العدد 4546 - الإثنين 16 فبراير 2015م الموافق 26 ربيع الثاني 1436هـ

ضياء ويسر ورزان... هل تعرفونهم؟

سليم مصطفى بودبوس slim.boudabous [at] alwasatnews.com

-

كم صحيفة عربيّة كتبت عن مقتلهم؟ كم مقالاً؟ كم تأبيناً؟ كم صورة نشرت لهم؟ كم... وكم؟ مقارنة مع «شارلي إيبدو» وما رافقها من تضخيم إعلامي؟ لا شيء. صمت إعلامي غربي وحتى عربي رهيب رافق جريمة مقتل ضياء ويسر ورزان، ربّما ذلك لأن الإعلام الغربي لا يعتبر المسلم ذا أهمية إخبارية إلا عندما يكون وراء البندقية وليس أمامها!

نعم قد يعتبرها البعض جريمة قتل عادية كالتي تقع كل يوم بل كل ساعة في الولايات المتحدة الأميركية، فما أكثر القتل والإجرام فيها! فما الغريب إذاً أن يموت ثلاثة شبان رمياً بالرصاص على مؤخرة رؤوسهم يوم الأربعاء الماضي؟

لكن أن يُقدم كريغ ستيفن هيكس (46 عاماً) على قتل ثلاثة طلاب من عائلة واحدة؛ ضياء شادي بركات (23 عاماً) وزوجته يسر محمد أبو صالحة (21 عاماً) وأختها رزان (19 عاماً) من أصل فلسطيني أو أردني أو سوري (أياً كان فهم في الموت إخوان) ثلاثة طلاب من المتفوقين في جامعة نورث كارولينا، ومن الناشطين في المجال الخيري والعمل الإنساني، فذلك أمر غير عاديّ خصوصاً أنّ احتمال أن تكون الجريمة بدافع الكراهية أقوى بكثير من كونها بدافع خلاف حول صف السيارات في المواقف المحاذية للمبنى الذي يقيم فيه المجرم والضحايا.

ولئن أشعلت الجريمة النكراء الغضب داخل الجامعة وفي أوساط الجاليات المسلمة للاعتقاد بأنها حملت دوافع دينية، فإنّ الصمت الإعلامي الغربي والأميركي، وحتى العربي، قد أثار حفيظة المتابعين خصوصاً بعدما رأيناه من صخب وتجييش إعلامي لا مثيل له في حادثة «شارلي إيبدو» قبل شهر من هذه الجريمة البشعة التي ذهب ضحيتها الطلاب المسلمون الأبرياء.

لكن قبل معالجة هذا البرود الإعلامي إزاء الحادثة، حريٌّ بنا أن نلتفت إلى التعاطي الأمني معها لفهم خطورتها؛ فقد حاولت الشرطة الأميركية في مدينة «تشابل هيل» التابعة لولاية «كارولاينا الشمالية»، التخفيف من وقع الجريمة، حيث قال المتحدث باسم الشرطة هناك أن شجاراً بسبب الخلاف حول مكان ركن السيارة هو الدافع وراء إطلاق النار. وقد هيّج هذا التعاطي الأمني الساذج والتفاعل الإعلامي الباهت مع القضية مشاعر الجاليات المسلمة، وتعدّى ذلك على المواقف الرسمية حيث اعتبر الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين أنّ «عدم مواجهة هذه الاعتداءات بالإجراءات القانونية اللازمة، والاهتمام الإعلامي المطلوب، وتجاهلها أو التهوين منها، وذكر أسباب غير حقيقية لها، هو نوعٌ من الإغراء لأصحاب هذه الأفكار والسلوكيات المتطرفة بارتكاب مزيد من الجرائم». أي أنه من شأنه أن يشجّع على مزيدٍ من هذه الأعمال الإرهابية ضد الجاليات المسلمة المقيمة في الدول الغربية. بل إنّ مثل هذه التبريرات التافهة للقتل تذكّرنا بالتغطية على ما قام ويقوم به بعض المستوطنين اليهود من قتلٍ للفلسطينيين ثم يتم حفظ القضية ضد مختل عقليّ.

غير أن القاتل هذه المرة غير مختل، بل هو في كامل قواه العقلية، فقد سلّم نفسه للشرطة بعد القتل ودوّن قبيل الجريمة على صفحته على «فيسبوك» أنه مناهضٌ متشددٌ للدين، وكتب «نظراً إلى الأضرار الهائلة التي ألحقتها ديانتكم بهذا العالم، أقول إنني لا أملك فحسب الحق في إهانتها، بل إن ذلك واجب علي»، ذاكراً المسلمين والمسيحيين واليهود وغيرهم. إلا أن الشرطة وزوجة الجاني تحاولان استبعاد كون القضية بدافع الكراهية لخطورتها؛ فجريمة الكراهية التي تحدث عادةً عندما يقوم المجرم باستهداف ضحيته بسبب اعتقاده أو انتمائه إلى مجموعة اجتماعية أو عرقية أو جنسية أو طبقية... تودي بمرتكبها إلى الإعدام أو السجن مدى الحياة، لذلك تدخل الأمن الفيدرالي بتوجيه من الرئيس الأميركي باراك أوباما للتحقيق في هذه القضية.

إن النهج الإعلامي الذي يستند إلى ازدواجية المعايير، كما أبان عنه الإعلام الغربي مؤخراً، يؤكّد تصاعد تيارات العنصرية وكراهية الإسلام والمسلمين في أميركا والغرب، ورغم حرص القيادات السياسية والدينية الرسمية على التبرؤ من الأعمال الإرهابية ضد المصالح الغربية. ورغم الحضور العربي الرسمي الهائل في المسيرة المليونية في باريس منذ شهر، ورغم.. ورغم.. ورغم.. فإنّ مثل هذه الجريمة ضد المسلمين تكشف الوجه القبيح للإسلاموفوبيا التي زادت وتيرتها مؤخراً في العالم.

إنّ الأحداث المتعاقبة أخيراً تدعو إلى سن القوانين الكافية لردع مثل هذه الجرائم، كما تؤكّد ضرورة أن يكون للمسلمين الحق في الحماية، خصوصاً أن الأمر مثيرٌ للرعب والخوف في أوساط المسلمين المقيمين في الغرب.

إن مقتل ضياء ويسر ورزان مثّل صدمة كبرى، خصوصاً أن هؤلاء الثلاثة مشهودٌ لهم بالأخلاق الرفيعة، بل لعلهم كانوا مثالاً للمواطنة العالمية والتعاطف المجتمعي الفعال من أجل بناء عالم أفضل للجميع من خلال أعمالهم الخيرية ونشاطهم الإنساني، وهو ما يشهد به كل من يعرفهم في الجامعة ويعرف عائلاتهم المقيمة في الولايات المتحدة. إنهم في الوقت الذي يقدّمون فيه صورة المسلم الإيجابي العالمي لمحو تلك الصور النمطية السلبية التي تبثها بعض الجماعات الإرهابية عن المسلمين، في هذا الوقت بالذات حيث التوترات المثيرة للقلق تغتال يد الإجرام الأميركية ثلاثةً من الشباب المسلمين في عز العطاء... فهل عرفتموهم؟

إقرأ أيضا لـ "سليم مصطفى بودبوس"

العدد 4546 - الإثنين 16 فبراير 2015م الموافق 26 ربيع الثاني 1436هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 7 | 11:26 م

      هل تعرفونهم؟

      اسال الإعلام العربي
      هل أنصفهم
      هل أنفق عليهم كلاما ومدادا
      آه
      كم رخيص هذا الدم العربي

    • زائر 6 | 11:29 م

      رحمة الله عليهم

      إنهم في الوقت الذي يقدّمون فيه صورة المسلم الإيجابي العالمي لمحو تلك الصور النمطية السلبية التي تبثها بعض الجماعات الإرهابية عن المسلمين، في هذا الوقت بالذات حيث التوترات المثيرة للقلق تغتال يد الإجرام الأميركية ثلاثةً من الشباب المسلمين في عز العطاء...

    • زائر 5 | 1:54 م

      زائر 2 : ضياء ويسر ورزان... هل تعرفونهم؟

      رحمة الله على الإعلام الغربي والعربي
      والله شيء مؤسف

    • زائر 4 | 1:42 م

      الغريب

      فما الغريب إذاً أن يموت ثلاثة شبان رمياً بالرصاص على مؤخرة رؤوسهم يوم الأربعاء الماضي؟
      الغريب أن يتأخر الإعلام عن تغطية هذه الجريمة بالشكل والقدر الكافي

    • زائر 3 | 5:45 ص

      إعلام المصالح

      إن النهج الإعلامي الذي يستند إلى ازدواجية المعايير، كما أبان عنه الإعلام الغربي مؤخراً، يؤكّد تصاعد تيارات العنصرية وكراهية الإسلام والمسلمين في أميركا والغرب،

    • زائر 2 | 3:25 ص

      ضياء ويسر ورزان... هل تعرفونهم؟

      رحمة الله عليهم

    • زائر 1 | 12:26 ص

      فهل عرفتموهم؟

      للأسف تغطية إعلامية باهتة

اقرأ ايضاً