العدد 4562 - الأربعاء 04 مارس 2015م الموافق 13 جمادى الأولى 1436هـ

مبدع بشروط!

مريم الشروقي maryam.alsherooqi [at] alwasatnews.com

كاتبة بحرينية

ما يحيّرنا أمام ما نقرأه ونسمعه ونشاهده، هو خطط تحفيز المبدع وإظهاره في شتّى المجالات، ولكننا نعلم بأنّ هذا المبدع تعترضه بعض العراقيل التي لا يعرف التصدّي لها ولا تجاوزها، فهو مبدع بشروط!

مبدع بشروط كشرط أن يكون حسن السير والسلوك، وأن يكون لديه إبداع في موضوع ما، سواء كان الموضوع رياضياً أو اجتماعياً أو اقتصادياً.. إلخ، وما يعرفه بعض المبدعين أنّ هناك شروطاً لا يستطيعون تجاوزها، وأوّلها الواسطة والمحسوبية واسم العائلة والطائفة التي ينتمي إليها!

هل نشهد تقدّم مبدع فقير مثلاً على آخرين أغنياء في المجتمعات العربية؟ أم أنّ هناك شرطاً وشروطاً لهذا المبدع حتى لا يصل إلى ما يريده؟ ما السبب في عدم وصول المبدع إلى أفضل الدرجات؟ هل لأنّ ليس له صوت أم أنّه ليس لديه مال أم ماذا بالضبط؟

وليس هذا فقط، فقد يجتاز المبدع جميع الشروط، ولكن مسئوله في العمل يستطيع إيقاف إبداعه وإنجازه، خوفاً من تقدّم المبدع عليه أو لسبب آخر يعلمه المبدع والمسئول، وبهذا يتم قتل الإبداع داخل المبدع.

أيضاً مما وجدناه في المجتمعات العربية الخوف من إطلاق الحرّيات للمبدعين، فقد يكون المبدع صاحب رسالة لا تناسب أصحاب القرار، ويجب ألاّ يخرج صوته بعيداً عن سربهم، فيقومون بقمعه حتى لا يواصل ما بدأه، ومن هذه الأمثلة الكثير والكثير.

لا نريد مراكز بأسماء مزركشة حول الإبداع، بل نريد إخراج المبدع إلى النور من أجل التقدّم، فهذا المبدع في الرياضيات أو الكتابة أو الفن... سيكون سلاحاً من أسلحة الدولة الحديثة من أجل الاستقلالية في شيء ما، ولن يتوقّف الإبداع عند سلّم ما، بل مواصلة الإبداع هي من سنن الحياة التي لا تنتهي.

عالمة رياضيات وفيزياء من أصول أفريقية، كانت أمّها تعمل في البيوت، وقد وصل الفقر بهم إلى أقصى درجاته، ولكن إبداع تلك العالمة لم يوقف أمّها عن الكفاح، ولم يوقفها هي عن نيل ما كانت تريده، فلقد درست الفيزياء في إحدى الجامعات العريقة بعد حصولها على بعثة، واليوم هي في أعلى المناصب ولم تنس أصلها ولا فصلها، بل قرّرت المضي في الإبداع مع احترام الطبقة التي جاءت منها.

كم مبدعاً وصل إلى الأعالي ونسي ما كان في يوم من الأيام؟ وكم مبدعاً لم يستطع الوصول بسبب أصوله وطبقته الاجتماعية؟ وكم مبدعاً قرّر قتل إبداعه بسبب التحطيم الذي قام به رؤسائه ومن حوله؟ هناك أمثلة كثيرة على هؤلاء، ولا يسعنا الكتابة عنهم في سطور، ولكننا نعلم بأنّ للإبداع شروطاً في مجتمعاتنا العربية منها الغنى والنفوذ والسلطة والمكانة!

إذا كنّا نريد للمجتمعات التطوّر والتقدّم يجب علينا احتواء هؤلاء المبدعين من دون شروط، ويجب علينا تمكينهم ممّا يريدونه حتى يعطونا ما نريده، وإن بقينا على ضلالنا فإنّنا لن نصل إلى ذلك الهدف السامي الذي ننشده في أوطاننا، وهو الاستفادة من الإبداع والمبدعين من أجل التطوّر والتقدّم في شتى شئوننا.

إقرأ أيضا لـ "مريم الشروقي"

العدد 4562 - الأربعاء 04 مارس 2015م الموافق 13 جمادى الأولى 1436هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 6 | 12:59 ص

      ابداع بدون واسطة

      فرنكشتاين لما انتهي بنجاح في ماكان يصبوا اليه هوجم وحرق مختبره بقيادة رجال الدين بالكنيسة

    • زائر 8 زائر 6 | 6:01 ص

      مبدع ولكن

      أنا بعد مبدع في المچبوس رحت قدمت في مطعم ماأخدوني أخدوا هندي مكاني لأَنِّي بحراني

    • زائر 5 | 11:59 م

      من دون غرور: انا احد المواطنين الذين ابدعوا ولكن...

      الحمد لله الذي وهبني واعطاني ما اتفوق به دراسة وعلما ولكني صدمت في بداية حياتي العملية حيث ان انتمائي الطائفي كان سببا في حرماني الكثير من الفرص في وظيفتي داخل المؤسسات التي عملت بها وتفوقت على الآخرين وفي المؤسسات التي تقدمّت لها اذا وضع علي علامة استثناء من دون سبب .. السبب فقط لأني شيعي او فلنقلها بصراحة اكثر لأنني بحراني

    • زائر 4 | 11:43 م

      الشروط: ان لا تكون بحراني

      شروط قديمة، كرّسّت حديثا بسبب المطالبة ببعض الحقوق
      كونك بحراني ممن طالبون بحقوقهم في وطنهم اذا لو كنت افضل مهندس او طبيب او استاذ جامعة او مخترع فلا مكان لك في وطنك ولا يهمنا من تكون

    • زائر 3 | 11:27 م

      من يقيّم حسن السيرة والسلوك؟ انها عبارة غائمة وهي أداة للتمييز الطائفي

      حسن السيرة والسلوك عبارة غائمة يريدون منها التحكّم في البعثات وفي الاعمال وغيرها من الامور وهي اداة اداة للتمييز الطائفي

    • زائر 2 | 9:38 م

      كلام سليم

      من يرعى الإبداع والمبدعين هو من يبغي الخير والتقدم لمجتمعه. إننا شعوب ابتليت بحب الأنا وشعارنا هو (أنا ومن بعدي الطوفان) والله المستعان.

اقرأ ايضاً