتل الطيور والحيونات الضالة وهو سلام الشوزن المحرم دولياً.

    • زائر 18 | 2:05 ص

      خوش كلام

      في الوطن العربي انت انت ارهابي

    • زائر 17 | 1:17 ص

      سؤال؟؟؟؟

      متى يحترم الانسان .

    • زائر 16 | 12:40 ص

      مقال اكثر من رائع

      مااكثر العبر واقل المعتبرين

    • زائر 12 | 12:20 ص

      المشتكى لله

      هم ليس بشر فالبشر إحساس بالإنسانية وهم لا إنسانية لهم لا يرحمون من يكون تحت أيديهم ويحرمونه من أبسط حقوقه حتى في سجونهم ويعملون الناس وكأنهم لا بشر ولا حيوانات فاق تعملهم هذا المستوى مع من يحتلف مهم في الرأي حتى حياة الغاب أفضل من هذه الحياة

    • زائر 15 زائر 12 | 12:37 ص

      روح

      روح اسكن الغابهاحسن لك هناك مافي تلوث في الجو ههههه

    • زائر 2 | 10:19 م

      قسات قلوب

      هؤï»»ء البشر بشر من غير ضمائر؛ والسبب أنهم ضعاف عقول.
      . اى يعيشون الجهل المركب. . فهؤï»»ء القتلة ومن وراؤهم يعتزون بما يفعلون. .

    • زائر 1 | 9:27 م

      لقد سرقت ثورة مصر عن طريق المال الخليجي

      واضح كيف تم سرقت ثورة مصر التي أطيحت بالطاغية حسني مبارك بالمال الخليجي وكيف تم سجن شباب الثورة بأحكام طويلة وأقول ستكون هناك ثورة على ماهو قائم لانه سعى لإلغاء اثر من نصف الشعب المصري وبدايتها خطأ

اقرأ ايضاً