العدد 4559 - الأحد 01 مارس 2015م الموافق 10 جمادى الأولى 1436هـ

حوار واشنطن مع كوبا... أنموذج آخر لنهج أوباما

ريم خليفة Reem.khalifa [at] alwasatnews.com

عقدت الولايات المتحدة الأميركية مع كوبا خلال الأسبوع الماضي، جلسة جديدة من الحوار التاريخي بين البلدين، الهادف إلى إعادة العلاقات الدبلوماسية وتطبيع كامل ينهي نصف قرن من النزاع.

وقبيل المباحثات الرسمية الأولى بين البلدين نهاية ديسمبر/ كانون الأول الماضي، أفرجت هافانا عن 53 سجين رأي بموجب لائحة وضعتها الحكومة الأميركية.

ويأتي ذلك بعد جولة أولى من المحادثات الرسمية عقدت في هافانا نهاية يناير/ كانون الثاني الماضي، على إثر الإعلان التاريخي في 17 ديسمبر/ كانون الأول 2014 للرئيسين الكوبي راوول كاسترو والأميركي باراك أوباما عن انفراج بين البلدين.

وفي الواقع، فإن عملية التطبيع التاريخية بين كوبا والولايات المتحدة بدأت في سرية تامة قبل نحو عامين ضمن مفاوضات سرية جرت من ربيع 2013 إلى خريف 2014 برعاية الفاتيكان وكندا.

وبحسب دبلوماسيين أميركيين، فإن مباحثات هذه الفترة التي تركز على العلاقات الدبلوماسية، يمكن أيضاً أن تتيح تحديد تاريخ لأول لقاء رسمي محتمل بشأن حقوق الإنسان.

ويرى مراقبون أن هذه الخطوة التي أقدم عليها الرئيس أوباما تعتبر «جريئة» رغم أنها جاءت «متأخرة، فهناك مازالت ملفات عالقة في الملف الأميركي الكوبي كما أن هناك حكايات وقصص لأسر هجرت وتفرقت من جراء السياسة التي سعت إلى فرض هيمنتها على هذا الشعب والتي مهما كان شكلها فهي من دون شك أضرّت أكثر مما جنت، أضف إلى ذلك سنوات النزاع التي تركت كوبا في عزلة بسبب فرض أقسى نظام عقوبات من قبل دولة عظمى تحدت جزيرة صغيرة مثل كوبا.

ورغم التحديات التي عايشها الكوبيون مع نظام سياسي غير ديمقراطي وأوضاع اقتصادية متدنية غير أن المحادثات وفتح العلاقات بين واشنطن وكوبا لن تنهي محنة هذا البلد إلا مع إزالة كوبا من قائمة الدول الداعمة للإرهاب.

وكانت هافانا أيضاً قد طالبت بشطب اسمها من لائحة الخارجية الأميركية للدول «الداعمة للإرهاب». وكوبا مدرجة منذ العام 1982، مع إيران وسورية والسودان، ضمن هذه اللائحة.

وتعتبر العلاقات الدبلوماسية مقطوعة بين البلدين منذ العام 1961، لكن واشنطن وهافانا تقيمان منذ العام 1977 مكتبين لرعاية مصالح البلدين، يعدان بمثابة بعثتين دبلوماسيتين.

وكانت وكالة الأنباء الفرنسية قد نقلت عن مسئول في الخارجية الأميركية معلقاً بالقول: «رئيسانا (كاسترو وأوباما) ووزير خارجيتنا (جون كيري) سيكونون سعداء إذا تمكنا من تسوية جميع الأمور بحلول قمة الأميركتين» في العاشر والحادي عشر من شهر أبريل/ نيسان المقبل في بنما.

وتشير الأنباء أنه من المقرر أن يشارك كاسترو وأوباما في هذه القمة التاريخية، التي تشكل مناسبة للقاء بين الرئيسين ولإعادة فتح السفارتين.

وإذا كان تبادل السفراء بين البلدين أمراً ممكناً، فإن التطبيع الكامل يبدو أكثر تعقيداً. فبعد أكثر من 50 عاماً من العداء، باتت مواطن الخلاف كثيرة بين البلدين، بداية من الحظر التجاري والمالي الذي تفرضه واشنطن على كوبا منذ العام 1962.

ويؤيد الرئيس الأميركي مطلب كوبا برفع الحظر، وقد طلب فعلاً من الكونغرس الذي يهيمن عليه الجمهوريون، العمل على ذلك لأنه المؤسسة الوحيدة التي تملك الصلاحية الدستورية للقيام بذلك.

كما دعا نواب جمهوريون وديمقراطيون أيضاً إلى إنهاء الحظر، لكن الكثيرين في المعسكرين يعارضون الأمر وينددون خصوصاً بكون عملية التطبيع تتم دون حوار مسبق مع نظام كوبا بشأن حقوق الإنسان والقمع السياسي.

مهما يكن فقد أثبتت واشنطن قوتها على كوبا من خلال فرض حصار قاسٍ جداً ولكن كوبا أثبتت أيضاً أن لكل قوة حتى لو كانت بحجم الولايات المتحدة فإن لها حدود وأنها لا يمكن أن تكسر عزيمة شعب يعتبر أن إجراءاتها تمس كرامته.

وهو ما نجح النظام الكوبي في إنعاشه في ذاكرة الكوبيين الذين استطاعوا تحمل الأذى طوال هذا الفترة الطويلة ولكن لكل شيء حدود، فكما أن للقوة حدود فإن أيضاً لمدى تحمل الناس حدود... وبالتالي فإن الطرفين يربحان من خلال كسب الجمود في العلاقات والانطلاق نحو آفاق أرحب ينتفع منها الجميع.

إن نجاح أوباما في كسر الجمود مع كوبا سيمثل أنموذجاً ربما تحتذي به الإدارة الأميركية وهي تقترب من التوافق مع إيران حول الملف النووي وهو ما يعني انفتاح البلدين على بعضهما البعض وبصورة قد تؤثر على شكل السياسة في الشرق الأوسط.

إن أوباما وهو يختتم فترته الرئاسية بعد عامين من الآن قد يحقق في مجال السياسة ما قد يسجله التاريخ إرث من نوع آخر ويقلب المعادلات في الوقت الضائع وهو ما يدلل أيضاً أن السياسة لا تعترف بالوقت الضائع.

إقرأ أيضا لـ "ريم خليفة"

العدد 4559 - الأحد 01 مارس 2015م الموافق 10 جمادى الأولى 1436هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 6 | 12:13 ص

      امريكا منافقة

      نعم منافقة

    • زائر 7 زائر 6 | 8:53 ص

      كوبا تختلف عن البحرين

      العبرة أنها بلد فقير والبحرين بلد غني

    • زائر 5 | 12:12 ص

      كرامة شعب البحرين

      أين كرامة شعبنا الذي يناضل من الخمسينات وحتى اليوم

    • زائر 3 | 11:02 م

      خطوة جريئة

      نعم يا أستاذة ريم هي خطوة جريئة تحتسب لأوباما ولكن هل ستطبق على باق الدول

    • زائر 2 | 11:01 م

      نحن نحتاج إلى حوار مماثل في البحرين

      ليش امريكا ما تدفع بنفس الاتجاه مع البحرين...ولا لازم نعيش في عزلة عن العالم حتى يتحركون

    • زائر 1 | 10:59 م

      كوبا مثال لشعوب العربية

      لنتعلم من هؤلاء هناك دروس كثيرة

اقرأ ايضاً