العدد 4534 - الأربعاء 04 فبراير 2015م الموافق 14 ربيع الثاني 1436هـ

أولياء أمور الطلبة السجناء... وحق التعليم

سلمان سالم comments [at] alwasatnews.com

نائب برلماني سابق عن كتلة الوفاق

في كل البلدان الديمقراطية في العالم يتم التعامل مع التعليم كحق أصيل لكل مواطن، لا يتبدل هذا الحق ولا يتغير في مختلف الظروف والأحوال، ولا يسمح للمؤثرات النفسية والسياسية والاجتماعية والمذهبية والعرقية والعنصرية أن تؤثر على هذا الحق الأصيل.

ولهذا السبب نجد تلك البلدان الديمقراطية تتعامل مع مواطنها الذي يدخل السجن لأي سبب كان، جنائياً كان أو سياسياً، حسب القوانين والأعراف الدولية ومواثيق حقوق الإنسان، فيتم تأهيل السجين تعليمياً ومهنياً ونفسياً، وتوفر له كل السبل العملية التي تعينه على إكمال تعليمه المدرسي والجامعي. فتجد في مراكز التأهيل المكتبات التي تحوي مختلف العلوم، والورش المهنية والإمكانيات المادية التي تساعد السجين على اكتساب مهنة واتقان حرفة تفيده في المستقبل.

وفي حال تفتقد السجون لسبل التأهيل التعليمي للسجين أو الموقوف على ذمة التحقيق، يتم توفير حق التعليم من خارج المحبس، بالتعاقد مع مراكز أو معاهد تعليمية معتبرة للقيام بتأهيل السجين تعليمياً. ويعتبر السماح للطالب السجين بأداء الامتحانات في موعدها من أبسط حقوقه الإنسانية الثابتة، دون أن تحاول حرمانه عن تحقيق طموحاته التعليمية، بمبررات وإجراءات تخالف صراحةً القوانين المحلية والدولية، لأنها تؤمن أن الفرد السجين في نهاية المطاف مواطن وسيطلق سراحه في يوم من الأيام، وسيبدأ حياته الجديدة بعد انتهاء فترة العقوبة. فإذا خرج من السجن دون تأهيل علمي أو مهني سيكون عالةً على أسرته أولاً، وعلى مجتمعه ثانياً، وأية جهة رسمية أو خاصة لن ترحّب به إذا كان غير مؤهل في المجال الذي تطلبه، وإن قامت بتوظيفه لن يحظى براتب شهري يلبّي له أبسط متطلبات الحياة الأساسية. وكل هذه التعقيدات والصعاب ستكون بسبب حرمانه من حق التعليم، فيعيش الفرد غير مستقر نفسياً ومعنوياً ومادياً ووظيفياً.

لقد استمع ملايين الناس للمقابلة التي أجرتها إذاعة «بي بي سي» البريطانية مع شخص عربي كان مسجوناً في بلده مدة تزيد على 20 عاماً، وكان يتحدث عن نفسه حال دخوله السجن بعد الحكم عليه في قضية جنائية، ويقول إنه كان أمياً لا يعرف القراءة والكتابة، وفي السجن وفّرت له كل متطلبات التعليم، فدرس وتدرّج في المراحل التعليمية حتى نال في نهاية المطاف شهادة الدكتوارة. لقد ساعدته إدارة السجون في الحصول على وظيفة تتناسب مع تخصصه، وهو الآن كما يقول يعمل في إحدى الشركات الكبرى في بلاده.

في البحرين نجد أسر الطلبة السجناء خصوصاً، يتقدمون إلى النيابة العامة بكل المستندات اللازمة التي تتعلق بالسجين والتي تثبت بأنه مسجّلٌ في إحدى المدارس الحكومية التابعة لوزارة التربية والتعليم، مع كشف بدرجاته الدراسية ومرحلته التعليمية المسجل عليها، من أجل أن يُسمح له بتسلّم الكتب المدرسية، ومساعدته في الدراسة وتوفير كل المتطلبات اللازمة لأداء الامتحانات. وما حصل هو أن النيابة العامة استجابت لبعضهم بعد مراجعات عديدة ، وأقصد الاستجابة لممارسة حقهم في التعليم بالمستوى الأدنى، وهو السماح لهم بإدخال الكتب الدراسية لأبنائهم وإخراجهم لتقديم الامتحانات في الفصلين الدراسيين، بعد التنسيق مع وزارة التربية والتعليم. والبعض الآخر من أولياء أمور السجناء لم يُستجَب إلى طلباتهم، خصوصاً طلبة قسم التعليم المهني، وهذا الحال يقلق كثيراً عشرات الأسر على مستقبل أولادهم الدراسي، وأما الطلبة الجامعيون السجناء إلى الآن فلم يُلتَفَت إلى وضعهم الدراسي، وأسرهم مازالت تبحث عن سبل تسمح لهم بمواصلة دراستهم الجامعية. وهناك أسر غير مطلعة على الإجراءات القانونية التي تفرض عليهم أن يقوموا بها في هذا الشأن، لمواصلة أولادهم دراستهم، وعدم علمهم ينعكس سلباً على مستقبل أولادهم الدراسي.

إن أولياء الأمور يطالبون بحق أبنائهم في التعليم لما للتعليم من أثر إيجابي على حاضر ومستقبل أولادهم وتأهيلهم للعمل والعطاء مستقبلاً لخدمة الأرض والوطن. ومن هنا نطالب الجهات المعنية، وزارتي الداخلية والتربية والتعليم، بحل الإشكاليات وتسهيل الأمور لحل مشكلة الطلبة السجناء التعليمية والمهنية قريباً، ليتمكنوا جميعهم من مواصلة دراستهم في مختلف المراحل التعليمية والجامعة.

إقرأ أيضا لـ "سلمان سالم"

العدد 4534 - الأربعاء 04 فبراير 2015م الموافق 14 ربيع الثاني 1436هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 5 | 2:03 م

      تجربة واقعية

      احسنت استاذ سلمان ع المقال الجميل و المعبر
      من واقع خبرتي كمدرس تأسفت كثيرا عن سماع خبر اعتقال احد الطلبة المجتهدين الذين كنت ادرسهم في احدى المراحل هذا الطالب المجتهد حسب ما نقل لي انه طلب ان يسمح له بتقديم الامتحانات النهائية فقط ومع الاسف لم يستجب له
      من سيعوض هذا الطالب من سنين عمره التي ستضيع خلف القبضان الا تكفي عقوبة السجن له

    • زائر 2 | 5:17 ص

      الواقع

      هي حرب تجهيل الشريحة الأكثر حرصا على التعليم بعد حقبتين من الزمان سنكون الأقل قدرا في التعليم مع إعداد مضاعفة من الاعاقات الجسدية والنفسية وان نجد قوت اليوم ولا ندري لأي أرض سنبحث عن الرزق

    • زائر 4 زائر 2 | 10:49 ص

      لا تخاف

      دوام الحاال من المحاال..وربك كريم..بين الساعتين فرج

    • زائر 1 | 4:52 ص

      ترى مححد.. عنده

      حرية..وديموقراطية..كثرنا..والدليل الا قاعد يصير

اقرأ ايضاً