العدد 4584 - الخميس 26 مارس 2015م الموافق 05 جمادى الآخرة 1436هـ

المؤسَّسة دائمة التعلم

منصور الجمري editor [at] alwasatnews.com

رئيس التحرير

في عالم متغير باستمرار، يقول علماء الإدارة إن المؤسسات التي يمكنها مواكبة التغيير بنجاح هي تلك التي توصف بأنها «دائمة التعلم» Learning Organization.


في هذه المؤسسات يكون التدريب والتطوير والتعلم مكوناً أساسياً لجميع العاملين في المؤسسة، ضمن استراتيجية موجهة لتحصيل المهارات الاحترافية professional skills، وتلك المهارات الأساسية القابلة للانتقال بين جميع التخصصات، soft skills.


التعلم المستمر يتطلب التعرف على الطرق الجديدة والمبدعة لأداء العمل، ويتطلب التدريب على مهارات مهمة جديدة، وطرق جديدة للتفكير، بحيث يتمكن العاملون من تحدي الطرق التقليدية في التفكير والعمل، وهو ما يطلق عليه بالتفكير الجانبي، والتفكير «خارج الصندوق».


الهدف من الاستمرار في التعلم هو خلق مؤسسات مرنة، من خلال العاملين المرنين، والمستعدين دائماً للتغيير، والاضطلاع بمهام جديدة.


«المؤسسات دائمة التعلم» تسعى إلى تكوين المعرفة الجديدة، وزيادة الخبرة، وتحسين المهارات، وتعظيم إمكانات العاملين عبر إدخال الوسائل التكنولوجية الحديثة. هذه المؤسسات تعتبر «ديمومة التعلم» من القدرات الإستراتيجية التي تمكنها من مواكبة التغيير في بيئة العمل، والتفوق من خلال ذلك على المنافسين.


هذه المؤسسات تشرك العاملين في صياغة أهداف التعلم الخاصة بهم، وتشجعهم على المبادرات، وتحدد نسبة من أوقات العامين، نحو 10 في المئة، من أجل التعلم والتدريب المستمر. وهذا كله يحتاج إلى برامج ومخصصات مالية واستعدادات.


ان ما يميز المؤسسات دائمة التعلم عن غيرها هو اعتبار هذه الجهود نوعاً من الاستثمار، وليس كما هو حال المؤسسات التقليدية التي ترى في ذلك «كلفة» يستلزم تقليلها قدر الإمكان.


هناك مؤسسات لديها إمكانية الاستفادة من ضرائب ورسوم تدفعها لجهات رسمية، مثل Levy.، كما هو الحال في البحرين، ولكن ترى مؤسسات تقليدية تفضل ترك مستحقاتها المخصصة للتدريب على أن تفسح المجال لموظفيها في الاشتراك في برامج تدريبية.


إن التعلم والتطوير المستمر أصبح هدفاً استراتيجياً لجميع العاملين في المؤسسات الناجحة، ومثل هذا التعلم يستمر في جميع مراحل الحياة، وفي كل جانب من جوانب الحياة، والمؤسسات الرائدة هي تلك التي توفر بيئة تعليمية داعمة باستمرار.


المؤسسات دائمة التعلم تعتمد عدداً من الأساليب لتنمية البيئة الداعمة للتطور المستمر، فمثلاً هناك تشجيع على التعلم من خلال الوظيفة on the job training وهو نوع من التعلم المستمر غير الرسمي.


المؤسسات دائمة التعلم أيضاً تشجع المبادرات وتكافئ من يتعلم عن بعد distance learning وتمنحه الوقت للدراسة، وتدفع رسوم الدراسة، وكل ذلك ضمن استراتيجية الاستثمار في المهارات الخاصة بكل عامل.


كما تشجع هذه المؤسسات على تبادل المعلومات عبر العمل الجماعي team learning وجعل وسائل التعلم متاحة لتقاسم المعرفة، ربما عبر مشاهدة البرامج التعليمية على اليوتيوب مثلاً، وتبادل قصص النجاح حول كيفية حل المشاكل المختلفة في بيئة العمل.


أيضاً فإن المؤسسات دائمة التعلم لا تخشى الأخطاء ممن يحاول تقديم الجديد ومحاولاتهم تطوير العمل، ويعتبرون أن أحد أسس التحسين المستمر هو «التعلم من الأخطاء».


المؤسسات دائمة التعلم تعتبر أنَّ ميزتها التنافسيَّة تحدّدها سرعة تعلم القوى العاملة بصورة تتفوَّق بها على المؤسَّسات المنافسة الأخرى.


كما أن هذه المؤسسات تسعى دائماً لتحدي النماذج العقليَّة التقليدية التي تعتمد على تنميط الذهنية، تلك النماذج التي تمنع تغيير بعض السلوكيات والقواعد والقيم والتي قد لا تناسب مع البيئة المنفتحة والطموحة.

إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"

العدد 4584 - الخميس 26 مارس 2015م الموافق 05 جمادى الآخرة 1436هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 3 | 6:08 ص

      الاعراف و التقاليد ترفض

      محلياً مبدأ الترقي يقوم على اللقب و الانتماء العائلي و بذلك ظهرت لنا الهرمية العائلية في اكتساب الوظائف الادارية ، كما أن عامل السن له دور كبير حيث أن الاعراف و التقاليد المحلية ترفض صغير السن و لو كان الاكثر مهارة و علم .. و هذه الخصلة ليست فقط في المؤسسات الرسمية بل كذلك حتى الأهلية و الدينية نرى كبار السن يبقون على رأس المناصب مدى الحياة من دون مراعاة التغيرات التي تطرح مفهوم جديد للكفاءة.
      شكراً دكتور

    • زائر 1 | 11:58 م

      مقال مفيد

      واصل دكتور في مثل هذه المقالات المفيدة

اقرأ ايضاً