العدد 4553 - الإثنين 23 فبراير 2015م الموافق 04 جمادى الأولى 1436هـ

المحمود: غياب «العدالة» يؤدي إلى ضعف الانتماء للوطن و«الإرهاب»...وجعفري: نصنف ضمن الشريحة الأعلى في المعيشة بالعالم

هدى المحمود وأكبر جعفري خلال ندوة العدالة الاجتماعية
هدى المحمود وأكبر جعفري خلال ندوة العدالة الاجتماعية

قالت عضو جمعية الاجتماعيين البحرينية هدى المحمود إن مشكلة البطالة تُصيب الشباب بالأمراض النفسية والإحباط، وتؤدي إلى ازدياد معدلات الجرائم وتعاطي المخدرات، وضعف الانتماء للوطن وهو أخطر شيء تؤدي إليه مشكلة البطالة، كما أن التهميش يؤدي إلى كراهية الوطن والمجتمع.

وحثّت المحمود الدول على وضع استراتيجيات حقيقية وخطط لتواجه مشكلة العدالة الاجتماعية والإرهاب الذي يُهدد الدول، فالإرهاب لا يُعالج بالجيوش الجرارة ولا الإنفاق العسكري الهائل والمُخيف من دون أي مبرر، إنما هناك خلل فالكثير من الموازنات تذهب للأمن والتسليح، بينما جوانب التنمية المستدامة نجد مشروعات فاشلة، فهناك خللٌ في المقاييس.

بينما رأى الاقتصادي أكبر جعفري أننا في الخليج من حيث مستوى المعيشة ننتمي إلى ما يصنف ضمن 5 - 7 في المئة من الشريحة الأعلى في العالم، إذ لدينا طعام يومي ويتوافر السكن والملبس، بينما ثلثا العالم لا يوجد عنده ذلك.

جاء ذلك خلال ندوة «العدالة الاجتماعية في ظل الأوضاع الراهنة» التي نظمتها جمعية المنبر التقدمي، مساء أمس الأول (الأحد) في مقرها بمنطقة مدينة عيسى، وذلك بمناسبة اليوم العالمي للعدالة الاجتماعية.

واستهلت هدى المحمود الحديث في الندوة، موضحةً أن «العدالة الاجتماعية موضوع ذو شجون، فعبر التاريخ والزمن أصبحت العدالة أقرب إلى المُثل، وبقدر ما يسعى الإنسان إلى القيم العليا إلا أنه لا يصل إليها».

وبيّنت المحمود أن «العدالة الاجتماعية تُعتبر جزءاً من منظومة القيم التي طرحتها الأمم المتحدة وتحث الدول الأعضاء على تفعيلها من مثل الصحة للجميع، وعقود ومعاهدات مثل مناهضة التمييز ضد المرأة، ولكنّ المعضلة تتمثل في عدم إلزام الأمم المتحدة للدول بهذه المعاهدات، وبالتالي نرى دولاً لا تعمل أو تلتزم بهذه الأمور، أو تعمل أشياء شكلية للتقارير والمراجعات».

وأشارت إلى أهمية «العدالة الاجتماعية فهي المبدأ الأساسي للتعايش في الدولة، وإزالة الحواجز المختلفة سواءً حواجز الجنس أوالسن أو الانتماء أوالعرق أو الدين أوالثقافة». وقالت المحمود: «إن اختلال العدالة كمنظومة يُعرِّض السلم الأهلي للخطر، فاشتداد وتنامي وتصاعد خطر الإرهاب يتنامى عكساً مع تنامي العدالة الاجتماعية»، متساءلةً: «فما هو المُبرر لانتماء أشخاص من دول متقدمة والانضمام إلى جماعات متطرفة وإرهابية؟».

وأردفت مجيبةً: «إن الفجوة ما بين فقراء العالم وأثريائه تتسع في العالم بأكمله، وهناك ضرورة مُلحة لربط مباشر لمعالجة الإرهاب، إذ لابد الحديث عن اختلال موازين العدالة الاجتماعية». وتابعت المتحدثة: «بحسب منظمة غالوب العالمية فهناك أكثر من خمس سكان العالم يعيشون تحت خط الفقر المدقع، بينما أصدرت منظمة الفاو تقريراً العام 2013 الذي يُفيد بوجود 870 مليون شخص حول العالم عانى من سوء تغذية من الأعوام 2010 - 2012، وقد احتلت السودان المرتبة 74 واليمن 72 في الجوع.

وإذا ما أردنا اختيار دولة للتحدث عن الجوع فلا يوجد دولة مثل سورية، إذ يموت مواطن سوري كل 10 ساعات، ومن البرد كل 8 ساعات».

مضيفةً في هذا الصدد «وأيضاً نرى موضوع اللاجئين الفلسطينيين، حيث 15 لاجئاً فلسطينياً فقدوا حياتهم داخل مخيم اليرموك بسبب الحصار».

وواصلت «في ديسمبر/ كانون الأول 2014 احتفل العالم العربي بالسنة الميلادية الجديدة، وأنفق 2 مليار دولار، و كان بالإمكان بهذا المبلغ إطعام 660 مليون شخص بوجبةٍ حارّة لإنقاذهم من الموت».

واستعرضت المحمود بعض الأرقام والإحصاءات بشأن غياب العدالة، موضحةً أنه «وبحسب أحد المواقع الذي يُجدد الإحصاءات بشكلٍ مستمر، فإن هناك 894 مليون شخص يعانون من سوء التغذية في العالم بينما هناك أيضاً أكثر من مليار شخص يعانون من السمنة».

وترى المحمود أن «المجتمعات العربية تُعاني من إخفاقات في تحقيق التنمية بسبب وجود خطط غير مُزمّنة يحكم عليها بالفشل، فما يحدث بالنسبة لخطط التنمية على المدى البعيد كرّست الفقر والتهميش والإقصاء وعدم المساواة، ولا يوجد أي بلد عربي يخلو من صور الإجحاف والتمييز».

لافتةً إلى أن «التنمية هدفٌ يحتاج إلى العدالة الاجتماعية، وتحقيق العدالة يحتاج إلى تكاتف الجميع في ظل التحديات المحلية والإقليمية والعالمية والتي أبسطها تذبذب أسعار البترول». وبيّنت أن «تقريراً لمنظمة الإسكوا للعام 2013 أظهر أن المنطقة العربية تشهد أعلى نسبة بطالة في العالم، والتقرير الذي ضم 17 دولة عربية عزا أساس مشكلة البطالة إلى سرعة النمو والطلب على فرص العمل، فالمنطقة يوجد بها 20 مليون عاطل عن العمل، في حين أن معدل الفقر المُدقِع في المنطقة العربية للعام 1990 كان 5.5 في المئة، وانخفض إلى 4.1 في المئة في العام 2012، وكان متوقعاً وصوله إلى 4.8 في المئة في العام 2013».

وبحسب المحمود فإن «مشكلة البطالة تُعتبر من أهم المشكلات المعقدة في الوطن العربي، فنجد أرقامها وإحصاءاتها متضاربة، خصوصاً أنها تواجه فئة الشباب.

أما على مستوى الخليج العربي فقد حاولت الدول حل مشكلة البطالة بإحلال العاطلين عن العمل محل العمالة الوافدة التي وصلت إلى 18 مليون عامل، ما شكَّل اختلالاً في البلدان».

واستطردت: «بحسب تقرير منظمة دافوس فإن معدلات البطالة في البحرين تصل إلى 7.4 في المئة بينما تقول وزارة العمل أن معدل البطالة هو 4.1 في المئة، في حين أن خط الفقر للأسرة هو مبلغ 112 ديناراً، وتُعتبر البحرين الدولة الثانية ضمن دول الخليج العربي في البطالة».

وتعتقد المحمود أن «مشكلة البطالة مُخيفة في دول الخليج العربي، وهي تعكس اختلالاً في سوق العمل، فالوظائف موجودة لكن التعليم نفسه لا يُهيئ المخرجات التي تتناسب وحاجات سوق العمل، وذلك مع وجود عمالة وافدة مستعدة لقبول الوظائف.

كما أننا نجد أن نسبة الإنفاق على التدريب الفني والمهني في الدول العربية لا تزيد على 5 في المئة، بينما الدول الكبرى تصل نسبته إلى 11 في المئة»، مشيرةً إلى أن «أزمة الاقتصاد تتمثّل في الاتجاه للعقار والمضاربة، ولكن لا توجد صناعة إنتاجية حقيقية تخلق فرص عمل».

ومن جانبه، تساءل الاقتصادي أكبر جعفري عن أسباب غياب العدالة، قائلاً:

بغض النظر عن الواقع ما هي مسببات غياب العدالة الاجتماعية؟ وكأمم وحضارات وأفراد هل لنا يد في هذه الإحصاءات؟

وقال: «بالرجوع إلى المسبّبات التاريخية لاختلاف العدالة، أعتقد أن السبب الرئيسي هو التعاليم الزردوشتيه الفارسية التي تعتقد بالطبقية، فالدين تغيّر ولكن التصرفات موجودة، والغربيون أخذوا تلك الأمور من الفرس حتى الأميركان، فالعدالة بحاجة إلى القلب لا العقل».

وأوضح أن «الطبقيّة الموجودة توجه الناس حتى كأفراد بأن نعطي لأنفسنا الحق أكثر من غيرنا، فالعدالة لما تصل للشخص تكون عدالةً نسبيةً بحتة».

ورأى أن «العدالة نقيضة لتصرفات الإنسان، لذلك الإنسان بحاجة إلى التهذيب والتقويم والتهديد بشكلٍ مستمر»، مشيراً إلى أن «هناك توجهات لم تثمر بالمعنى الصحيح، فتوجهات الاشتراكية بعد 75 عاما ماذا حدث؟ كان الإنسان جشعاً وينهب، وصلنا إلى درجة أننا مقتنعون أن ما يكتب على الأوراق ليس ما يمارس في الواقع»، معتقداً جعفري «أننا الآن نعيش أفضل وقت من التارخ، ولا توجد حالة أحسن من هذه الحالة، ولكن أيضاً تعتبر حالة سيئة، ففي العام 1900 كان حجم الاقتصاد العالمي تقريباً تريليون دولار، اليوم 83 تريليون دولار، بما معناه أن الاقتصاد نما 83 مرة». وأوضح أن «اليوم 57 في المئة من العالم يعيشون تحت خط الفقر الأممي، فليس لديهم ما يكفيهم للأكل ولا مسكن يؤويهم، بينما نجد 85 شخصاً في العالم يمتلكون ما يمتلكه 3.5 مليارات إنسان، أي يعني نصف ثروة العالم يمتلكها هؤلاء، وفي بريطانيا 5 عائلات تمتلك ما يمتلكه 20 في المئة من السكان، أما في أميركا فما نسبته 1 في المئة من السكان يمتلك 40 في المئة من الثروة».

وأفاد جعفري بأن «هذه الاختلالات ليست جديدة ويبقى الإنسان جشعاً وحبه للنهب مع وجود تحسن، فالثروات والمصادر موجودة ولم تتغير من على الكرة الأرضية، ولكن الإنسان لا يستطيع أن يخلق أو يدمر مصدراً، وإنما يبحث عن تلك المصادر».

لافتاً إلى أن «الذي يحدث الآن أن هناك دولاً وجماعات مثل المافيا، فهم يمتلكون الكم الهائل من الثروات، وهؤلاء بحسب الدراسات السيكولوجية في ذاتهم مرضى نفسياً».

وعن مقاييس العدالة، قال: «عدالتنا لابد أن نقيسها بالعدالة الأممية أو العدالة النسبية المحلية، ففي أي مكان هناك فروقات، حتى الفقر في البحرين هناك فروقات مقارنةً مع المعايير الأممية».

ويرى جعفري أنه «يمكن القول إن عظماء التاريخ كانوا جشعين ويحبون القتل، فنرجع إلى النفس الأمارة بالسوء، ولكن إنسان اليوم أفضل من أي وقت في الماضي».

وانتقد جعفري «ما تمارسه الدول الغربية والأمم المتحدة فهم يتحدثون عن العدالة، بينما هناك الفلسطينيون، ويتحدثون عن حقوق الإنسان ونسمع عن سجن غوانتنامو، وكلها أمور تريك أنانية الإنسان».

وعن البحرين والخليج، أفاد: «في البحرين لدينا عدالة نسبية إذا ما قرناها بدول معينة، وقد تكون لا توجد عدالة في حين مقارنتها بدولٍ أخرى، ونحن في الخليج وضعنا أفضل من مُرضٍ، فلا أحد يموت من الجوع أو يبيت في الشارع».

وانتهى إلى أن «الخوف من الحرمان والجشع يجعل الإنسان يعمل ويطلب لنفسه حتى مع اكتفائه، ولا ننسى أننا جزء من المشكلة فسلوك الإنسان يجب أن يكون عادلاً كفرد، كما أنه علينا تمكين الأفراد في أعمالهم لزيادة إنتاجيتهم، وهي أسهل طريقة نتمكن من خلالها من تنمية الاقتصاد».

العدد 4553 - الإثنين 23 فبراير 2015م الموافق 04 جمادى الأولى 1436هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 4 | 5:24 ص

      البلد فيها حير - البحرين-

      لكن التوزيع سيء والوظائف بالتمييز والطائفية قسمتنا والتجنيس ...... احتلوا مكان المواطن في الوظائف والاسكان والصحة وكل ذلك .... اتوقع حلولا الا اذا تحرك .... او ....

    • زائر 3 | 3:10 ص

      نعم يا هدى المحمود انا بتكلم عن نفسي

      جامعي درسة خمس سنوات تعبت على ما حصلت على الشهادة الجامعيه واحين ثلاث سنوات عاطل عن العمل وما عندي افلوس اصرف على نفسي وعمري صار متقدم افكر في المستقبل متى بشتغل ومتى بجمع افلوس حق اسووي لي مكان اعيش فيه ومتى اجمع حق زواج والايام تمضي والبلد في خراب والتمييز والطائفيه تلعب دور في التوظيف انا في حاله نفسية مزريه ومثلي الكثير ولا تلومنا اذا تطرفنا او ادمنى اي نوع من الحبوب لو ننتحر بعد

    • زائر 2 | 12:37 ص

      هدى المحمود

      وضعت البلسم على الجرح

    • زائر 1 | 11:26 م

      نعم غياب العدالة

      كلام سليم جدا ما قالته هدى المحمود "غياب العدالة " هو السبب فى الازمات .طبقوا العدالة ستزول كل الاحتقانات والازمات .اما النكران والحل الامني لن يوتيا بالحل السليم .

اقرأ ايضاً