العدد 4532 - الإثنين 02 فبراير 2015م الموافق 12 ربيع الثاني 1436هـ

شوارع إسطنبول... قبلة للفارِّين من الحرب في سورية

«خططت لحياتي مع زوجتي، واستطعت أن افتح مطعمي الخاص في مدينة حلب السورية، ولكن دارت الحرب في سورية وانتهى الحلم».

تيسير... شاب سوري في الثلاثين من عمره يعمل في محلٍ لبيع الحلويات التركية في أحد شوارع إسطنبول، أضطر للالتحاق بهذا العمل ليصرف على عائلته.

يقول تيسير «تزوجت من الفتاة التي أحببتها، وخططنا معاً لحياتنا، وكان حلمنا أن نفتتح مطعماً، وبالفعل استطعنا بعد فترة افتتاح ذلك المطعم، ولكن شاءت الأقدار أن تشتعل الحرب في سورية، وكانت حلب واحدة من المدن التي شهدت أشرس المواجهات، وحينها طلبت مني بعض الجماعات الانضمام للقتال في تلك الحرب، غير أنني رفضت ذلك لعدم رغبتي في أن أكون طرفاً في قتال ليس لي فيه ناقة ولا جمل، خصوصاً أن زوجتي كانت حامل وفي أشهرها الأخيرة».

ويصمت تيسير برهة، ثم يواصل حديثه «هنا كان القرار الصعب، الفرار من وطني لأعيش بسلام، وبالفعل حزمت أغراضي وغادرت منزلي في حلب مضطراً وكانت وجهتي نحو لبنان، وهناك أنجبت زوجتي مولودتنا، وبعدها كانت الوجهة إلى إسطنبول، واستطعت بمساعدة بعض الأصدقاء الالتحاق بالعمل في محل للحلويات، رغم أن ما أحصل عليه بالكاد يساعدني في توفير مبلغ الإيجار الشهري للشقة التي نقطنها والبالغ نحو 500 دولار أميركي».

ولم يخفِ تيسير خشيته على ابنته، اذ يقول «يقلقني كثيراً المستقبل الذي ينتظر إبنتي، فثقافة المجتمع التركي تختلف عن الثقافة التي تربينا عليها في بلدي سورية، ويهمني كثيراً أن تتربى ابنتي في الجو الذي أردته لها».

ويواصل «منزلي في حلب لايزال موجوداً، وأتمنى أن يأتي اليوم الذي أستطيع فيه العودة للعيش فيه بسلام»، غير أنه مقتنع أن عودة الأمور لطبيعتها في سورية يحتاج لسنوات لإصلاح ما دمرته الحرب.

وفي أحد محطات المترو المنتشرة في إسطنبول يقف الطفل السوري عرفان مع شقيقه كنان برفقة والدتهما، الذي بادرني بالسؤال «إنتو من وين؟»، فأجبته «من البحرين»، وبعد إلقاء التحية، تحدثت أم عرفان «نحن من مدينة حلب واضطررنا لمغادرة سورية بسبب الحرب هناك، ونعيش في إسطنبول، وقد التحق زوجي للعمل كأستاذ جامعي في إحدى جامعات إسطنبول».

وببراءة الطفولة، يقول عرفان «أدعوا الله أن تنتهي الحرب لنعود إلى منزلنا في حلب».

وفي شوارع إسطنبول التي تعد واحدة من المدن التركية التي تستقطب السياح من مختلف أنحاء المعمورة، ينتشر السوريون من أطفال ورجال ونساء للتسول، فبمجرد أن يلمحوا أحداً من السياح حتى يلحقوه طلباً للمال، فهنا طفل يسرد لك المعاناة بأنه ينام في العراء مع عائلته، وهناك امرأة تحمل طفلاً تطلب المال لشراء الحليب له، وهناك رجل سوري طاعن في السن يحمل المناديل لبيعها على السياح. وفي ميدان تقسيم، يجلس طفل يعزف مقطوعة موسيقية فيما يضع بقربه قطعة من القماش لتترك له بعض الليرات التركية، وعلى مسافة منه تجلس امرأة وهي تبكي وتصرخ طالبة المساعدة لإعانتها على إطعام أطفالها.

يذكر أن تركيا تأوي أكثر من مليون لاجئ سوري، إلا أن نحو 300 ألف منهم يعيشون في المخيمات على طول الحدود المضطربة، بينما يواجه الآخرون ظروفاً صعبة في المدن الكبيرة بينها إسطنبول.

العدد 4532 - الإثنين 02 فبراير 2015م الموافق 12 ربيع الثاني 1436هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً