تحدث عدد من القصابين بالسوق المركزي بالمنامة عن تكبدهم خسائر مالية جراء النقص الشديد في كميات اللحوم المطروحة في السوق، وذلك على إثر قرار يقضي بوقف استيراد اللحوم المبردة من خارج البحرين.

وقامت «الوسط» بجولة في السوق المركزي بالمنامة أمس الاثنين (26 يناير/ كانون الثاني 2015) للوقوف على تداعيات هذا القرار ومدى تأثيره على توافر اللحوم في الأسواق، إذ لوحظ شح في اللحوم المعروضة، فضلاً عن جلوس أصحاب المحلات البحرينيين والعمال الأجانب، بسبب انتهاء اللحوم المعروضة منذ الساعات الأولى من وصولها للسوق.

واعتبر عدد من القصابين البحرينيين أن السوق تعاني من أزمة حقيقية في اللحوم، وقالوا خلال لقائهم مع «الوسط» إن «الضرر الرئيسي من هذه الأزمة يقع علينا، وخصوصاً أن الشركة بدأت بتخفيض عدد الذبائح، ومنذ ثلاثة أيام بدأت الشركة في طرح ما يتراوح بين ذبيحتين إلى ثلاث لكل محل يومياً، وهي صغيرة جداً، ويصل نسبتها إلى 60 في المئة، إذ يقدر وزن الذبيحة بين 9 كيلو إلى 25 كيلوغراماً، بالإضافة إلى توقف جلب لحوم الأبقار، والاكتفاء بطرح لحم الأغنام، الأمر الذي ينذر بوقوع خسائر مالية كبيرة على أصحاب المحلات».

وأشاروا إلى أن «هذا العدد لا يغطي احتياجات السوق المحلي، فضلاً عن أن ذلك لا يلبي الالتزامات المالية الواقعة علينا، على اعتبار أننا نعيل أسر من هذه المهنة، كما أننا مسئولون عن دفع رواتب إلى العمال، بالإضافة إلى مصاريف إيجار المحل وغيره، ومصدر دخلنا الوحيد يعتمد على هذه المهنة»، وأفادوا «إن 100 عائلة مهددة بوقف مدخولها، إذ يضم السوق المركزي نحو 100 قصاب بحريني، فضلاً عن المحلات المنتشرة في مختلف محافظات البحرين».

وتساءلوا «هل يتحمل القصابون مسئولية خطأ بسيط قد يحدث في أي شحنة مستوردة من الخارج؟، إذ لا يمكن أن يشمل العقاب جميع المستهلكين وأصحاب المحلات».

وذكروا «كان من الأجدر أن يتم التحفظ على الشحنات الفاسدة، والسماح بدخول باقي الشحنات السليمة، بعد التأكد منها، وخصوصاً أن الجهات المعنية وفرت أطباء بيطريين وأخصائيين للكشف على كل شحنة تدخل إلى البحرين، والخطأ وارد، بسبب بعض التأخير الذي يحدث خلال استيرادها».

وأوضح القصابون أن اللحوم المبردة المستوردة من أستراليا كانت داعم كبير بجانب اللحوم المذبوحة محلياً في توفر اللحوم في الأسواق، مشيرين إلى «إقبال الزبائن على اللحوم الأسترالية، وخصوصاً (اللام الأسترالي) والذي يعد من أفضل اللحوم المبردة على مستوى العالم».

وبينوا «لا توجد بدائل لاستيراد لحوم من الخارج من أجل زيادة عدد الذبائح المعروضة في السوق، على اعتبار أن الأمر يعود إلى الجهات المعنية التي قررت وقف الاستيراد، واقتصرت على طرح اللحوم المذبوحة محلياً، والتي لا تغطي الاحتياجات».

وطالب القصابون من الجهات الرسمية بسرعة إيجاد حلول جذرية لهذه الأزمة، من خلال توفير كميات أكبر من اللحوم لتغطية احتياجات السوق.

إلى ذلك، قال القصاب البحريني حسين القصاب «إن خطوة إيقاف الاستيراد من الخارج، غير موفقة، وخصوصاً أن اللحوم المبردة كانت كافية لتلبية احتياجات السوق، والمستهلك مخير في شراء اللحوم المحلية أو المبردة، نزولاً عند المثل الشعبي السائد (كل ثوب لها لبّاس)»، مشيراً إلى أن «أي بضاعة قد تتعرض للضرر، ومن غير المعقول معاقبة الجميع على الأخطاء الواردة، إذ أن جميع دول العالم تعتمد على استيراد اللحوم المبردة».

وذكر ان «الضرر يقع على القصاب أكثر من تضرر المستهلكين من شح اللحوم، على اعتبار أن القصاب ليس له راتب تقاعدي أو تأمين، واعتماده في الدخل يتركز على هذه المهنة المهددة بالتوقف جراء القرارات الرسمية».

من جانب آخر، تحدث أحد تجار المواشي عن المصاريف المرتفعة في استيراد لحوم البقر، قائلاً «استيراد لحوم البقر يكلّف التجار مصاريف كبيرة، إذ تفرض البحرين رسوماً على كل شحنة تدخل عن طريق الباخرة حوالي ألفي دينار، وهو كلفة استيرادها».

وأشار إلى أن أسعار لحوم البقر مرتفعة، مقارنة بالأعوام السابقة، وخصوصاً أن اللحوم المعروضة في الأسواق البحرينية تعد من أرخص اللحوم في دول الخليج، على اعتبار الدعم الحكومي لها.

وأوضح «ازداد استهلاك اللحوم في الآونة الأخيرة، واعتماد البحرين على اللحوم المحلية لا يغطي احتياجات السوق، وخصوصاً في ظل شح الحظائر، ولابد من استيراد لحوم الأبقار من الخارج، فضلاً عن حاجة السوق إلى ما يقارب 4 إلى 5 آلاف من اللحوم المبردة والحية يومياً».

واعتبر أن قرار توقف الاستيراد من الخارج يتسبب في إيذاء القصابين الذين يعتمدون على هذه المهنة في المدخول.

وكان المحامي العام لنيابة الوزارات والجهات العامة ممدوح المعاودة صرح عن تلقي النيابة بلاغاً من شئون الزراعة والثروة البحرية بوزارة الأشغال وشئون البلديات والتخطيط العمراني ضد الشركة المختصة باستيراد المواشي، لاستيرادها شحنة من اللحوم المستوردة بتاريخ 10 يناير/ كانون الثاني 2015 في ست حاويات، وبعد الفحص وجدت من بينهم حاويتان بهما بعض الذبائح الفاسدة حيث تنبعث منها رائحة تعفن بلغ عددها 178 ذبيحة، أعقبها اكتشاف الطبيب البيطري عدد 87 ذبيحة أخرى فاسدة ومتعفنة وذلك في شحنة تابعة لنفس الشركة المشكو ضدها، وذلك في يوم الأحد 11 يناير 2015 حيث قامت الجهات المختصة بإتلافها جميعاً.

وكان قد سبق ذلك بتاريخ 9 يناير 2015 اكتشاف شحنة قوامها 91 ذبيحة فاسدة بفحصها في المسلخ تبين فسادها وظهور علامات الحمي والهزال عليها بما يدل على قيام الشركة المشكو ضدها بمخالفة الأنظمة والقوانين المعمول بها في هذا الشأن ويُعد غشاً تجارياً خاصة وأن تلك الشركة عليها مخالفات سابقة مماثلة، كما صدر حكم بالإدانة ضدها في هذا الصدد.

وفور تلقي النيابة البلاغ باشرت التحقيق فيه حيث أمرت بجلب كافة الأوراق والمستندات الأصلية وبوليصات الشحن والبيان الجمركي الخاص لكل بوليصة ومرفقاتها وبيان أسماء كل من موظف الجمارك وموظف الصحة والطبيب البيطري الذي قام بفحص الشحنات المضبوطة وبيان تاريخ الإفراج عن الشحنات، والاستماع إلى أقوال عدد من المسئولين بالفحص البيطري وطلب آخرين لسماع أقوالهم وذلك لتحديد ظروف وملابسات استيراد تلك الشحنات وحالتها وقت الاستيراد وكيفية نقلها ومدى توافر الشروط الصحية والاشتراطات المقررة في عمليتي الاستيراد والشحن لبيان ما إذا كان هناك ما يُشكل جريمة في الواقعة من عدمه والمسئولين عنها والمساهمين فيها سواء كانوا حكوميين أو غيرهم لاتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة ضدهم، باعتبار أن أي مساس بصحة الإنسان لا يمكن التهاون مع من يحاول العبث بها، وأن سلامة المواطن غاية ما تحرص عليه النيابة العامة وسلطات الدولة ومجابهة العابثين والتصدي لهم هي أهم أولوياتها.

فيما أكد رئيس مجلس إدارة شركة البحرين للمواشي، إبراهيم زينل، في تصريح سابق لـ «الوسط» أن الشركة أبلغت نحو 25 شركة أجنبية خارج البحرين، بوقف شحنات اللحوم المبردة التي كانت تصدرها إلى البحرين، وذلك بعد القرار الصادر عن وكالة الزراعة والثروة البحرية بوقف تصاريح استيراد اللحوم المبردة للشركة المذكورة، «بعد تكرار ضبط كميات كبيرة من اللحوم الفاسدة وغير الصالحة للاستهلاك».

وأشار إلى أنهم أرسلوا إشعارات إلى شركات في عدد من الدول، منها: السودان وأستراليا وباكستان، بوقف تصدير اللحوم المبردة إلى البحرين، بناء على قرارات رسمية.

وقال زينل: «نحن شركة، وأية قرارات تصدر من الجهات الرسمية ننفذها، وهذا ما قمنا به بخصوص القرار بوقف استيراد اللحوم المبردة». وبسؤاله عن صحة تقديم استقالته من رئاسة شركة البحرين للمواشي، اكتفى بالقول: «لا تعليق».

وقررت الزراعة والثروة البحرية يوم (الثلثاء) الماضي وقف إصدار تصاريح استيراد اللحوم المبردة «أيّاً يكن مصدرها لشركة البحرين للمواشي بعد تكرار ضبط كميات كبيرة من اللحوم الفاسدة وغير الصالحة للاستهلاك الآدمي، قامت باستيرادها خلال الأيام القليلة الماضية، وتم اكتشافها بواسطة الأطباء البيطريين الحكوميين بمنافذ البحرين».

وشددت الزراعة والثروة البحرية على أن قرار إيقاف تصاريح الاستيراد جاء من منطلق الحفاظ على صحة المستهلكين، بعد ثبوت عدم صلاحية الكميات المضبوطة للاستهلاك الآدمي، وعدم اتخاذ الشركة أي إجراءات للحد من ذلك.

زينل الذي أمضى نحو 50 عاماً في تجارة اللحوم والمواشي، نبّه إلى أن الشركة لا تدعي الكمال في عملها، «وقد تأتي شركة يكون أداؤها أفضل».

وأثيرت قضية اللحوم الفاسدة خلال الأعوام الماضية، وتعرضت الشركة لهجوم من قبل مجلس النواب، الذي شكّل لجنة تحقيق بهذا الشأن خلال الفصل التشريعي الثالث. فيما حدثت غالبية حالات اكتشاف اللحوم الفاسدة في المحرق.