العدد 4619 - الخميس 30 أبريل 2015م الموافق 11 رجب 1436هـ

مرافق مريض!

مريم الشروقي maryam.alsherooqi [at] alwasatnews.com

كاتبة بحرينية

مرافق مريض، مصطلح أطلقه الأطبّاء على من يرافق المريض ويهتم به، وهذا المرافق يتلقّفه الجميع يمنة ويسرة حتى يُنجز العمل، ولكن لا يعلم أحد كيف يعيش مرافق المريض مِن هَمٍّ ومسئولية وضغط معيشي في كل لحظة.

أوّلاً يتأخّر مرافق المريض عن عمله، وفي أحيان كثيرة يغيب، فهو لا يستطيع ترك المريض لوحده، ولا يستطيع البعد عنه، وخصوصاً في الحالات المستعصية والمزمنة، مثل الأطفال وكبار السن، فتجده لا يترقّى ولا يترفّع في عمله بسبب أحواله الشخصية.

ليس هذا فقط، فالنّوم وهو سلطان، عدو لدود لمرافق المريض، لأنّه إن غفل لحظةً أو نام عن المريض، لا يعلم إن كانت العواقب وخيمة أم لا، فقد يسقط المريض أثناء حركته ويتسبّب في مشكلة أخرى لديه، وقد تحدث نوبات للمريض ومرافقه نائم فتؤدّي به الحال إلى مضاعفات لا يتمنّاها المرافق لمريضه، فتجده يسهر الليل ويعمل في النهار، وهذه طاقة جبّارة لا يعرفها إلاّ الذي يعيشها كل يوم وفي كل لحظة.

مرافق المريض مسكين، لا أحد يشعر بألمه، فخوفه من فقد المريض يُدخله في حالة نزاع داخلية دائمة، وتساؤل لا محدود، عن الطعام والشراب والنوم والأدوية والحركة والحمّام، وغيرها من الشئون الحياتية التي ترافق المريض! والجميع يلومه على التقصير، فالزوجة والأبناء والأخوة والأخوات والعمل والأصدقاء، هؤلاء جميعاً ينظرون إلى تقصيره، ولكنّهم لا ينظرون إلى معاناته، فكثيرٌ منهم لم يعش يوماً واحداً فقط أو ساعات قصيرة بمرافقة مريض.

لو طلبنا إحصائيةً من وزارة الصحّة، سنجد أنّ أغلب من يطلبون الإجازات المرضية المتكرّرة هم مرافقو المرضى، ولو طلبنا من المؤسّسات الحكومية إحصائيةً عن مدى تأخّر هؤلاء عن العمل أو غيابهم، فإننا سنجد أنّ القائمة ستطول، ذلك أنّ المرافق يجد أنّ المريض هو مسئوليّته بالدرجة الأولى، وليست مسئولية أحد آخر، وما ذهابه إلى العمل إلاّ لأنّ الدخل محدود وهو سيحتاج إلى هذا الدخل، من أجل توفير الأدوية والرعاية الكاملة للمريض.

للأسف هناك من يقسو على مرافق المريض ويظن بأنّه من ضمن مجموعة من لا يريد العمل ويحبّ التغيّب، ولا ينظر إلى العمل الإنساني، بل الواجب الربّاني من أجل رعاية المريض، ولا يدري بأنّ مرافق المريض يعاني الكثير من الضغوط.

إدخال مريض كبير في السن داخل السيّارة معاناة، وإطعامه في حين لا يشعر بالجوع مع أنّه لم يأكل طوال اليوم معاناة، ونومه الذي يتقطّع دائماً معاناة. لا تدرون كيف يعاني المريض ويعاني من يرافقه، إنّه درب طويل لا يشعر به إلاّ الذي يتعامل مع مريض أو من يضع نفسه في الموقف نفسه، وصدق آباؤنا عندما توجّهوا بالدعاء إلى الرب: «اللهم أحيني غنيّاً وتوفّني قويّاً»، فالحاجة من قبل المريض إلى الآخرين ليست سهلة، لأنّ البعض يستثقل هذا الواجب، ولا يدرون عظم الخير الذي يقبل عليهم من تلك الرعاية والمرافقة. وجمعة مباركة.

إقرأ أيضا لـ "مريم الشروقي"

العدد 4619 - الخميس 30 أبريل 2015م الموافق 11 رجب 1436هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 5 | 2:08 ص

      شكرا للأستاذة

      لماذا لا يتم يوظف مرافق للمريض في المستشفيات للأسباب التالية
      المرفق يدور في المستشفى يدور عن الطريق عن كل خدمة
      عدم القدرة أو عدم المعرفة في الحالات الطارئة
      تأخر الخدمة في المستشفى بسبب عدم معرفة خدمات المستشفى و اماكنها

    • زائر 4 | 1:34 ص

      في الغرب هناك عناية خاصّة لمرافق المريض (care of the carer)

      care of the carer
      مصطلح سمعته من أحد الأطباء ممن تخرّجوا من الجامعات الغربية وكان الكلام يدور حول ما يلزم تقديمه لمرافق المريض لأنه سيكون الشخص الثاني بعد الطبيب في الاهتمام بالمريض
      هنا لا يوجد أي اهتمام بهذا المصطلح ولا بمن يقوم بمرافقة المريض بل ربما احيانا يواجه عقبات وامر صعبة

    • زائر 3 | 1:26 ص

      ياريت حد يحس

      للاسف يعتبر مرافقة ومتابعة مريض مهمه كبيره وصعبه وخصوصا ان ابتعد الجميع وتركو المسوليه على فتاة لامجتمع ولاحكومه ولاهل يساندك فسبحان الله الغريب اصبح المساند لنا بالغربه

    • زائر 2 | 11:43 م

      يا رحمه الله الواسعه

      بعض الاطباء يتساعدون ويعطون مرافق المريض اجازه او ورقه تاكد ان المرافق يزور الميتشفى ولكن بعض الشركات والوزارات لاتقبل بذلك وانا شخصيا عانيت من ذلك بحكم تواجد مريض من اهلي وللعلم باني لا اطلب اجازه مرضيه من المستشفيا او من المىكز الصحي في الشركه واضطر لاخذ اجازه من اجازتي السنويه التي اشرفت على الانتهاء بين يوم وبومين ولم يبقى حل غير طلب اجازه بدون راتب حتى يمكنني متابعه المريض الذي اتكفل به . حسبي الله ونعم الوكيل . الله على الظالم

    • زائر 1 | 11:07 م

      شكرا

      شكرا على مقالج لان هذا شي لا يحس فيه الا من عايشه كثير من من أوقات مرافق مريض يكون في حساب مريض وأكثر بسبب ضغط نفسي وخوف وقلق

اقرأ ايضاً