العدد 4565 - السبت 07 مارس 2015م الموافق 16 جمادى الأولى 1436هـ

نصوص قباب المسجد النبوي برسم التغيير

إحدى القباب بالمسجد النبوي وتبدو على زخرفتها آثار الترميم (مكة)
إحدى القباب بالمسجد النبوي وتبدو على زخرفتها آثار الترميم (مكة)

الوسط – المحرر السياسي 

تحديث: 12 مايو 2017

قالت صحيفة مكة السعودية اليوم الأحد (8 مارس/ آذار 2015) إن معظم الزخارف الفنية القديمة والنقوش الهندسية في الأسقف وعلى حواف قباب المسجد النبوي بدت أكثر وضوحا بعد أعمال الصيانة والتنظيف التي تقوم بها حاليا ورشة كلفت بترميم الأعمال الفنية الضخمة داخل المبنى التاريخي للمسجد النبوي الشريف والتي تشمل صورا طبيعية ونقوشا زخرفية وكتابات قرآنية وشعرية بالخط العربي صمدت منذ نحو 166 عاما مضت وحتى الآن.

جماليات الترميم

وبالمشاهدة لوحظ أن معظم النقوش والزخارف الفنية الجميلة في الأسقف بدت أكثر وضوحا بعد أعمال الصيانة، غير أن عدة أمتار في جوف إحدى القباب القريبة من موقع المحراب في الجدار القبلي بدت مطلية باللون الأزرق الغامق في انتظار إكمال خط الآيات القرآنية بخط الثلث المتشابك داخلها باللون الأبيض.

في الوقت الذي بدأ عدد من الفنيين عند الساعة الـ12 من منتصف الليل بنصب رافعات آلية وهم يرتدون كمامات وقفازات لاستكمال عمليات صيانة وتهيئة مسطحات السقف بمواد كيميائية ذات رائحة نافذة لتلميع وتنظيف الزخارف النباتية والنقوش الهندسية في سقف وحواف القباب التي بدت متقنة.

تاريخ التراث الفني بالمسجد

وتعود هذه الأعمال الفنية الضخمة إلى عمارة السلطان العثماني عبدالمجيد الأول في 1849 التي غطت سقف المسجد كاملا بالقباب المكسوة بألواح الرصاص، ويبلغ عددها 170 قبة، أعلاها القبة الخضراء، ثم قبة المحراب العثماني، وقبة باب السلام، وباقي القباب على ارتفاع متقارب. ولبعضها نوافذ مغطاة بالزجاج الملون، كما كتبت في جدار المسجد القبلي (الجنوبي) سور من القرآن الكريم وأسماء النبي محمد(ص) بخط الثلث العربي وذهبت الحروف بالذهب، كما بنيت أبوابه بشكل فني بديع.

واستمر العمل بالتوسعة المجيدية زهاء 13 عاما كاملة بلغت مساحتها الإجمالية عند الانتهاء منها عام 1860 نحو 1293 مترا مربعا وتعد من أضخم وأتقن وأجمل العمارات والتوسعات التي تمت في العهد العثماني للمسجد النبوي الشريف، وقد بقي منها بعد العمارة السعودية الحديثة الجزء القبلي (الجنوبي)، ويبدو هذا الجزء قويا متماسكا حتى الآن.

طبيعة عمل الورشة

وعن عمل هذه الورشة ذكرت آراء مختلفة لأناس التقتهم «مكة» في المدينة المنورة أن بعض التغييرات الجذرية حدثت في كتابات بعض القباب وحوائط المبنى القديم وجدار القبلة المجيدي المغطى بالكامل بأعمال فنية تعد ثروة جمالية عالية من الزخارف الإسلامية والخطوط العربية التاريخية لآيات من القرآن الكريم وأسماء الله الحسنى وأسماء النبي محمد(ص) وأبيات شعرية من عيون قصائد المدائح النبوية عبر التاريخ.

وأوضحت إحدى المصادر أنه تم خلال السنوات القليلة الماضية تغيير أبيات قصيدة البردة أشهر قصيدة مدح نبوي لمحمد البوصيري قيلت في القرن السابع الهجري، وأن التغييرات شملت أجزاء من الكتابات التي كانت منقوشة في الشبك النحاسي المذهب في واجهة الحجرة النبوية الشريفة. وقال مصدر ـ رفض الكشف عن هويته ـ إن عددا من المتخصصين في علوم الهندسة والعمارة والآثار والتراث الفني يعملون الآن على توثيق سير الأعمال القائمة حاليا في صيانة أعمال أسقف وقباب المسجد النبوي بعد أن تبين وجود تغييرات حصلت في بعض نصوص الكتابات والخطوط المستخدمة في قباب المسجد النبوي، لرفع الأمر لأمير منطقة المدينة المنورة فيصل بن سلمان بن عبدالعزيز وإطلاعه على حقيقة الموقف واتخاذ ما يراه مناسبا حيال هذا الموضوع الذي يشمل تغييرات في عملية الترميم تلك.

وقال مصدر لـ"مكة": إن هناك العديد من الدراسات المتخصصة تحدثت وبتوسع عن الزخارف والنقوش والخطوط الإسلامية في عمارة المسجد النبوي الشريف، وإن التغييرات في هذه الثروة الإسلامية تعد إجهاضا لكل تلك الدراسات المهنية القيمة التي تحتفظ بها المكتبة الإسلامية خاصة المتعلقة بتاريخ عمارة المسجد النبوي الشريف. وأعاد المصدر للذاكرة قيام شركة دلة والتي كانت تتولى تنفيذ وتشغيل أعمال الصيانة للمسجد النبوي في 1991 بمسابقة لاختيار خطاط لترميم الكتابات القرآنية في الحرم النبوي والتي تعود إلى العصر العثماني بعد أن بهتت بفعل الزمن، فوقع الاختيار حينها على الخطاط الباكستاني الماهر شفيق الزمان ولي محمد خان وهو باكستاني الجنسية مقيم منذ عقود في السعودية.

مشيرا إلى أن الخطاط شفيق الزمان حاز على جوائز محلية وعربية وإسلامية عدة في الخط العربي، وأسندت إليه مهمة القيام بإعادة ترميم الكتابات الأثرية التي نفذت بيد الخطاط العثماني الشهير عبدالله بك زهدي (1836 ـ 1879م) والذي عرف بخطاط المسجد النبوي بعد أن نفذ خطوط جدرانه كما قام أيضا بخط كسوة الكعبة المشرفة.

وكانت المهمة المطلوبة من الخطاط شفيق الزمان (58 عاما) بحسب تصريحات إعلامية سابقة له أكد فيها لصحيفة الشرق الأوسط بتاريخ (30 يونيو 2014م) بقوله «بدأت العمل في المسجد النبوي منذ 23 سنة، منذ عام 1991 حين أعلنت شركة دلة عن مسابقة لاختيار رئيس للخطاطين. كانوا يبحثون عن فنان يستطيع ترميم الكتابات الموجودة على جدران الحرم وقبابه، وخاصة في الجانب الذي بني في العهد العثماني، والتي بهتت بفعل الزمن، وكانت من عمل الخطاط عبدالله زهدي وهو من أكبر الأسماء في تاريخ فن الخط العربي».

وأشار إلى أن الرئاسة العامة لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي أوكلت له مهمة ترميم الكتابات الموجودة في مبنى الحرم النبوي القديم، كما كتب لوحات جديدة بأسماء أبواب «السلام، أبوبكر الصديق، الرحمة، البقيع، جبريل، النساء» وغيرها.

وبحسب موقع شبكة المبدعين للخط العربي إشارة إلى أن الخطاط شفيق الزمان «هو الآن بصدد كتابة الآيات القرآنية في القباب بالرسم العثماني «رسم المصحف» بعدما كانت مكتوبة بالرسم الإملائي، وقد انتهى من 60 قبة، وبقي له نحو 90 قبة».

وقد أقرّ الخطاط شفيق الزمان في حديث سابق لصحيفة أوردو نيوز بأن هناك 177 قبة من العهد العثماني في المسجد النبوي وكل قبة بقطر 11 مترا كتبت على حوافها آيات قرآنية باستخدام قلم يبلغ سمك ريشته 18 ملم. وأوضح أن هناك فرقا كبيرا بين الطريقة الحديثة لخط آيات القرآن على القباب والطريقة التي كانت متبعة في العهد العثماني». مشيرا إلى أن «الطريقة الحديثة للكتابة في كل قبة تعتمد على كتابة الآية بأكملها لتبدأ آية مختلفة في القبة التي تليها، ولكن ذلك لم يكن متبعا في القباب التي نفذت في العهد العثماني، حيث كانت الآيات تنقسم أحيانا بين أكثر من قبة. وهو الآن بصدد كتابة الآيات القرآنية في القباب بالرسم العثماني «رسم المصحف» بعدما كانت مكتوبة بالرسم الإملائي.

واعتبر المصدر أن حديث الخطاط شفيق الزمان يعد إقرارا منه بأن هناك تغييرا في نوع الخط وكتابة الآيات وهو تغيير لما وجد من تراث فني إسلامي سابق ظل صامدا لقرون لأحد أكبر الأسماء في تاريخ فن الخط العربي.

وكان المركز الإعلامي للرئاسة أشار في خبر له بتاريخ 1 ربيع الأول 1436 عن قيام الرئيس العام لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي الشيخ عبدالرحمن السديس بحضور نائب الرئيس العام لشؤون المسجد النبوي الشيخ عبدالعزيز الفالح بتكريم خطاط المسجد النبوي شفيق الزمان ولي محمد خان نظرا لجهوده وإجادته أداء الخط العربي في المسجد النبوي الشريف بمناسبة الاحتفاء العالمي باللغة العربية تحت شعار الحرف العربي مطلع العام الهجري الحالي.

 





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً