العدد 4527 - الأربعاء 28 يناير 2015م الموافق 07 ربيع الثاني 1436هـ

ضحايا حوادث المرور والقانون الجديد

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

أمامي تقرير قيّم صادر عن فرع الإحصاء بشعبة التطوير وتقنية المعلومات، التابعة للإدارة العامة للمرور، تحت عنوان «حقائق مرورية من العام 2011 - 2014».

التقرير مختصرٌ ومفيدٌ جداً (12 صفحة فقط)، يتضمن ثمانية رسوم بيانية توضيحية، الأول يبين ارتفاع عدد المركبات المستخدمة على الطريق من 315 ألفاً في 2005، إلى 581 ألفاً في 2014. وفي الهامش إشارة مهمة إلى معدل الزيادة السنوي للمركبات: 26 ألفاً، في شوارع يبقى أكثرها على حاله دون توسعة. وفي جدول آخر عن تراخيص السياقة، نكتشف أن معدل الزيادة السنوية يبلغ 38 ألفاً، فهناك سواق جدد كل عام، أكثر من نصفهم من غير البحرينيين، من بيئات وبلدان مختلفة، سيدخلون جميعاً على خط استخدام الطريق.

في القسم الثاني مقارنة للوفيات في الحوادث المرورية، تبدأ بالعام 2011: 58، وترتفع إلى 89، 86، ثم تنزل في 2014 إلى 61. وفي الجدول التالي رسم بياني لحوادث الطرق للأعوام الأربعة الأخيرة نفسها، تجاوز معدل الإصابات البسيطة فيها الـ 1000، والبليغة وصلت حدود الـ 500، بينما تراوحت الوفيات بين 55 و77.

أما بخصوص الوفيات في 2014 تحديداً، فقد بلغ المجموع 61 شخصاً، موزعين كالتالي: 31 سائقاً، 11 راكباً، 19 من المشاة. أي أن ثلث ضحايا الحوادث من المشاة، والثلثان من مستخدمي المركبة. أما من ناحية الجنسيات، فنصف الضحايا من البحرينيين (32)، و11 بنغالياً، و5 باكستانيين، و4 هنود، و3 سعوديين، وفلبينيان، وسوري ونيبالي ويمني وإندونيسي، فالنصف الآخر من الضحايا من الجاليات الآسيوية، وأغلبهم من الطبقات العاملة والفقيرة.

الجدول الأخير والأهم يتكلّم عن الأسباب الرئيسية لوفيات الحوادث، وفي مقدمتها السرعة (18 قتيلاً)، وتجاوز الإشارة الحمراء (7 قتلى)، والظهور المفاجئ من شارع فرعي (5)، والانحراف أثناء السير (4) ومثلها عبور الطريق. ويأتي قتيلان لأسباب أخرى: عدم تقدير المسافة، الإهمال، رجوع للخلف دون انتباه، عدم اتباع إشارات المرور، وفقدان السيطرة على المركبة.

هذه هي الخلفية الواسعة لحركة المرور، وهذه هي الأسباب الحقيقية للحوادث، التي يجب أن نصارح بها الجمهور، لتوعيته واستنهاض همته لتصحيح الأخطاء التي نرتكبها كسوّاق، كما يجب أن نأخذها كحقائق ونطوّر قوانيننا باتجاه الحد منها، بدل التركيز على فلسفة متخلفة تقوم على جباية الأموال كعقوبة موجعة لمستخدمي الطرق.

أول الأخبار التي أتابعها في الصحيفة حتى قبل نشرها هي المتعلقة بحوادث المرور، لأنها تؤلم القلب لتسببها في وقوع ضحايا أبرياء، وتخلف أرامل وأيتاماً، سواء كانوا مواطنين أو مغتربين جاءوا يبحثون عن لقمة عيش كريم لأسرهم، فانتهت حياتهم ارتطاماً بمقدمة سيارة طائشة، أو دهساً تحت عجلاتها. فرض الغرامات الكبيرة لا يعيد أرواحهم ولا يعوّض أسرهم، وهو دليل على قصورنا وتقصيرنا في معالجة الأمور بطريقة جذرية ومسئولة، مع إيماننا بعامل القضاء والقدر، وهو خارج الحسابات والتخطيط.

هناك أسباب متعددة للحوادث كما رأينا، ولكن الصحف مضطرة لذكر سبب واحد عائم وغامض وسخيف في كل حادث مروري: وهو «فقدان السيطرة على المركبة»، ولا يجرؤ المحرّر على ذكر السرعة والطيش والتهور واستخدام «الواتس آب» أثناء السياقة، لأن عائلة المتسبّب في الحادث ستعاديه، وإدارة المرور قد تتبرم من تغطياته، والقضاء قد يتأثر بما أورده من معلومات.

نحتاج قبل فرض قانون جديد يقوم على فلسفة زيادة الغرامات المالية، إلى إيصال رسائلنا المرورية الناجحة إعلامياً، في الصحف والإذاعة والتلفزيون، مع علمنا بما يعانيه تلفزيوننا المحلي من ابتعاد جزء كبير من الجمهور عن متابعته، لأمورٍ يعرفها القائمون على وزارة الإعلام. كما نحتاج إلى أن تصل هذه الرسالة إلى خطباء المساجد والجوامع والحسينيات، ليتحملوا مسئولية الإرشاد والنصح والتوعية بخطورة السرعة، والإرشاد بما يحفظ الأرواح التي يستخف بها بعض السواق المستهترين، بما قد يصل إلى درجة الجرم المتعمد. أما التركيز على زيادة الغرامات والسجن، فهذا لن يحد كثيراً من الحوادث والوفيات، وإنّما سيزيد أعداد السجناء، وسيزيد من إرهاق كاهل المواطنين في فترة صعبة على الجميع، بعد تدهور أسعار النفط، حيث يساوي القانون بين عدم وضع الحزام وبين سياقة سيارةٍ دون فرامل.

لنبحث عن الأسباب التي تطرأ على مجتمع تزداد حياته تعقيداً، ونعالجها من الجذور بطرق علمية مدروسة، ونطوّر شوارعنا ونحسّن إشارات وأنظمة المرور، قبل الإسراع في زيادة الغرامات وتغليظ العقوبات التي لن تؤدي إلا إلى زيادة أعداد السجناء.

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 4527 - الأربعاء 28 يناير 2015م الموافق 07 ربيع الثاني 1436هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 12 | 4:59 م

      المرور

      السلامة على الطريق مسؤلية الجميع وأنا مع القوانين كما هي لكن القوانيين التي تعمد لتغريم المخالف غرامات مالية قد تفوق راتب المواطن لا أظنها تتناسب مع شعبنا وخصوصا شبابنا والله يحفظ الجميع من كل سوء والحذر والسرعة المعتدلة سلامة

    • زائر 11 | 1:36 ص

      الرجاء عدم الهجوم على قانون المررو الجديد

      الرجاء عدم الهجوم على قانون المررو الجديد ...تعبنا من استهتار السائقين وخاطري مرة نكون ايجابيين تجاه اي قانون او تغيير

    • زائر 10 | 1:02 ص

      موضوع مهم

      أشكرك أستاذ على تناولك هذا الموضوع الهام و الحساس و أحب أن أضيف هنا إلى أن التركيز و التوعية ينبغي أن تتناول أمور عدة فعلى سبيل المثال أنا أقطن في منطقة المنامة و قد يتفق معي البعض في معاناتنا من تجاوز عدد كبير من الجاليات الأجنبية لقواتين المرور و بكثرة ( تجاوز الإشارة و هي حمراء، تجاوز الخطوط الصفراء و التسبب في زيادة الاختناقات المرورية التي تحدث أحيانا، الوقوف في أماكن غير مخصصة لذلك، الوقوف لإنزال أو صعود أحد أفراد الأسرة، انتظار أحد ما……

    • زائر 9 | 1:01 ص

      لقد اسمعت

      لقد اسمعت لو ناديت حيا ولكن لا حياة لمن تنادي

    • زائر 8 | 12:46 ص

      كلام جميل

      تماما عندما تنوي ان تعلم طفلك بأنه أخطأ،فإنك تكون مخطئا ان ضربته...الظاهر ان من أخذ قرار فرض عقوبة مادية كبيرة هو من الطراز القديم...الخطأ لا يعالج بالخطأ....وهذا يحسب ايضا بطريقة معاملة الحراك المطالب بحقوق ومزايا تصب بالإنصاف والعدالة لتحقيق الاتوبيا في الحكم الرشيد.

    • زائر 7 | 12:24 ص

      سوء تخطيط= زيادة كبيرة جدا وضخمة يقابلها شوارع بلا ادنى تطوير على مدى 4 عقود

      بعض الشوارع مرّ عليها 4 عقود بلا ادنى تطوير بينما الزيادة في اعداد السيارات تكاد تكون جنونية وخاصة مع ..........من غير حساب .................فلا هم مع تطوير الشوارع ولا هم مع الحدّ من كثرة السوّاق حتى تصبح البلد في حالة كارثية

    • زائر 6 | 12:08 ص

      احسنت يا سيد

      كلام موضوعي وسليم

    • زائر 5 | 11:44 م

      من المسئول

      تقول المقولة إذا أخطأ الطالب مرة حاسب. المعلم عشر وقس على ذلك

    • زائر 4 | 11:42 م

      مجرد سؤال

      مجرد سؤال يا استاذ قاسم، قبل تطبيق هذا القانون (المطلوب منا منذ زمن بعيد) هل قاموا بتهيئة البنية التحتية له؟ بمعنى آخر، هل تم توفير مواقف قبل تطبيق مخالفة اشغال الطريق او الوقوف الخاطيء على سبيل المثال؟ هل تم تطوير الشوارع؟ أما الموضوع الأهم فهو تدريب كوادر ورجال المرور على تطبيق هذا القانون و روح القانون وليس "ترهيب" مستخدمي الطريق بقيمة المخالفات.
      الله يعطيك العافية
      محرقي

    • زائر 3 | 11:31 م

      انا مع القانون الجديد

      انا مع القانون الجديد بل كنت أتمنى ان تكون العقوبات المالية فيه أشد كي يرتدع الشباب الطائش و بصراحة اغلبهم بحرينين

    • زائر 2 | 11:23 م

      سيّد

      الغرامات ترتفع عكسيًا مع هبوط اسعار النفط

    • زائر 1 | 10:24 م

      لماذا لا نضع اشارات رقمية للتقليل من الحوادث

      الاشارات الرقمية مهمة جدا للسائق لتقليل عدد الحوادث المميته ، وكثير من الدول حتى الفقيرة تستخدمها في اشارات المروز للتقليل من الحوادث لانها اصبحت متادوله ورخيصة ،

اقرأ ايضاً