العدد 4576 - الأربعاء 18 مارس 2015م الموافق 27 جمادى الأولى 1436هـ

كيف ما بدت أمي فأنا أحبها!

اسمي دعاء تعمل والدتي منظفة في مدرستنا، لكن بعض الزميلات يسخرون مني كثيراً على رغم كوني متفوقة وذلك بسبب طبيعة عمل والدتي.

لم أكن يوماً أكترث بما تقوله زميلاتي عن والدتي وكيف يسخرون منها، فأنا أحبها كثيراً، وهي تعمل من أجل أن تكفل معيشتي ومعيشة إخوتي بعد أن غيب الموت والدي، وأنا شخصياً أتمنى أن أكبر وأعوضها جميع ما فاتها، فقد كرست حياتها من أجل راحتنا.

في يوم من الأيام قرأت قصة عن الأم، فأردت أن أوصل رسالة لزميلاتي اللاتي يسخرن من عمل والدتي، فطلبت من المعلمة أن تسمح لي بقراءة القصة، والتي تقول:

كان لأحد الأمهات عين واحدة وقد كرهها ابنها لما كانت تسببه له من إحراج، فكان يرى شكلها مقززاً، وكانت هذه الأم تعمل طاهية في المدرسة التي كان يدرس ابنها فيها لتعيله وتساعده على أن يكمل دراسته، كان الولد دائماً يحاول أن يخفي عن أصحابه أن تلك الطاهية أمه خوفاً من تعليقاتهم وخجلاً من شكلها.

في أحد الأيام صعدت الأم إلى فصل ابنها كي تسأل عنه وتطمئن على تحصيله الدراسي، أحس الولد بالإحراج والضيق نتيجة لما فعلته أمه، تجاهلها ورماها بنظرة مليئة بالكره والحقد.

في اليوم التالي، أبدى أحد التلاميذ سخريةً من ذلك الولد، قائلاً له: يا ابن الطاهية ذات العين الواحدة، حينها تضايق الولد كثيراً، وتمنى لو كان بإمكانه أن يدفن نفسه أو يدفن أمه ليتخلص من العار والخجل الذي يسببه له شكلها.

واجه الولد أمه بعد السخرية التي تعرض لها من زميله قائلاً لها: متى ستموتين وتختفين من حياتي كي أتخلص من الإحراج الذي أتعرض له بسببك؟ فقد جعلت مني أضحوكةً ومهزلةً بين زملائي.

سكتت الأم حينها وغادر الولد المكان من دون أن يأبه لمشاعرها كان الولد يكرر ذلك التوبيخ لأمه كثيراً.

بعدما أنهى الولد دراسته الثانوية، حصل على منحة دراسية لإكمال دراسته في الخارج، ذهب ودرس وتزوج وكان سعيداً في حياته بعد عن ابتعد عن أمه والتي كانت مصدر الضيق الوحيد في حياته.

بعد بضع سنين قررت الأم أن تسافر لترى ابنها وأحفادها، وقد تفاجأت الأم كثيراً من ردة فعلهم، فقد سخر منها بعض أحفادها، وآخرون خافوا منها وبدأوا بالبكاء فانزعج الابن من أمه وأمرها بأن تخرج من المكان خوفاً منه على أبنائه، فخرجت من دون أن تبدي أي تعليق والحزن يملأ قلبها.

وفي يوم من الأيام اضطر الابن للذهاب إلى البلد الذي عاش فيها طفولته مع أمه، ومن باب الفضول قرر أن يزور بيته القديم، و ما إن وصل أخبره الجيران بأن أمه قد توفيت، لم يذرف الابن أي دمعة ولم يحرك ذلك الخبر ساكناً فيه.

كانت وصية الأم لأحد الجيران أن يقوم بتسليم ابنها ظرفاً إن رآه في يوم من الأيام، فقام ذلك الجار بتسليم الظرف للابن حينها، ولما فتحه وجد فيه رسالةً كتب فيها.

ابني الحبيب لقد أحببتك كثيراً و طالما أحببت أن تعيش معي وأرى أحفادي يلعبون من حولي في هذا البيت الذي عشت وحيدةً فيه وكانت الوحدة تقتلني.

ابني الحبيب في داخلي شيء لم أخبره لأي أحد في حياتي، وستكون أنت الوحيد الذي سيعرفه، فبعدما توفي أبوك في حادث سيارة أصبت أنت وفقدت عينك اليمنى وتأسفت وتحسرت عليك ولم أكن أستطيع أن أتصور كيف سيعيش ابني بعين واحدة وقد يسخر منه الأطفال ويخافون من شكله لذلك... تبرعت لك بعيني.

مع حبي لك

أمك

صفق الجميع لدى سماع القصة، ومنذ هذا اليوم لم أعد أسمع أي كلمة تقلل من مقام أمي من تلك الزميلات.

دعاء محمد أحمد

11 عاماً

العدد 4576 - الأربعاء 18 مارس 2015م الموافق 27 جمادى الأولى 1436هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً