العدد 4579 - السبت 21 مارس 2015م الموافق 30 جمادى الأولى 1436هـ

حصيلة دامية

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

اليوم الذي جعله الله جُُمُعَةً مباركةً للمسلمين، ودعاهم إلى ضيافته في بيوته، حوّلته فلول العصابات الإرهابية إلى يومٍ مخصّص للقتل وسفك الدم الحرام.

لا تمر جمعةٌ واحدةٌ، ومنذ سنوات، إلا وتترقب أخبار التفجير والقتل الجماعي قبل أو بعد انتهاء الصلاة، بما لم يفعله حتى الاستعمار البريطاني أو الفرنسي أو البلجيكي، في مستعمراتهم في الثلاثينيات، من استهداف وحرب معلنة على المساجد والمصلّين.

سنوات طويلة، تنفّذ تفجيراتٌ تزهق فيها أرواح عشرات المصلين، وتصيب أضعافهم بجروحٍ يخلّف بعضها تشوهات وحالات عجز دائم. وفوق ذلك تخلّف آلاف الأرامل والأيتام؛ وتنشر الشقاء في بقعة كبيرة من العالم الإسلامي، من باكستان وأفغانستان، إلى سورية والعراق، واليمن والصومال، ومصر وليبيا وتونس، نزولاً إلى مالي ونيجيريا. وكل تلك الجرائم ترتكب باسم الله، وفي بيوت الله، التي رفعها مناراً وجعلها أمناً لعباده في الأرض.

الجمعة الأخيرة، تم تنفيذ خمسة تفجيرات مخططة ومتعمّدة ضد مساجد وجوامع اليمن، كل روّادها من المسلمين الذين ذهبوا إلى الصلاة استجابةً لنداء ربّهم في محكم كتابه، بأن يسعوا إلى ذكر الله ويذَرُوا البيع، فتلقاهم عددٌ من الانتحاريين بالتفجير، فأوقعوا أكثر من 142 شهيداً وأصابوا 350 آخرين. خمس مئة مسلم قُتلوا في ضربة واحدة عمياء، دون وجه حقٍ أو إدانةٍ بخطيئةٍ أو ثبوتِ جرم.

الصور نقلت مشاهد فظيعة للشهداء الذين تقطعت أعضاؤهم وتناثرت أشلاؤهم حتى صبغ الدم جدران بيوت الله. ما هي الجريرة التي ارتكبوها؟ وهل فعلت «إسرائيل» معشار ما فعلت «داعش» وأخواتها؟

في 25 فبراير/ شباط 1994، قام الصهيوني المتطرف باروخ جولدشتاين باقتحام الحرم الإبراهيمي الشريف بمدينة الخليل، بالتواطؤ مع عدد من المستوطنين، وأخذ بإطلاق النار على المصلين، فحصد أرواح 29 وجرح 150 آخرين قبل أن يتمكن بقية المصلين من قتله. كان ذلك فجر يوم جمعةٍ في شهر رمضان المبارك، وأثار الحادث موجةً عارمةً من الغضب والأحزان في أنحاء العالم الإسلامي. أما اليوم فيقوم بعض القتلة «المسلمين» - إن كان يجوز تسميتهم بذلك - بقتل أكثر من ذلك العدد من المصلين في بيوت الله، وبصورٍ أكثر بشاعة وفظاعة، فتجد بعضهم يهلّل فرحاً لصور الدماء والأشلاء المقطّعة، في شوفينيةٍ تعفّ عنها نفوس الوحوش الضارية.

قبل ذلك بعامين، وفي السادس من ديسمبر/ كانون الأول 1992، قامت حشود كبيرة يقودها أحد أتباع «منظمة بهارتيا جناتا» الهندوسية المتطرفة، بهدم مسجد «بابري» التاريخي في ولاية أوترا براديش، وتسويته بالأرض، بدعوى أنه أقيم على أنقاض معبد هندوسي قديم، بينما الدراسات التاريخية أظهرت أنه أقيم على أنقاض مسجد آخر. الحادث أثار موجةً شديدة من الاحتجاجات في العالم الإسلامي، أمّا اليوم فتقوم منظمة إرهابية متطرفة يقودها أبوبكر البغدادي، بهدم قبور صحابة رسول الله (ص) في الشام والعراق وليبيا، وتسويتها بالأرض في أشنع صور المهانة لشخصيات التاريخ الإسلامي، فلا يُسمع للعالم الإسلامي صوتٌ أو يتحرّك له ضمير.

ثم نلوم الأعداء الذين يتربصون بنا الدوائر، يستولون على ما بقي من نفطنا، ويستنزفون أموالنا في حروبٍ يشعلونها بيننا، وفتنٍ يؤجّجونها من وراء ستار استخباراتي كثيف، في «لعبة الأمم الكبرى» الجديدة... حيث تداعت الأمم علينا كما تداعى الأكَلَةُ إلى قصعتها، حسبما تنبأ الصادق الأمين، فلما قيل له: أفمن قلةٍ يا رسول الله؟ أجاب (ص): «بل أنتم يومئذٍ كثير، ولكنكم غُثاءٌ كغثاءِ السَّيل». فاستمروا في قتل بعضكم بعضاً يا مسلمي آخر الزمان.

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 4579 - السبت 21 مارس 2015م الموافق 30 جمادى الأولى 1436هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 13 | 12:33 م

      لا أحد يشعل الحرب بيننا ويبث الفتنة 1935

      هل آرثنا التاريخي قاصر عن إشعال الحروب والفتنة حتى نتهم أحد غيرنا

    • زائر 12 | 9:46 ص

      رحم الله والديكم

      ياجماعة الخير لحد يسميهم تنظيم الدولة الاسلامية رجاء....هذول يسمونهم تخريب الدولة الاسلامية...لعنة الله على كل ..داعشي

    • زائر 11 | 6:57 ص

      القهر وكل القهر

      انه بعض الجرايد والاذاعات التلفزه يسمونهم الدولة الاسلاميه هؤلاء كفرة وليس مسلمين لانه الاسلام رحمة المشتكى لله

    • زائر 9 | 5:45 ص

      هدول صهاينة بالتواطؤ

      هل فعلت «الغده السرطانيه» معشار ما فعل «الرناگيدز» وأخوانهم؟

    • زائر 8 | 4:26 ص

      يكذبون

      ورب العزة يكذب من يقول انهم مسلمون

    • زائر 7 | 3:05 ص

      القتل وهدم المساجد

      قتل النفس الزكية وهدم المساجد فعل شنيع لا يرضى به دين محمد عليه السلام وإن كان صادر من قبل أشباه المسلمين وهذا الفعل نتجة الحقد الدفين الذي يتولاه أصحاب تلك النفوس المريضة.

    • زائر 5 | 1:54 ص

      أي إسلام هذا الذي يقومون فيه بأكبر الكبائر

      في يوم جمعة وفي صلاة الجمعة وفي بيوت الله حتى يكون الوزر مضاعفا أوزارا .
      هذا حال من يدّعي الإسلام الذي لم يضع احتمالا واحدا انه ربما يكن مخطئ بعد ارتكاب هذه المجزرة.
      أي فكر هذا
      هل هذا دين رسول الله
      هل هذا دين محمد ابن عبد الله
      لا والله انه دين الارهاب ومذهب القتل والدمار والجرم مضاعف حين يلصقوه بدين الرحمة الله لا يرحمهم

    • زائر 3 | 12:50 ص

      .....

      طالما بقى الفكر .......المتطرف يعيش بيننا ستشاهد المزيد من القتل والتفجير في أنحاء المعموره

    • زائر 1 | 11:23 م

      كلهم دواعش

      دمروا ثمانية وثلاثين مسجدا ولاإعترفوا الحين مسجدين وقتلوا المصلين فيهما في اليمن .

اقرأ ايضاً