العدد 4599 - الجمعة 10 أبريل 2015م الموافق 20 جمادى الآخرة 1436هـ

كشكول مشاركات ورسائل القراء

الأم طيبٌ من الجنة

الأم هي الأصل أي أصل الوجود، وهي منبع الخير ورمز العطاء والتضحية والفداء والإيثار، والطيبة بعاطفتها المتدفقة حناناً ورأفة وشفقة والإحسان دون مقابل وانتظار الجزاء، ولا منة، وهذا ما لمسته في أمي الحنون بحق وصدق ويقين طيلة سنوات عمري منذ صغري حتى كبري، فلكِ مني كل الشكر والاحترام والتقدير ومن هنا جاء حث ديننا الإسلامي بقرآنه وسنته، على تقديرها وتبجيلها، وأعلى من مقامها، جاعلاً الجنة تحت أقدامها، قارنا رضاها برضا الله سبحانه، إضافة إلى الوالد، وأحق بالصحبة والرعاية والعناية والاهتمام وردّ الدَين والإحسان إليها في كل مراحل عمرها وخصوصاً عندما تبلغ سن الشيخوخة، باعتبارها المربي والمعلم الأول للإنسان، فكل إنسان هو بحاجة ماسة لأمه مهما بلغ من العمر، لكون ذلك يولد بالفطرة، فأبواه يهوّدانه أو ينصّرانه، أو يمجّسانه، كما قال الرسول الأكرم عليه الصلاة والسلام، فلا عذب الله أمي الذي ربتني على الإسلام وحب الإسلام ورسوله، وأهل الإسلام، والحمد لله أني ولدت لأبوين مسلمين.

ولكل ذلك وغيره كثيراً ما تغنى الشعراء والأدباء بالأم وبيان أفضالها ومقدارها فمنهم من اعتبرها مدرسة باعتبارها المربية الأولى للأبناء، فهي حين تهز المهد بيمينها تهز العالم بشمالها، حيث قيل فيها:

الأم مدرسة إذا أعددتها

أعددت شعباً طيب الأعراق

ومنهم من اعتبرها ريحانة الدنيا وبهجتها قائلاً:

الأم ريحانة الدنيا وبهجتها

هيهات ألقى كمثل الأم إنسانا

وقال آخر في بيان أهمية الأم بالنسبة للابن، مصوراً إياها بالحياة:

أماه أنت حياتي أنت بهجتها

لولاك ما كنت في الدنيا بإنسان

ومنهم من اعتبرها سر الوجود في قوله:

يا أم يا سر الطفولة والصبا

يا ملجأ اللاهي وحصن اللاعب

وقد لقبت في أدبنا العربي ـ لما لها من دور بارز وكبير وفعال وإيجابي في تربية النشء ـ بألقاب كثيرة، مثل أعز معاقب، والكنف الرحيم، أصدق ناصح، وأكرم صاحب، وسر الحياة وصفوها المتعاقب، أم الوفاء، طيب من الجنة، لذا لابد من تكريمها في كل يوم من أيام حياتها، والإحسان إليها في كل الأوقات، والدعاء لها في حياتها ومماتها، بالرحمة والمغفرة، علنا وعسانا نوفي بعض أفضالها الجمة التي لا تعد ولا تحصى.

فرب ارحم والدي واغفر لهما كما ربياني صغيرا، واجزهما بالإحسان إحساناً وبالسيئات عفواً وغفراناً، آمين رب العالمين.

عبدالعزيز العسماوي


جهاد النفس هو الجهاد الأكبر

قال الرسول الأعظم (ص): مرحباً بقوم قضوا الجهاد الأصغر وبقي عليهم الجهاد الأكبر، فقيل: يا رسول الله وما الجهاد الأكبر؟، قال (ص): «جهاد النفس».

وفي وصية أمير المؤمنين علي (ع) لولده وشيعته: والله الله في الجهاد للأنفس، فهي أعدى العدو لكم، إنه تبارك وتعالى يقول: «إنّ النفس لأمارة بالسوء إلا ما رحم ربي» (يوسف: 53).

إنّ من أعظم معوّقات الإصلاح الكبرى في المجتمع عدم تهذيب النفس وعدم البدء بالنفس قبل المجتمع بعملية الإصلاح والجهاد في هذا الطريق المقدس، لا يمكن للفرد أن يسعى وبكل قوة في عملية كبرى لإصلاح مجتمعه ما لم يمتلك تلك القوة لإصلاح نفسه أولاً وخوض هذا التحدي إلى النهاية وبعدها ينتقل إلى المجتمع والميادين العامة، وكما يقول العلماء: «إنّ ما هو ضروري بالنسبة إلينا جميعاً هو أن نبدأ بإصلاح أنفسنا وعدم الاقتناع بإصلاح الظاهر وحده، بل السعي للبدء بإصلاح قلوبنا وعقولنا والإصرار على أن يكون غدنا خيراً من يومنا».

يعني يجب أن نجعل أخلاقنا وأعمالنا وعقائدنا مطابقة تماماً للإسلام ومبادئه، وإلا إذا خسر الفرد معركة الذات مع العدو الذي بين جنبيه فمن الطبيعي جداً وقتها أن نشاهد ما نشاهده من المفاسد العامة وبصمات الفشل والخسران ولذا وصفه النبي الأكرم (ص) بـ «الجهاد الأكبر» وحظيت بأهمية بالغة في الإسلام.

إنّ السعادة الحقيقية الباقية والخالدة للفرد المسلم ليست هي السعادة الشيطانية اللهوية الموجودة في حياتنا والتي من الممكن لبعضٍ منا أن يشتريها مقابل السعادة الخالدة والباقية التي هي نعمة لا تحصى وتقارن بأي شيء آخر، وفي قولٍ لأحد العرفاء: «إنّ الإنسان إذا فكر لحظة واحدة، عرف أن الهدف من هذه النعم هو شيء آخر وأن الغاية من هذا الخلق أسمى وأعظم... وأن على الإنسان العاقل أن يفكر بنفسه وأن يترحم على حاله ونفسه المسكينة ويخاطبها قائلاً: أيتها النفس الشقية التي قضيت سني عمرك الطويلة في الشهوات ولم يكن نصيبك سوى الحسرة والندامة، أبحثي عن الرحمة وأستحي من مالك الملوك وسيري قليلاً في طريق الهدف الأساسي المؤدي إلى حياة الخلد والسعادة السرمدية ولا تبيعي تلك السعادة بشهوات أيام قليلة فانية.

إذاً فالجهاد الأكبر يوصلنا لحياة الخلد والسعادة السرمدية وميدانه لا ينحصر بمكان أو زمان معين كالجهاد الأصغر، إنه جهادٌ ضد النفس، ضد حب النفس، ضد الأهواء الشيطانية، فإذا كان الفرد يبتغي النصر في الجهاد الأصغر لابد له أولاً الانتصار في الجهاد الأكبر، ومن يترك الجهاد يلبسه الله تعالى ذلاً في نفسه وفقراً في معيشته ومحقاً في دينه كما روي ذلك عن الرسول الأعظم (ص).

فالنتيجة:أنه لا غنى لأحد الجهادين عن الآخر، بمعنى أن العاجز عن إقناع نفسه وتوطيده على تحمّل المكاره في مواجهة جيوش الأعداء هو عاجزٌ لا محالة عن الانتصار في معركة كبح جماح النفس، فالجهاد الأكبر واجبٌ علينا لا يحق لنا أن نتركه أبداً.

حسين علي عاشور

العدد 4599 - الجمعة 10 أبريل 2015م الموافق 20 جمادى الآخرة 1436هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً