اليوم يطل على العالم شهر أبريل/ نيسان ويبدو استثنائياً بالنسبة لمن يحترف الكذب والأقاويل المغلوطة وبث الإشاعات في قالب كوميدي، أو من يعمل على ابتكار النكات وصياغتها ونشرها من أجل رسم ابتسامة على شفاه غيره كما يدعي. في الوقت ذاته تمر «كذبة الأول من أبريل» على المجتمع البحريني من دون أدنى اهتمام إليها؛ لما لها من عواقب وخيمة تضر بالمجتمعات دون مراعاة لمشاعرهم، وتسبب العديد من المشاكل بين الأفراد: انعدام الثقة وانتشار الكذب وهدم العلاقات الاجتماعية.

هذا ما توصلت إليه «الوسط» من خلال استطلاع أجرته مع مختلف أفراد المجتمع البحريني، وأولها كان مع السيدحسين سلمان المحفوظ (طالب جامعي) ذكر لنا تعرضه لموقف كاد يودي بحياته نتيجة «كذبة أبريل»، بقوله: «ذات مرة تلقيت اتصالاً من صديقي الذي بدا صوته حزيناً جداً بخلاف طبعه، بدأ مكالمته معي بهذه العبارة «عظم الله أجرك صديقي»، سألته عن السبب فقال «بوفاة خالك»، صُدمت فلم يخبرني أحد أن خالي -لا قدر الله- قد توفي ولا يوجد شيء يدل على ذلك، تركني في صمتي لأتذكر أن اليوم هو الأول من أبريل»، المعروف بكذبة أبريل، ولولا تذكري ذلك لسقطت مغشياً عليَّ».

وعن مدى انتشار وتقبل «كذبة أبريل» في البحرين يقول المحفوظ: «كذبة أبريل منتشرة في مجتمعنا بنسبة بسيطة، وتقبلها يعتمد على المرحلة العمرية؛ فالشباب يتقبلها بروح مرحة خلافاً للرجال أو كبار السن، فهم يمتلكون الروح الجديّة أكثر، ومع ذلك الغالبية في مجتمعنا لا تعطي كذبة أبريل أي أهمية».

ويرى المحفوظ أن الهدف من نشر الأكاذيب في هذا اليوم بالتحديد بين المجتمع الشبابي غالباً ما يكون بدافع انتقام لشيء ما، أو اختبار للشخص، أو من باب الدعابة والضحك.

ويعدد سيدحسين السلبيات التي تعود على المجتمع من «كذبة أبريل»، قائلاً: «المشاكل لا تنحصر على المجتمع البحريني فقط، وإنما على جميع المجتمعات، ومنها حالات الطلاق بين الأزواج وتفكك العلاقات بين الأفراد، وقد تؤدي إلى جرائم قتل وما إلى ذلك من عواقب وخيمة نتيجة كذبة».

لا يوجد مبرر للكذب

وترى معصومة الشرخات (طالبة جامعية) أن «كذبة أبريل» منتشرة بين فئة المراهقين أكثر من غيرهم؛ لأنها الفئة الأكثر تعرضًا لأي موجة وأي موضة ذات طابع غربي، بينما مدى انتشار هذه الكذبة محدود بين الراشدين باعتبار أن السن يؤثر بطريقة أو بأخرى على التفكير والعادات.

وتشير الشرخات إلى أن المجتمع يرفض كذبة أبريل مهما كانت غايتها، بقولها: «هنالك الذي يعارض انتشار هذه الأكاذيب حتى لو كان من باب المزاح -وأنا منهم- لأن الكذب هو ذنب مهما كان شكله أو نوعه».

وتكمل «وهنالك من يتسلى في اختلاقها ونشرها على وسائل التواصل باعتبارها وسيلة ترفيهية دون مراعاة لأهدافها أو أصلها الذي لا يتماشى مع مجتمعه العربي المسلم».

وتردف مكملة «صحيح أن معظم المواقف الخاصة بكذبة أبريل تكون كوميدية، إلا أنني لا أرى أي أهداف إيجابية تذكر، حتى وإن كانت لتلطيف الجو أو تبادل الضحكات وخصوصاً مع طغيان سلبيات الكذبة التي تؤدي إلى تفكك العلاقات وانهيار الثقة بين الأفراد».

ظاهرة غير أخلاقية

يتفق جهاد رضي (موظف) مع زوجته خديجة محمد (ربة منزل) على أن مقالب «كذبة أبريل» منتشرة بين أوساط المجتمع البحريني بشكل نسبي، بقولهما «تنتشر كذبة أبريل بين المجتمع البحريني بنسبة محدودة جداً وغالباً ما تستخدم من باب المزاح أو لفت الانتباه مع ذلك نراها ظاهرة غير أخلاقية؛ لما فيها من خداع للناس بشكل واضح وغير مبرر».

ويشير الثنائي جهاد وخديجة إلى أن «المجتمع البحريني يتقبل أكاذيب وخدع أبريل من باب الفكاهة والمرحة مع التحفظ على أن الأمر خارج عن أطر وأخلاقيات المجتمع».

ويذكران أن كذبة أبريل تعود بالسلب على المجتمع، فهي سبيل لانعدام الثقة بين الأفراد ومسوغ لنشر الأكاذيب والخدع، والاستهزاء بمشاعر الآخرين دون أي أهداف سامية تذكر. ويضيفان «لذلك لم نفكر يوماً ما أن نخدع بعضنا بعضا أو نكذب على بعضنا بكذبة أو خدعة تحت مسمى «كذبة أبريل».

كذبة أبريل للتسلية والضحك

المواطنة بتول حسن تقول انها دائماً ما تنسى «كذبة أبريل» معللة ذلك بقولها أنه حدث قلما ينشغل المجتمع البحريني به.

وفيما يخص مدى تقبل المجتمع البحريني لها، تقول «تقبله كذبة أبريل يعتمد على نوع الكذبة وطريقة بثها إذ ما كانت عبارة عن مزاح لطيف وسريع لتلطيف الجو، أو كذبة من العيار الثقيل والتي تستمر لساعات أو أيام، ما يساهم في تكوين تداعيات سلبية على العلاقات الاجتماعية أو الزوجية أو العائلية أو غيرها».

سألناها ما إذا تعرضت لموقف معنون بكذبة أبريل وما هي ردة فعلها فأجابت «في كل سنة تمر هذه المناسبة يلطف زوجي جوّنا بكذبة خفيفة عادة ما تكون في قالب مفرح، وسرعان ما يخبرني بأنها «كذبة أبريل» ويكون ردي عليه من باب المزاح والتحذير في الوقت نفسه «مصداقيتك تتراجع»، مشيرة إلى أن الهدف الوحيد منها هو التسلية والضحك فقط.

وقالت بتول: «أحيانا هذا التصرف قد يحدث شرخا في العلاقات؛ بسبب الصدمة أو الاحراج وجرح المشاعر. هذا بالنسبة للعلاقات على اختلاف أنواعها ومستوياتها، وأخطرها العلاقة الزوجية؛ لأن المشكلة الناتجة عن الكذبة قد تؤدي للطلاق في بعض الأحيان... مثلاً إذا كانت الكذبة جارحة لمشاعر أحد الزوجين قد تهتز ثقته في شريك حياته لدرجة أنه لا يستطيع أن يصدق أنها كانت مجرد كذبة».

ويتفق حسن مهدي محمد (طالب بجامعة بوليتكنك البحرين) مع بتول على أن «كذبة أبريل ليست على نطاق واسع من الانتشار في البحرين، وإذا كانت هناك مقالب خاصة بها فأغلبها تكون مفرحة رغم عدم جديتها، ومع ذلك فهي تؤدي إلى حدوث مشاكل مجتمعية كانعدام الثقة بين أواسط المجتمع».

وتدعم آلاء هاني مهدي (طالبة بالمرحلة الثانوية) رأي حسن بشأن تباين انتشار كذبة أبريل، ومدى تقبل المجتمع لها بقولها: «كذبة أبريل منتشرة بشكل متابين وبسيط في مجتمعنا، ولا أرى أحداً في قريتي يحبذ نشر أكاذيب تحت مسمى «كذبة أبريل» رغم وجود هذه الظاهرة في مجتمعات أخرى من باب الدعابة والضحك». وتضيف آلاء «الأمر الوحيد الذي سيجنيه المجتمع من وراء كذبة أبريل: هو اعتبار الكذب أمراً عاديا، وبالتالي سينتشر ويتطوّر الأمر من كذب إلى أمراض أخلاقية أخرى، إضافة إلى الضرر النفسي في حال نشر كذبة وفاة قريب أو مصيبة أو حدث محزن».

من جانبها، ترى المحامية هدى عبدالله «أن ظاهرة كذبة أبريل منتشرة بشكل ملحوظ بين المجتمع البحريني الذي بدأ يتقبلها شيئا فشيئاً بداعي التسلية وإطلاق النكت وتلطيف الجو، وعلى وجه الخصوص المقالب الحزينة التي أدت إلى نشوء مشاكل أسرية ومجتمعية خاصة عند النساء واستفزاز مشاعرهن».