العدد 4556 - الخميس 26 فبراير 2015م الموافق 07 جمادى الأولى 1436هـ

‎حرية الإرادة؟... «هل أنا مخيَّر أم مسيَّر»

فاطمة المنصوري

أخصائية اليوغا العلاجية وإدارة وتنظيم نمط الحياة

يطرح العديد من المتأملين هذا السؤال ويتضح الجواب عندما نعرف حقيقة الذات وزيف الـ «أنا».

حرية الإرادة تكمن في «الأنا»، لا يطالبُ بالحرية إلا إذا وجدت قيود ولا قيود للذات المطلقة.

بدون الأنا من سيختار وأين حرية الإرادة؟

إن مفهوم حرية الإرادة نابع من الأنا. وغالباً ما يكون السعي لحرية الإرادة سبباً للعذاب.

عندما يتطور الإنسان في ممارسات التأمل ويصل لمرحلة الصفاء الذهني تختفي الأنا وتشرق الحقيقة المطلقة فيصبح المتأمل شاهداً غير فاعل، فيتحرر من جميع القيود ويرى نفسه يبذل جهوداً فردية عظيمة.

ماهي الأنا؟

لمعرفة حقيقة الأنا يتوجب على المريد البحث في الذات وتجاوز الوظائف الفكرية ليجد في النهاية أنه ليس الجسد ولا الحواس ولا الفكر بل هو شاهد.

عندما نكون في حالة جهل لا ندرك هذة الحقيقة، ونعتقد أن الـ «أنا» هي الشكل الخارجي والاسم والمنصب والفكر والمشاعر. يعزز الفهم الخاطئ للـ «أنا» الغرور والطمع ما يجعل الإنسان يعيش في توتر وقلق وحيرة دائمة.

على سبيل المثال عندما تقول:

أنا جائع أو أنا سمين فأنت تشير إلى الجسد،

عندما تقول أنا أرى فإنك تشير إلى الحواس،

وعندما تقول أنا سعيد أو أنا أحب فإنك تشير إلى الشعور،

أنا فلان ولست فلان فأنت تشير إلى العقل والفكر،

في حال النوم العميق الـ «أنا» لاتزال موجودة من غير الحواس والإدراك، إذا توقف الفكر أو الشعور لا يتوقف الوجود، «اسمي كذا» تقال على أي أساس؟ شكل الجسد والمشاعر والحواس. ولكن الأنا الحقيقية هي الذات مجردة من كل ما سبق.

من الخطأ الاعتقاد أننا نملك القدرة على القيام بأي شيء. لأن القدرة الإلهية وحدها تسيّر كل التحركات والتغييرات في هذا العالم بإرادته وحده. إن خضعنا له نتحرر من الأنا والتسليم هو الطريقة الوحيدة لاقتلاع الأنا، وإسقاط القناع لإظهار الذات.

في الختام، إن خياراتك محدودة في إطار معين، فكلما عملت خيراً أتاك خير والعكس صحيح وتبقى مسيَّراً في هذا النطاق.

إقرأ أيضا لـ "فاطمة المنصوري"

العدد 4556 - الخميس 26 فبراير 2015م الموافق 07 جمادى الأولى 1436هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 5 | 5:57 م

      مقال رائع

      شكراً على المقال الرائع

    • زائر 4 | 9:11 ص

      عجيب

      الإنسان لم يختار أن يكون إنسانا ولم يختار والديه ولم يختار دولته ولم يختار جيرانه ولم يختار لغته ولم يختار جيناته (قصير طويل قوي ضعيف ...) حتى أن أفكاره ليس له خيار فيها بل يكون تفكيره نتيجة البيئة التي صنعته، لذلك المولود في الرفاع (سني، ضابط في الداخلية أو الدفاع، يكره سترة، ...) ومن يولد في سترة (شيعي، عامل في شركة خاصة براتب متدني، يكره الرفاع، ...) لذلك يجب أن يكون نظامنا علمانيا حتى لا يظلم بعضنا البعض بسبب إختلاف الأديان والمذاهب ... .

    • زائر 3 | 8:02 ص

      الرصاصي لوني المفضل

      هذه المسألة صعبة وشائكة وظلت محل نقاش بين العلماء وفي أغلب العصور، ولم يتوصلوا الى أي حل فلم يستطيع الفريق المؤيد الى مقولة ان الانسان مخير ان يقنع الفريق الاخر الذي يرى بأن الانسان مسير، وقد ظل الجواب تائها ما بين الفريقين وما على الانسان الا سلوك ما توصلتي اليه أيتها الكاتبة المحترمة

    • زائر 1 | 10:50 م

      إنما أمر بين أمرين

      لا جبر ولا تفويض إنما أمر بين أمرين ... عن أبي جعفر وأبي عبدالله عليهما السلام قالا: إن الله أرحم بخلقه من أن يجبر خلقه على الذنوب ثم يعذبهم عليها والله أعز من أن يريد أمرا فلا يكون، قال: فسئلا عليهما السلام هل بين الجبر والقدر منزلة ثالثة؟ قالا: نعم أوسع مما بين السماء والارض.


اقرأ ايضاً