العدد 4586 - السبت 28 مارس 2015م الموافق 07 جمادى الآخرة 1436هـ

بكتيريا باللون الأخضر !

خضراء يانعة... وريقات لامعة... تُقطف... تُباع... تُشطف بالماء... ثم تؤكل هنيئاً!

فهل لُخصت الحكاية؟ وهل انتهت سطورها؟!

لا، ليس بعد، فالحكاية الحقيقية تأخذ مجرى آخر مختلفاً. فلو استعملنا زر التراجع، لكانت صيغت على النحو الآتي:

خضراء يانعة... وريقات لامعة... تُقطف... تُباع... تُشطف بالماء... بكتيريا عالقة... ثم تؤكل هنيئاً!

باعتقادي ليس هنيئاً البتة، بل ممرض، ملوث، قذر، وربما قاتل!

تلك هي الحقيقة...

تتلوث الخُضَر الورقية بالكائنات الدقيقة المسببة للأمراض، والتي تتزايد خلال نمو الخضراوات في الحقل أثناء الحصاد ومعالجة ما بعد الحصاد والتصنيع أو التوزيع. ويزيد استهلاك الخضراوات الجاهزة أو نصف المطهوة إلى احتمال إصابة المستهلكين بهذه الميكروبات.

هذا وقد ارتبط تفشي العديد من الأمراض المعوية باستهلاك الخضراوات الطازجة والفاكهة الملوثة. ففي اليابان مثلاً شهد العام 1996 تأثر 11 ألف شخص بـ Escherichia coli O157:H7 (Tambekar & Mundhada,2006). بينما شهدت الولايات المتحدة في العام 2006 إصابة 200 حالة بالبكتيريا نفسها نظراً لاستهلاك السبانخ الطازجة (Abadias et al, 2007).

وفي البحرين خلصت دراسة تهدف لتحديد الجودة الميكروبيولوجية للاستهلاك الطازج من عينات البقدونس، والخس، والجرجير، والبقل والنعناع والريحان والبربير والرويد التي تباع في الأسواق المحلية أو عن طريق الباعة المتجولين عن طريق تقييم بقاء البكتيريا على أسطحها عندما يتم استخدام ماء الصنبور فقط لإجراء الغسيل، إلى مخاطر محتملة على الصحة العامة.

إذ تم تحليل 24 عينة من أنواع الخضر الورقية آنفة الذكر من حيث وجود البكتيريا المسببة للأمراض على أسطحها، وذلك بعد غسلها بالماء وغسلها مرة أخرى بمحلول الكلور. واعتمد التحليل على طباعة أجزاء من النباتات المختارة على سطح وسط بكتيري انتقائي (Mac-Conkey agar medium). وقد تم تعريف عينات ممثلة عن البكتيريا المعزولة بصبغة جرام وتحليل API20E. وقُدّر متوسط البكتيريا المسببة للأمراض التي تستوطن سطوح الأوراق من الأنواع الثمانية بـ 42 cfu/cm2. أما أنواع البكتيريا الممرضة المعزولة والتي قد تنتج سموماً خطيرة فهي كالتالي:

Escherichia coli, Bacillus cereus, Pseudomonas maltophilia, Enterobacter cloacae, Klebsiella pneumonia and Lactobacillus species.

وبغسل هذه النباتات بالماء تم التخلص من جزء يتراوح بين 36 و67% من الحمولة البكتيرية في السنتمتير المربع إذا طبق على النبات بأكمله. وباستخدام أقراص الكلور كمادة معقمة انخفضت نسبة الحمولة البكتيرية في بعض الحالات إلى 100%، بينما في حالات أخرى لوحظت نسب مئوية قليلة من وجود البكتيريا التي لا يمكن أن تشكل خطورة.

ولذلك تفضي هذه الدراسة إلى عدد من التوصيات التي من شأنها رفع مستوى تطهير الخضر الورقية من البكتيريا، وهي كالآتي:

1. غسل الخضراوات بمواد معقمة طبيعية كالملح، الخل، قشر وعصير الليمون أو أقراص الكلور بدلاً من استخدام الماء وحده قبل الاستهلاك.

2. حفظ الخضراوات الخضراء في ظروف باردة في أجزاء منفصلة عن بعضها البعض خلال عملية البيع والتخزين المنزلي على حد سواء.

3. ممارسات النظافة الجيدة يجب أن تنفذ من قبل المنتجين والمصنعين للحيلولة دون تلوث ونمو البكتيريا، وضمان حفظ الخضر في ظروف باردة هو مسئولية الموزعين وتجار التجزئة والمستهلكين.

4. يجب على الباحثين تطوير تقنيات جديدة لتحسين التطهير الجرثومي والحد من نمو الميكروبات أثناء التخزين.

ربما يصدق المثل القائل: ليس كل ما يلمع ذهباً. وهنا أقولها: ليس كل أخضر يانعاً!

فتلك حقيقة مؤلمة مغيبة خلف ستار أخضر براق آن لها أن تُكشف!

ولكم دوام السلامة...

العدد 4586 - السبت 28 مارس 2015م الموافق 07 جمادى الآخرة 1436هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 2 | 8:00 ص

      رائع

      كاتبة عاطله سفر وغربة ودراسات عليا في النهاية مافيه تقدير للمواطن قهر الديره

    • زائر 1 | 3:39 ص

      شكرا على المعلومات

      مجهود أكثر من رائع، ومعلومات وافيه وقيمه

اقرأ ايضاً