العدد 4601 - الأحد 12 أبريل 2015م الموافق 22 جمادى الآخرة 1436هـ

"التنمية الاجتماعية" تنظم ندوة "وضع الأطفال في ظل الظروف والمتغيرات الجارية في المنطقة العربية"

باهتمام من وتوجيه من وزيرة التنمية الاجتماعية الاستاذة فائقة سعيد الصالح بشئون وقضايا الطفولة، قدم المستشار القانوني لوزيرة التنمية الاجتماعية اسامة كامل في "ندوة وضع الأطفال في ظل الظروف والمتغيرات الجارية في المنطقة العربية" ورقة عمل بعنوان "الوضع القانوني لمسئولية الوالدين في منظومة حماية الطفل واثرها على تنمية المجتمع".

والتي نظمتها وزارة التنمية الاجتماعية مؤخرا بالتعاون مع الامانة العامة لجامعة الدول العربية، أكد فيها تزايد اعمال العنف الإجرامي سواء من الطفل او في مواجهته في الآونة الأخيرة، وسواء على المستوى الأسري او المستوى المجتمعي، حيث تبدلت الحماية بعنصر الاستغلال الفكري والجسدي للأطفال المتوج بسهام الحقد والكراهية في مواجهة الاخرين أو منظومات محددة بعينها. مشيرا إلى أن العنف ظهر على أشده عندما تم خلط الدين بالسياسة واستخدم الطفل كوسيلة لتنفيذ مآرب هذا العنف، مما اسقط عنصر البراءة عن الطفل فتحول معنى الطفولة البريئة الى حقد وغل وكراهية، الامر الذي شكل افعالاً اجرامية تستلزم التوقف والتبصر لمواجهتها سواء حيال الطفل ذاته او في مواجهة الاخرين القائمين على اشعال نيران الحقد والكراهية.

تبحث الدراسة فيما اذا كان هناك خللا قانونياً في منظومة الحماية الجنائية ام لا، وذلك لأن الأعمال الإجرامية تجري على حكم الظاهر، ويطرح تساؤلا حول المسؤولية الجنائية للوالدين في منظومة الحماية الجنائية سواء كان الطفل جانيا او مجنيا عليه، وسواء كان الفعل الإجرامي نتيجة لإهمال الوالدين او أحدهما عن عمد او غير عمد.

ولا يقصد الباحث في دراسته الجرائم التي يرتكبها الاطفال او التي ترتكب في مواجهتهم بدافع الفقر او كنتاج طبيعي للتشرد وعدم المأوى بل يقصد الجرائم الجديدة التي تعايشها الدول العربية الآن والناتجة عن الفكر المعادي والتي تتمثل في أحداث العنف مع الاشخاص وتخريب المرافق و المنشآت العامة او الخاصة، مما ينبئ عن حدوث خلل في المنظومة الوطنية قبل المنظومة الجنائية لهؤلاء الاطفال .

ويرجع أسامة كامل مسببات العنف الاجرامي في حالة اذا كان الطفل جانيا إلى أنه يأتي كمحصلة لاكتسابه فكراً معادياً للأخرين، مما يؤدي إلى بث افكار مسمومة تسيطر على الطفل، وتولد لديه عقيدة عدائية خاطئة في مواجهة الدولة او الآخرين، حيث تكون هذه الأفكار جاهزة لانتقالها من الكيان الفكري الداخلي الى خارج المحيط الجسدي لتأخذ اشكالاً اجرامية تخل بالمنظومة الجنائية للطفل.

اما اذا كان الطفل مجنيا عليه وهي حالة استغلال الطفل في الاعمال التخريبية، بموجب طرف اخر سواء كان الوالدين او غيرهما، الامر الذي يترتب عليه تعرضه لاعمال اجرامية، مثل إشراك الاطفال في المسيرات والمظاهرات التي لم يصرح بها من قبل سلطات الدولة، مما يعرض الاطفال لخطر فض هذه المظاهرات، وكذلك جرهم الى اعمال عدائية بدافع حماية العقيدة الدينية خلافا للواقع، بالاضافة الى امكانية استغلالهم في بعض الاعمال المنافية للآداب.

ومن منطلق الواقع لتحليل الحالتين فإن وقوع الطفل في مثل هذه الاعمال سواء كان مجنياً عليه او متهماً، يقر بغياب رعاية الوالدين وتربيتهما تجاهه، او حتى مجرد الاهمال في هذه الرعاية أو التربية، فليس من المنطق ان يسعى طفل طبيعي الرعاية والتربية الى طريق الافعال الاجرامية.

ويأتي هنا دور المسئولية الوالدية للطفل في بيان هذه النقاط التي يجب الا يتعداه الطفل لإيذاء الاخرين فهناك فارق بين المشاركة في التجمعات والمسيرات السلمية للتعبير عن الرأي، والقيام باعمال تخريب للمنشآت العامة او الخاصة، خاصة اذا كانت هذه الاعمال متكررة، وتم التحذير منها، دون ان يعير الوالدين اهتماما بدورهما في رقابة الطفل.

وربما يزيد الامر سوءا عندما نجد ان هناك اولياء امور يشجعون ابناءهم على الاشتراك في مثل هذه الاعمال، باعتبارها من الاعمال البطولية التي يُزين لها من قبل اولياء امورهم. فالاهمال الذي لم يتم مراعاته سواء من الام او الاب او كلاهما مما يتسبب في تعريض حياة الطفل للخطر يعد من الاعمال التي تقيم المسؤولية الجنائية، فقيام الطفل بالمشاركة في اعمال شغب وتخريب بعلم ومباركة الاب تعد من الاعمال التي تقام لها المسؤولية الجنائية في مواجهة ايهما او كلاهما حتى وان كانا قد اتخذا موقفا سلبيا دون تحريض مباشر على القيام بهذه الاعمال.

وحول الأسانيد القانونية لقيام هذه المسئولية يشير اسامة كامل إلى المادة الخامسة من اتفاقية حقوق الطفل التي تنص على ان "تحترم الدول الاعضاء الاطراف مسئوليات وحقوق وواجبات الوالدين او عند الاقتضاء اعضاء الاسرة الموسعة او الجماعة حسبما ينص عليها العرف المحلي الاوصياء او غيرهم من الاشخاص المسئولين قانوناً عن الطفل في ان يوفر بطريقة تتفق مع قدرات الطفل المتطورة ،التوجيه والارشاد الملائمين عند ممارسة الطفل الحقوق المعترف بها في هذه الاتفاقية"، كما ويشير إلى المادة الثامنة عشر من الاتفاقية التي تقر بقيام هذه المسؤولية بالنص على أن "تبذل الدول الاطراف قصارى جهدها لضمان الاعتراف بالمبدأ القائل ان كلا الوالدين يتحملان مسئوليات مشتركة عن تربية الطفل ونموه، وتقع على عاتق الوالدين او الاوصياء القانونيين حسب الحالة المسؤولية الاولى عن تربية الطفل ونموه وتكون مصالح الطفل الفضلى موضع اهتمامهم الاساسي"، وأيضا فان الفقرة الثانية من المادة الثالثة عشر من اتفاقية حقوق الطفل قد اشارت الى اجازة اخضاع الطفل الى بعض القيود ازاء ممارسة حرية التعبير اذا كان القانون المحلي ينص عليها وهي احترام حقوق الغير وسمعتهم، وكذلك حماية الامن الوطني او النظام العام او الصحة العامة او الآداب العامة، بالاضافة الى ان مصلحة الطفل الفضلى كأساس للتعامل سواء من قبل مؤسسات الدولة او القطاع الخاص التي نصت عليها المادة الثالثة، فيه ما يؤكد على ضرورة قيام مؤسسات الدولة بتجريم كل ما يتعارض مع مصلحة الطفل الفضلى.

يرى الباحث أنه ومن خلال النصوص الواردة في اتفاقية الطفل، ان مسئولية الوالدين ومن يحل محلهما قانونا تكون مفترضة تجاه الاطفال الذين تحت وصايتهم، سواء كوالدين اوغير ذلك من الاوصياء القانونيين، مما يستنتج معه ان على هؤلاء مسؤولية لابد لهم من القيام بها حيال اطفالهم، مما يقر بمفهوم المخالفة ان عدم قيامهم بهذا التكليف، يولد مسئولية تستوجب الجزاء يختلف باختلاف مدى الاخلال بهذا التكليف وما اسفر عنه من نتائج اجرامية.

ويرى الباحث ان مسئولية الوالدين لا تسقط وذلك نظرا لعدم قيامهم بالدور الإشرافي على الطفل في هذه المرحلة من مراقبة وارشاد ونصح، وهو الامر الذى كلفهم به القانون وفقا لمصلحة الطفل الفضلى.

ثم قدم الباحث مجموعة من التوصيات التي ربما تحقق التنمية الصحيحة للطفل من وجهة نظره، وتتمثل في:

1- بناء قاعدة معلومات متكاملة عن الاطفال، وذلك بالتنسيق بين كافة الاجهزة المعنية بالدولة لبناء صرح معلوماتى يمكن الاستفادة منه في اتخاذ القرارات التي تحقق المصلحة الفضلى للطفل .

2- انشاء المراكز الحمائية للطفل، بحيث تكون مراكز مجمعة لكافة الخدمات التي تقدم للطفل، مشيرا الى مركز حماية الطفل بمملكة البحرين كنموذج يحتذى به في هذا الصدد.

3- إعادة صياغة التشريعات الخاصة بالأطفال، على ان تكون كامل نصوصها في اطار مصلحة الطفل الفضلى، وبصفة خاصة قانون الاحداث، بحيث يكون الجوهر الرئيسي له هو إعادة تأهيل الطفل بما يكفل اندماجه مع المجتمع الذى يعايشه.

4- انشاء ادارات للرعاية اللاحقة للاطفال الاحداث، بحيث يترك لها الدور الاساسي في تأهيل الطفل وبناء قدراته الشخصية تجاه المجتمع والاخرين في اطار من التنشئة الصحيحة، وبعيدا عن اصدقاء السوء.

5- تعديل التشريعات القانونية في شأن تحديد مسؤولية الوالدين من رعاية وتربية ابنائهم، على ان تمتد هذه المسئولية الى الجانب الجنائي، فلا يكفي ان تحاط هذه المسئولية بالنطاق المدني فقط .

6- مشاركة الدولة في مسألة تفعيل دور مسؤولية الوالدين تجاه ابنائهم سواء في الرعاية او التربية، بحيث تمتد هذه المسؤولية الى خارج المنزل.

7- تفعيل دور منظمات المجتمع المدني في تثقيف وتوعية اولياء امور الاطفال.

8- على وسائل الإعلام مسؤولية تحقيق المنظومة المتكاملة لمصلحة الطفل الفضلى، باعداد برامج وحملات اعلامية تخاطب اولياء الامور الطلاب من ذوي الخلفية العلمية الضعيفة – لبناء صرح هذه المنظومة في اطار من التكامل المنشود.

9- اعداد برامج في المؤسسات التعليمية تربط بين المادة العلمية التي يتلقاها الاطفال وما ترمي اليه برامج اولياء الامور ومجالس الآباء بالمؤسسات التعليمية المختلفة.

10- تطوير منظومة التعليم الدينية في شأن الاعداد الصحيح لما يحمله الطفل من افكار لا تتسم بالعنف او الحقد او الكراهية، من خلال رجال دين مؤهلين دينياً ووطنياً واجتماعياً، لتوصيل المعلومة الدينية في اطار من المحبة والسلام للآخرين.





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً