العدد 4607 - السبت 18 أبريل 2015م الموافق 28 جمادى الآخرة 1436هـ

«بدل غربة» للبحريني في بلده

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

من أغرب وأعجب التصريحات التي أدلى بها وزير بحريني خلال السنوات العشر الأخيرة، هو ما أدلى به وزير الصحة صادق الشهابي.

الوزير قال بالفم الملآن: «نصرف بدل غربة وسكن وتعليم وتذاكر سفر للأطباء والممرضات والممرضين الأجانب». وهي حقيقة معروفة تماماً للجميع، لكنها لم تكن تطلق بمثل هذه الصراحة، ومن دون لف أو دوران. فالأجنبي لن يأتي إلى العمل في الصحة؛ لأن البحرين «جزيرة الابتسامة المشرقة» كما تقول الإعلانات في المطار، ولا من أجل سواد عيون البحرينيين، إنّما يأتي لاقتناص فرصة عمل أفضل غير متاحة في بلده.

الطبيب الأجنبي المؤهل، سواءً كان عربيّاً أو آسيويّاً أو أوروبيّاً، لن يأتي إلى البحرين إلا إذا حصل على راتبٍ مجزٍ وحوافز مغرية، وخصوصاً حين يفكّر في العروض التي تقدّمها دول الخليج النفطية. أما الممرضات فكثيرات منهن يعتبرن البحرين محطة ترانزيت للتدريب العملي واكتساب الخبرة في طريق الهجرة إلى الغرب الأوروبي أو الأميركي أو الكندي. وهي حقيقةٌ تعرفها وزارة الصحة وتعرف تكلفتها على الموازنة وعلى الصحة العامة بالأرقام.

لو كنّا بلداً شحيح الموارد البشرية المؤهلة علميّاً، مثل بعض دول الجوار، فلن يتكلم أو يحتجَّ أحدٌ على السياسة التي تنتهجها وزارة الصحة في مجال التوظيف، أما وأن لدينا مئات الأطباء والممرضين والممرضات، من حملة المؤهلات في كثيرٍ من التخصصات، ويُمنعون من فرص العمل لصالح توظيف الأجانب من الشرق والغرب، فهذا أمرٌ لا يمكن هضمه أو بلعه أو سلقه.

الوزير الشهابي أوضح أن الامتيازات المقدّمة إلى الموظف الأجنبي (الآسيوي) هي بدل السكن للأطباء والممرضين وتوفير سكن خاص للممرضات، وبدل تعليم للأبناء وتذاكر السفر، أما المستقدَمون من الدول الغربية فيحصلون على ميزةٍ إضافية عليا: «بدل الاغتراب». أما البحريني فتصرف له الوزارة «بدل تمريض» فقط، واكتشفنا من كلام الوزير، أنها تصرف فقط للممرضين البحرينيين العاملين في «بعض الوحدات الصحية التي تشهد عزوفاً في المستشفيات والمراكز الصحية بهدف استقطاب وتشجيع الممرضين للعمل في تلك الوحدات»!

هذا الاعتراف يكشف شيئين مرّين: أولاً - أن هذه العلاوة اليتيمة (بدل التمريض) تصرف فقط للعاملين في «وحدات صحية معينة» يعزف عنها الكثيرون؛ وثانياً: أن ليس هناك أية علاوات أخرى تصرف لبقية العاملين الصحيين البحرينيين. بمعنى آخر أن هؤلاء العاملين لا يتلقون سوى راتبهم الشهري مجرّداً من أية علاوات أو مداراة أو حتى «مراعاة مشاعر»؛ أو بدل سكن أو تعليم، ولا حتى تذاكر للنقل العام.

البحريني لا يكلّفكم شيئاً يا وزارة الصحة غير راتبه المجرّد، وهو لا يطالبكم بغير حسن معاملته وحفظ كرامته وإنصافه ماديّاً. وهو ما يدعو إلى الاستغراب من إصرار وزارة الصحة على انتهاج هذه السياسات التفضيلية الخاطئة، لصالح الأجانب على حساب الطبيب والممرض والممرضة البحرينية.

لأكثر من عقدٍ، كنا نتابع شكاوى الأطباء والممرضين والممرضات، فإلى جانب ضعف الراتب والحوافز، وتفضيل الأجنبي على المواطن، فإن الطبيب البحريني المتخرج حديثاًً كان يجرى تشغيله لأشهرٍ مجاناً، في فترة التدريب. ولم تفكّر الوزارة بصرف «بدل خدمة» أو «بدل مواصلات نقل عام» أو «بدل تعب» أو حتى «بدل وجبة غداء». وكانوا يصرّون على أداء عملهم كالرهبان في انتظار فرصة العمل، التي تتأخّر أحياناً، وتذهب إلى الأجنبي أحياناً أخرى. وكانت سقطةً كبيرةً من الوزراء الذين تعاقبوا على قيادتها، ولم يفكّروا بصرف ولو مكافأة مقطوعةً أو راتب رمزي، وبعضهم كان يعيد جزءًا من الموازنة المخصصة للوزارة إلى الموازنة العامة متباهياً بتوفير المصروفات وعدم وجود حاجة إليها!

الوزير الشهابي كشف أيضاً قبل يومين، أن نسبة البحرنة في قطاع التمريض هي 52 في المئة فقط، بينما تستمر الوزارة في استقدام الممرضات الأجنبيات للعمل في مستشفياتها، وهو ما يعني اعترافاً واضحاً بانتكاسة برامج بحرنة التمريض التي كان يتم التخطيط لها منذ الثمانينات، وكان الوضع واعداً بأن يتم تحقيقها خلال أقل من عقد. الآن وبعد ربع قرن، نكتشف أن نسبة البحرنة في التمريض لا تتجاوز النصف.

إننا نتراجع إلى الوراء، وبين خيارين: الاعتماد على العنصر الوطني وتطويره وتأهيله ليقود عملية التنمية في بلاده كما تفعل دول الخليج وبقية دول العالم، أو الاعتماد على استقدام الأجانب و»إحلالهم محل المواطنين»، ويبدو أننا اخترنا هذا الخيار!

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 4607 - السبت 18 أبريل 2015م الموافق 28 جمادى الآخرة 1436هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 25 | 11:24 ص

      هل بتفرقة المواطنين مذهبين نحل مشاكل الوطن 1755

      الي يريد المساواة بين المواطنين يطبقه في جمعيته أولا وبعدين يتكلم ولماذا أصبح محل اتهام اذا كنت اعمل للجميع الأفضل والواجب اشارك الجميع هل هذا البسيط صعب

    • زائر 26 زائر 25 | 4:27 م

      نعم الذين ارادوا المساواة كلهم في السجون

      يبينما الطائفيون سمح لهم بتجمعات ...

    • زائر 20 | 6:36 ص

      خطاب ضائع

      وزارة الصحة ووزيرها غير مستقلين لانها تابع لجهة تأمرها بالصغيرة والكبيرة وتخطط الحبة والقبة

    • زائر 19 | 6:24 ص

      المنافسة شي زين

      المنافسة تحسن مستوى الخدمات. الإحتكار ينزل مستوى الخدمات. لا ارى مشكلة في توظيف الأجانب.
      البحرين معتمدة على خبرات الأجانب في كل المجالات.

    • زائر 23 زائر 19 | 9:43 ص

      هذا مو منافسة

      هذا تمييز وظلم للمواطنين وتجويعهم واستبدالهم بالاجانب. شنو قال قال منافسة .ما لكم كيف تحكمون.

    • زائر 16 | 4:12 ص

      مستشفى الملك حمد

      كان الاتفاق ان كل خرجين التمريض من الكلية الايرلنديه يعملة بمستشفى الملك حمد..
      لكن هناك قرار بعدم توظيف اي احد من الطائفة الشيعيه..
      لذا زاد العبء على وزارة الصحة في عملية احتواء هذا العدد من الكليتين حاليا
      قرارات طائفية من اعلى الهرم

    • زائر 15 | 1:43 ص

      طبعا البلد

      مثل ما يعرف الجميع البلد قائم على الشلليه والمحسوبيات فكل يوم تشوف بنايه جديده تبنبى وطبعا مو حق سكن المواطن فلذلك فهي للاجانب حتما فلا بد ان بعطون الاجنبي وهو احسن حالا من ابن البلد علاوة السكن وهي موجوده في نظام الدفع و في نظام كل الشركات ودوائر الدوله فعلاوة السكن هذه من البديهيات ونظام الدفع اول من انشاه الاجانب فوضعوا فيه كل القوانين والعلاوات اللي في صالح الاجنبي

    • زائر 13 | 1:26 ص

      الاصطفاف الطائفي يجعل المواطن فعلاً غريب في وطنه 0810

      لماذا نبتعد عن الأسباب الحقيقية التي إصابة الوطن ولا يمكن تجزءتها جميع مناحي الحياة أصابها مرض الطائفية وهذا لايمكن علاجه إلا بقتلاعه من جذوره أما الكتابة عن ما أصاب هذه الوزارة أو تلك لأيقرب الحل أسباب هذا معرف للجميع وهي الجمعيات الطائفية بغير حلها أو تحويلها لجمعيات مدنية وطنية لاياتي العدل والمساواة ولنا ماصاب المنطقة من مثيلاتها عبرة

    • زائر 22 زائر 13 | 9:41 ص

      هذا تبرير سخيف

      بدل ما توضع يدك على الجرح وتنتقد من ينفذون هذه السياسة المقيتة انت تقوم باتهام الضحايا والجمعيات التي تعارض هذه السياسات.احكموا بالعدل ولانصاف وبدون تضليل للناس.

    • زائر 24 زائر 13 | 10:34 ص

      المنطقة العربية لم تعرف الطاءفية إلا بعد 79 1515

      من أقحم الدين والمذهب في الشأن السياسي هو الذي يتحمل الطائفية فما علاقة أي مذهب بالديمقراطية الليبرالية وما هي الحكمة بتفصيل جمعيات لتيارات مذهبية وانت ترى كوارثها في المنطقة والف باء الديمقراطية الأحزاب المدنية واتباع حكمة المسيح ع الدين لله والوطن للجميع هذا ماسارت عليه الدول العريقة في الديمقراطيه

    • زائر 12 | 1:22 ص

      مثال واضح جدا

      انظروا لمستشفى الملك حمد الجديد ، لن ترى ولو موظف بسيط بالغلط ............ كلهم من السكيورتي الى عمال النظافة و الممرضين و الاستقبالات الى الاطباء اجانب الا ماندر من ............

    • زائر 11 | 1:09 ص

      آآآآآآخ عورت قلوبنه

      والله عورت قلوبنه بهالمقال و نثرت الملح على جروحنا التي لن تندمل غريب في وطني يا جماعة
      إيجار وساكن في إيجار ولو حصل وتخلفت عن السداد بيرمةوي في الشارع أنا و عيالي
      مدارس حكةمية مطلعة البلا على عافيتنه ونودي الجهال دروس خصوصية لأنه المدرسين اللي جايبينهم بروحهم يبغى ليهم تعليم
      سفر نش بوزك آخر مرة سافرت فيهه ويا الجهال رجنه المدينز المنورة بالباص والله يعلم متى نقدر نعيدهه
      والله تعبت قلوبنه ولكن المشتكى لله

    • زائر 9 | 12:43 ص

      وما خفي اعظم

      بعض الأقسام يتم تغريبها او اجنبتها تدريجيا. بما معاه ترى في في البداية ان القسم فيه واحد غير بحريني ومن بعد سنة ترى انه خلا من البحرينيين وامتلأ من نفس جنسية الشخص الذي كان وحيدا. ونحن نعاني من تعامل هؤلاء الفظ وأساليبهم غير الراقية فهمه الاول والأخير اقتناص فرص الحصول على الأموال و لا اهتمام للمرضى . انا لا أتكلم من فراغ يا سعادة الوزير قم بزيارة قسم الأورام في مجمع السلمانية واكتشف بنفسك. يجلبون أطباء حديثي التخرج ويعاملونهم في العقد معاملة الاستشاريين والبحريني مهمل وغريب في بلده ؟!؟!؟!؟

    • زائر 8 | 12:11 ص

      التمريض يعاني الطائفية

      منذ 2011 وادراة التمريض تستقطب الممرضات من مستشفى العسكري وتقوم باعطائهم مناصب قيادية علما بان اكثرهم لا يحمل مؤهل البكلريوس او سنوات من الخبرة المطلوبه.
      والممرضات من طائفة ......... يتم عزلها وتطفيشها كي تغادر الوزارة بالتقاعد المبكر

    • زائر 7 | 12:07 ص

      الممرض يعمل اضعاف عمله

      الممرضات يعملون ليل نهار في المراكز الصحية ولا توجد اي امتيازات لهن
      حتى علاوة التمريض محرمون منها لماذا ,,,,,
      الاستقطاب حجة واهية

    • زائر 6 | 11:50 م

      الشكوى لله

      بعض الاسيويين يشترون شهادات ويجون يتعلمون في روسنا واولادنا اللي نتعب ونعاني في تعليمهم على حسابنا عاطلين عن العمل
      الى اين ياوزارة الصحه؟

    • زائر 5 | 11:23 م

      ونحن نطالب بمستحقاتنا في قسم الأسعاف

      وأضيف ياأستاذ ، بأننا في وزارة الصحة نطالب بمستحقاتنا منذو عامين وإلى الآن الوزارة تتهرب من حقنا

    • زائر 4 | 10:56 م

      احد الأطباء المغتربين

      يظهر انه اول راتب يستلمه وهو متعود على اقل من 100دينار بانه راتبه الشهري في حدود2000 دينار(8000+1200 كول) جن واخذ يصرخ يستنجد بزملائه ايه ده صح الي أنه بجوفه يجماعة والله ايه ...تجمعه حوله اهل ديرته وقالوا له اسكت ما تفضحناش!
      نظام الرواتب بشكل عام يحتاج لنظر مو معقولة واحد في ديرته ما يأخذ له 100 دينار وبعض الشركات تمنحه فوق 2000 بل و7000 دينار والمواطن يعاصر سقف ال500 الخاص أو 1000 في العام

    • زائر 3 | 10:33 م

      والمعلمممين

      بعدددد
      حالتنا مياوس منهاااا
      هم بعد يصرفون لهم بدل سكن وعلاااوات على شنو مادري

    • زائر 2 | 10:24 م

      مو بس في الصحة يا سيد

      في وزارة التربية والتعليم كذلك وبقية الوزارات كالدفاع والداخلية وغيرها من الوزارات .

    • زائر 1 | 10:20 م

      عنوان مؤثر

      العنوان يحكي مافيه ولاحاجه لقراءة المقال

اقرأ ايضاً